يشرفني أن أشارك في الإجابة عن السؤال الخاص بظهار الزوجة من زوجها. ثم الاجابة ثانيا عن هجر الزوجة لزوجها من منظور الحكم الشرعي في كل كما جاء في بريد الجمعة الاسبوع الماضي. أولا: كما جعل الله الطلاق بيد الرجل نظرا لاعتبارات كثيرة منها مراعاة تحكم غالب الرجال في مشاعرهم عن بعض النساء, والشارع الحكيم يبني أحكامه دائما علي الغالب. وكما جعل الطلاق بيد الرجل حين يستحكم الخلاف, جعل للمرأة حق الخلع وحق طلب الطلاق للضرر علي يد القاضي, وهذا من عدل الشريعة. فلا أثر يترتب علي ظهار المرأة والزوجة من زوجها بناء علي توجيهات الشارع الحكيم, وهو مذهب الجمهور, وقد تأيد ذلك بنص قرآني وواقعة حكم فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم. والنص القرآني في أول سورة المجادلة والتي سميت السورة باسم ما وقع من حدث وهو ظهار الزوج( أوس بن الصامت) من زوجته( خولة بنت مالك), ولم يستطع الرسول أن يحكم فيها إلا بعد جدال بين خولة وبين الرسول وكانت هذه أول واقعة ظهار, بل إن الرسول كان يظن حكمه أنه طلاق كما كان في الجاهلية, ونزلت الآيات توضح أن للمشكلة حلا تنتهي به كما كانت تود الزوجة من الله أن يكون لها حل حتي تعود الحياة مع زوجها فنزلت الكفارة قبل الجماع بأن يعتق رقبة أو يصوم الزوج شهرين متتابعين فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكينا, وجبتين مشبعتين أو قيمة ذلك لهذا العدد أو لمسكين واحد لمدة ستين يوما, وتحل الزوجة بعد أداء هذه الكفارة. ثانيا: أما حق الزوجة في المهر فهو عنوان تقدير الزوج لها وهو تكريم ومنحة وحق خالص لها ليس لأحد أن يستأثر به سواها. ولكن لو تنازلت عن بعضه لإعانة الزوج في تأسيس بيت الزوجية فلها ذلك وتشكر عليه لأنها تشاركه في إعداد الأثاث الذي هو أساسا من واجبات الزوج, لكن العرف الجاري سار علي ذلك, ولا مانع مادام الجميع راضيا بذلك فلا أقل من أن تسجل ما أسس به البيت في ورقة تسمي( القائمة) علي أنها ملك للزوجة التي أسهمت بجزء من مالها فيه وذلك حفظا لحقها لو وجد ما يعكر الصفو.. وهي تقوم ذلك برضا وحب ومودة, ولا شيء في ذلك ولا حساسية. ثالثا: يحضرني في مقام نشوز( أي عصيان) الزوجة أو الزوج لكل منهما ذكر الآيات الدالة علي ذلك: آية34 من سورة النساء. قال الله تعالي: الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا. الآية رقم128 من السورة نفسها. وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا البيان: في الآية رقم34 يوجب الاسلام الطاعة من الزوجة لزوجها في غير ما نهي الله عنه ولا يصح منها ولا يحل عصيان الزوج فإن حصل منها نشوز أو عصيان فقد أباح الله للزوج تجاه هذه الزوجة أن يقوم بوسائل التأديب مرتبة ترتيبا دقيقا ليتخذ معها ما يناسبها بدءا من الموعظة الحسنة والنصح والارشاد وهو ما يتفق مع الزوجة التي تكفيها الكلمة أو الاشارة. ثانيا: الهجر في المضجع بألا يبيت معها في فراشها وأن يعرض عنها ولا يقربها أو يتخذ له حجرة أخري علي حسب ما يحقق الهدف من الاصلاح. ثالثا: الضرب البسيط الذي لا يكسر عظما ولا يجرح ويعتبر اعلانا عن سخط فقط, ولذلك عبر عنه الرسول الكريم بأنه ضرب غير مبرح أي خفيف, وهو آخر العلاج وهو لا يصلح إلا لزوجة بلغت من الصلف والشراسة بحيث لم ينفع معها مواعظ ولا هجر, وليس هذا امتهانا لكرامة المرأة كما يقول المعترضون بل هو اقرار لعلاج ضروري في طبيعة المرأة والذي أقر ذلك هو خالقنا العالم بما يصلح عباده. أما الملمح الذي أوجه إليه النظر فهو دقيق لمن يتدبره. اقرأ معي في الآية34 واللاتي تخافون نشوزهن... وقارن بينها وبين الآية128 وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا.. في الآية34 أتي باسم الموصول للنساء اللاتي من طبعهن غالبا النشوز وفي الآية128 صدر الآية( وإن) التي تدل علي قلة وقوع النشوز وندرته بالنسبة للرجال, وكأن الله يقول إن حدث وهذا بعيد وخافت امرأة من بعلها نشوزا أو اعراضا وجعل من حق الرجل تأديب الزوجة, ومن حق المرأة أن تدعو إلي الصلح عند نشوز زوجها... هذا والله أعلم. دكتور/ جابر محمد محمود الشريف