بدء الدراسة في 3 إدارات تعليمية بشمال سيناء نظام الفترتين    صور | طلاب الأزهر ب"الجلباب والعمامة الحمراء" في أول يوم دراسة بقنا    تعرف على مواعيد أقساط سداد قيمة المصروفات الدراسية لعام 2026    وزيرة التضامن لسفير إيطاليا: إقامة أكثر من 36 معرضا ل«ديارنا» هذا العام    أسعار الخضراوات اليوم السبت 20 سبتمبر في سوق العبور للجملة    انطلاق المرحلة الثانية من مبادرة "سائق واعٍ .. لطريق آمن"    17 شهيدا بينهم 14 من مدينة غزة برصاص وقصف الاحتلال منذ فجر السبت    ترامب يعلن عن استهداف جديد لقارب مخدرات في منطقة القيادة الجنوبية الأمريكية    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار جمهورية البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    موعد مباراة اتحاد جدة والنجمة في الدوري السعودي.. والقنوات الناقلة    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام تشيلسي في البريميرليج    وزير الرياضة يهنئ هانيا الحمامي ومصطفى عسل بالتتويج ببطولة مصر المفتوحة للاسكواش    ريال مدريد يواجه إسبانيول في صراع شرس بالدوري الإسباني    «الأرصاد» تكشف سبب ارتفاع الأمواج بالبحر المتوسط    مذبحة نبروه.. ليلة ماتت فيها البراءة    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    فقدت كل شيء وكان لازم أكمل المشوار.. أحمد السقا بعد تكريمه في دير جيست    حسام حبيب عن شيرين: «معرفش حاجة عنها»    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة لتعزيز جودة حياة الطلاب    الأميبا آكلة الدماغ تهدد ولاية كيرالا    تحذير هام من الصحة: الإنفلونزا الموسمية تنتشر بسهولة في الأماكن المزدحمة    تنسيق كليات شهادة سلطنة عمان أدبي 2025 بالجامعات المصرية    بالحلوى والبالونات.. استقبال مميز لطلاب ابتدائي في كفر الشيخ (صور)    روسيا تقصف أوكرانيا بالصواريخ والطائرات المسيرة ومقتل 3 أشخاص    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 108.1 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    14 طن دقيق في قبضة شرطة التموين خلال حملات على المخابز    طب الإسكندرية يتصدر نتيجة تنسيق الشهادة اليونانية 2025    80 جنيها لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور    دبلوماسيون أمريكيون يجتمعون مع وزير الخارجية السوري    مي كمال بعد انفصالها عن أحمد مكي: "عمري ما هسامح اللي كان سبب في خسارتنا لبعض"    موعد صلاة الظهر.. ودعاء عند ختم الصلاة    الخارجية الفلسطينية ترحب بانضمام البرازيل لدعوى محكمة العدل الدولية    لمدة ساعتين.. أول تعليق من سيد عبد الحفيظ بعد اجتماعه مع الخطيب    بالأسماء - مصرع شخص وإصابة 4 آخرين في حادث تصادم بدشنا    مهرجان الغردقة ينظم يومًا للسينما الروسية 25 سبتمبر    مهرجان الغردقة لسينما الشباب ينظم يوما للسينما الروسية    آسر ياسين على بعد يوم واحد من إنهاء تصوير "إن غاب القط"    سؤال برلماني عن استعداد الحكومة لاستقبال الضيوف في افتتاح المتحف المصري الكبير    هجوم سيبراني يشل مطارات أوروبا وتأخيرات تطال آلاف المسافرين    بتكلفة 475.8 مليون جنيه.. رئيس الوزراء يفتتح محطة ومأخذ المياه بالقنطرة غرب الصناعية بتكلفة 475.8 مليون جنيه    كيف تحمي نفسك من النصب في رحلات الحج والعمرة؟ 3 نصائح فعّالة    تجديد حبس المتهمين في واقعة سرقة أسورة أثرية من المتحف المصري    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة لتعزيز جودة حياة الطلاب في العام الدراسي 2025/2026    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة    ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية في المنيا لعام 2025 (تعرف علي الأسعار)    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون والقناة الناقلة بديربي الميرسيسايد    طارق يحيى: الخطيب سافر لأداء مناسك العمرة.. وحسم ترشحه عقب العودة    أسعار الحديد في السوق اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    البناطيل المقطعة والإكسسورات.. ما هي محظورات الطلاب بالعام الدراسي الجديد؟    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    ترامب: الرئيس الصيني وافق على صفقة «تيك توك».. ولقاء مرتقب في كوريا    «تريزيجيه تخلى عن الأنانية».. محمود الدهب يعلق على فوز الأهلي ضد سيراميكا    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا تدخل العالم العربي من بوابة ثوراته الشعبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2011

كان الرئيس التركي عبدالله جول أول رئيس أجنبي يزور ميدان التحرير ويلتقي مع شباب الثورة المصرية وقبله طالب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الرئيس المصري بالتنحي والاستجابة لمطالب شعبه‏. وهو ذات الموقف الذي تكرر مع الثورة الليبية حيث طالب أردوغان القذافي بالتنحي وكذلك مع الثورتين اليمنية والسورية, ليعكس محاولة تركيا تفعيل دورها مع العالم العربي عبر ثوراته المشتعلة.
