الشباب وقود وشرارة المجتمع, والثقافة عماد أساسي من أعمدة بناء وتشكيل وعي المجتمع, ويتضاعف تأثير دور الشباب في المجتمعات عندما يكونون من ذوي التعليم والثقافة الرفيعة. ومع بداية عهد جديد في مصر علي المسئولين تفعيل أدوار الشباب في مصر. ووزارة الثقافة واحدة من المؤسسات التي عاني الكثير من شباب المثقفين والعاملين بها في العقود الماضية تجاهل معظمهم من ذوي الكفاءات لصالح المحسوبيات والمجاملات, وقد كان نجاح ثورة25 يناير باعثا لروح هؤلاء الشباب للمطالبة بحقوقهم المشروعة في مؤسسات وزارة الثقافة, فقد تحطمت قيود الصمت علي اعتابها, بعد ان شاخت مصر ومؤسساتها, انها فرصة كل ذي كفاءة لرفع صوته ولامكان للمحسوبيات او المجاملات. ومن هذا المنطلق وبعد حوارات كثيرة مع العديد من أبناء جيلي والجيل السابق واللاحق علي جيلي من المثقفين, والأكاديميين, والفنانين, وأصحاب الكفاءات, كان لابد من وضع صيغة جديدة للتعامل بين الأجيال الشابة ومؤسسات وزارة الثقافة, لرسم خريطة ثقافية لها معايير جديدة محددة, تضمن لنا نحن الشباب ولأبناء الشعب بأكمله الشفافية والوضوح في التعامل وذلك من خلال بعض المقترحات التي سنلخصها في الآتي: فيما يتعلق بأكاديمية الفنون: أولا ضرورة ضم مؤسسات التعليم العالي بالأكاديمية الي المجلس الاعلي للجامعات, لضمانة تطبيق لوائح ونظم المؤسسات الجامعية عليها, وضمان جودة العملية التعليمية, والمستوي العلمي والمهني لأعضاء هيئة التدريس فيها. ثانيا الإستغناء عن تدريس الأساتذة غير المتفرغين اذا لم تقتض الحاجة( نص المادة132 قانون تنظيم الجامعات), ذلك لأنهم يحجبون الفرص عن الأجيال الشابة في التدريس لمراحل الدراسات العاليا, والإشراف علي الرسائل العلمية. فيما يتعلق بالمجلس الأعلي للثقافة: أولا حل جميع لجان المجلس وإعادة تشكيلها بشفافية من أشخاص قادرين علي وضع الإستراتيجيات ومتابعتها كل في مجال تخصصه, وذلك بترشيح الأعضاء اما إستنادا الي الانجازات الشخصية للفرد, أو بالانتخاب. وأن يكون الكم الأكبر من اعضائها من الشباب, لتفريخ قيادات ووزراء المستقبل. ثانيا الدقة في اختيار الشخصيات التي ترشح لجوائز الدولة ولن يتأتي ذلك الا بإنتقاء الشخصيات التي تصوت, وانتقاء الأسماء المرشحة لنيل تلك الجوائز. فقد عانت لجان المجلس الأعلي في ظل النظام السابق الكثير من المجاملات والمحسوبيات التي افسدت الحركة الثقافية وأفقدتها مصداقيتها. فيما يتعلق بشغل المناصب القيادية في وزارة الثقافة: وقد أثار هذا الموضوع جدلا كبيرا خلال فترة ربع القرن التي تولي فيها الفنان فاروق حسني وزارة الثقافة, فقد اعتدنا ان نجد الكثير من الأشخاص غير المؤهلين يتقلدون المناصب القيادية مما أفقد هذه الوزارة الكثير من مصداقية القلة من الشرفاء ممن عملوا بمؤسساتها, وللأسف فمازال الكم الأكبر من هؤلاء الأشخاص يتمتعون بمناصبهم القيادية داخل مؤسسات الوزارة مما أحبط العديد من جيل الشباب بعد ثورة يناير, ولذلك أهم ما نطالب به بخصوص هذه الإشكالية أولا الإفصاح عن المعايير التي سوف يستند اليها وزير الثقافة