«التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي القاهرة وكفر الشيخ    أمينة خليل: أنا وسط البنات اللي في جيلي تأخرت شوية في الجواز    صندوق التنمية المحلية يمول 614 مشروع ب10 ملايين جنيه خلال 3 أشهر    الرئيس السيسي يترأس وفد مصر بالقمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل    الثلاثاء 21 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    شريف فتحي: تعزيز التعاون السياحي بين مصر ومنظمة الأمم المتحدة للسياحة    تصريحات ذكرتنا بالحقائق    الخارجية الروسية: لم يتم الاتفاق على عقد لقاء بين لافروف وروبيو    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    فرنسا.. ساركوزي يصل إلى سجن بباريس لبدء قضاء عقوبة سجنه لمدة 5 أعوام    رئيس البرلمان العربي يطالب بتشكيل مجموعة عمل برلمانية لدعم تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    تشكيل أتلتيكو مدريد المتوقع لمواجهة آرسنال بدوري أبطال أوروبا    تاريخ مواجهات برشلونة وأولمبياكوس.. فوز وحيد    «التضامن» تعلن فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية.. غدًا    الداخلية تكشف ملابسات النصب على سيدة من ضابط شرطة وهمي لتوفير تأشيرة سفر    الداخلية تفكك 3 تشكيلات عصابية وراء سرقات سيارات وشقق ودراجات    مصر وفرنسا تبحثان خطة إعادة إعمار القطاع الصحي في غزة    الصحة تعلن أهداف النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    هجوم بطائرة مسيرة يستهدف محيط مطار الخرطوم    رد "أمك" يفضح عداء إدارة ترامب لصحفى هاف بوست.. كتابه عن الرئيس كلمة السر    «دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية المستدامة» ندوة بطب بيطري بنها    محافظ أسوان: منح إجازة لأي موظف بالمحليات ومديريات الخدمات فى حالة ترشحه للانتخابات    ياسين منصور: لا ديكتاتورية في الأهلي.. وهذه تفاصيل جلستي مع الخطيب    وليد عبداللطيف: الأهواء الشخصية تسيطر على اختيارات مدربي المنتخبات الوطنية    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    أهلي جدة يهزم الغرافة برباعية في أبطال آسيا للنخبة    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ الدكتورة فاتن العليمي بمناسبة صدور القرار الجمهوري بتعيينها عميدا لكلية السياحة والفنادق    «بيطري بنها» تنظم ندوة «دور المشروعات المتوسطة والصغيرة في تعزيز الاقتصاد المصري»    جامعة الأقصر: دمج ذوي الهمم في الأنشطة الجامعية خلال العام الجامعي الجديد وتسهيل التواصل الرقمي    اليوم.. ارتفاع درجات الحرارة وطقس حار على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 32    إصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بالفيوم    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    بسبب 200 جنيه.. مقتل فكهاني طعنا على يد سباك في الوراق    محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية قصر النيل بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    سيمفونية وجدانية.. عمر خيرت يحيي حفلا استثنائيا في الأوبرا    ناهد السباعي: «السادة الأفاضل» ليس فيلم ممثل واحد.. ولم أشعر بصغر مساحة الدور    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    بعد 11 يوما.. الملك الذهبي يطل على العالم بكنوزه كاملة لأول مرة من أمام إحدى عجائب الدنيا السبع    "طاهر المصري" و"علي كلاي" و"فن الحرب".. أعمال تنافس في دراما رمضان 2026    تامر أمين بعد سرقة اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره.. يحمد ربنا على نعمة مصر    الحكومة: تنظيم مهرجان شتوى فى تلال الفسطاط على غرار فعاليات العلمين    نجلاء بدر وروجينا بإطلالتين ملفتتين على السجادة الحمراء فى مهرجان الجونة    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    انخفاض سعر الذهب اليوم فى مصر على خلفية تراجع الأونصة    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    وزير الصحة يتابع نتائج زيارته إلى الصين لتعزيز التعاون في الصناعات الدوائية والتحول الرقمي    كيف تميز بين نزلة البرد العادية والتهاب الجيوب الأنفية؟    «الرعاية الصحية»: قدمنا أكثر من 50 ألف خدمة طبية وعلاجية للاجئين من 60 جنسية مختلفة    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    القائد العام للقوات المسلحة يستقبل اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للتهنئة بذكرى انتصارات أكتوبر    أسعار الذهب العالمية تلتقط الأنفاس بعد ارتفاعات قياسية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    مرة أخرى: لماذا لا نفوز بكأس العالم؟    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏رمضان بسطويسي :‏سر الثورة يكمن في احترام الصمت
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 03 - 2011


نسرين مهران:
إنني مستعد أن أموت من أجل أن أدعك تتكلم بحرية مع مخالفتي الكاملة لما تقول, هكذا كان ينظر المفكر الفرنسي الشهير فولتير إلي مفهوم حرية التعبير. ولا يخفي علي أحد أن الثورة الفرنسية التي حملت شعار إخاء..مساواة..حرية كانت نتاجا طبيعيا لأفكار فلاسفة التنوير من فولتير, ومونتيسكيو, وروسو.. فهل كانت لثورة25 يناير فلسفتها؟ أم إنها نتاج تفاعل طبيعي للمصري مع كل مجريات الأحداث التي تدور من حوله؟
يجيب عن هذه التساؤلات د.رمضان بسطويسي أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس.. كما يوضح لنا رؤيته تجاه ثورة مغايرة ومختلفة عن بقية الثورات.. ثورة كشفت عن معدن المصري الذي لديه معرفة عميقة بقيمة الحرية التي تعني أن الإنسان وجد لذاته وإنسانيته. وهي ليست بجديدة علي شعب دفع النفس والنفيس بحثا عن إنسانيته.
فكان هذا الحوار...
كيف اندلعت الثورة في مصر؟ وأي سر أخفته عن الأنظار وحققت به المفاجأة؟
بدأت الثورة المصرية في الواقع الافتراضي قبل أن تنزل إلي أرض الواقع حيث تفاعل آلاف الشباب عبر الوسائط المختلفة للشبكة الدولية للمعلومات.. مما ساهم في خلق حالة من قهر الخوف والحديث بحرية عن كل شئ يجري في مصر. واستمرت هذه الحالة الجنينية فترة لا تقاس بالزمن, ولكن بالقدرة علي التفاعل ونقل الأخبار وإعادة فهم ما يجري من منطلق رفض كل ما يحدث, و ليس من منطلق عرض ما يجري فحسب.. كان يتم اكتشاف نص الحياة اليومية في مصر و التفاعل معه بشكل حي و مباشر بعيدا عن الافتعال وأصبحت كتاباتهم انفعال بالحياة و ما يدور فيها. وبالتالي اكتشفوا شيئا جديدا في ذواتهم وهم يعيدون بناء الواقع من حولهم. هذه العفوية و التلقائية جعلتهم يفاجئوا بما وجدوا أنفسهم فيه فكان سقف المطالب يعلوا كلما زاد انفعالهم بما يجري حولهم. وكلما زادت التحديات كانت استجاباتهم تخلق ممكنا جديدا في الحياة وتكشف عن ممكنات جديدة لم يكن من المحتمل أن نحلم بها, لكن الفعل وردود أفعال السلطة الكائنة آنذاك كانت تدفعهم لمزيد من الاكتشاف.
و السر في الثورة المصرية يكمن في احترام حالة العادية و الصمت بدلا من برامج الكلام في الهواء, واكتشاف نص الحياة اليومية لمن يعيش علي أرض مصر, والتفاعل مع هذا النص و قراءته من خلال إنكار الذات دون السعي لقيادة أو زعامة و حاول كل منهم بشكل فطري أن يدع النص اليومي يكشف عن نفسه, وأن يكتشف هذا النص و ذاته معا, وهذا النص هو حالة مصرية تماما.
