هو ثابت بن قرة بن مروان بن ثابت بن إبراهيم بن كرايا بن مارينوس بن سلامانس وكنيته أبو الحسن, الرياضي, الطبيب, عالم الطبيعة, الفلكي, الموسيقي, المترجم. ولد في حران علي نهر البليخ أحد روافد نهر الفرات, تدرب ثابت علي أيدي أساتذته بالمسجد الجامع علي قراءة النصوص اليونانية والسريانية قراءة سليمة بلغة واضحة وبرز بين أقرانه وتميز بعقليته الموسوعية في الفلسفة والرياضيات خاصة وأصبح مدرسا بالمسجد الجامع الكبير وهو في العشرين من عمره. غادر ثابت حران الي كفر توتا الي مدينة الرقة وأنشأ بها مدرسة عليا لتعليم الفلك والفلسفة والطب ثم التقي هناك بمحمد بن موسي شاكر الذي كان قيما علي بيت الحكمة ببغداد فأعجب بذكاء ثابت وفصاحته فأصطحبه معه الي بغداد وهناك التقي بالعالم الكبير الخوارزمي المعروف حيث قدمه الي الخليفة المعتضد. نبغ ثابت في عدد كبير من العلوم فقد برع في الطب والرياضيات و الفلك و اتقن عددا من اللغات التي يترجم و ينقل منها بمهارة واقتدار فجاءت ترجماته متسمة بالسهولة والوضوح. كما يعد ثابت أحد الاطباء العرب البارزين و أحد أعلام عصره المعدودين, بل ان تأثيره قد امتد ليصل الي القرون التاليه له, فقد ظلت اثاره مرجعا مهما لطلاب العلم والباحثين في أنحاء الدنيا لعدة قرون. وكان ثابت مهتما بالأمراض الجلدية في تشخيصها وعلاجها ومستحضرات وأدوية التجميل حيث تحدث عن الأمراض التي تصيب سطح جلد الوجه مثل: الكلف و الآثار السوداء وأثار مرض الجدري كما تحدث عن القروح والبرص والحكه والبهق بنوعيه الأبيض والأسود والسعفه والحزاز وأمراض الشعر وكذلك تحدث عن الهزال و السمنه وذكر اسبابها وأثارها ووسائل علاجها, وتطرق الي أمراض الرأس فذكر أنواع الصداع كما تعرض لأنواع الشقيقه وذكر ما يقوي الرأس و ينقي الدماغ من الأدويه والأغذيه وأوضح كذلك الأثر الضار للدسم والدهون علي صحة الانسان و كان له خبرة كبيرة في الأمراض العصبيه والعقليه والنفسيه وأستطاع أن يشخص السكته والصرع ويفرق بينهما كما وصف التشنج وذكر أسبابه وعلاجه ووصف عددا من الأمراض النفسيه مثل المالنجوليا. وله أيضا دراسات وأبحاث في مجال الأمراض الجنسيه وأمراض الذكورة وذكر أسبابها وأوضح أعراضها وعلاجها, كما تناول أمراض النساء والتوليد فتحدث عن اختناق الأرحام وأضرار الطمث وحبسه, واسباب الحمل وانقطاعه وعسر الولادة وكيفية إخراج الجنين الميت والمشيمه. وأهتم أيضا بطب الأطفال و له أراء قيمه في الكلام عن زيادة اللبن و قطعه والأمراض التي تصيب الأطفال كالحصبه والجدري كما اثبت تفوقا في مجال طب العيون و تشريح العين و تحدث عن الأمراض التي تصيب العين كالرمد و المياه البيضاء و الزرقاء كما ذكر ما يعتري العين من جحوظ وتحدث عن ضعف البصر وذكر أسبابه وقدم النصائح التي تقي منه, وبرع كذلك في أمراض الانف والأذن والحنجرة وتشخيصها وعلاجها وما يصيب الجهاز التنفسي من أمراض كالربو والزكام و النزله وفرق بدقة بين النزلة و الزكام ووصف بعض الأمراض التي تصيب الرئتين كالسل. وتحدث عن أمراض القلب وتطرق أيضا الي أمراض الفم والأسنان فذكر علل الأسنان وعلاجها ووصف تركيب الأسنان ووظائفها وتحدث عن أمراض اللثة وطرق علاجها وأتي بمعلومات دقيقه في مجال أمراض الكلي والمثانة فقد تحدث عن أسباب تولد الحصي في الكلي والمثانه وذكر المواد والأغذية التي تسبب ذلك, وتعرض لأسباب ادرار البول وذكر العديد من الأدوية والأغذية المدرة للبول وتحدث عن التبول اللا إرادي. وأهتم ثابت ايضا بدراسة الجهاز الهضمي والأمراض التي تصيبه مثل انتفاخ المعدة والخفقان المعدي وفقدان الشهيه والعطش المفرط والمغص وأمراض القولون والأمعاء وأمراض الكبد وما يصاحبها من أعراض كالصفرة وفقدان الشهية كما تحدث عن السموم وأنواعها والأوبئه والأمراض المعديه وأسباب انتشارها و طرق العدوي ووسائل الوقايه منها و أهم مؤلفاته الطبيه كتاب الذخيره في الطب وعلم العين و عللها ومذواتها, كتاب الجدري و الحصبه, الروضه في الطب, رساله في توليد الحصاة, مقاله في صفات تكون الجنين. ولقد برع أيضا في الهندسه فقد ساهم بنصيب وافر في تقدم الهندسه و هو الذي مهد لإيجاد علم التكامل والتفاضل كما استطاع أن يحل المعادلات الجبريه بالطرق الهندسيه وتمكن من تطوير وتجديد نظرية فيثاغورث وألف كتابا في الجبر والهندسه وهو ما أفاد علماء الغرب فيما بعد في تطبيقاتهم و أبحاثهم الرياضيه في القرن السادس عشر, وقال عنه يورانت ول أنه أعظم علماء الهندسه المسلمين. و كان عالما في الفلك و وضع نظرية الاهتزاز الأرضي. وهو أول من توصل لحساب طول السنة الشمسية حيث حددها ب360 يوما و6 ساعات و9 دقائق و12 ثانية( أي أنه أخطأ بثانيتين فقط). وقد أحصي مؤرخو العلوم والعلماء في موسوعاتهم لثابت بن قره مائه وثمانين كتابا في علوم الطب, الرياضة, الطبيعة, الفلسفة, الفلك, الأخلاق. و بعد حياه حافله بالعلم و العطاء توفي ثابت في19 فبراير عام901 عن عمر ناهز77 عاما تاركا ثروة لا تنتهي و كنزا لا ينفد من العلم و المعرفه, وأسرة من العلماء من أولاده وأحفاده.