منذ فجر التاريخ وحتي الآن, لم تتعرض مصر فيما نعلم لمخاطر جسيمة من حدودها الأربعة معا وفي وقت واحد, إلا الآن. نبدأ بحدود مصر الشرقية, من جهة سيناء, والتي كانت دائما وعبر التاريخ هي الحدود الأخطر. ودائما كانت خطوط الدفاع عن حدود مصر الشرقية هي بمثابة خط الحياة بالنسبة لمصر كلها, والقاعدة القائدة ان الخطر متي بدأ في شرق مصر فلا يعرف أحد أين ينتهي في غربها.. لذا فإنه منذ بيبي الأول إلي سليم الأول فقد كانت مصر تسعي إلي إقامة التحصينات العسكرية الكبري في سيناء, حتي لا ينفتح الطريق إلي قلب مصر ذاتها. والآن ومع ما يجري في سيناء وفي رفح والشيخ زويد وعلي الحدود المصرية مع غزة ومع إسرائيل فإنه يمكننا القول إن حدود مصر الشرقية هي الآن علي خط الخطر ولا أزيد. هذا عن حدود مصر الشرقية أما عن حدودها الغربية, فانه تجري حاليا حرب أهلية ومعارك عسكرية طاحنة في ليبيا, وقد استدعت الحكومة الليبية المرتزقة من دول إفريقية مجاورة, وانهمر السلاح علي المتحاربين من كل صوب وجهة, ويندفع الآن أكثر من مليون ونصف المليون مصري ومعهم آخرون, عبر الحدود الليبية إلي داخل مصر وتجري عمليات تسلل وتهريب لا يعرف مداها أحد. ومفاد ذلك إن حدود مصر الغربية هي الآن أيضا تحت خط الخطر. أما عن حدود مصر الجنوبية, فإن السودان ينقسم الآن الي دولتين وربما يتم تفتيته إلي ماهو أكثر, وفي هذا خطر كبير علي الأمن القومي المصري. وفقا للاتفاقيات الدولية التقليدية فإن حصة مياه قدرها55 مليار متر مكعب سنويا, وهي كمية تكفي بالكاد لسد الاحتياجات المصرية. لكن يجري الآن تشييد السدود, وتبرم الاتفاقيات بين خمس دول افريقية من دول المنبع, سيترتب عليها انخفاض حصة مصر بحوالي02 مليار متر كمرحلة أولي. ونتائج هذا النقص في مياه الشرب والزراعة في مصر لا تخطر علي قلب بشر. مما يمكن معه ان نقول إن حدود مصر الجنوبية هي أيضا الآن علي خط الخطر. ويتبقي اخيرا حدود مصر الشمالية, عند البحر الأبيض المتوسط, وهي تمتد وفقا للقوانين الدولية داخل البحر الابيض لمسافة21 ميلا بحريا كمنطقة امتداد اقليمي, كما ان لمصر حدودا بحرية اقتصادية داخل البحرالابيض تبلغ002 ميل بحري. وهذه المناطق ظهرت فيها كميات هائلة من الغاز الطبيعي, ولمصر وفقا للقوانين الدولية حق مشروع فيها, لكن إسرائيل اعلنت انها سوف تقتسم هذا الغاز مع قبرص فقط. وكنا قد أشرنا إلي هذا الموضوع في مقال سابق تم نشره بتاريخ01 يناير1102 في صندوق الدنيا بجريدة الأهرام, وكتب الصحفي الكبير الاستاذ احمد بهجت معلقا عليه, بأن لهذا الموضوع أهمية وطنية كبري.. وعلي إثر ذلك أعلنت الخارجية المصرية, إنها تدرس الرد علي الموقف الاسرائيلي.. وعموما فإن مفاد ما تقدم فإن حدود مصر الشمالية هي الآن ايضا علي خط الخطر.. والنتيجة الصافية لكل ما تقدم أن حدود مصر الأربعة هي الآن كلها علي خط الخطر, وكنتيجة لازمة لذلك فإن القوات المسلحة المصرية مكانها الآن, انما هو علي حدود مصر, لتدافع عنها وعن شعب مصر ولتحمي وجوده وشرفه وحقوقه وكرامته.. وبالتالي فإنه لا يجوز علي اي وجه ان يتم شغل القوات المسلحة عن واجبها الأساسي, ولا أن يفرض عليها التورط في الشأن الدخلي ولا أن تستدرج لذلك. وانطلاقا من هذا المفهوم, فإن أي برنامج ناجح للتعديل الدستوري في مصر, يجب ان يتقيد علي وجه القطع بمهلة الستة أشهر التي حددتها قيادة القوات المسلحة أي حتي سبتمبر1102 لكي تترك بعدها الشأن الداخلي, وتنتقل إلي عملها الاساسي علي ان يتم خلال هذه المدة انتقال السلطة في مصر, والتعليق علي التعديلات الدستورية علي ضوء هذه المواعيد هو موضوع مقالنا القادم بإذن الله.