رئيس الوزراء يهنئ «الرئيس السيسي» بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    الرقابة النووية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الأيزو    الفريق أول محمد زكى: الاهتمام بأساليب التدريب القتالى وفقاً لأحدث النظم العسكرية    توجيهات الرئيس استراتيجية عمل الحكومة| الدولة تواجه ارتفاع الأسعار.. والمواطن يشعر بالتحسن    مصنع لمواسير حديد الزهر ب«اقتصادية القناة»    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    انعقاد جلسة مباحثات ثنائية بين مصر واستونيا    وزير الخارجية الفرنسي: سنطالب بفرض عقوبات جديدة ضد إيران    كاتب صحفي يبرز أهمية زيارة أمير الكويت لمصر    ريال مدريد يهاجم بايرن ميونخ ب«فينيسيوس ورودريجو وبيلينجهام»    الأهلى والزمالك وأفريقيا    الأهلي يتأهل لنهائي كأس مصر للسلة بفوز مثير على الجزيرة    حالة وحيدة تقرب محمد صلاح من الدوري السعودي    السيطر على حريق شب بإحدى «سيارات الإسعاف» المتهالكة بالقاهرة    العثور على جثة طالب ملقاة بالطريق الزراعي في المنيا    بعد أحداث الهرم.. تعليم الجيزة تطالب الشرطة بتأمين المدارس بدورية ثابتة    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    3 أغاني ل حميد الشاعري ضمن أفضل 50 في القرن ال 21    بعد طرح البوستر الرسمي..التفاصيل الكاملة لفيلم«عنب» بطولة آيتن عامر    صبري فواز يقدم حفل ختام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. الليلة    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    نادين لبكي: فخورة باختياري عضو لجنة تحكيم بمهرجان كان السينمائي    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    بعد اعترف الشركة المصنعة له.. هل يسبب لقاح «أسترازينيكا» متلازمة جديدة لمن حصل عليه؟    قبل شم النسيم.. جمال شعبان يحذر هؤلاء من تناول الفسيخ والرنجة    بالفيديو.. خالد الجندي: هناك عرض يومي لأعمال الناس على الله    مفاجأة بأقوال عمال مصنع الفوم المحترق في مدينة بدر.. تفاصيل    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    طرد السفير الألماني من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية    كتائب القسام تفجر جرافة إسرائيلية في بيت حانون ب شمال غزة    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    وزير المالية: مصر قادرة على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جورج إسحاق‏:‏الثورة خرجت من عباءة كفاية
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 03 - 2011

هناك فرق بين من يحمله التيار ومن يسبح ضد التيار‏..‏ ويعد القيادي البارز جورج إسحاق‏,‏ أحد مؤسسي حركة كفاية‏,‏ من أشهر الشخصيات السياسية التي سبحت ضد التيار في عز سطوة النظام وبطش السلطان. ابن بورسعيد الذي ورث البسالة والمبادئ الفدائية, تشربها وهو طري العود, فلم يعجزه صغر السن, وكان سلاحه الأول في المنشورات.. شب الفتي عن الطوق متسلحا بعشق مصر. روح( المعلم) تسكنه بالمباديء والقيم والقدوة الحسنة والحس التاريخي.. والتجربة هي المحك سواء كانت سياسية أو حياتية, فلم يتهرب من سداد الثمن, ومن ثم فهو لا يؤمن بنار لم يحترق بها صاحبها.. فغرت مصر فاها مشدوهة حين خرجت كفاية في مظاهرة صامتة عام2004 وكانت البداية في الصمت ربما لأنه أعمق الأصوات في الموسيقي كما يقول موتسارت وإذا كان الناس ينقسمون في كل الدعوات السياسية والفكرية إلي مبادرين ومترددين ومتلكئين ورافضين.. لكن جورج إسحاق, من خلال حركة كفاية, تصدر المشهد ببشرته البرونزية وشعره البلاتيني محمولا علي الأعناق متأججا.. صارخا في البرية لعله يقضي مضاجع النائمين الذين وجدوا خلاصهم في الكلمات وشعاره: احرص علي الموت توهب لك الحياة.. لم يستبد به اليأس من الأوضاع في مصر والبلاد العربية حين انتشرت فكرة الديمومة السياسية وأصبحت هذه الأنظمة ملكيات من الصعب عليها القيام بإصلاحات جمهورية!!
