في كل مراحل التاريخ استمدت مصر قوتها من علاقاتها بمحيطها الخارجي, وكان يصيبها الوهن والضعف دائما اذا تقوقعت علي نفسها وانعزلت عن العالم. وخلال تاريخ مصر الحديث شكلت الدائرتان العربية والإفريقية الحلقة الأهم في علاقات مصر الخارجية, وتأثرت بهما الأوضاع الداخلية أيضا. لذلك كان من الطبيعي أن تولي مصر بعد ثورة يناير أهمية خاصة للعلاقات مع الدول العربية والإفريقية, وأن نعود الي هذه الدول بعد غياب أدي الي ضعف مصر والعرب, والي توترات في العلاقات المصرية الإفريقية التي كان لها جذور تاريخية قوية من قبل. وفي هذا الاطار يمكن فهم جولة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء في كل من البحرين والامارات, والتي تأتي استكمالا لجولته السابقة في السعودية والكويت من أجل تدعيم أواصر التعاون مع الأشقاء العرب واستعادة الدور الاقليمي لمصر. وتحقق هذه الزيارة الي جانب ذلك أهدافا عدة, منها توجيه رسالة طمأنة الي دول الخليج بأن انفتاح مصر علي كل دول العالم ومنها ايران لن يكون خصما من رصيد العلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج, وزيادة حجم العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجانبين المصري والخليجي وازالة كافة المعوقات أمام ذلك. وينبغي الاشارة هنا الي أن الاستثمارات الاماراتية تحتل المركز الثالث بالنسبة للدول المستثمرة في مصر بعد بريطانيا والسعودية, الي جانب اسهام صندوق أبو ظبي للتنمية في تمويل العديد من المشروعات الحيوية في مصر. وتأتي بعد ذلك جولة الدكتور عصام شرف الإفريقية التي تحاول تلافي النتائج السلبية لتجاهل السلطات المصرية خلال السنوات الأخيرة للدول الإفريقية, وفي كل الأحوال تتكامل نتائج المباحثات الخليجية والإفريقية لتصنع اطارا جديدا لعلاقات مصر الخارجية.