أحاط طوفان الفساد الهادر الذي ارتكبه رموز النظام السابق بمحكمة استئناف القاهرة, ووضع دوائرها الجنائية البالغ عددها60 دائرة قضائية في مرمي الرأي العام.. إثر رغبة جامحة في محاكمات عاجلة ورادعة.. دون انتظار. وقف المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس المحكمة يتصدي لسيل اتهامات علقت بثوب العدالة شديد النقاء.. يضع الأمور في نصابها الحقيقي ويتدثر بالقانون. اتهامات ببطء محاكمات رموز فساد النظام السابق وتوزيع قضايا علي دوائر بذاتها دون ضوابط حاكمة ومشاعر خوف تحيط بالبعض علي خلفية اعتقاد يسود بأن محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك غير جادة. واتهام تولد نتيجة رئاسته للجنة العليا للانتخابات.. ذات اللجنة التي شهدت علي تزوير الانتخابات البرلمانية الماضية وفتور قدرته علي تحقيق انتخابات نزيهة وشفافة. كل الاتهامات وغيرها في دفاع يبرهن بالأدلة علي جميع الوقائع في حوار المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة رئيس اللجنة العليا للانتخابات. يضع الرأي العام علامات استفهام إثر الإيقاع البطيء الذي تسير فوق دربه محاكمات رموز فساد النظام السابق؟ تعد العدالة السياج والحصن الذين يصون المجتمع ويضمن استقراره.. غياب العدالة لا جدال في أنه يعصف بالمجتمع وتجعله يغلي باستمرار حتي ينفجر. عندما قامت ثورة52 يناير.. كان لديها دافع قوي جاء علي خلفية غياب العدالة وعدم تحقيق المساواة بين الناس.. كان هناك ظلم قد ترسخ في المجتمع واستحال الواقع استمراره الي ما لا نهاية. وبطبيعة الحال.. فإن قضاء مصر.. يتحصن دائما بتحقيق العدالة بين المتهمين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والحزبية ويتيح أمام الجميع الفرصة كاملة للحصول علي حقهم في الدفاع عن مصيرهم وابراء ساحتهم من عدمه.. تلك هي القواعد القانونية التي يتعامل وفق أصولها القضاء والخروج عليها يعد إهدارا لقيمة العدالة. لابد لأي قضية أن تأخذ حقها في الدراسة حتي تستبين خيوطها وتصبح كاملة الأركان.. بعدها تكون جاهزة لإصدار الأحكام بشأن ما فيها من جرائم. المحكمة تعمل في إطار حدده لها القانون وألزمها باتباعه وحال دون خروجها أو خضوعها لأي تأثيرات خارجية يموج بها المجتمع.. هذه هي أبسط قواعد التعامل مع المتهمين. المحاكمة لن تحدث بين يوم وليلة ولكنها تأخذ حقها في كل شيء وفق ما أقره وحدده القانون الذي يجب علينا جميعا التدثر به والتمسك بتطبيقه.. حتي في أحلك الأزمات كون ذلك.. منتهي العدالة بين الجميع, الخطي لن تسير ببطء ولكنها تمضي علي درب العدالة.. حتي يأخذ المتهم فرصته كاملة في الدفاع عن نفسه, وتأخذ المحكمة هي الأخري وقتا كافيا في دراسة ملفات وأوراق القضية بما يمكنها من إصدار أحكام عادلة ورادعة وفق صحيح القانون. قضايا رموز الفساد لم تأت الي المحكمة منذ وقت طويل حتي تتهم المحكمة بالتباطؤ في إصدار أحكامها.. القضايا لم تأت إليها إلا من أيام قليلة ويجري دراسة أوراقها وعلينا أن نتخيل قضية مثل قضية وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومساعديه المتهمين فيها بالشروع في قتل المتظاهرين يبلغ عدد صفحاتها عشرة آلاف صفحة.. كم من الوقت تأخذ من هيئة المحكمة حتي يتم الانتهاء من دراستها والوقوف علي أبعاد الحقيقة فيها؟ لا نريد وضع الوقت كمعيار في انجاز المحاكمة في قضايا ضخمة فيها أطراف كثيرة.. علي المحكمة أن تتحقق من كل الأطراف وتضمن للمتهم حكما عادلا وتضمن للعدالة أن تكون الأمل الذي يتشبث به الجميع. المجتمع يريد عدالة سريعة وناجزة تضرب بيد من حديد علي أيدي رموز الفساد ولا يبغي إطالة أمد المحاكمة؟ محاكمة المتهمين, أي متهمين, تكتسب قوتها من مبدأ تطبيق العدالة ويجب ألا تتأثر المحكمة بما يدور في المجتمع.. ما يحرك المحكمة ويسيطر علي قراراتها.. القانون وحده. ليس للمحكمة أدني مصلحة في إطالة أمد المحاكمة.. مصلحة المحكمة تنطوي علي تمسكها بتطبيق العدالة ولايمكن لأحد التنبؤ بالزمن الذي تستغرقه عملية المحاكمة كونها عملية تخضع لإجراءات وخطوات قانونية لا يحق للمحكمة أو دفاع المتهمين تجاوزها. المحاكمات ستصدر فيها الأحكام بمجرد انتهاء هيئة المحكمة من الإجراءات التي كفلها القانون في مثل هذه النوعية من المحاكمات. هناك قضايا لرموز فساد النظام السابق لا تحتاج دراسة عميقة ولا وقتا طويلا لإصدار الأحكام؟ هناك قضايا يتأرجح الوقت الزمني الذي تستغرقه لإصدار حكم فيها ما بين حد أدني وحد أقصي وقضايا أخري يصعب إيجاد حد زمني للانتهاء منها, كونها تنطوي علي خيوط متشابكة يتعين علي المحكمة إجلاء ما يعلق بها من غموض ليستقر يقينها علي حكم تصدره. لكن هناك قضايا لرموز فساد النظام السابق لن تأخذ وقتا طويلا في الانتهاء منها وإصدار الأحكام بشأنها كقضية غسيل الأموال المتهم فيها حبيب العادلي وزير الداخلية السابق. هذه النوعية من القضايا لا تتشعب خيوطها وبالتالي يسهل علي المحكمة إصدار حكم فيها في غضون وقت قصير. تسكن المخاوف قطاع المعارضين لإسناد المحاكمات لدوائر بذاتها, دون غيرها؟ عندما توليت مهمة مسئولية رئاسة محكمة استئناف القاهرة قبل عام.. كان نظام العمل المتبع في توزيع القضايا علي الدوائر تحكمه الأرقام.. فمثلا القضية التي تبدأ برقم6 تكون من نصيب الدائرة الفلانية. هذا النظام الذي كان متبعا وجدته يحمل مساويء وعيوبا قاتلة, قد تؤدي الي التلاعب في القضايا وتعرض حقوق المتقاضين للخطر. ولذلك بحثت عن نظام بديل تحكمه ضوابط شفافة فاهتدينا الي ارتباط الدوائر بالأقسام.. علي سبيل المثال دائرة قسم الأزبكية تنظرها الدائرة الفلانية.. هذا النظام لا يسمح بالتلاعب في تغيير الدوائر التي تنظر القضايا.. معروف مسبقا.. انه اذا وقعت جريمة داخل نطاق قسم شرطة معين.. فإن مباشرة التقاضي فيها ستكون من نصيب الدائرة الفلانية, وبذلك نحقق استقرارا في الدوائر التي تنظر القضايا.. دون اخضاعها للصدفة والأرقام. ما الذي دفعك الي تغيير نظام توزيع القضايا علي دوائر محكمة الاستئناف.. هل كان لديك وقائع مسبقة.. بتلاعب في عملية التوزيع؟ قضيت ما يزيد علي45 عاما في ساحة القضاء واكتسبت خبرات عميقة تعينني علي الوقوف علي الإجراءات التي تسمح بوجود تلاعب في توزيع القضايا علي الدوائر من عدمه. وقد تلاقت وجهات نظر أعضاء الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف التي تقر توزيع العمل كل عام قضائي علي مختلف الدوائر واتفق الجميع أن اتباع توزيع القضايا بالأرقام يشوبه عدم مصداقية ويوقع الجميع في دائرة الشبهات وكان لابد من الاستعاضة بنظام بديل شفاف ومحدد وقاطع لا يدع مجالا لتوزيع القضايا علي الدوائر وفق المصادفة أو ترتيب مسبق. والتجربة أثبتت أن نظام ارتباط الدوائر بأقسام الشرطة حقق توازنا في مباشرة التقاضي وأغلق نوافذ الشبهة في التوزيع وحكمها من المنبع وقضي علي ما كانت تعانيه الدوائر من مشكلات ترتب عليها بطلان في إجراءات التقاضي. نجد في نظام توزيع القضايا ضمانة لعدم التلاعب في نظر القضايا بينما يجده آخرون عبئا علي دوائر بذاتها في ظل تضخم أعداد قضايا رموز فساد النظام السابق؟ لم تصادفنا مشكلة واحدة في ظل النظام الجديد الذي انتهجته محكمة استئناف القاهرة في توزيع القضايا علي الدوائر ولم يسمح هذا النظام حتي الآن بتكدس القضايا في دائرة معينة. وبرغم ذلك تم وضع ذلك في الاعتبار.. فقبل توزيع القضايا تجري احصائية بعدد الجنايات التي ترد من كل قسم واذا تبين ارتفاع معدلاتها في قسم معين.. يتم توزيع القضايا الواردة منه علي دائرتين وحتي الآن لم يحدث ذلك.. لكن وضعناه في الاعتبار تفاديا لواقع قد يتغير, ولظروف طارئة كالتي نحن بصددها في ظل وجود قضايا عديدة تتعلق بفساد رموز النظام السابق. يبلغ عدد دوائر محكمة استئناف القاهرة06 دائرة وبرغم ذلك تختص دائرة بذاتها نظر قضايا رموز فساد النظام السابق.. مما أشاع لدي البعض مشاعر عدم ارتياح لإجراءات المحاكمة؟ هذا الإحساس تولد لدي البعض نتيجة تسليط وسائل الإعلام الضوء علي محاكمات تنتمي قضاياها.. لقضايا الرأي العام في الوقت الذي تتصادف فيه عملية مباشرة التقاضي المتعلقة بها في دوائر معينة. كان نظام توزيع القضايا الذي تحكمه الأرقام والذي كانت تعمل به محكمة استئناف القاهرة قبل تولي مسئوليتها.. قد يضع هؤلاء علي طريق المنطق فيما يتحدثون عنه.. لكن في ظل النظام الجديد فإن الشبهات التي تحوم حول عملية التوزيع قد تلاشت, هناك قضايا أخري تم توزيعها علي دوائر عديدة ولكنها بفعل غياب وسائل الإعلام لا تعلق بأذهان الناس. لا دخل لأحد في توزيع القضايا علي دوائر معينة ولا مصلحة لأحد في اختيار دائرة بذاتها لنظر قضايا رموز فساد النظام السابق. ولو استمر نظام توزيع القضايا الذي كان سائدا من قبل لوجدت المحكمة نفسها متهمة بالمحاباة وعدم الشفافية في توزيع القضايا. لم يكن للمحكمة علم مسبق بأن بركان الفساد سيفجر.. حتي تغير نظام توزيع القضايا علي الدوائر.. النظام طبق منذ إسناد المسئولية لي في رئاسة محكمة استئناف القاهرة ولم يطبق في التعامل مع قضايا