كفاية كانت تنشد مجتمع العدل والحرية, وشعارهالا للتمديد ولا للتوريث وهي أول من نادت به وفي هذا الحوار يرصد جورج إسحاق ميلاد الحركة التي أحدثت حراكا وكانت المحرض الأكبر والأب الروحي لثورة25 يناير. مظاهرات كفاية كانت أول مسمار يدق في نعش النظام.. فنخرت هيبته وتقوض البناء. جورج إسحاق لا يخشي من فتح النوافذ والتيارات ومقارعتها بالحجة.. ويبدو حذرا من خطورة الارتجال والإسراع في إنهاء حالة الزخم الثوري.. فمازال الطريق طويلا, وعلي حد تعبير نابليون: أكثر اللحظات خطورة تلك التي تصحب النصر, وفي النهاية فالثورات لابد أن تصلح من أحوال الناس.
متي ترعرعت بذور الوطنية لديك.. فكثيرا ما تكون هذه الروح المتأججة كامنة لا تتكشف إلا في ظروف خاصة.. فلتحدثنا عن حالتك ؟
يبتسم مستدعيا سنوات الطفولة البريئة قائلا: كنت محظوظا لأنني ولدت في بورسعيد مرتع الوطنية والكفاح والمقاومة المستميتة عرفت اليتم في الثامنة من عمري.. الوالد كان تاجرا للمجوهرات يتعامل مع الناس بكلمة شرف ولكن بعد وفاته نقض الكثيرون العهد وضاعت علينا ثروة طائلة.. كنت أهوي اللعب بالقرب من المدرسة الوصفية التي كانت من أبز معلماتها والدة سمير فرج محافظ الأقصر وهذه السيدة الفاضلة علمت معظم أبناء بورسعيد في هذه المنطقة تحديدا شاهدت وسمعت قصص المهاجرين من فلسطين وسمعت لأول مرة في حياتي عن فظائع الإسرائيليين من الأهالي الذين فروا إلي مصر بعد نكبة1948.. ثم جاء إلغاء معاهدة1936 عام1951 واشتعلت المقاومة في مدن القناة وبدأ الوعي ينبض بهدوء بما يتماشي مع هذه السن الصغيرة التي أدركت فيها وطأة الإحتلال وكراهيته.. كنا نطلق علي الإنجليز الشياطين الحمر.. حين قامت ثورة يوليو لم نكن نعي الأمر تماما.. كنا نشاهد سيارات الملك الحمراء والأميرة فوزية حين تأتي إلي المبرة في بورسعيد.. ولما جاء عبد الناصر بصحبة السادات بعد الثورة وكنا نشاهدهما نجري علي السيارة ونحرص علي تحيتهما وكنت في هذه السن الغضة أحب عبد الناصر وأهابه أيضا.. تلك المرحلة أشعر بحبي العميق لمصر لكن الصورة كانت ضبابية حتي وقع العدوان الثلاثي عام..1956 وعاد الإنجليز مرة أخري.. والشعب المصري أمام العدو المشترك يكون في أروع تجلياته.. وبدأ الوعي يتفتح تدريجيا أمام تصاعد الأحداث.. ومازالت كلمة أستاذ شرف أستاذ اللغة الإنجليزية يتردد صداها في أعماقي حين سألنا عن رأينا في العدوان فقلت له أن أسرتي قررت الهجرة من بورسعيد فقال لي جملة خارقة غيرت مجري حياتي: إذا سافرنا كلنا يا جورج وتركنا بورسعيد من سيدافع عنها ؟
وهل نجحت في إقناع أسرتك بذلك القرار المصيري ؟
