دبلوماسية الحضور والتأثير.. كيف أعادت مصر صياغة معادلة الاستقرار العربي في 2025؟    كأس أمم أفريقيا| حسام حسن يعلن تشكيل منتخب مصر ضد جنوب أفريقيا    شقيقه هشم رأسها.. ننفرد بنشر صورة المتهمة بقتل طليقها بشبرا الخيمة    الزراعة: خطط إرشادية لرفع إنتاجية المحاصيل.. والإرشاد زود إنتاجية القمح ل20 أردبا    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    جيش الاحتلال الإسرائيلى يشن غارات عنيفة على قرى ومحافظات جنوب لبنان    مجموعة الفراعنة.. أنجولا وزيمبابوي يتعادلان 1 - 1 فى الشوط الأول    الجيش الأوكراني: أسقطنا 73 مسيرة روسية استهدفت مناطق متفرقة في البلاد    ننشر حصاد وزارة الإسكان خلال أسبوع| فيديو جراف    الفضة تقفز ل 119 جنيها للجرام محليا.. وتلامس أعلى مستوى تاريخي عالميا عند 75 دولارًا للأوقية    مراسل القاهرة الإخبارية: تفجير مسجد الإمام سبب ذعر المصلين أثناء صلاة الجمعة    وكيل الصحة بالإسماعيلية تفاجئ مستشفى الحميات    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    السياحة تنظم قافلة ترويجية كبرى في السوق الصيني ببكين وشنغهاي    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    تركيا: اعتقال مشتبه به ينتمي ل "داعش" كان يخطط لشن هجوم في رأس السنة الجديدة    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    بمشاركة 60 ألف متسابق.. وزير الرياضة يطلق إشارة البدء لماراثون زايد الخيري    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية فى سلاح السيف    غداً.. فصل التيار عن 9 مناطق بمركز بيلا في كفر الشيخ    حبس موظف 4 أيام بتهمة تصنيع الأسلحة والذخائر داخل منزله بقنا    اختل توازنه.. كواليس مصرع طفل سوداني سقط من علو بالطالبية    ضبط 5 طن دقيق مجهول المصدر وتحرير 214 محضر تمويني بالمنوفية    ضبط قضايا إتجار غير مشروع فى العملات الأجنبية بقيمة تتجاوز 3 ملايين جنيه    إطلاق غرفة عمليات لمتابعة مشاركة المرأة في جولة الإعادة بالدوائر ال19 الملغاة    تحسن صحة محمود حميدة وخروجه من المستشفى.. ويستعد لطرح فيلمه الجديد "الملحد" الأربعاء المقبل    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    بعد مغادرته المستشفى، تفاصيل الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    «تكنولوجيا وقيادة وإدارة».. «الري» تؤسس جيلا جديدا لإدارة منظومة المياه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    أسباب انتشار مشاكل الجهاز التنفسي العلوي والسفلي بين الأطفال في الشتاء    الرعاية الصحية تعلن قيد جمعية الخدمات الاجتماعية للعاملين بالهيئة رسميا بوزارة التضامن    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    افتتاح 3 مساجد بعد الإحلال والتجديد بسوهاج    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    هيئة الدواء: هذه الأخطاء الشائعة في استخدام الأدوية تهدد صحتك    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    زامبيا وجزر القمر في مهمة الأهداف المشتركة ب أمم أفريقيا 2025    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    كأس الأمم الأفريقية.. زيمبابوي وأنجولا اليوم من أجل التعويض    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة سقوط الحصن العتيد لمباحث أمن الدولة بمدينة نصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 03 - 2011