في العهد الجديد لإختيار قياداته, ثانيا, الإستغناء عن جميع الشخصيات التي تجاوزت الخامسة والستين من العمر ومازالت تتقلد مناصب, ثالثا ألا يشغل أي شخص مهما كانت كفاءته أكثر من منصب قيادي واحد فقط داخل مؤسسات الوزارة, وكفانا إحتكار حفنة من الأشخاص بأعينهم للمناصب قرابة ربع قرن في ظل النظام البائد الذين مازالوا في مناصبهم حتي هذه اللحظة, ونحن نطالب وزير الثقافة الحالي بأن يرحمنا من سطوتهم علي الحركة الثقافية في مصر أكثر من ذلك, خاصة وأن معظمهم كانوا يشغلون مناصب سياسية كبيرة في مجالس الدولة ولجنة السياسات بالحزب الحاكم في النظام السابق, فمن الذي يوصي الآن بإبقائهم؟ رابعا عدم إحتكار الأشخاص للمناسب للمدد زمنية طويلة تتجاوز العقود من الزمن, لمراعاة مبدأ تداول السلطة, وكسر أية مراكز هيمنة وسيطرة علي الحركة الثقافية خامسا ألا يتم تجديد التعاقد أو الإنتداب لأي شخص لم يحقق إنجازا ملموسا في المؤسسة التي يتولي قيادتها لفترة من الزمن سادسا الإستغناء عن الفنانين الأجانب ممن يتولون مناصب قيادية في مؤسسات الوزارة, فهناك العديد من الكفاءات الشابة المصرية وهم الأولي بالمناصب في وطنهم سابعا عدم إحتكار أشخاص بأعينهم لكيانات فنية بعينها, فالمسارح والقاعات ملك لجميع المثقفين والفنانين, وليست لذوي المحسوبيات فقط. فيما يتعلق بمطبوعات الوزارة: أولا تأسيس مجلات فنية متخصصة في الموسيقي, والرقص, والسينما, إسوة بمطبوعات بالمسرح, علي ان تكون بلغة بسيطة لجذب غير متخصص, فتوغل الفنون والسينما, في المجتمع ضمانة لنشر ثقافة الوسط المتسامحة, ثانيا تفعيل دور النقاد المتخصصين من الشباب كل في مجاله, بإتاحة مساحات ثابتة لهم ولهن في الدوريات التي تصدرها مؤسسات وزارة الثقافة, مما يمنح الخصوصية والمصداقية لتلك المطبوعات والدوريات, ويقلص دور غير المتخصصين ممن يكتبون في المجالات الفنية المتخصصة بغير علم. ثالثا ضرورة إصدارمجلات علمية محكمة بخلاف مجلة أكاديمية الفنون الفن المعاصر لإيجاد منابر متعددة لنشر الأبحاث العلمية المتخصصة في الفن. رابعاإعادة هيكلة أجور الكتاب من المتخصصين في مجالاتهم, نظرا للجهد الذي يبذله المتخصص فيما يقدمه من معلومة دقيقة. فيما يتعلق بالمهرجانات: أولا تغيير الهيكل الإداري لجميع المهرجانات التي استمرت لعقود من الزمن في النظام السابق, لبث روح الشباب في تلك المهرجانات سواء احتفظت بأسمائها أو تغيرت, فالكيف في أي من الاحوال يجب ان يكون جديدا مبتكرا ملائما لروح العصر ومعطياته, ثانيا ألا تكون عروض الإفتتاحات والخواتيم للمهرجانات حكرا علي مخرجين بأعينهم, لتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص للجميع. نعرض هذه المطالبات التي طالما حلمنا بتحقيقها في النظام السابق, آملين أن يتبني تنفيذها وزير الثقافة الحالي د. عماد أبو غازي طبقا لجدول زمني محدد يخرج علينا لإعلانه, ويستمر عليه من يأتي من بعده, لمنح الكفاءات من جيل الشباب حقهم في ظل عهد نتمني ان يكون مغايرا لعهد المحسوبيات الديكتارتوري السابق. المزيد من مقالات د.ياسمين فراج