محافظ الدقهلية يناقش استعدادات استقبال 1.5 مليون طالب في العام الدراسي الجديد (تفاصيل)    «تاريخي وغير مسبوق».. «القومي للمرأة» يُثمّن قرار وزير الدفاع بقبول أول دفعة إناث في «الطب العسكري»    طريقة تحديث بطاقة التموين إلكترونيًا عبر منصة مصر الرقمية (الخطوات)    الحوثيون: دفاعاتنا سببت إرباكًا لطائرات الاحتلال وأجبرت بعض التشكيلات القتالية على مغادرة الأجواء    «الكراهية بين زيلينسكي وبوتين لا تُوصف».. ترامب يلتقي نظيره الأوكراني لبحث إنهاء الحرب مع روسيا    طبيب الأهلي يقدم نصائح ل إمام عاشور بعد تعرضه لوعكة صحية    قائمة يوفنتوس لمواجهة بوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    دوري أبطال أوروبا.. تعرف على الأندية الأكثر فوزا بالبطولة    وزير التعليم يكشف حقيقة إجبار الطلاب على نظام البكالوريا    «كنت بهزر».. «الداخلية» تضبط طالبًا استعرض بسيارته في شوارع القاهرة    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بشمال سيناء    السكة الحديد: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية على خط "القاهرة – مرسى مطروح"    وزير الثقافة يُعلن تخصيص 18 مارس من كل عام ليكون اليوم المصري للفن الشعبي    بصورة من شبابها.. يسرا تفاجئ الجمهور بتغير ملامحها وتلجأ ل«AI»    تأجيل محاكمة متهم بنشر أخبار كاذبة    خبراء الأرصاد يعلنون توقعاتهم لطقس الأربعاء 17 سبتمبر 2025    وزارة الشباب تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    نجيب ساويرس: كنا موفقين في اختيار سينما من أجل الإنسانية شعارا لمهرجان الجونة السينمائي    بسبب ارتفاع الأسعار وتزايد معدلات الفقر..موائد المصريين لا تعرف اللحوم فى زمن الانقلاب    اتحاد المصدرين السودانيين: قطاع التصنيع الغذائى فى السودان يواجه تحديات كبيرة    وزير المالية: زيادة 80 % فى حجم الاستثمارات الخاصة أول 9 أشهر من العام المالى    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    كامل الوزير: مصر أصبحت قاعدة لتصنيع وتصدير المركبات الكهربائية للعالم    جهاز تنمية المشروعات يحرص على تبادل الخبرات مع الدول الأفريقية    تجارية الجيزة: أهلاً مدارس يواصل نجاحه.. لن نسمح بتخفيضات وهمية    %22 زيادة في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال 7 أشهر    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    البنك الأهلي يواصل دعمه لمدينة زويل ويحتفل بتخريج الحاصلين على منح دراسية    مصرع شاب بإسفكسيا الغردقة بمنطقة الشاليهات بالقصير    أمن الشرقية يكثف جهوده لكشف غموض مقتل موظف بالمعاش داخل مسكنه    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    تعكس التعطش للنهل من كتاب الله.. أوقاف الفيوم: المقارئ القرآنية تشهد إقبالًا واسعًا من رواد المساجد    «منصة مصرية عالمية للعلم والإبداع».. مدبولي يدشن الأكاديمية الدولية للعمارة    التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتسلمان جائزة الآغا خان العالمية للعمارة    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت من نوع خاص وعايشة باللي باقي منها    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى دكرنس المركزي    11 طريقة لتقليل الشهية وخسارة الوزن بشكل طبيعي دون أدوية    محافظ المنيا: ندعم كافة مبادرات الصحة العامة لتحسين جودة الرعاية الطبية    وزارة الصحة: الخط الساخن 105 يحقق إنجازًا كاملًا في أغسطس    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    اسكواش - تسعة مصريين يتنافسون في ربع نهائي بطولة مصر المفتوحة    مدرب الهلال: لودي اختار قراره بالرحيل.. ويؤسفني ما حدث    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كي تنجح الثورات‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 03 - 2011

الثورات بأنواعها ظاهرة إنسانية اجتماعية طبيعية قبل أن تكون سياسية‏.‏ تقوم في جميع أنحاء العالم وتشمل سائر جوانب الحياة‏.‏ هناك إلي جانب الثورات السياسية والعسكرية ثورات علمية وتكنولوجية‏,‏ والحديث وارد دائما عن الثورة الثقافية‏(‏ خاصة في الصين‏)‏ أو عن ثورة الطبيعة‏,‏ عند التلاعب بموازين البيئة‏. , وهناك ثورة المعلومات التي اكتسحت العالم.. والاكتشافات التي أحدثت ثورة كونية, والعلوم والمعارف والاختراعات التي غيرت أساليب البحث والعلاج والبناء.. الخ لكل منها اسبابه وخصائصه وإن كانت تجتمع, في أنها تعني إحداث تطورات جذرية تصبح الأمور بعدها علي خلاف ما كانت عليه قبلها.