وسط مشاعر الغضب‏..‏ ولحظات الرعب والخوف وصيحات الشباب التي يملؤها القوة والعزيمة والاصرار علي إسقاط جميع أدوات ورموز النظام الفاسد السابق‏...‏ اقتحم أكثر من خمسة آلاف شخص جمعوا كل الفئات والأطياف والطوائف المبني المخيف المشهور عنه سوء السمعة المعروف بمقر التعذيب والقهر والبطش والإستبداد والكراهية‏..‏ منهم أكثر أفراد الشعب تم إعتقالهم وتعذيبهم في سجونه وزنازينه وهو مبني جهاز مباحث أمن الدولة بمدينة نصر وذلك بعد فترة حصار للمقر لم تستمر طويلا‏,‏ حيث هاجم المتظاهرون في شكل شبه هجوم بري سلمي أبواب المقر العتيد‏.‏
الكل لحظة الاقتحام رجال‏..‏ شباب‏..‏ فتيات تري في عيونهم بصيص أمل في شروق شمس الحرية من جديد‏..‏ نور غاب عنهم طويلا يحلمون ببزوغ وشروق صباح جديد دون وجود هذا الجهاز وأفراده الذين طالما قمعوا حرياتهم وأهانوا آدميتهم لأقصي درجة وزرع ضباطه وقياداته داخل نفوس المصريين حالات من السخط والثأر معا وأصبح هذا المبني رمزا للكراهية‏.‏
الأهرام كان هناك يرصد تفاصيل ومشاهد ليلة سقوط هذا الرمز وهذا المبني العتيد في أيدي المتظاهرين بعد اقتحام جنباته دون أن يصدهم أو يمنعهم شيء‏,‏ حتي قوات الجيش والشرطة العسكرية لم تصمد أمام بحر الأجساد وأمواج البشر الذين تدافعوا بقوة لاقتحام المبني‏,‏ وحتي عندما نجحوا في الدخول لم يحطموا أي مكتب ويخربوا أي شيء في المبني حيث كان هتافهم داخليا لا للتخريب‏..‏ لا للحريق وأرحل ياظلم مع صيحات قوية كانت بمثابة تحريك دفة دخول المتظاهرين‏.‏
مشاهد من قلب الحدث
المشهد خارج مقر جهاز أمن الدولة كان أكثر هدوءا‏..‏ وبدأت الأعداد تتزايد منذ الساعة الخامسة مساء‏,‏ والغريب أنه لم يتلاحظ لجموع المتظاهرين الذين بدأوا بالعشرات ثم المئات أي فرد من أفراد الأمن المكلفين منذ زمن بعيد بحراسة المبني والذين كانوا يتميزون بإرتدائهم الزي الأخضر الغامق الزيتي‏,‏ أزدادات سخونة ترديد الشعارات ضد الجهاز مع دقات عقارب الساعة التي تشير الي السابعة مساء‏,‏ فأكثر من‏3‏ آلاف شخص كانوا قد تجمعوا ثم زادوا لأكثر من‏5‏ آلاف شخص مع عقارب الساعة الثامنة وكانت قوات الجيش والشرطة العسكرية قد طوقت بالكامل المبني وأبوابه‏,‏ إلا أن لحظات الدخول كانت قد حانت وقد قسم المتظاهرون أنفسهم إلي مجموعات الأولي أمام بوابة رقم‏6‏ أمام نادي الشرطة‏,‏ والبعض الآخر في الشارع الجانبي أمام بوابات‏3‏ و‏4‏ و‏5‏ والتي منهم بدأت شرارة الدخول وإقتحام مباني المقر رغم وقوف قوات الجيش بمدرعاتها وقوات الشرطة العسكرية التي تعاملت مع المتظاهرين بأسلوب هاديء لتهدئتهم ولكنها ومع إصرار المتظاهرين عجزت عن صد موجات البشر الذين تدافعوا كالمجانين جريا داخل المقر الذي حوي حول مبانيه حدائق وزراعات جميلة‏,‏ وبدون أي تخطيط مسبق لهؤلاء المقتحمين توزعوا وانتشروا وتوغلوا في كل شبر داخل الجهاز بصورة سريعة ومتعاقبة‏..‏ المشهد كان في غاية الغرابة‏..‏
الكل يجري في كل مكان‏..‏ عن ماذا يبحثون‏..‏ لا أعلم‏..‏ هل عن أوراق أو مستندات أو عن ضباط وأفراد للفتك بهم‏..‏ أم عن حجرات الملفات‏..‏ أم عن أبناء وأهل لهم كانوا معتقلين أو محبوسين في هذا المقر المخيف‏..‏ لا أعلم؟‏!‏
