لم تكن الصعوبات التي واجهها عشاق فن التمثيل في أوائل القرن الماضي بسيطة أو يسهل تجاوزها كان فن التمثيل غير معترف به ولاتؤخذ بشهادة المشخصاتي أي الممثل كالخارجين علي القانون ولم يكن التمثيل يضمن الحياة المادية الكريمة لمحترفيه. ولكن تجربة كل فنان من ذاك الجيل حملت رحلة يملؤها الكفاح والإصرار والإيمان الحقيقي برسالة الفن.. أحد هؤلاء العبقري شفيق نور الدين سائق أوتوبيس سكة السلامة للكاتب سعد الدين وهبة وطواف عائلة الدوغري في رائعة نعمان عاشور وغيرها من عشرات الأدوار المميزة.. بدأ شفيق نور الدين بإنشاء فرقة مسرحية في قرية بجيرم بمحافظة المنوفية ليمثل فيها هو وزملاء الدراسة في مدرسة القرية.. وكانوا يعرضون أعمالهم في جرن القرية علي أهاليهم أو في مناسبات الأفراح والأعياد وغيرها ثم تفرق التلاميذ واتخذ كل منهم طريقه, بينما واصل شفيق نور الدين عشقه للمسرح فهجر دراسة الصنائع ليتلقي في القاهرة محاضرات علي يد الأستاذين جورج أبيض وزكي طليمات في عام1931 ثم عمل كملقن وكان يؤدي الجمل وهو يهمس بها للممثلين ويقول هو إنه تعلم التمثيل من خلال التلقين وبعدها التحق بالفرقة القومية في عام1936 ليحصل علي أدوار صغيرة وكان يعمل بلا أجر كما تؤكد الدكتورة فاطمة موسي في دراستها المشوقة بقاموس المسرح ثم أخيرا قرر الفنان عزيز عيد أن يعطيه مكافأة شهرية قدرها ثلاثة جنيهات كانت بالنسبة له مرضية للغاية.. ثم جاءت أول فرصة حقيقية في مسرحية توت عنخ آمون حيث رشحه الفنان فتوح نشاطي لدور الكاهن في عام1942 وبعدها بعامين اسند له الأستاذ زكي طليمات دور أبو شوال في أوبريت عزيزة ويونس للشاعر الكبير بيرم التونسي.. وقدم من بعدها أعمالا كثيرة متنوعة منها حب موديل1948 صلاح الدين الأيوبي ومملكة أورشليم اللعب بالنار غروب الأندلس أم رتيبة للكاتب الكبير يوسف السباعي.. مضحك الخليفة.. سر الحاكم بأمر الله.. العشرة الطيبة.. ملك القطن.. مأساة جميلة.. المحروسة. بالإضافة إلي( القضية السبنسة تاجر البندقية كوبري الناموس الفتي مهران المهزلة الأرضية بير السلم حلاوة زمان). ولعل الأجيال التي لم يتح لها مشاهدة هذه المسرحيات ولأسباب غير معلومة لاتذاع تلك الكنوز المسرحية علي شاشة التليفزيون بالرغم من وجود العديد من القنوات المتخصصة في تقديم الدراما والكوميديا بشكل خاص لكن الأجيال الشابة تشاهد أداء نجوم هذا الجيل من خلال الأفلام السينمائية القديمة, حيث جسد شفيق نور الدين العديد من الأنماط البارزة مثل الموظف البيروقراطي المتزمت في مراتي مدير عام والذي يعيد الوضوء كلما صافح رئيسته ويحتفظ بقبقاب داخل ملفات العمل الرسمية.. أو الرجل الطماع الذي يضرب عريس ابنته بالروسية في فيلم اسماعيل ياسين في الطيران وغيرها من أدوار جميلة ومميزة لكنها لاتغني بحال عن رحلة الفنان شفيق نور الدين مع فن المسرح.