يأتي الموقف التركي انطلاقا من افتراض أساسي هو حق الشعوب العربية في تقرير مصيرها واختيار حكامها وفقا للنموذج الديمقراطي الذي تتبعه وأن هؤلاء الحكام العرب لا يمكن لهم ان يستمروا في حكمهم بدون الشرعية الشعبية وبالتالي علي هؤلاء الرحيل لأنهم فقدوا تلك الشرعية.
وعلي ضفاف خليج البوسفور في اسطنبول عقدت كلية الإلهيات بجامعة مرمرة بالاشتراك مع رابطة الجامعات الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي, مؤتمرا دوليا حول العلاقات التركية العربية اثار العديد من القضايا والتساؤلات حول مستقبل تلك العلاقات.
فلاشك أن الموقف التركي البارز من الثورات العربية يعد حلقة جديدة من حلقات عديدة في دور تركيا المتصاعد في العالم العربي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية, ويعكس تحولات جوهرية في السياسة التركية بدأت منذ عشر سنوات مع تولي حكومة حزب العدالة والتنمية لمقاليد السلطة فيها. وبعد أن أدركت الحكومة التركية أن الأبواب شبه مغلقة أمامها للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي أخذت في توسيع دوائر سياستها الخارجية وفقا لنظرية'' العثمانية الجديدة'' التي تقوم علي استحضار إرث'' القوة العظمي'' العثماني أو الإرث الإمبراطوري الغابر وإعادة تعريف مصالح البلاد القومية والاستراتيجية, الأمر الذي يفضي إلي ضرورة النظر إلي تركيا بوصفها قوة إقليمية كبري تتحرك دبلوماسيتها النشيطة في اتجاهات عدة محورها الانخراط المتزايد في شئون الشرق الأوسط علي قاعدة التقارب مع العرب والمسلمين. ويمكن القول إن العثمانية الجديدة ليست جغرافية أي لا تسعي إلي الهيمنة والسيطرة المباشرة بل تظهر من خلال ما جسدته وما أبدته تركيا من قوة ناعمة بواسطة العمل علي فتح الحوار الاستراتيجي مع الشركاء في منطقة الشرق الأوسط ودول الاتحاد الأوروبي وسائر دول آسيا الوسطي والقوقاز والبلقان والعمل علي تحقيق الأمن المتبادل والتعاون الاقتصادي بين تركيا وجيرانها بعد حالة من شبه القطيعة مع العالم الإسلامي والعربي نتيجة للسياسات العلمانية الحادة التي انتهجتها الحكومات العلمانية طوال عقود ومنذ ألغاء الخلافة عام1924 وكان توجهها الأساسي صوب الغرب ومحاولة سلخ الهوية التركية الإسلامية عن عالمها الإسلامي, كما أن هذا التراجع كان نتيجة للتدهور الاقتصادي الذي شهدته الدولة التركية ووجود بعض المشكلات الداخلية, وقام الاقتصاد التركي علي دعائم هشة تمثلت في اعتماده علي الاقتصاد الزراعي البدائي وانهيار قيمة العملة وانتشار البطالة وضعف التصنيع وتراكم الديون الخارجية للمؤسسات المالية الدولية والاعتماد علي الغرب اقتصاديا وتحكم يهود الدونمة في الاقتصاد,ولذلك ساهم هذا الضعف الاقتصادي في تراجع دور تركيا في العالم العربي.
