المصالحة والجدار والاستيطان(2) أي حديث عن دولة فلسطينية تلبي طموحات الشعب الفلسطيني وفق مقررات الشرعية الدولية التي شكلت أرضية المصالحة الفلسطينية التي رعتها مصر سيظل مجرد أحلام ما لم يسبق أية عملية تفاوضية التزاما إسرائيليا واضحا بشأن وقف الاستيطان وإزالة الجدار العازل ولعلنا نتذكر جيدا أنه منذ أن شرعت إسرائيل في بناء الجدار العازل كثفت حكومة شارون عام2002 من أعمال توسيع المستوطنات القائمة وبناء مستوطنات جديدة التهمت الكثير من الأراضي الفلسطينية الأمر الذي يؤكد صحة الاعتقاد بأن الاستيطان والجدار العنصري هما جناحا نظرية الحائط الحديدي التي تمثل المرجعية الأساسية للفكر الصهيوني. والحقيقة أن فكرة إنشاء سورين عازلين واحد بطول غور الأردن والثاني غرب الضفة ترجع تحديدا إلي خريطة وضعها شارون عام1983 عندما كان وزيرا للجيش وتهدف إلي ضم هذه الأراضي لإسرائيل وبدأت ملامح الجدار العازل تتبلور بعد حرب الخليج الثانية عام1990 حين بدأت إسرائيل أولا خطوات العزل غير المباشر بين سكان الضفة وإسرائيل داخل حدود1948 بإصدار تصاريح لكل فلسطيني يريد الدخول إلي الخط الأخضر للعمل أو ما شابه. أقول صراحة أنه حتي لو قدمت إسرائيل اليوم التزاما بوقف الاستيطان دون حسم مسألة الجدار العازل فإن من الصعب الرهان علي قيام دولة فلسطينية متكاملة الأوصال لأن خطر استمرار هذا الجدار لا يقل عن خطورة استمرار الاستيطان. إن مشروع الجدار العازل يعني تقسيم الضفة الغربية إلي كانتونات منفصلة عن بعضها البعض وعن باقي أراضي الضفة بعد مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية وضمها لإسرائيل حيث يتركز مشروع الجدار العازل علي إقامة حزامين عازلين طوليين, حزام في شرق الضفة بطول غور الأردن وحزام آخر غرب الضفة علي طول الخط الأخضر بعمق5 إلي10 كم وكذلك إقامة أحزمة عرضية بين الحزامين الطوليين وتكون بمثابة ممر بين منطقة جنوب طولكرم ومنطقة نابلس حتي غور الأردن مما يؤدي إلي تقسيم المناطق الفلسطينية إلي4 كتل رئيسية: جنين ونابلس ورام الله وبين بيت لحم والخليل. وهذه الأحزمة العازلة تهدف إلي إيجاد عازل مادي بين كافة المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية مع بقاء المستوطنات علي حالها كما يطوق الجدار العازل مدن طولكرم وقلقيلية والقدس بالكامل ويعزلها عن محيطها الطبيعي في الضفة الغربية وبذلك تنجح إسرائيل في عزل مناطق تمركز السكان الفلسطينيين عن بعضها البعض وتقيد حرية التنقل والحركة للفلسطينيين ناهيك عن نزوح سكان المناطق المتاخمة للجدار. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: مداراة الجهلاء والحمقي والأغبياء نصف العقل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله