كتب - محمد نبيل: ثماني مباريات علي مدار يومين عادت بها الحياة إلي ملاعب كرة القدم بعد أن توقفت المسابقة وتجمدت منذ يوم21 يناير الماضي, موعد آخر مباريات الجولة الخامسة عشر. والتي أسدل معها الستار علي الدور الأول للدوري الممتاز, قبل أن تدخل الحياة الكروية حالة جمود بعد أحداث ثورة25 يناير شأنها شأن الكثير من مناحي الحياة اليومية, ورغم كل المخاوف التي كانت تحيط بعودة الدوري والتخوف من الانفلات الأمني أو التجمعات الجماهيرية الكبيرة, والخروج عن النص عن طريق أي من حوادث الشغب التي لا تمت للرياضة بصلة, فإن جمهور الكرة الراقي الواعي اكتسب عادات جديدة من أخلاق ثورة25 يناير, لتضاف إلي مكتساباته القديمة التي تربي عليها باحترام الرياضة والمنافسة. عودة الحياة الطبيعية إلي ملاعب كرة القدم تجبرك علي أن تتوقف أمام عدة مشاهد أهمها علي الاطلاق الحالة الأمنية التي كانت تعيشها قوات الشرطة رغبة منها في تأمين الملاعب ليس بحثا عن سلامة اللاعبين أو الأجهزة الفنية والمنظومة كلها, بل لتأمين سلامة آلاف الجماهير الذين تكتظ بهم مدرجات الاستادات, لاسيما في المباريات الجماهيرية التي تضم أحد فرقا بحجم الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والإتحاد وغيرها من الأندية الجماهيرية التي يزحف محبوها خلفهم في كل مكان في المعمورة. وللحق فقد كتبت الأجهزة الأمنية التي كلفت بتأمين المباريات شهادة نجاح جديدة, فلم نشعر بوجودهم لكن كان تواجدهم مؤثرا وفعالا في حماية الجميع, وبعثوا برسالة اطمئنان إلي كل أسرة خرج ابن لها لممارسة هوايته لتشجيع فريقه, فكان أول محاور عودة الدوري والمتمثل في عودة الأمن, حاضرا وناجحا. أما المحور الثاني والمرتبط بشكل أساسي بالنجاح الأمني, فهو السلوك الجماهيري الذي كسا مدرجات الملاعب السبعة التي أستضافت المباريات علي إعتبار أن الكلية الحربية استضافت مباراتي الأهلي مع الشرطة والزمالك مع الحرس, فكان السلوك الجماهيري علي قدر المسئولية وساهم بشكل كبير في الحفاظ علي الأمن من خلال السلوك الحضاري والتركيز فقط في تشجيع فريقه وربما ظهر ذلك بوضوح خلال مباريات الأهلي والزمالك والإسماعيلي باعتبارها الأكثر حضورا جماهيريا, ورغم استخدام بعض من جماهير الدراويش الالعاب النارية الشماريخ إلا أن أجهزة الأمن تعاملت معها بشكل ودي فلم يشعر أحد بوجود أي أزمة أو بوادر شغب, وباستثناء ذلك كان الحضور الجماهيري مثاليا والسلوك حضاري, ويحسب لروابط التشجيع في الأندية قيامها بدور إيجابي في تشجيع فرقها وقيادة باقي الجماهير إلي التشجيع المثالي فكان ألتراس الأهلي والزمالك وجماهير الإسماعيلي ورابطة مشجعي بتروجت علي قدر كبير من الوعي, حتي إن جماهير بتروجت وجدت كل ترحاب لها من جماهير الدراويش رغم التعادل وخسارة الإسماعيلي لنقطتين هامتين في سباق المنافسة, لكن تبقي المنافسة والروح الرياضية هي الغالبة علي السلوك. وإذا منحنا الجماهير والأمن دورهما في نجاح عودة الدوري, فيجب إلا نغفل الدور البارز الذي لعبته المنظومة الكروية نفسها, سواء اللاعبون داخل الملعب ومعهم حكام المباريات الثمانية أو الأجهزة الفنية التي قادت اللقاءات من خارج الخطوط, فكان الجميع ملتزم سواء من ناحية الروح الرياضية واللعب النظيف بين اللاعبين أنفسهم أو في الانصياع لقرارات الحكام والتي ساهمت في خروج المباريات إلي بر الأمان بقرارات عادلة ومنطقية. وإذا كان السلوك أمر هام في البداية فإن الأهمية المطلقة الآن هي أن تستمر تلك الحالة الانضباطية في ملاعبنا حتي نحافظ علي المظهر الحضاري ولتلعب الرياضة دورها الرئيسي في تثقيف الجماهير وزرع الروح الرياضية فيهم. وهناك نقطة أخري ومحور جديد في نجاح ضربة البداية لعودة الدوري, وكان بطلها الأندية ال16 المشاركة في المسابقة, فرغم التصريحات المدوية التي أطلقها عدد من مدربي تلك الفرق ورغبتهم في عدم إستكمال الموسم والتهديد بالأنسحاب من المسابقة, إلا أن الجميع التزم في النهاية ولعب مبارياته, لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو.. لماذا التصريحات المعادية لعودة المسابقة في الوقت الذي لعب فيه الجميع دون أي مشكلات فنية أو إدارية؟, خاصة وأن كل من نادي بذلك كان من الفرق المهددة بالهبوط, والمفاجأة أنهم حققوا النتائج الأفضل ففاز الجونة علي أنبي في مفاجأة كبيرة وخطف المصري نقطة من طلائع الجيش علي ملعبه بجهاز الرياضة العسكري وفاز سموحه علي الانتاج الحربي في مفاجأة أخري. ومعني ذلك أن من نادي بإلغاء الدوري هذا الموسم هو نفسه من ساهم في نجاح ضربة البداية بتحقيق نتائج إيجابية أشعلت المنافسة وزادت من سخونة الدوري في بداية الدور الثاني.