الحقيقة أن المشهد من الداخل كان طبيعيا وهادئا وترددت أنباء عن قيام الجيش بتسلم المقر في الساعة الرابعة عصرا بعد خروج آخر ضابط من مقر الجهاز‏,‏ أي أن قيادات ومسئولي الجهاز كانوا علي علم بهذا الإقتحام‏..‏ أي أنهم قاموا بنقل كل المستندات والأوراق والملفات المهمةالتي تمس أمن البلاد وسلامتها في مكان خارجي‏.‏ الواضح أن جميع أدوار وغرف ومكاتب المقر كانت شبه فارغة إلا من بعض الأثاث الفاخر وأجهزة التكييف والثلاجات وأجهزة الكمبيوتر المغطاة بأكياس البلاستيك‏!!‏
المهم قامت مجموعات كبيرة من المتظاهرين بالتوجه الي المبني الرئيسي علي يمين المدخل والخاص برئيس وقيادة الجهاز ومكتب وزير الداخلية الثاني هناك بعد المكتب الرئيسي في مبني وزارة الداخلية بلاظوغلي‏,‏ ولعل أهم ما يلفت الأنظار مقدار الفخامة في تأثيث هذا المبني سجاجيد ونجف وتحف وستائر وأجهزة تكييف وصالونات‏..‏ الخ‏.‏
الكل يبحث وينادي علي الآخرين لاعتقادهم أنهم وصلوا الي شيء مهم‏..‏ المشهد في مبني بالجهة المقابلة كانت مجموعات قد دخلت الي المدخل الرئيسي لبوابة‏4‏ وعثروا في مكتب الاستعلامات علي دفاتر حضور وأنصراف الزائرين وكانت فارغة بلا قيمة الا أن ظهورها في أيدي البعض جعل الكل يتسارع لإلتقاطها وأخذها ظنا منهم أنها مستندات أو ملفات أو وثائق سرية مهمة وما لبثوا وأن اكتشفوا أنها بلا قيمة فيعودون مرة أخري للجري والبحث وراء الغرف المغلقة‏,‏ أحيانا نسمع أصواتا تصيح سرداب‏..‏ سرداب فنهرع لنجد بابا حديديا مغلقا علي الأرض عجزوا عن فتحه‏.‏
القلعة الملعونة
ازدادات سخونة المشهد الداخلي والخارجي معا بعد قيام كثيرين ومجموعات كبيرة من المتظاهرين بفتح شبابيك مكاتب الضباط بالأدوار وأخذوا يلوحون بأيديهم تجاه عشرات المئات خارج المبني وهم يصيحون الله أكبر‏..‏ الله أكبر ويدعونهم للدخول تعالوا‏..‏ تعالوا لاقتحام البوابات والتي عززت القوات المسلحة من وجودها عليها‏,‏ وقد أنتشر المتظاهرون في أرجاء المقر مثل انتشار النيران في الهشيم وسيطروا علي كل الأدوار‏.‏
المشهد الرابع داخل المقر كانت فيه قوات الشرطة العسكرية تطوق المتظاهرين لتحجيم توغلهم داخل المقر وتطالبهم بالخروج من المقر واصطفوا بجانب بعضهم البعض بعرض المقر من الداخل إلا أن بعض المتظاهرين من الشباب صاحوا بأن تلك القوات تؤمن مدخل الأدوار الخفية المؤدية الي السراديب والزنازين والسجون تحت الأرض‏..‏ وبالفعل كان ظنهم في محله واقتحموا قوات الشرطة العسكرية وأفلتوا منهم وإنطلقوا جريا بصورة هيستيرية خلف بعضهم وأختفوا عن الأنظار خلف زراعات وأشجار كثيفة حيث عثروا علي الباب الحديدي الذي يؤدي الي الطابقين أسفل الأرض واللذين يعدان بمثابة التاريخ الأسود لهذا الجهاز وشاهدان علي أعمال القمع والتعذيب وسلب الحريات‏.‏
تصاعدت حدة الأحداث بسرعة البرق وعجز رجال القوات المسلحة في منع المقتحمين وهم في طريقهم الي طوابق تحت الأرض‏,‏ بعض قيادات الجيش خاطب المتظاهرين والمقتحمين وأتفق معهم علي أصطحاب مجموعة منهم لمشاهدة ما يريدون مشاهدته والاطمئنان بأنفسهم وبأعيونهم بأنه لا يوجد أي شخص في تلك الزنازين‏,‏ وبالفعل اصطحبت قوات الجيش أعدادا كبيرة منهم ونزلوا بهم الي قاع المجهول‏.‏
زنازين إلكترونية