نعم. واستجابت والدتي رغم أنها حضرت أمتعة السفر وأنني كنت أصغر اخوتي وحوصرنا ثلاثة أيام في خنادق ولم تغادر هذه المشاهد الذاكرة إلي الآن خاصة صور المنازل الخشبية وهي تحترق بعد رشها بالنابالم.. فانتقلنا إلي كبائن علي البحر وطلبنا جالونات ماء.. فجاءت جالونات بنزين بالخطأ.. لذلك أتعاطف جدا مع الفلسطينيين وأدرك تماما ماذا تعني كلمات الحرب والخوف وهجرة الأراضي لأنني عشت التجربة المريرة واتمثلها تماما.. فهدم منزلنا وانتقلنا للعيش في منزل أحد أصدقاء الأسرة وفي اليوم التالي تحول الشارع الرئيسي في الحي الأفرنجي إلي سوق مفتوح للتجار البمبوطية.. فطلب مني الأستاذ إبراهيم جودة وهو محام شيوعي توزيع منشور علي التجار بحظر التعامل مع الإنجليز وتوضيح خطورة الأمر لهم وكان ذلك هو أول منشور أوزعه في حياتي.. لذلك شعرت بالانبهار حين أمتنع التجار في اليوم التالي عن الظهور في السوق تماما.. وكان حظر التجوال يبدأ في الخامسة بعد الظهر ثم تبدأ المقاومة التي تحول بورسعيد إلي كتلة نار بعد هذا التوقيت بنصف ساعة.. في تلك الآونة سمعنا عن وطنيين كبار أمثال طاهر الأسمر وكمال رفعت عام1956 ولم يتبق من تجارة الترانزيت إلا البطاطس.. فمكثنا شهرين نأكل البطاطس بجميع أنواعها حتي كرهتها ولكنني أصبحت أحبها هذه الأيام لأنها تذكرني بالكفاح الوطني.
كيف كان شعورك حين خرج الإنجليز بخلاف الشعور بالنصر ؟
شعور لا يوصف بقيمة الحرية التي تعد صنوان للحياة.. شعور بنهاية القهر وعدم استطاعتك الخروج من بيتك وقد شعرت بهذا الشعور مرة أخري عام2008 حين اعتقلت لمدة ثلاثة أيام بتهمة قلب نظام الحكم في أحداث المحلة ومنعت من السفر وخرجت بكفالة مالية.. فالحرية أثمن ما في الوجود.
وماذا عن دراستك ومتي بدأت تنخرط بالسياسة خاصة أن فترة الستينيات لم تكن مواتية للمعارضة والاختلاف ؟
حصلت علي الثانوية العامة قسم علمي من بورسعيد ثم التحقت بكلية الآداب جامعة الإسكندرية( قسم تاريخ) كنت أعتقد أن بورسعيد هي مركز الكون حتي شاهدت الإسكندرية.. والأمر كذلك حين شاهدت إنجلترا لأول مرة من الطائرة وبمرور الوقت اكتشفت أن العالم كله بالألوان ومصر التي تعلمنا أنها بلد زراعي تكاد تكون وحدها عاشقة للأبيض والأسود فحجم الصحاري من الطائرة شاسعا.. فيما يتعلق بالدراسة في البداية كنت أرغب في دراسة الهندسة في ألمانيا.. ومعظم أصدقائي من الصحفيين.. كان الناقد السينمائي سامي السلاموني أقربهم إلي قلبي وكذلك صديق العمر الإعلامي الشهير محمود سلطان.. مكثت في كلية الآداب ست سنوات مستمتعا بالدراسة والمناخ العام وكنا نتحدث في السياسة بالرغم من علمنا أن هناك من يكتبون تقاريرا.. وكنت ناصري الهوي حتي1964 عام تخرجي حين بدأ إلقاء القبض علي المواطنين لكنني أعتز كثيرا بزعامة عبد الناصر وقوميته ونزاهته وإنكاره لذاته من أجل بلاده أما السياسة فقد تعلمتها في التنظيمات السياسية السرية حيث كنت عضوا في( حدتو) ووقعت الواقعة نكسة1967 وكسرتنا جميعا ثم اشتركت في مظاهرات الطلبة عام1968 ومحاكمة الطيران وفي1970 وما تلاها من مظاهرات قبل حرب1973 مقاومات متوالية أججت بداخلي جذوة الانتماء والانحياز للحق والمشاركة السياسية الإيجابية.
يلاحظ أنك بالرغم من تصدرك لحركة معارضة غير اعتيادية إلا أنك تحرص علي أن تكون عفيف اللسان في كل الأحوال.. وهذا ما تفتقده ساحة المعارضة في مصر باستثناءات قليلة ؟
يرد في حياء: لأنني في المقام الأول تربوي ولا أنسي ذلك أبدا فالمعلم دوره مهم في حياة البشر وأنا بدأت حياتي مدرسا للتاريخ في المدرسة المارونية ثم أصبحت وكيلا للمدرسة ثم مديرا لها.. وتلاميذي منتشرون في كل مكان وبعضهم كان يعمل في مباحث أمن الدولة لكنهم كانوا لا يجاملونني ويكتفون بتحيتي وإظهار امتنانهم لأستاذهم أما الآن فأنا أعمل متطوعا كمسئول عن الإعلام والثقافة للأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في مصر وحاولت إدخال مبادئ حقوق الإنسان في المنهج الدراسي لطلابنا من خلال المكتب الكاثوليكي للتعليم فطلبت أن يكون هذا المؤتمر الذي يتبع منظمة دولية في مصر تحت رعاية المجلس القومي لحقوق الإنسان.. لكن المسئولين رفضوا واعترضوا علي اسمي فرفض محمد فائق اعتراضا علي تعنتهم وألغي المؤتمر.
كيف ولدت الحركة المصرية من أجل التغيير ولماذا تم اختيار كفاية شعارا لها فالكلمة توحي بالضيق بما يسد الأفق علي وجه العموم.. فهل بدأت كذلك ثم اقتصرت علي الرئيس السابق مبارك ؟
بدأت الحركة عام2004 في شكل ائتلاف فضفاض يضم مجموعة متنوعة من المثقفين والمفكرين ومختلف المهن من كافة الاتجاهات السياسية والمؤسسين هم جورج اسحاق وأمين اسكندر ود. محمد السعيد إدريس وأحمد بهاء شعبان وأبو العلا ماضي والسيد عبد الستار وانضم إلينا بعد ستة شهور عصام الأسلامبولي والصحفي جمال فهمي ومكثنا حوالي ثمانية شهور نتفاوض حول أول بيان نصدره.. وفي إحدي الجلسات اقترح جمال فهمي أن يعبر كل منا عن نفسه في كلمة.. فقال د. محمد السعيد إدريس كفاية زهقنا.. قرفنا وكانت تعبيرا عن مرور23 سنة علي تولي مبارك الحكم.. فقلت هذه هي الكلمة المنشودة( كفاية) وقام أبني بتصميم الشعار الأصفر لكفاية وأذكر أول مظاهرة صامتة قمنا بها أمام دار القضاء العالي في2004/12/12 حيث وضعنا كلمة كفاية علي أفواهنا.. والمارة والناس يشاهدوننا من الأتوبيسات ويتعجبون.. كانت المرة الأولي التي نكسر فيها حاجز الخوف وعدم التحدث في الشأن الداخلي.
ولكن كانت توجد أحزاب سياسية قبل ظهور كفاية ؟
معظم الأحزاب هاجمت كفاية عند ظهورها للمرة الأولي ولا توجد أحزاب فاعلة إلا الوفد والتجمع والعربي الناصري والجبهة.. أما أحزاب بير السلم التي صدرت بتصاريح من أمن الدولة فلا يعتد بها في الشأن السياسي منذ عام1977 حتي2004 اعتاد المصريون التحدث في دعم فلسطين أو العراق.. والحرية كانت متاحة لنقد أي شيء في مصر باستثناء الرئيس وزوجته وابنه ولم نكن نتحدث إلا عن الاستثناء.. وركزت حملتنا أهدافها علي شعار لا للتمديد ولا للتوريث.. وكان جمال مبارك كلما أمعن في عدم رغبته في الترشح للرئاسة تأكدنا من مضي سيناريو التوريث لأن تأكيد النفي إثبات.
