قد لا يحظون بنظرة عين إلي أي شيء في الوجود إلا إذا أراد الله, وهم لايرون شعاع الضوء, ولا يرون سوي أحلامهم البسيطة, وإليكم هذه الحالات الثلاث: { كنت عامل بناء باليومية, وكان أقل قدر من الجنيهات يسد رمق زوجتي وأبنائي الخمسة ويستر أجسادنا ويكفينا ذل السؤال, لكن ذلك لم يدم طويلا بعد أن تلاشت نعمة الصحة والعافية وبدأ الهجوم الضاري من الأمراض علي جسدي واحدا تلو الآخر, فأصبت بجلطة في المخ أقعدتني عن العمل شهورا, وكلفني علاجها الكثير, ولم أكد أتجاوز أزمتي الصحية حتي أصبت بنزيف في المخ وتم احتجازي شهورا في المستشفي وأنا غائب عن الوعي, وبعدها بشهور باغتتني جلطة في القلب أتت علي ما تبقي من جسدي المنهك فأصبحت غير قادر علي الحركة أو العمل, وصرت ملزما بكمية كبيرة من الأدوية باهظة الثمن, بالإضافة إلي التزامات أسرتي وبيتي, ونفقات تعليم أبنائي, وصمدت قدر استطاعتي أمام الأمراض والظروف القاسية التي لم ترحمني, وأصبحت مديونا وعاطلا عن العمل, ولم يتركني المرض وشأني فأصبت بضمور في العينين ومياه بيضاء وأهملت في العلاج لقلة حيلتي, وعدم قدرتي علي توفير الدواء وثمن الكشف, فتلاشي بصري نهائيا, وأفادني الأطباء بأن عودته مشروطة بإجراء عملية لا أملك ثمنها نهايئا, وأصبحت محاطا من جميع الجهات بالصعوبات والمشكلات والديون المتكالبة, ونفقات تعليم الأبناء, والمرض والعلاج, ونفقات المعيشة, فهل من أمل لي؟ { قد تبدو حالتي قاسية علي مشاعر البعض, لكنها حقيقة إنسان كان يعمل مبيض محارة ويعيش بمفرده في غرفة بالإيجار, وليس له عائد فاعتمد علي نفسه ووفر مأكله وملبسه بنفسه حتي بدأ الظلام يتسلل إلي عينيه, فقد ولدت بعيب خلقي في العين يسمي كتاركتا غير ناضجة, وبدأ الظلام يتمكن من عيني يوما بعد يوم حتي فقدت عيني اليسري تماما, وأصبحت أري باليمني في الضوء الشديد, ثم فقدتها هي الأخري, فأصبحت أتعايش بمفردي مع الظلام الدامس, وقيدتني قلة حيلتي عن الذهاب إلي المستشفيات التي تطلب ثمنا أعتبره خياليا لمجرد الكشف, وأفادني طبيب مستشفي حكومي بأن الأمل ضئيل في عودة بصري من جديد, وها أنا أعيش في الظلام بغرفتي بلا عمل ولا عائل ولا دخل, ولا يسأل عني سوي بعض الجيران الطيبين الذين يقضون لي حوائجي, ويسعون قدر استطاعتهم لمساعدتي. { أنا رب عائلة أعول زوجتي وثلاثة أبناء في مراحل التعليم المختلفة, وأعمل بما هو متاح حتي تسير سفينة الحياة بلا توقف, وكنا نعيش اليوم بيومه, وقد أبقي لأيام بلا عمل فنأكل وجبة واحدة, ثم أعمل أياما أخري فنأكل مثل كل الناس ثلاث وجبات أو وجبتين, ولأن الإنسان غير معصوم من المرض فقد مرضت بضمور في العينين وأصبحت لا أري, وأسرتي بلا دخل, وأبنائي مهددون الآن بعدم استكمال تعليمهم, وأخشي أن يكون مصيرهم التشرد والضياع. * كلما اشتد الضيق أوقن تماما بأن الفرج قريب, فالحق تبارك وتعالي جعل دائما مع العسر يسرا, وأكد ذلك في آيتين متتابعتين, وصار علينا أن نتعامل بهذا المفهوم وكلنا ثقة وأمل في الله. ودائما يدفع المولي عز وجل أهل الخير من عباده لمؤازرة المرضي والأخذ بأيديهم إلي بر الأمان والشفاء, وإنني أستصرخهم أن يهبوا لنجدة هؤلاء البسطاء من براثن المرض, فربما تعود إليهم أبصارهم بإذن الله, وهو علي كل شيء قدير.