هذا هو رأي البعض من المراقبين والمحللين وأيضا السياسيين الذي يتشاطره أيضا السيناتور جان فرانسوا يونسيه وزير خارجية فرنسا الأسبق ورئيس بعثة تقصي الحقائق التي أوفدها مجلس الشيوخ الفرنسي إلي المنطقة.. وخرجت بتقرير دار حوله مؤتمر موسع استضافه المجلس وحمل عنوان الشرق الأوسط في ساعة النووي..السيناتور يونسيه يؤكد أن الصراع يزداد تعقيدا ولا يتقدم لأن الإسرائيليين يواصلون نشاطاتهم الاستيطانية, وبشكل يحكم سلبا علي فكرة قيام دولة فلسطينية. أضف إلي ذلك تصريحات نيتانياهو بأن إسرائيل تطلب نشر قوات في الضفة وجيش إسرائيلي يحمي المستوطنات. وفي الوقت نفسه, لم تعد اسرائيل تصغي باهتمام إلي ما يصدر عن واشنطن, كما في السابق. ويضيف وزير خارجية فرنسا الأسبق أن الأوروبيين لايستطيعون عمل الكثير بعيدا عن التنسيق مع الأمريكيين, كما أنهم يساندون الخطوات التي يقوم بها الرئيس أوباما لدي نيتانياهو من أجل وقف تطوير المستوطنات, وهو الشرط الذي يضعه الفلسطينيون من أجل عودة المفاوضات. ويعتبر وزير خارجية فرنسا الأسبق موقف الغرب من حماس موقفا خاطئا, واصفا إياهالأحمق, موضحا أن وفد مجلس الشيوخ قد زار دمشق واجتمع لمدة ساعتين مع خالد مشعل من حماس, التي علي استعداد لعقد هدنة متجددة, وإن لم يحن بعد الوقت لمسألة الاعتراف. وانتقد روبير ماليه مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بشدة سياسة الغرب في المنطقة وتجاه عملية السلام, فالحرب علي الإرهاب تؤدي إلي انتشار الإرهاب واتساع نطاقه, والكراهية تزداد وتتصاعد تجاه الغرب خاصة بعد الحرب علي العراق وأفغانستان. وتحدث ماليه عن انهيار عملية السلام الإسرائيلية العربية وضياع الثقة فيها, وخاصة بعد مضي16 عاما علي اتفاق أوسلو, فالفلسطينيون يشعرون أن إقامة الدولة, التي ستوافق عليها إسرائيل, لن تعيد إليهم لا الكرامة ولا السيادة ولا الاعتراف بالظلم التاريخي تجاه اللاجئين. وبالمثل يشك غالبية الإسرائيليين في أية معاهدة سلام مع السلطة الفلسطينية الحالية. وانتقد المستشار السابق لكلينتون أسلوب تعامل الغرب مع حماس والإصرار علي ضرورة عزلها, انطلاقا من فكرة أن الدخول في حوار معها سيكون بمثابة إضفاء الشرعية عليها, ومن ثم خيانة فتح, وبالتالي توجيه ضربة قاتلة إلي عملية السلام. وكذلك فكرة أن غزة أصبحت بمثابة القاعدة المتقدمة لإيران, ومن ثم فإن تركها تعيش وتتنفس سوف يعزز قاعدة حماس الإسلامية وكذلك حليفها الإيراني. وفي إطار الاهتمام بالشرق الأوسط وأزماته وقضاياه عموما, والصراع الإسرائيلي الفلسطيني خصوصا, شهدت باريس عددا من الندوات والمؤتمرات التي تناولت تلك القضايا الشائكة, حيث نظمت الجمعية الوطنية بالبرلمان الفرنسي ندوة حول تحديات المتوسط, التي جاء علي رأسها التحدي الأكبر الذي يواجهه مشروع الاتحاد من أجل المتوسط, والذي يري جانب كبير من المحللين والمراقبين أنه لن يمكن أن يحقق انطلاقة حقيقية بدونه. وهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وشارك في الندوة عدد من الوزراء والنواب والسياسيين والاستراتيجيين, وكان المتحدث الرئيسي فيها الدكتور بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي تحدث عن أن المنطقة منطقة المتوسط مضطربة بالأزمات, من شمال اليمن إلي أفغانستان وباكستان, ومن الصحراء الغربية إلي الصومال, صراعات سودانية, غزة ورام الله, بترول ومياه, سنة وشيعة, إيران, والصراع الصهيوني الفلسطيني وهو ذو طبيعة خاصة, حيث إنه لا يمكن حلها إلا بواسطة القوي العظمي( الولاياتالمتحدة) أو علي الأقل بالاتفاق معها, بينما نجد القوي العظمي حاليا مشغولة بإيران, والعراق وأفغانستان والتوتر بين تايوان وبكين, والتوتر الأخير بين بكينوواشنطن, علاوة علي الأزمة الاقتصادية العالمية. إن حل الصراع, في اعتقاد الأمين العام السابق للأمم المتحدة يمر عبر إقامة دولة إسرائيلية فلسطينية عن طريق سلطة إسرائيلية قوية, وشعب فلسطيني متصالح. وستظل هناك دائما مجموعات متطرفة أصولية في المعسكرين.. أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسي.. الذي تحدث في ندوة أخري نظمتها الأكاديمية الدبلوماسية في باريس بالاشتراك مع صحيفة إنترناشونال هيرالد تربيون.. يري أننا إذا كنا قد قبلنا في التسعينيات بتهميش الأممالمتحدة لمصلحة الوسطاء, فالآن يجب أن نتوقف عن تهميش الأممالمتحدة, ونذهب إلي مجلس الأمن, الذي يجب أن يستعيد سلطته في عملية السلام, وذلك بعد إعطاء الرئيس أوباما الفرصة التي يطلبها. ودعا موسي إلي وضع حد سريع للموقف الحالي, وأوضح أن الجهود تبذل الآن لعودة الطرفين إلي مائدة المفاوضات دون شروط, وبإطار زمني مفتوح, ودون تهديدات بفرض عقوبات في حالة إضاعة الوقت. وتحدث موسي عن الاتجاه السائد في السياسة الدولية لإدارة الأزمة وليس لحل الأزمة, حتي أصبحت إدارة الأزمة هدفا في حد ذاته. في النهاية يمكن القول, إن كل هذا التركيز الذي شهدته باريس علي القضية الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة, هو دليل إضافي علي مدي الاهتمام الذي تحظي به سواء علي الصعيد الرسمي أو علي الصعيد الشعبي. ولكن هل الاهتمام وحده يكفي؟, أم أن الأمر يحتاج إلي إرادة حقيقية تعيد الأمور إلي نصابها والحقوق إلي أصحابها بالتوازي مع حملات توعية بحقائق القضية. وقد يحتاج الأمر أيضا إلي أن يخاطب أوباما الإسرائيليين, ليتوازي مع خطاب القاهرة للعرب والمسلمين. المهم في النهاية, توافر الإرادة والحسم, خاصة وأن الكثيرين مقتنعون بأن القوي الأعظم إذا أرادت.. فعلت. وهناك تيارات مواتية في أوروبا, في مقدمتها ساركوزي يمكنها المساعدة والعون, خاصة وأن الأسرة الدولية قد ضاقت ذرعا بهذا الصراع الذي دام أكثر من60 عاما وباتت الآن تطالب بوضع حد عادل ومشروع له.