رموز فساد النظام السابق. يتعين علي من يتحدث وتخالجه مشاعر عدم ارتياح في نظر هذه القضايا أن تكون لديه وقائع محددة تقضي الي شيوع مناخ علي هذا النحو.. المحكمة تؤدي عملها وفق صحيح القانون وفي إطار ضوابط صارمة لا تتيح لأحد مجرد التلاعب. اذا كان الوضع علي النحو الذي تدافع عنه وتؤمن به.. بماذا تفسر التنحي المفاجيء للقاضي عادل عبدالسلام جمعة عن نظر قضية حبيب العادلي وزير الداخلية السابق؟ قرار التنحي لم يكن في ثناياه أدني شبهة وانما جاء من وازع ضمير قاض.. عندما استشعر حرجا من استمراره في نظر القضية.. اتخذ قراره بالتنحي. المسألة أنه كتب لي اعتذارا عن عدم الاستمرار في نظر القضية نتيجة لأسباب وجدها منطقية, ولعل أهمها وجود صلة نسب تربطه مع أحد المحامين في فريق الدفاع وقبلت اعتذاره وتم تكليف دائرة أخري بمباشرة التقاضي فيها. قيل بأنك طلبت منه عدم الاستمرار في نظر القضية إثر ضغوط الرأي العام وعدم ارتياحه في مباشرتها؟ ما يردده البعض لا يستند الي حقيقة ولكنها أقاويل نتجت عن تصادف نظره لقضايا حظيت باهتمام الرأي العام في الآونة الأخيرة. لم أطلب منه ذلك وليس من حقي.. فقضاة محكمة استئناف القاهرة, قامات قضائية عريقة.. يعرف كل منهم حدود دوره والمسئولية الملقاة فوق عاتقه. المستشار عادل عبدالسلام جمعة.. هو الذي بادر وطلب عدم استمراره في نظر القضية وهذا حقه ولا لأحد حق في مراجعته. مسألة تنحي القاضي عن نظر قضية معينة لا يحكمه شيء سوي ضميره ووجهة نظر يتكيء إليها. هناك اتهامات تنتظر الرئيس السابق حسني مبارك البعض تسكنه المخاوف من إجراءات محاكمته؟ لن تكون هناك إجراءات استثنائية لمحاكمة الرئيس السابق.. مبارك لم يعد رئيسا.. حتي يتصور البعض أن إجراءات محاكمته ستنطوي علي قواعد ذات طبيعة خاصة.. محاكمته ستخضع للقانون الذي يحاكم به أي مواطن مصري وستنظر المحكمة قضيته في الجرائم التي ارتكبها في الدائرة المحددة وفق النظام المتبع في توزيع القضايا علي الدوائر. الحالة الصحية للرئيس السابق حسني مبارك لا تسمح بمثوله أمام المحكمة ولذا بزغ اتجاه نحو تشكيل محكمة ينتقل أعضاؤها إليه لمحاكمته؟ لا يوجد شيء في القانون يقر بما يتوجه إليه البعض بشأن إقامة محكمة خاصة للرئيس السابق.. محاكمته تظل معلقة طالما بقيت حالته الصحية لا تسمح بمثوله أمام هيئة المحكمة وإبداء دفاعه فيما يوجه إليه من اتهامات. وتحديد الحالة الصحية التي عليها الرئيس السابق لا تتحدد وفق كلام مرسل وتقدير طبي مطلق.. لكنها تأتي وفق قواعد حاكمة وضحها القانون في ضوء تقارير طبية تقف علي طبيعة الحالة وتحدد مدي قدرته علي المثول أمام المحكمة من عدمه. ولذلك لن نستطيع محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك دون مثوله أمام المحكمة كأي مواطن عادي. الرأي العام يريد محاكمة عاجلة للرئيس السابق ووضع جرائمه التي ارتكبها علي هذا النحو قد تطول أمد المحاكمة؟ حتي الآن لم تصل أوراق قضيته من النيابة العامة, فمازالت هناك تخضع للتحقيق واستيفاء الأدلة وبمجرد اكتمالها ستكون أمام المحكمة وتحدد جلسة عاجلة لنظرها.. لكن كل ذلك يظل مرهونا بحالته الصحية التي يبدو عليها. ولذلك من الصعب تحديد موعد قاطع لبدء نظر القضية أمام المحكمة.. المحكمة في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة معه وتطور حالته الصحية.. نحن أمام إجراءات قانونية نتبعها مع الجميع بغض النظر عن هوية وشخصية من تتم محاكمته.. إهدارها يطيح بقواعد العدالة ونحن لن نطبق إجراءات تضيع قيمة العدالة. قد يكون توقيت إجراء المحاكمة ينطوي علي أهمية خاصة.. لكن في المقابل هناك قانون لابد من المحافظة عليه. أمام البطء في سرعة محاكمة رموز فساد النظام السابق طالبت بعض الأصوات بإنشاء محكمة ذات طبيعة خاصة ينحصر دورها في انجاز تلك المهمة.. ألا تجد أنه من الأفضل خروج المحاكمات علي هذا النحو؟ ما يطالب به البعض ليس له سند من القانون ولا يوجد شيء علي الاطلاق يقضي بإنشاء هذه النوعية من المحاكم كون القانون يحتم محاكمة المتهم أمام قاضيه الطبيعي. هناك قاعدة قانونية تقضي بعدم تخصيص قضية بعينها لقاض معين وما قد لا يعلمه البعض أنه لو أقدم رئيس المحكمة علي سحب قضية من دائرة بعينها وبعث بها الي دائرة أخري.. قد يقضي القانون بشبه بطلان الحكم الصادر فيها. محكمة استئناف القاهرة تقوم بدورها علي النحو الأكمل وتؤدي واجبها متكئة علي صحيح القانون صيانة لتحقيق العدالة وضمان حقوق المجتمع ومسألة التأخير في إجراء محاكمات رموز فساد النظام السابق.. مسألة لا يستطيع أطرافها إحكامها بوقت معين. القانون لم يخول لأحد إنشاء محاكم خاصة وتلك مسألة خارج نطاق صلاحيات وزير العدل أو المجلس الأعلي للقضاء أو أي جهة أخري. نقل محاكمات رموز فساد النظام السابق الي أرض المعارض بمدينة نصر.. ألا تجد أنه أشاع لدي البعض مناخا من عدم الشفافية في إجراءات المحاكمة؟ القانون يطبق في أي مكان وعلي أي أشخاص ولايمكن للمنطق أن يقبل إلا بإيجاد مكان ملائم لمحاكمة المتهمين في قضايا ذات طبيعة خاصة, تأمينها ضرورة ملحة لتطبيق العدالة, ولا يجب اعتباره نوعا من عدم الشفافية في المحاكمة.. منطق لا نقبله. عندما اكتظت قاعات المحاكم في التجمع الخامس وعدم إمكان إجراء المحاكمات في دار القضاء العالي أو محكمة شمال القاهرة كان لابد من البحث عن مكان بديل نستطيع عبره اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين المحاكمة واقترح البعض أرض المعارض بمدينة نصر وعندما أجريت المعاينة للمكان وجدناه غير صالح بعد هدم القاعات الموجودة فيها وتم صرف النظر عنها. وأمام زيادة أعداد قضايا الفساد لم نجد وسيلة غير نقل محاكمات لقضايا أخري وتوزيعها علي قاعات في محكمة شمال القاهرة ودار القضاء العالي وهذا ما حدث مع ثلاث دوائر مدني في محكمة التجمع الخامس.. أخذنا قاعاتها لقضايا الفساد.. مسألة تأمين المحاكمات.. مسألة مهمة لتحقيق العدالة. في عام2005 تم اسناد مهمة رئاسة اللجنة العليا للانتخابات الي رئيس محكمة استئناف القاهرة ووجدت التعديلات الدستورية الأخيرة ضرورة اسنادها لمحكمة النقض.. ألا تجد أن تمسكك بالاشراف لا ينطوي علي حقيقة؟ اعتراضنا يستند الي صحيح القانون, كون مهمة إسناد الفصل في صحة عضوية البرلمان بات حقا أصيلا لمحكمة النقض.. فكيف لها أن تكون خصما وحكما في ذات الوقت؟!.. استلاب محكمة استئناف القاهرة هذا الاختصاص قد يفسره البعض علي نحو غير طيب.. في حين أن اعضاءها يمثلون75% من قوة الهيئة القضائية. الرأي العام لديه حالة احتقان من أداء اللجنة العليا للانتخابات علي خلفية ما حدث من تزوير فاضح في الانتخابات الماضية ووجودها لأداء ذات الدور أمر غير مقبول؟ لم أعلن علي رءوس الأشهاد عكس ما ساد لدي الرأي العام بأن الانتخابات شابها تزوير.. قلت ذلك في البيان الذي أدليت به عند انتهاء انتخابات المرحلة الأولي والإعادة وهذا ثابت بدليل استبعاد أكثر من2000 صندوق من عمليات فرز الأصوات.. تعليمات في هذا الشأن جاءت واضحة الي رؤساء اللجان في المحافظات بأن أي شبهة في عملية التصويت يتم التعامل معها بحسم. اللجنة العليا للانتخابات لم تقصر في أداء دورها.. لكن هناك معوقات تحول دون أدائها لواجبها المنوط علي النحو الأكمل.. هناك من وقف صوب إرادة رئيس اللجنة في إعلان حجم التزوير الذي شاب الانتخابات البرلمانية الماضية. رئيس اللجنة لم يقل بأن الانتخابات جاءت نزيهة.. لكنه أكد وجود تزوير قد لحق بها وتصدينا له في حدود القانون والصلاحيات المخولة لها. كان من الممكن أن يكون لك دور أكثر فعالية في التصدي للتزوير الذي حدث للانتخابات بإجراءات رادعة وقوية وبرغم ذلك لم تفعل؟ رئيس اللجنة العليا للانتخابات لا ينفرد بصناعة القرار.. فهناك11 عضوا باللجنة واتخاذ القرار يكون بتوافق غالبية الأعضاء وما قد لا يعلمه البعض, أن اللجنة تضم في عضويتها7 أعضاء من اختيار مجلسي الشعب والشوري وهؤلاء لهم توازنات وحسابات من شأنها تحقيق مصلحة النظام.. وجود هؤلاء شكل عبئا علي اتخاذ اللجنة قرارات جادة ترضي الرأي العام وتحقق الشفافية المطلوبة. اختصاصات وصلاحيات اللجنة قاصرة وأداؤها يواجه بعقبات تحول دون بلوغه الطريق الذي حدده القانون.. يقيني بأن التعديلات الجديدة التي تطرأ علي اللجنة يجعلها أكثر قدرة علي العمل واتخاذ القرار وسيكون أعضاؤها جميعا بصفتهم القضائية. هناك اتجاهات تقضي بتطبيق التصويت الالكتروني في الانتخابات البرلمانية القادمة.. بينما وقفت تتصدي لتطبيقه؟ الناس لتوها خرجت من تجربة الانتخابات الماضية في نفسها مرارة شديدة.. مما شاهدته من عمليات تزويرر فهل من الممكن قبولهم بالتصويت الالكتروني؟!.. المجتمع مازال يعاني من أمية استخدام الحاسبات والناس لن تقبل بها.. بل ستضع تجربتها محل شك وريبة واتهامات بالتزوير. اذا كانت هناك ضرورة لذلك فإنه من الممكن تطبيق التجربة في عدد محدود من الدوائر التي توجد فيها القاعدة العريضة من الناخبين تتوافر فيهم القدرة علي قبول هذا النظام, غير ذلك سينتج عنه مشكلات وصعوبات تهدد شفافية التصويت.