لكن ومع بداية القرن الحادي والعشرين وتحديدا مع تولي حكومة حزب العدالة والتنمية لمقاليد السلطة في البلاد, شهدت تركيا طفرة حقيقية داخليا وخارجيا, فداخليا اتبعت الحكومة سياسات جديدة مثل محاربة الفساد والإصلاح الاقتصادي وإعادة توظيف الموارد البشرية والطبيعية أدت إلي النهوض الاقتصادي حتي جعلت الاقتصاد التركي يحتل المرتبة السادسة عشرة عالميا وضمن مجموعة العشرين الصناعية وارتفع متوسط دخل الفرد إلي عشرة آلاف دولار وارتفاع الناتج القومي إلي أكثر من750 مليار دولار وانتعشت السياحة التي وصلت إلي30 مليون زائر سنويا, كذلك ترسيخ الديمقراطية الحقيقية التي تحد من غلواء العلمانية المتطرفة التي طبقت في تركيا, إضافة لاستعادة الهوية التركية الإسلامية وفق نموذج حداثي إسلامي يتواكب مع ظروف العصر الحديث.
وخارجيا مكن النهوض الاقتصادي التركي أنقرة من ممارستها لدور أكثر فاعلية في العالم العربي والدخول إليه من ابواب السياسة والاقتصاد, فسياسيا قامت أنقرة أولا بحل جميع مشكلاتها مع دول الجوار مثل اليونان وسوريا وإيران والبلقان وآسيا الوسطي في إطار سياسة تصفير المشكلات, وثانيا تدخلت في العديد من أزمات المنطقة لتقوم بدور الوساطة مثل دورها في حل الصراع بين سوريا وإسرائيل ومحاولة حل مشكلة البرنامج النووي الإيراني سلميا ودعم القضية الفلسطينية واتخاذ مواقف أكثر حدة تجاه إسرائيل بعد عدوانها علي غزة وحادثة السفينة مرمرة.
واقتصاديا طورت تركيا علاقاتها الاقتصادية مع العالم العربي وأنشأت العديد من مناطق التجارة الحرة مع كل من مصر والأردن والمغرب وفلسطين وسوريا وتونس, وزاد حجم التبادل التجاري مع تلك الدول وزادت الاستثمارات التركية فيها. وثقافيا توظف تركيا قوتها الناعمة عبر المسلسلات والدراما وقناتها الفضائية الناطقة بالعربية واستضافة اسطنبول للعديد من الاحتفاليات والمناسبات الثقافية.
وهنا يمكن القول إن تركيا تطرح نفسها كنموذج حداثي متطور استطاع التوفيق بين الديني والمدني عبر تجربة حزب العدالة والتنمية التي تتبع سياسات ليبرالية علي الطريقة الغربية وتلتزم بالأخلاقيات والسلوكيات الدينية علي مستوي أفرادها, ونجحت في رفع مستوي معيشة المواطن التركي وتحقيق نهضة اقتصادية كبيرة, وفي ظل العثرات العديدة التي تواجهها الثورات العربية خاصة الجدل حول شكل الدولة وهل هي مدنية أم دينية كما يحدث في مصر مع صعود الإخوان المسلمين والتيارات السلفية وغلبة القبلية في اليمن وليبيا, يبدو النموذج التركي الأكثر جاذبية من النموذج الإيراني أو الطالباني وهو ما تشجعه وتدعمه الدول الغربية لإقامة ديمقراطية في الدول العربية ليس علي الطريقة الغربية وإنما علي الطريقة التركية.
كما أن تركيا وهي تتحرك صوب العالم العربي والإسلامي تحاول ألا يكون ذلك علي حساب توجهها الغربي ومساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي أو علي حساب علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل, حيث تحاول أنقرة ان تقف علي مسافة واحدة من جميع الاطراف المتناقضة وهو ما يمكنها من لعب دور فاعل علي صعيد سياستها الخارجية, وبالتالي توظيف هذا الدور لتعظيم مصالحها الاقتصادية وتطلعاتها بأن تكون قوة إقليمية كبري. والأمر المهم أن دور الدولة التركية الحديثة في العالم العربي يأخذ أبعادا جديدة ويختلف عن الدور الذي قامت به الدولة العثمانية, فهذا الدور يجمع بين الهوية الإسلامية التركية ودورها كقاطرة للعالم الإسلامي وبين اندماجها وانفتاحها مع الغرب في إطار يخدم القضايا والمصالح التركية وكذلك مصالح الدول الإسلامية. وبعد انتهاء الحرب الباردة وانتهاء عصر الأيديولوجيات فإن الاقتصاد هو الذي يقود السياسة ولذلك فإن الاقتصاد التركي سوف يكون له دور كبير في تعظيم وتفعيل دور الدولة التركية الحديثة مع العالمين العربي والإسلامي, فالزائر لتركيا يشعر بحرارة التفاعلات رغم برودة الجو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.