اكتسبت الحركة بريقا من المعارضين وساهمت في رفع سقف الحرية الإعلامية وكانت أول من اقتحم عرين الأسد وتصدت لسياسة الرئيس بالانتقاد.. فما هي أشهر المضايقات التي تعرضتم لها من أجهزة الأمن ؟
كما ذكرت تم اعتقالي وحبست ثلاثة أيام عام2008 وجاء ستة أفراد من ذوي الأحجام الكبيرة ففتحت لهم زوجتي وأعتقدت في البداية أنهم أصدقاء وحين قالوا إنهم من أمن الدولة قالت لهم: هل تريدون الإنضمام إلي كفاية!!.. وتعرض د. عبد الوهاب المسيري رحمه الله هو وزوجته لحادث خسيس حيث تم تركهما في الصحراء عمدا وهو رجل مريض لم تستح الدولة التي كانت أموالها تنفق علي الراقصات من رفض علاجه علي نفقتها وتكلف أمير سعودي بأداء هذا الواجب.. والحادث المخزي الذي تعرض له عبد الحليم قنديل وعقب هذا الحادث تعمدنا أن يصبح قنديل متحدثا رسميا باسم الحركة نكاية في النظام.. وتعرض15 عضوا من أعضائنا للاعتقال في أمن الدولة وكنت أقوم بزيارتهم.. وكدت أعتقل في مظاهرة القضاء وحاولوا إلقاء القبض علي إلا أن المستشار العظيم محمود مكي شدني من يدي وأحاطني شباب القضاة وقد مكثت منسقا عاما ثم تولي مجدي حسين هذا المنصب لأننا حريصون علي تداول المناصب.. وقد خرجت من عباءة الحركة أفكار وكوادر وحركات سياسية أخري أشهرها حركة6 أبريل وكنا أول من دشن كلمة التغيير فظهر فيما بعد صحفيون من أجل التغيير.. وشاب من أجل التغيير وتوالت مظاهراتنا التي أحدثت حراكا في الحياة السياسية في مصر تجلي في ثورة25 يناير التي خرجت من رحم كفاية.
أنا من أنصار هذا الرأي ولكن ثورة يناير شهدت تملقا وإطراء علي الشباب كالذي أفسد الكبار فيما مضي مع إنكار بعض المتحمسين للشباب لأي جهود وطنية سابقة فكيف نصحح المسار؟
يجيب بحسم: حركة كفاية ذاتها هي نتاج لنضال الشعب المصري بأكمله فالبداية لا يمكن أن تكون صفرا ولكنها حصيلة تراكمات وتضحيات قدمها أبناء مصر المخلصون عبر عقود مختلفة.. لذلك فثورة25 يناير هي ثورة الشعب كله لا ثورة الشباب فالتواضع مطلوب في هذه المرحلة والاعتراف بفضل الأولين.. لكني أعترف أنني لو اشتركت في ثورة رائعة تحدث عنها العالم وأنا شاب ربما أصابني الغرور.. لذلك نحن ندرك تماما أهمية اكتمال أدوات العمل السياسي بالنسبة لشباب ائتلاف الثورة المكون من سبعة عشر شخصا من خيرة شباب مصر قمنا كحركة بدعمهم بعشرين عضوا من كفاية ونقل تجربتنا السياسية إليهم وأتوقع المزيد من النضج في أدائهم فهم شباب واعد.
ولكن يقال أن البرادعي هو ملهم ثورة25 يناير؟
هذا إجحاف لحق كفاية مع احترامنا الكامل للبرادعي فأعضاء الحركة اتبهدلوا كثيرا وعانوا الأمرين وتصدوا للأسد وهو في عرينه فالثورة جاءت نتيجة لتراكم حصده الشباب لكنهم أيضا هم حماة هذه الثورة.
يقول الشاعر العربي:
ظلم الرعية كالعقاب لجهلهاألم المريض عقوبة الإهمال
هل يتحمل الشعب نصيبا من السلبية السياسية التي أدت إلي تفشي الفساد في البحر والبر؟
بالتأكيد لا يمكننا تجاهل السلبية التي اعتادها الناس وأذكر أن د. عبد الوهاب المسيري حينما كنت منسقا للحركة شكل لجنة بحثية من الشباب أعدت مجلدا كبيرا عن الفساد فسألني أحد الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عقدناه آنذاك ماذا ستفعلون كحركة بهذا التقرير؟ أجبت: لا شيء! لكننا نعرضه علي الشعب حتي يصبح فاعلا ومشاركا في شأن بلاده ومن يحتاج إلي المساعدة ولديه قضية فساد تؤرقه سنساعده في تتبع مسارها والتصدي لها قانونيا ودائما كنت أقول أن الشعب المصري إذا لم يعتمد علي نفسه في تحديد مصيره فلن يصل إلي مراده ولا أنسي أبدا كلمة كوندليزا رايس التي كانت تصف أوضاعنا في البلاد العربية قائلة: الاستقرار أفضل من الديمقراطيةس.
