جيل يغير العالم عنوان مجلة تايم هذه المرة لايبالغ, ولعل الأدق أن ثورة الشباب المصري يوم52 يناير استقطبت موجات متباينة من التغير حاصرت ركود النظام العالمي المفروض علي شعوب العالم منذ نهاية القطبية الثنائية عام.1991. تساءت: كيف يمكن الأسهام بعناصر رؤية مستقبلية تتعدي أفاق الأمل لتقييم قواعد المستقبل الجديد؟. عدت بالذاكرة لوقت شبابنا عقب الحرب العالمية الثانية عندما تحركنا للاقتحام سياج الاحتلال وحصار الاستبداد. تواكبت جهود شباب المفكرين في ترسانة من الأفكار منها تشكلت مكتبة مازالت تضيء الطريق حتي الآن: من في أول المسألة المصرية لعبد الفتاح صبحي وحيد, إلي أهدافنا الوطنية لشهدي عطية الشافعي وعبد المعبود الجبيلي بينما أهدي العالم والموسيقار والكاتب الساحر حسين فوزي خلاصة رحلته علي امتداد أضواء حضارتنا السبع ألفية علي صفحاتسندباد مصري الذي وضع بين يدينا ترسانة أجيال الحضارة المصرية منذ فجر التاريخ, حية ملهمة, مشرقة. قاعدة التحرك لبناء مصر المستقبل هي الشباب المصري في المقام الأول, يدا في يد مع درع جيش الوطن. أمامي أرقام تعداد عام6002 تبين الحقائق التالية: نسبة المصريين بين الميلاد وسن الخامسة والعشرين هي3.45% كذا فإن نسبة السكان حتي الثالثة والثلاثين من العمر ترتفع إلي36%, أي مايقرب من ثلثي عدد سكان مصر المحروسة هذا بينما تبلغ نسبة الشباب في مرحلة التحرك والإنتاج أي بين51 و03 سنة3.12% ومن هنا رأيت ان تكون المقدمة لرحلة البحث عن مصر المستقبل التي نبدأها معا من اليوم بتأكيد القاعدة الراسخة لتحرك مصر علي الدوام, كما صاغتها خصوصية مصر في رحلة الزمان انطلاقا من عبقرية المكان, ألا وهي: العروة الوثقي بين شعب مصر وجيش الوطن. ومعني هذا أننا أمام ثلاث شرائح متتالية من الشباب. الأولي أي شباب ثورة مصر من الأربعينات إلي الستينات من القرن الماضي تعدوا والحمد لله العقد السادس من العمر. وقد تنا ول د/وحيد عبدالمجيد الشريحتين الثانية والثالثة بتحليل دقيق نفذ إلي الجوهر:كانت انتفاضة1791 تجسيدا لحلم جيل السبعينات, مثلما جاءت ثورة يناير1102 تعبيرا عن حلم جيل الألفية الثالثة, كان ذلك الجيل هو الأخير الذي تطلع إلي تغيير مصر قبل جيل الألفية الثالثة. غير أن هناك فرقين أساسيين بين الجيلين: أولهما أن جيل السبعينات جاء من خلفية طلابية بالأساس, إذ كان قادته طلابا في الجامعات حظوا بتأييد معظم المثقفين وشرائح اجتماعية واسعة, في حين أن صانعي ثورة52 يناير من جيل الألفية الثانية هم من خريجي الجامعات الذين تتراوح أعمارهم الآن بين52 و23 عاما. أما الفرق الثاني فهو أن قادة جيل السبعينات كانوا مسيسين, بينما جيل الألفية الثالثة متحرر من أثقال السياسة والإيديولوجية. فهذا جيل يحلم بمصر حرة عادلة يحدد شعبها الاتجاه الذي يحقق لها التقدم والنهضة. ويغلب عليه ميلان أحدهما ليبرالي والثاني يساري, ولكن بالمعني العام جدا وليس بالمفهوم الإيديولوجي( القاهرة0102/2/51) شباب اليوم إذن يواجه التحديات, ومن حوله تيارات ومداخلات من جميع الألوان وعلي جميع المحاور. فهل هناك تري خيط يجمع بين قطاع منها يتسم بالليبرالية؟ يواجه الكاتب الشاب محمد البرغوثي تحديات الغموض الذي يحيط بالجديد علي النحو التالي:الخوف الحقيقي علي الثورة يتمثل في صنف محدد من المنظرين الأكاديميين الذين ألقت بهم الطائرات المقبلة من مراكز البحوث والجامعات الأمريكية في قلب الصفوف الأمامية لهذه الثورة. والذين اعتنقوا فجأة حلولا راديكالية تثير الإعجاب من الوهلة الأولي, ولكنها في النهاية ستؤدي إلي كارثة حقيقية, لأنها منقطعة الصلة بما يدور علي أرض الواقع في مصر, ولكنها في الوقت نفسه موصولة بخيوط دقيقة بمراكز صنع القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية, التي تسهر الآن علي التحكم في مسارات الثورة, وتهدف إلي اقتيادها في الاتجاه ذاته في بعض المنظرين المنمقين الذين شاركوا في لجنة الحكماء أثناء الثورة, ويشاركون الآن في التفاوض باسم الثورة مع القوات المسلحة, ويشاركون أيضا في التفاوض مع الثوار باسم النظرية السياسية ثم يشاركون في التحاور الحميم والمهذب مع رئيس الحكومة...( المصري اليوم0102/2/32) ولكن, ماذا علي العالم المحيط؟ ماذا علي الضفة الأخري, ضفة هيمنة القطب الأوحد؟ هل صحيح أن الغرب حول القطب الأمريكي له سيناريو بديل؟ تعال نعود معا إلي عدد من المؤشرات: 1 يتساءل راءول مارك جيريخت, إخصائي الجهاز السري لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية للشرق الأوسط, كيف أصبحت الديمقراطية حلالا. يشيد الرجل بالرئيس السابق جورج دبليو بوش بسعيه إلي إحياء الديمقراطية في العراق ثم يضيف:العديد في الغرب يتنبأون بصعود مأساوي لايمكن وقفه للإخوان المسلمين.. ولكن الاخوان مثل سائر القوم يتطورون, بحيث إنه لمن الخطأ الفادح أن نتصور أنهم لايخوضون صراعا فلسفيا مع فكرة أولوية النظام البرلماني.. والمعروف للإخصائيين أن جيريخت لاينشر رأيه التوجهي إلا نادرا, بحيث لايتعدي المرتين كل عام( نيويورك تايمز,7 فبراير ثم نقرأ أفكار السيد يوناس جار ستور, وزير خارجية النرويج, يخلص إلي أن يتساءل... نظرا للموقف الراهن الآن, هل كان من الأفضل لو كنا قد تدخلنا في حوار نقدي مع الآخرين المسلمين وجماعات إسلامية أخري منذ حين؟..(نيويورك تايمز51 فبراير) ثم, وبعد أيام قلائل نطالع في ملحق ديلي نيوز الذي يصدر يوميا مع طبعة هيرالد تريبيون في مصر دراسة تحليلية لكاتبين ينتميان إليالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية, بن يهوده ودانيال كورسكي يقدمان دراسة تحليلية من أعمدة دعم الغرب في الشرق الأوسط. كان العمود الأول, أي التواجد العسكري, يتمثل في احتلال القوات الفرنسية والبريطانية لأجزاء من الإمبراطورية العثمانية, أي أيام معاهدات سايكس بيكو. وقد دعم هذا العمود تنظيم حلف بغداد الذي جمع تركيا والعراق وباكستان منذ عام.4591 إلي أن فتت عبور أكتوبر المجيد, ثم الثورة الإيرانية, ركائز هذا العمود. أما العمود الثاني, وهو الذي جمع بين دول الغرب ودول الخليج في مجال التجارة, فقد تغير عندما بلغت صادرات السعودية إلي الشرق الأقصي من إنتاج البترول الخام75% في مقابل41% فقط إلي الولاياتالمتحدة. اتجهت السعودية إلي سياسة التوجه إلي الشرق. ومن بعدها قطر ودولة الإماراتالمتحدة. وأخيرا وليس آخرا, يخلص الباحثان إلي أن الولاياتالمتحدة لم يعد لها سلسلة من العملاء الثابتين في المنطقة( ملحق هيرالد تريبيون,81 فبراير) إلي أن تقودنا مجلة إيكونوميست الغراء خطوة خطوة في عددها المؤرخ81 فبراير إلي بيت القصيد:إعادة صياغة الدستور تتم الآن تحت نظرة الجيش الحازمة, وهو الآن يتحكم في الأمور من جديد. والحق يقال: فإن رجال الحكم الصارم يبدون أقرب إلي حنق الديمقراطية المصرية من الإسلاميين قال صاحبي:يعني هذا ما يطلقون عليه السيناريو البديل؟ تستمر المظاهرات الشبابية دون أن تتطور الحكومة بما يتفق مع المنشود.. وعندئذ يتم تغيير الاتجاه, بمباركة الغرب... اليس كذلك؟.... المزيد من مقالات د.أنور عبد الملك