وطبقا لشهود عيان كثيرة خرجوا يحكون للجميع عما شاهدوه بأسفل علي الطبيعة‏..‏ قصوا لنا لحظات الرعب المخيف والترقب المثير‏,‏ الدور الاول تحت الأرض يقودك إلي ممر ضيق لا يزيد اتساعه عن مترين أو ثلاثة أمتار‏..‏ أضواء في السقف خافته جدا‏,‏ تنتابك حالات الضيق والاثارة عندما تخطو أول خطوة بداخله‏..‏ يمينك ويسارك عبارة عن حجرات زنازين فارغة لا تري سوي أبوابها الحديدية دون وجود أي مفاتيح أو سلاسل حديدية أو أقفال‏,‏ فهي تفتح وتغلق إلكترونيا بواسطة شريحة من الارقام السرية‏.‏
المشهد أصبح مرعبا للجميع مع كل خطوة يخطوها هؤلاء المقتحمون داخل هذا السجن الحقيقي‏,‏ بعد هذا الممر تجد حجرات مغلقة أبوابها خشبية كتب عليها مخازن قام البعض بشجاعة نادرة بكسر أبوابها ليروا ما خلفها‏,‏ معظمها كانت فارغة وأخري كانت تحوي أجهزة كمبيوتر وشاشات قديمة وأثاثا قديما وصناديق كرتونية بداخلها أدوات ومعدات ولمبات كهربائية وخلافه‏.‏
أحد الأبواب الجانبية يقابلك به سلالم حديدية تؤدي إلي دور آخر أسفل الأرض يؤدي إلي ممر وطرقة مؤدية إلي نفس الدور العلوي تماما ولكن الأبواب الحديدية كانت مغلقة لعلو مترين تقريبا يعلوها فتحات تهوية بقضبان حديدية ونهاية الممر يؤدي إلي سلم حديدي أخر للصعود للدور الأول مرة أخري‏.‏
الحقيقة أن المشهد في قلب مقر الجهاز كان يشعرك باللخبطة والتردد‏,‏ الجميع يتحركون بناء علي صيحات من آخرين باكتشاف شيء فيهرولون إليه‏,‏ إحدي هؤلاء المجموعات أخذت تصيح من فوق أسطح أحد المباني فهرولنا بالصعود إليهم لنجد أكواما من الاوراق المفرومة والأوراق الممزقة أظن أن مسئولي الجهاز لم ينجحوا في التخلص منها ولكنها مع الاسف لا تفيد بشيء‏.‏
صيحات أخري تنطلق من الأدوار‏..‏ أفراد ينادون علي أفراد حالة من الهرج والمرج عمت أدوار ومكاتب المقر‏,‏ المشاهد كثيرة ومتعددة‏,‏ البعض كانت تنتابهم لحظات ضيق وشعور بالغضب والسخط فيقومون بقذف ما يجدونه أمامهم علي الارض‏,‏ الكراسي وأدوات المكتب والاعلام وخزن حديدية وثلاجات فارغة وأصيص الزرع وأجهزة كمبيوتر بعضها مكانه والبعض الأخر قذفوه علي الأرض‏.‏
المشهد الأكثر إثارة عندما عثر أحد الشباب المتحمس علي ورقة أو عدة أوراق جموع غفيرة تنطلق إلية يتحسسون محتوياتها‏,‏ وحدثت مشاجرات عديدة بسبب تلك الاوراق التي كان ينتزعها البعض عنوة من بعضهم والتي يظن أنها تحوي أسرارا خطيرة مثل التي أذيعت في الفضائيات والتي تم نشرها وبثها الكترونيا علي شبكة الانترنت وكانت تحوي وتفضح أساليب جهاز مباحث أمن الدولة وتوغله في كثير من قطاعات المجتمع‏.‏
كانت نقطة الالتقاء لجميع المتظاهرين والمقتحمين للمقر وسط مبانيه وأمام المبني الدائري المشيد علي أحدث طراز معماري هندسي‏,‏ الجميع يتبادلون الاحاديث الجانبية‏..‏ كل مجموعة تسأل المجموعة الأخري عما وجدوه وعما وصلوا اليه وما شاهدوه وتبادلوا المواقع والمعلومات وتطرقت أحاديث المقتحمين بنبرة غضب وضيق وتساءلوا عما إذا كان هناك اتفاق سري بمثابة مؤامرة لتخريب مباني أجهزة مباحث امن الدولة في عدة محافظات وإتلاف الوثائق والملفات المهمة‏..‏ أم أنها أوراق جرائد قديمة تم فرمها وتركها للدلالة علي شيء ومن ثم نشر حالة الضعف والعجز لهذا الجهاز المرعب الجبار ومن ثم نشر الفوضي والبلطجية لترويع أمن المواطنين؟‏!!‏