وتقوم الثورات السياسية لتغيير أسس السلطة وأساليب الحكم وما كان سائدا من قوانين ونظم وقيم وسلوك. والثورة علي ما هو قائم ليست هدفا في حد ذاته إنما وسيلة لتحقيق أهداف أخري أبعد وأصعب منالا وإلا ما احتاج تصحيحها إلي قيام ثورة. بل إن استمرار النظام الثوري لا يعني بالضرورة نجاحها. إن نجاح الثورة يتحقق بعد قيامها وليس بقيامها. بتعبير أبسط العبرة بما يحدث بعد الثورة. وهنا يتراوح تقييم الثورات بين النجاح والإخفاق.
هناك ثورات قامت من أجل الحرية ثم جاءت بنظام أشد كبتا للحرية, وهناك ثورات قامت من أجل العدالة الاجتماعية لكنها زادت الحكام ثراء والمحكومين فقرا. هناك غيرها جاء مطالبا بخدمات أفضل للمواطنين ثم أصبح همها الأول والوحيد البقاء في السلطة وأنفقت الأموال علي تحقيق هذا الهدف وليس علي احتياجات المواطنين من خدمات وفرص متكافئة.
الأمثلة كثيرة: الثورة الفرنسية ويسرد لويس عوض وقائعها بالتفصيل..
جاءت لرفع الظلم وتحقيق المساواة. كان شعارها الحرية العدل المساواة لكنها ارتكبت من الأخطاء والجرائم ما جعل ميرابو, وروبسبير أشد خطرا من لويس السادس عشر. ساد الظلم الذي يأتي من الانفراد بالحكم. اتجهت إلي تخوين كل من يمكن أن يكون عدوا للثورة وإرسالهم للمشانق والحكم عليهم بالقتل دون محاكمة عادلة. لم تحقق الثورة أهدافها إلا بعد أن قضت علي الفوضي واستتب الأمن.
ويكشف كتاب ثلاثة صنعوا الثورة أبعاد الثورة البلشفية التي جاءت للقضاء علي تسلط الأباطرة ثم أصبحت نقيض ما قامت من أجله. تكونت مراكز السلطة التي تقوم بالقهر والتعذيب والاغتيال. كانت أشد قسوة من طبقة النبلاء التي جاءت لإزاحتهم.. انطبق عليها مبدأ الثورة تأكل نفسها وبعد تجربة طويلة.. انحسرت.
كاسترو أصبح ديكتاتورا في نظام شمولي مع أنه جاء بحديث عن المشاركة والديمقراطية.
وبوش حارب العراق وأثار شعبها علي حكامها من أجل تشكيل حكومة ديمقراطية فظلت البلاد بلا حكومة, وأصبحت مسرحا لجرائم الاغتيال والقتل والدمار.
ثورة إيران نجحت في الإطاحة بالشاة مرتين.. استلم السلطة بختيار, ثم باذرخان الذي هرب بدوره خارج البلاد واستمرت الأوضاع تتغير إلي أن وصلت إيران إلي ما هي عليه.
