أسقطت ثورة يناير مخطط وحلم التوريث في قصر الرئاسة إلا أنها لم تسقط بعد نظام التوريث في مجالات التوظيف بالدولة فإذا بحثت عن التوريث ستجده في كل مكان ففي مجال الفن مثلا تجد أن معظم الفنانين جعلوا أبناؤهم يسلكون نفس المجال سواء كان يجيد هذا الفن أم لا فالقاعدة الأساسية انه ليس هناك توريث في الفن.. لأن الأولاد ليس لهم حضور الآباء الذين اكتسبوا حضورهم وحب الناس بمواهبهم الفردية وغير الطبيعي أن يورثوا لأبنائهم هذا الوهج فليس ضروريا أن يكون ابن النجم نجما مثل والده أو والدته أو أي قريب له داخل الحقل الفنى!.. فالتمثيل يعتمد الآن علي الواسطة والمحسوبية وفرض الابن لمجرد أنني نجم أو ممثل كبير!! ظاهرة مرضية.. والفن لابد وأن يحترم الناس التي تذهب إليه لتشاهده وتخصص وقتها للمشاهدة, اكبر دليل على ذلك عدم اشتراك مصر فى أي مهرجان دولي حقيقي حتي الآن. ولا يعلم أحد ان الموهبة والإبداع لن تأتي بالوراثة.. فعندما يتوفر عنصر الموهبة والاجتهاد والصبر والمثابرة فمن الممكن أن يكون فنانا جيدا بغض النظر عن انه ابن فلان أو علان. مجال آخر يعتمد علي نظام التوريث في اختيار أعضاؤه الجدد وهو الجامعة فالأستاذ الجامعى تجد ابنه معيدا في نفس الكلية أو كلية أخري وتجد أن عدد كبير منهم تم اختيارهم ليس حسب التقدير العلمى ولكن من منطق أن ابن الأستاذ يجب أن يكون أستاذا مثله. ايضا في السلك الدبلوماسى فهي مجتمع مغلق علي العاملين فيه ويجب اختيار أعضاء السلك الدبلوماسي الجدد من خلال أبائهم أو اقربائهم العاملين في هذا المجال وكلنا يتذكر الشاب عبد الحميد شتا الذي ذهب ليلقى بنفسه في النيل منذ سنوات بعد أن استبعد من وظيفة ملحق تجارى بوزارة الخارجية بحجة أنه غير لائق اجتماعيا. أايضا وبصورة أكثر تحديدا في مجال الشرطة والنيابة حيث الحصة الأكبر لأبناء الضباط والمستشارين ،والبقية لأبناء أصحاب السلطة والنفوذ والمال ، ولا عزاء لأبناء الشعب من الغلابة والكادحين فالطريق مغلق . فسياسة التوريث في المناصب من أخطر انواع التوريث لأنه يغلق الباب تماما أمام معظم فئات الشعب للوصول إلى بعض الوظائف. ولم يعد مقبولا لشباب الثورة أن تذهب كل الامتيازات لأبناء الوز سواء كانوا عوامين ام لا بينما يسندون هم أكفهم إلي خدودهم بانتظار فرصة عمل تسترهم في أوطانهم وتحميهم من نار الفقر والاحتياج. لقد أصبح كل مسئول في الدولة مهتما بترسيخ مفهوم ولي العهد أو الوريث في مجال عمله أو تخصصه دون النظر لرغبة الوريث أو ميوله أو هل هو كفء في هذا المجال أم لا والذي سريعا ماتأتي نتائجه مخيبة لآمال الأب لفشل أبنه في النجاح مثله في هذا المجال الذي فرضه عليه أو في تحقيق نجاح للمتعاملين مع الوريث لفشله في تحقيق المهمة. نريد فاتن حمامة وعمر الشريف آخر.. نريد توفيق الحكيم ونجيب محفوظ آخر .. نريد جمال عبد الناصر وأنور السادات آخر. مصر تزخر بالمواهب في كل المجالات ولكنها مدفونة بسبب سياسة التوريث التي عمت البلد كلها فليس ضروريا أن يكون أين عميد الكلية معيدا بها أو ابن القنصل أو السفير موظفا بالسلك الدبلوماسي أو ابن المستشار وكيل نيابة .. اتركوا لأبناؤكم فرصة الاختيار من ناحية وحافظوا علي حق تكافؤ الفرص بينهم وبين باقي شباب مصر .فإصرارك علي أن يكون ابنك هو وريثك في مجال عملك قد ينقلب الحال عليه وعليك وتفشل أنت في الأستمرار في عملك لفرض ابنك علي كل العاملين بالقوة ودون النظر لرغباتهم كما يفشل هو ايضا في تحقيق حلمك وأقرب دليل علي ذلك حلم توريث مبارك لأبنه جمال وكانت النهاية ليست في قصر الرئاسة بل في سجن طرة. المزيد من مقالات عادل صبري