ماهي العوامل والظروف التي ساهمت في تفجر الثورة؟ ولماذا الآن وليس بالأمس أو غدا؟
الحياة اليومية تعلمنا وتغنينا. والحياة في مصر طوال السنوات السابقة كانت تتغير في اتجاه مختلف, وكان الفساد المضاد للفطرة يكاد ينبئ بكارثة تدمر كل شئ, ولعل هذا يفسر لنا حالات الفوضي الأمنية التي أعقبت الثورة. غير أن صمام الأمان كان موجود في تلك الصورة الجمالية في ميدان التحرير, حيث يجتمع عدد كبير من البشر من مختلف الفئات الأعمار يصنعون مجتمعا مصغرا لما يحلمون به من تكافل و تعاون و تعاضد الجميع, إنها يوتوبيا/ مدينة فاضلة تتحقق فيها الحرية والعدالة و مكافحة الفساد.. مشاهد بشرية و إنسانية لا يمكن أن تنسي وقد انفعل بها البعض حتي البكاء. واندهش: هل يمكن أن نتواصل إلي هذا الحد الراقي؟!! المصري كان لا يري المصري.. فأصبح يراه ويلمسه ويأكل معه ويعيش معه وينتج حياته وفعله اليومي و أصبح من خلال كل هذا يستطيع أن يصنع مصيره ويصنع مستقبله ومستقبل الوطن. هنالك أناس كثيرون تغيروا من خلال هذا المشهد وغيروا من نظرتهم لأنفسهم وللناس من حولهم. واتسعت ممكنات الحاضر والمستقبل بعد أن كانت قد أغلقت تماما بفعل اليأس وعدم القدرة علي الحوار مع الآخر.
يوميات الثورة هي التي خلقت الظروف وأنتجت الشهداء, والأشخاص, والأبطال. وإذا أعيد الشريط ستجد كل شخص لا يصدق أنه استطاع أن يفعل كل ذلك, لأن الواقع اليومي قد اختبر ممكناتنا الذاتية التي ضاعت في الكلام سنوات طويلة, و أعادت صياغة أنفسنا برؤية مختلفة و إحساس متباين عما سبق.
ماهي القوي المساهمة والمؤثرة فيها؟ وهل كانت هناك ثقافة للثورة المصرية غذتها ورافقتها وأفضت اليها؟
القوي المساهمة التي أثرت في الثورة هي مفردات نص الحياة اليومية, وخروج البشر من جدران غرفة الذات الضيقة إلي شارع يضم البشر ويجعلني أري نفسي في الفعل البسيط مثل كنس الشارع, وتوزيع الطعام, والحديث مع الآخرين. إن الثورة مثل حياتنا لا تصنعها أفعال كبيرة, وإنما أفعال بسيطة وصغيرة, لكنها تتراكم لتصنع جبلا من التواصل والأمل والمحبة و أتساع العين.. لتري البشر وتحس بهم وتنفعل بهم. القوي المؤثرة هي الشارع و البشر وحاجاتهم وجروحهم وضحكاتهم و بكائهم وملابسهم وعاديتهم.
كيف يجوز لنا الحديث عن تداعيات هذه الثورة علي المنطقة المجاورة العربية والاسلامية؟
إن أبرز ما قدمته هذه الثورة هي صيغة الحياة المبدعة التي تحتاج لشجاعة من نوع خاص يتجاوز الطموحات الفردية و المكاسب المادية الضيقة, والوعي السياسي الذي أحدث طفرة لدي الإنسان البسيط وكونت لديه وعيا نقديا بما يدور حوله من مشاهد الحياة اليومية. ولعل حالة القلق و الخوف علي الثورة لهما دلالة صحية علي أهمية النقد المستمر لأفعالنا وما يدور في الواقع. إن كل المظاهرات التي تفجرت بعد ذلك بشكل فئوي هي تفكير نقدي بأثر رجعي وليس انتهازية.. هي محاولة للتعبير عن الذات و رؤيتها للعالم من حولها. والممارسة هي التي تصحح الفعل اليومي و ليست الشعارات البراقة, ولعل هذه الصيغة المبدعة للفعل اليومي سوف تؤثر علي ما حولنا. فبدلا من إنتاج الحياة من خلال الوجود اللفظي و الكلام, يتم إنتاج الحياة من خلال التفاعل مع كل ما يحيط بنا من قضايا من خلال الدهشة والقدرة علي الإنصات والحوار.
