أكثر من 170 مليار جنيه ضاعت علي مصر من جراء عملية الخصخصة المشبوهة التي حدث أوائل تسعينات القرن الماضي.. حيث بيعت نحو161 شركة ومصنعا بمبالغ لا تتعدي 23 مليار جنيه. بسبب الوسطة والفساد والمحسوبية والعمولات وعقود الإذعان التي سرقت بنودها الجائرة حقوق المصريين وشردت أكثر من مليون عامل علما بأنه من أشهر صفقات الفساد التي تكشف عوار الخصخصة صفقات بيع الشرقية للدخان وطنطا للكتان وعز الدخيلة والقومية للأسمنت, بالإضافة إلي شركات الغزل والنسيج التي بيعت بثمن بخس.. مع بداية التسعينيات اشترط صندوق النقد الدولي علي مصر أن تبدأ في برنامج الخصخصة مقابل تقديمه قروضا لها. بدأت الحكومة بطرح 316 شركة للخصخصة كان الجزء الأكبر منها يدر أرباحا وفي عام 2003 كانت الحكومة قد أجهزت علي 133 شركة كاملة.. و55 شركة تم خصخصتها جزئيا.. وحصيلة ذلك كان 3.4 مليار دولار. حصلت منها وزارة المالية علي 45% و 18% منها ذهبت للمعاش المبكر وخصص 30% من الدخل لتسوية ديون هذه الشركات. الغريب أن 24% من هذه الشركات تمت خصخصتها بتسييل الأصول( إشهار الافلاس) ومع هذه الأصول لاحقا وبيع22% منها إلي مستثمر كبير مع منح خصومات كبيرة لكبار المستثمرين وصلت إلي 20% في بعض الشركات مع منحه مهلة للسداد علي مدي 10 سنوات. أما أغرب البنود في عقود الخصخصة فهي بنود عقود الايجار والذي لجأت اليه الدولة في الشركات التي لا تحقق مكاسب.. حيث كانت تؤجر بمبالغ رمزية وإعطاء ميزة للقطاع الخاص المؤجرة في شراء هذه الشركة. هذه بعض المعلومات التي وردت في احصاءات (ايه. بي . ايه . ار . ايه . سي ) الهيئة الأكثر خبرة في برامج الخصخصة التي أوضحت في تقريرها أن أكثر من مليون عامل في مصر تشردوا بسببها. مبدأ الغبن يقول الدكتور محمد السيوفي المحلل الاقتصادي إن الحكومة يمكنها الآن أن تتدخل من خلال المفاوضات لاستعادة أصول هذه الشركات التي بيعت بثمن زهيد مستغلة مبدأ الغبن وهو مبدأ معمول به في المعاملات والتشريعات التجارية, والذي يتيح لها استرداد أصول التي بيعت بالجور علي حق الدولة نتيجة لاستغلال بعض الفاسدين سلطاتهم وقدرتهم علي بيع ما لا يملكون إلي الغير مستغلين نفوذهم والفساد والذي كانت تعج به مصر. .وإن كان النموذج الصارخ في العقود التي حررتها دولة الفساد لبيع مصر إلي الأجانب ورجال الأعمال شركة الدخيلة التي أستولي عليها أحمد عز بأقل من 15% من ثمنها.. وكذلك شركات كربونات الصوديوم, وعمر أفندي وغيرهما.. وعلي حد علمي أن هناك ملفا يتضمن 19 شركة بيعت لرجال الأعمال بأسعار تقل أكثر من 85% عن سعرها أمام النائب العام. لا لبيع مصر لا لبيع مصر هو جروب علي الفيس بوك يهدف إلي استعادة ما تم بيعه من شركات ومصانع إلي رجال الأعمال والعرب والأجانب عن طريق تأميم هذه الشركات أو اللجوء إلي التحكيم الدولي. ويعقب علي ذلك الأستاذ شريف عبدالرحيم المستشار القانوني لإحدي الشركات الاقتصادية الكبري بالقول إن عملية استعادة هذه الأصول ليست بالسهولة التي يتصورها البعض.. فلا يمكن اللجوء إلي عملية التأميم لأن ذلك سوف يخوف المستثمر الأجنبي والعربي من الاستثمار في مصر. ونحن الآن في حاجة إلي الاستثمارات العربية والأجنبية. أما التحكيم الدولي فهي قضية غير مضمونة وتحتاج إلي جهد جهيد, والحل هو اللجوء إلي القضاء المصري العادل, وأن يقدم اصحاب الضمير كل ما يملكونه من أوراق تثبت التلاعب في العقود والبيع بأسعار وهمية وأقل من ثمنها وقت بيعها.