جاءت ثورة32 يوليو للقضاء علي الفقر والجهل والمرض وتفاوت الطبقات, لكن هذه كلها ازدادت حدة وخطورة رغم ما حققت في مجالات أخري. في المقابل يعتز المصريون جميعا بثورة عرابي التي جاءت بدستور سنة2881 وبثورة9191 التي زحزحت المستعمر وأرست أسس الديمقراطية وزادت المجتمع تماسكا, وهناك ثورات نجحت منها الثورة الأمريكية للاستقلال, وثورة البرتغال التي أطاحت بالديكتاتور سالازال واستهلت مرحلة جادة في التنمية والديمقراطية. قام بها الجيش ثم ترك ساحة السياسة للشعب الذي أثبت جدارته. أسبانيا حققت نهضتها لأسباب منها أن شعار الثورة كان دعنا نطوي ما مضي ونبدأ صفحة جديدة لا تقوم علي التخريب والانقسام أو التشفي والانتقام إنما علي التعاون والتماسك وعدم السماح بشق الصفوف من أجل التنمية والصالح العالم. وبذلك انضمت إسبانيا خلال01 سنوات إلي الاتحاد الأوروبي بعد أن استوفت جميع شروطه الاقتصادية والسياسية والإنسانية بما يشمل حقوق الانسان. وهناك الثورة الشاملة التي بها جعل أتاتورك من الرجل المريض دولة مدنية مستقلة عصرية وجمهورية ديمقراطية تزدهر مع الأيام.
وهناك التغيرات الثورية التي اكتسحت دول أوروبا الشرقية, بدأت في بولندا ثم انتشرت في ثورات هادئة أدواتها غرس الحرية والديمقراطية وتنقية الأدوات الانتخابية.. وغيرها.
ويؤثر في نجاح الثورات أمور منها: مدي تعبيرها عن رأي الأغلبية, وقدرة الثوار علي تجنب محاذير الفشل والقيام بالمسئوليات التي تمهد للنجاح إلي جانب الظروف الدولية ومدي تدخل الدول الأخري والقوي الفكرية المتضاربة في مسيرة الثورة نحو أهدافها. والثورات كالزلازل لها توابع في شكل ثورة تصحيح أو ثورة مضادة كلها يتحدد مصيرها حسب مسيرة الثورة الأم. هذه الأمثلة لا نقولها بل يسجلها التاريخ, والتاريخ لا يمكن تغييره لكن من الذكاء والوطنية والحس السياسي, الاستفادة من مقومات النجاح مع الحذر مما قد تنزلق إليه الثورات.
السؤال إذن هو: لماذا انحرفت بعض الثورات وعانت الشعوب طويلا إلي أن استقرت الأمور.. ولماذا نجحت غيرها؟
إن مرحلة ما بعد الثورة أشد خطورة من مرحلة الثورة التي من خلالها تكون الأهداف واضحة محددة يشارك فيها بأمل وحيوية, كل من يؤمن بها.. أما بعد الثورة فكثيرا ما تختلط الأمور وتمتليء الساحة بأشكال وفئات وتجمعات مختلفة الهدف والتوجه, تصبح الشعوب عقب الثورات أمام مفترق طرق, تقف في الميادين الفسيحة التي تنفتح علي شوارع وطرقات متعددة, عليهم اختيار أفضلها وإلا اختلطت المسيرة وكان الانقسام والعنف وعمت الفوضي.
هذه المحاذير متعددة يدعو المنطق والتعقل إلي التعرف عليها لتفاديها. حرصا علي من جاءوا بها وعلي ما حققت من أهداف. كل هذا يعني أن سؤال ماذا بعد الثورة؟ يلقي بمسئوليات جسيمة علي أجهزة الدولة, وعلي كل مواطن وبالأخص علي من قاموا بالثورة.. وليكن أول انجازاتهم استثمار طاقاتهم وقدرتهم علي التواصل لإعادة الثقة بين الشعب والشرطة بتكوين جماعات للتوعية, والمشاركة الفعلية, وإحياء جمعية أصدقاء الشرطة, فالفوضي والبلطجة والانفلات الأمني أخطر ما يهدد ويهدر أي ثورة, وللحديث بقية.
المزيد من مقالات د. ليلي تكلا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.