وما هي إنطباعاتكم عن فلسفة الثورات في الدول المجاورة الشقيقة( تونس-ليبيا-سوريا- اليمن-البحرين)؟ وهل تتشابه مع فلسفة الثورة المصرية إذا اعتبرنا أن الهم واحد؟
إن النظام في كل دولة يعكس صورة الحياة التي تهيمن علي الأفراد. والثورة علي النظام السائد هو ببساطة الدعوة لصيغة جديدة من الحياة واكتشاف صور ممكنة من الحياة وفق شروط خاصة قوامها الحرية والعدالة وحق النقد. والنظام في كل دولة من الدول السابق ذكرها ليس واحدا. وبالتالي فإن الصيغ الحياتية المفترض اكتشافها بعد سقوط النظام و ليس قبله ليس واحدة في كل الدول, لأن هناك عناصر مختلفة تتضافر فيما بينها في تهيئة أي صيغة من الحياة والفعل اليومي مثل المكان و التاريخ و الثقافة وغيرها من العوامل التي تميز كل دولة عن أخري.
مقارنة بثورة يوليو1952 و ثورة عرابي و ثورة1919.. ما هي أوجه الإختلاف بينهم من حيث فلسفة كل ثورة علي حدا؟
كل ثورة من الثروات السابقة كل لها هدف خارجي واضح تتجمع حوله البشر, لكن هدف ثورة25 يناير تريد صورة جديدة من الحياة وأهدافها مركبة ومضمرة وليست واضحة كما كان الحال سابقا. البصيرة هنا أعمق, لأنها تري ما وراء الظواهر, تري العدو غير المباشر قبل أن تري العدو المباشر.
أشار نجيب محفوظ في روايته ثرثرة فوق النيل إلي أن الثورة يخطط لها الدهاة وينجزها الشجعان ويغنمها الجبناء.. فهل توافقه الرأي؟وهل من الممكن أن يقوم بالثورات ناس ليس لهم أي فلسفة في الحياة؟
المعني الوارد في العبارة يتحدث عن الثورة بمعني الانقلاب علي الحكم السائد, والآن هو ثورة علي نظام سائد, فليست المسألة تغيير أشخاص وإنما تغيير طريقة في الحكم والسياسة والمشاركة في صنع القرار السياسي والاجتماعي. و قد طرح نجيب محفوظ الحل الفردي في التصوف علي استحياء في أعمال كثيرة, لكنه بشرعبر عمله بقيم ساهمت دون شك في بناء طريق الثورة لا سيما في أصداء من السيرة الذاتية والحرافيش التي تريد أن يكون القائد خلف الجماهير وليس أمامهم.
كي نجني ثمار الثورة.. كيف يمكن الإستفادة من هذه الفلسفة الثورية علي الصعيد المجتمعي والحقوقي في إحداث تغيير وتطوير؟
الثورة الحقيقية هي تطوير الحياة واكتشاف آفاق للتجربة الإنسانية تجيب عن أسئلة الإنسان, فيصبح إسهامنا للعالم كله و للإنسانية, وليس لنا فقط. وثمار الثورة الحقيقية في إعادة الاعتبار للإنسان علي كل المستويات, و أن نفهم عصرنا من خلال لغة العلم والنقد المستمر حتي لما يصلنا من الغرب. لا شك أن الثمار الحقيقية للثورة هي ثمار عميقة وليست شعارات فحسب, وأن نطرح أسئلة حقيقية عما نحتاجه و يشكل تجربتنا ويميزها عن غيرها من تجارب.
وأخيرا, هل نتوقع منكم أن تشرعوا في عمل كتاب عن فلسفة الثورة المصرية؟
لا يمكن الحديث الآن عن فلسفة للثورة المصرية علي النحو الذي كتبه محمد حسنين هيكل ووضع جمال عبد الناصر إسمه عليه, لأن فلسفة الثورة المصرية هي فلسفة نص الحياة اليومية في مصر و هو نص بالغ الخصوصية, والفلسفة لا تتحدث عن موضوعات لم تتضح ملامحها بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.