ولكن يقال أن المجتمع المدني لم يسلم من الصراعات والاختلافات فهل حركة كفاية تحكمها أطر محددة خاصة أننا قرأنا أن هناك من طالب بتجميد عضويتك من الحركة بعد سفرك إلي أمريكا؟
حركة كفاية لها أدبيات فنحن ندعو لدولة ديمقراطية حقوق المواطنة بها واضحة وليست مجرد بنود في الدستور دولة العدل والحرية والعدل يأتي أولا لأنه حينما يطبق القانون علي الجميع بشفافية سيتحقق العدل أما واقعة تجميد أسمي فلم تحدث فأنا من المؤسسين في الحركة وفي عام2009 سافرت إلي أمريكا لحضور مؤتمر دولي ودعوني أنا ويحيي الجمل وحسن نافعة وأسامة الغزالي حرب والمستشار محمود الخضيري ولم أجد أسمي أنا والخضيري وبعض أعضاء المؤتمر فقررنا مقابلة المصريين في أمريكا ولم نتقابل مع أي ممثل من الإدارة الأمريكية ولا المجتمع المدني وأسسنا أربعة مراكز لحركة كفاية في نيوجيرسي ونيويورك ونورث كارولينا وواشنطن وطبيعي أن يكون في كفاية بعض المتهوسين الذين لا يملكون وعيا سياسيا لكن الأعضاء تصدوا لمن طلب تجميد عضويتي لأنني عضو مؤسس عموما أي حركة سياسية بها ضغائن ومنافسات وبعض الجهلاء وهم الذين قللوا من قدر كفاية نسبيا.. لدينا خلافات وليست اختلافات أي رؤي مختلفة لكننا في النهاية نعمل سويا.
قال شارل ديجول: النظم السياسية لا تصلح نفسها أبدا ولكنها تسقط وتنهار ولابد أن تحدث دراما حتي يختفي النظام ما رأيك في هذه العبارة علي ضوء فشل الجهود الإصلاحية في الحزب الوطني؟
الحديث عن وجود جناح إصلاحي في الحزب هو مجرد اصطلاح مزعوم وكلمة إصلاح وفقا للأوضاع التي كانت سائدة, كلمة سيئة السمعة لان الإصلاح( تغيير) في المقام الأول وهو ما لم يكن مطروحا من الأساس أما نظام مبارك فكانت نهايته درامية بالفعل وفي ظني أن موقعة الجمل كانت هي الفيصل في نجاح الثورة أو إخفاقها ولولا جهود شباب الإخوان المسلمين مع الآخرين لوئدت الثورة في مهدها وكنت أراهن علي تنحي مبارك صبيحة يوم الجمعة استنادا لبيان الجيش الأول يوم الخميس.
هل قلت حقا إن من لم يذهب إلي ميدان التحرير يعتبر خائنا ؟
أنا لا أخون أحدا ولم أقل ذلك بالطبع ولكني كنت أعني وجود علامات استفهام كثيرة علي القوي الوطنية التي غابت عن مشهد الثورة ولا أتحدث عن أفراد الشعب ولم أذكر كلمة خيانة في كل الأحوال.