أسئلة كثيرة أو بمعني أدق ألغاز كبيرة لم يتم حتي الآن فك شفراتها أو الوصول لإجابات مقنعة وكان لسان حال الجميع لمصلحة من ما يحدث للبلاد؟‏!‏
عقارب الساعة تشير الي الساعة العاشرة والنصف ليلا وقوات الجيش طلبت من المقتحمين الخروج من المقر وهددت بقطع التيار الكهربائي‏..‏ قائد الشرطة العسكرية طالبهم بالهدوء قائلا لهم إللي إنتوا عايزينه هنعمله بينما قامت قوات إضافية بسد الطريق الداخلي المؤدي الي السراديب والطابقين السفليين وأكتفت بمن دخلوا أول مرة وطلبت منهم شرح ما شاهدوه بأسفل وعدم وجود أي شخص أو سجين أو معتقل داخل تلك الزنازين‏.‏ الأمر الذي أدي إلي أفتراش المئات الأراضي والحدائق وقد ظهرت علي وجوههم علامات الضيق وفقد الامل في العثور علي أي شيء سواء محبوسين أو معتقلين أو حتي أية مستندات أو وثائق تفضح وتدين أفعالهم تجاه الكثير من أفراد الشعب‏.‏
ووسط تلك المشاهد بدأت محاولات القوات المسلحة بإغلاق المداخل بدروع بشرية شارك فيها مجموعات كبيرة من الشباب لمنع دخول باقي المتظاهرين الذين كانوا موجودين خارج مقر الجهاز‏..‏ والمشهد في الخارج لا يختلف حماسه وأعداده عن داخل المقر‏,‏ ولكن اللافت للنظر هذا الهدوء الذي كان مغايرا تماما عن الداخل‏,‏ فأمام مقر جهاز مباحث امن الدولة يقع قسم شرطة‏(‏ مدينة نصر‏2)‏ حيث جلست أمامه قيادات وزارة الداخلية وضباط كبار تحرسهم قوات وعربات الجيش‏,‏ كانوا يتفحصون وجوه الشباب الثائر بكل هدوء‏,‏ توقفت حركة المرور تماما في الشوارع المحيطة بمقر الجهاز وتدخل رجال الشرطة العسكرية لتنظيم المرور وإعادة حركة سير السيارات‏.‏
في الساعة الحادية عشر مساء نظمت القوات المسلحة خروجا منظما للمقتحمين من باب واحد فقط وهو باب رقم‏3‏ بعد أن أغلقت وسدت جميع الابواب الاخري بالمدرعات وقامت قوات الجيش بتفتيش المتظاهرين تفتيشا بسيطا خشية سرقة بعض الممتلكات العامة من تلك المباني‏,‏ وتكررت مشاهد أخري لفتيات وشباب أخذوا في التقاط الصور التذكارية أمام بوابات الجهاز من الداخل وبجانب الحدائق وفي بهو الاستقبال وفي الأدوار وعلي مكاتب الضباط كوثائق تاريخية لهم علي مشاركتهم لحظات سقوط مقر هذا الجهاز الذي كان جبارا ذات يوم
الجيش يعثر علي ملفات
وقبل خروجنا شاهدنا القوات المسلحة تسمح بعبور سيارات أعضاء النيابة العامة التي أنتقلت مساء أمس الاول لمباشرة عملها وتحقيقاتها في عملية الاقتحام‏..‏ قائد الجيش أكد للجموع المحتشدة داخل المقر أن الجيش عثر علي الكثير من الأوراق والملفات تم تسليمها إلي النيابة لفحصها‏,‏ مشيرا لهم بأنهم موجودون عشان خاطرهم وطلب منهم مساعدة الجيش في إنهاء حالة الاقتحام وتسليم المقر للنيابة العامة لمعاينته‏.‏
قرار سيادي لتغيير اسم جهاز أمن الدولة
‏‏ علم الاهرام أنه من المنتظر أن يتم إصدار قرار سيادي من المجلس الاعلي للقوات المسلحة بإعادة هيكلة أختصاصات جهاز مباحث أمن الدولة ليختص بشئون مكافحة الارهاب دوليا ودرء مخاطره عن البلاد‏,‏ كما علم مندوب الاهرام أن هناك إتجاها قويا بإعادة تسمية اسم جهاز مباحث أمن الدولة من جديد وإسناد مهامه إلي إحدي الجهات المعلوماتية المخابراتية المعروفة مثل ال‏FBI‏ بأمريكا ووحدات‏A2‏ و‏A3‏ بأسكوتلانديارد الانجليزي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.