التراث السياسي علمنا أننا إذا أردنا أن تصبح الثورة أسلوبا للحياة في حد ذاتها فأنها تتحول أسلوبا للموت المعنوي( اقتصاديا واجتماعيا) وما يترتب علي ذلك من تبعات متي تهدأ حالة الغليان الثوري في التحرير بصفتك قياديا سياسيا بارزا؟
المرحلة الثورية لن تكون دائمة ولكنها ضرورية حتي يتحقق الحد الأدني من المطالب. الناس ليست لديها ثقة وهناك اتفاق غير مكتوب مفاده أن ميدان التحرير هو البرلمان الشعبي لعمل أي ضغط علي السلطة أو من يمثلها وما يحدث في التحرير يحدث في محافظات أخري. فالشعب المصري حرم من السياسة50 عاما حين يشارك الآن لابد من التجربة والخطأ فالديمقراطية ممارسة بالمقام الأول وأنا أشبه الأمر بوعاء ضغط رفع عنه الغطاء فجأة فلابد أن يخرج كل ما بداخله ونتقبل ما فيه فيظهر30 حزبا وأفكار من سلفيين وأعضاء الجهاد والأخوان المسلمين وليكن سبيلنا مقارعة الحجة بالحجة والتوافق علي اختيار( المحاجة) أسلوبا لدحض الرأي الآخر لا نفيه أو استبعاده وإذا لم نستطع محاجة هذا التيار وكسب الشعب المصري بشكل جيد لن يكون الأمر شطارة من هذه الجماعات والاتجاهات ولكن( خيبة) من الطرف الآخر فالإخوان المسلمون علي سبيل المثال تنظيم سياسي متماسك منظم منذ ثمانين عاما والطرف الآخر لو لديه المقدرة فليفعل مثلهم نكون أولا نكون تلك هي القضية.
ولكن الإعلام يتغافل أحيانا عن طبيعة البرجماتية التي تحكم العمل السياسي وتمثل دافعا قويا في تشكيل بعض الأحداث فالوطنية ألوان ودرجات. ما رأيك ؟
الانتهازية السياسية موجودة في المجتمع المصري وظواهرها كثيرة وبعضها موجود في التحرير من يريد أن يستخدمها لن تعيه الحيلة لأن شعبنا غلبان وظهرت هذه الانتهازية في الانتخابات من قبل وبعد ثورة 25يناير وممكن تظهر مرة أخري في الانتخابات وانكشفت أخيرا في الاستفتاء( برجماتية دينية من يقول نعم في الجنة) ولكنه أمر يجب القضاء عليه بالمشاريع التنموية وزيادة الدخل والارتقاء بالبشر.
الضحية تكون أحيانا نسخة من جلادها كيف يمكننا تجنب ظهور ديكتاتوريات جديدة؟
ارتفاع الوعي السياسي وتنامي الشعور بالمصلحة العامة وتفشي العدل وتصحيح المسار أولا بأول بأيدينا كل ذلك يمنع ظهور ضحايا لفساد جديد وأنا اندهش من الآراء التي تتعجلنا في إنهاء وقفات يوم الجمعة في التحرير فنحن عشنا في نفق السلبية ثلاثين عاما وحتي الآن لم نحصد شيئا ملموسا في أيدينا إلا تنحي مبارك وإنهاء سيناريو التوريث وهو برنامج كفاية بالأساس فالطريق مازال طويلا.
ما رأيك في المحاكمة الشعبية التي ترأسها المستشار الخضيري لمحاكمة الرئيس مبارك في التحرير الجمعة الماضية؟
المحاكمات الشعبية معروفة في بلاد كثيرة في العالم والمستشار الخضيري رجل قضاء نزيه معروف باستقامته لكني أتمني أن يحاكم الرئيس محاكمة عادلة أمام محاكم عادية إضافة إلي أن الاستفتاء أحدث شقا بين صفوف الأمة والتحرير أعاد إليه حالة الزخم الثوري قبل تنحي مبارك فمصر لها كرامات وثورة25 يناير من كرامات مصر.
ما رأيك في الأسماء المرشحة لمنصب الرئيس ألا تري أن معظمها موضع خلاف لا توافق ولا يوجد من بينها أسم يمكننا أن نطلق عليه أمة في رجل فهل اختفت الشخصيات السياسية الآسرة من حياتنا؟
لا اتفق معك في الرأي توجد أسماء عديدة تصلح لهذا المنصب ويقيني أنه سيخرج من بين الشباب من تنشرح له صدورنا أن آجلا أو عاجلا.
الإخواني د. كمال الهلباوي رشح اسمك رئيسا للجمهورية فهل تراودك الفكرة؟
الفكرة غير مطروحة من الأساس ولن أقدم عليها فأنا إنسان بسيط للغاية وأحب أن أظل كذلك.
كيف تري المستقبل ومتي تعود الأمور ومجريات الحياة في مصر إلي عنفوانها؟
أجاب بثقة وحسم بعد خمس سنوات بإذن الله فأنا متفائل جدا والمستقبل مبهر بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.