ومنذ لأن مصر ظلت علي مدي أكثر من ستين عاما هي الراعي والداعم الرئيسي للقضية الفلسطينية.. أصبحت بالتالي هي القبلة التي يتجه إليها كل المسئولين الدوليين والإقليميين ممن يريدون الكشف عن حقيقة الصراع, وحقيقة المعاناة التي يتكبدها أهل وسكان فلسطين وسكان قطاع غزة. أيام قليلة زار القاهرة السيد جون جينج مدير عمليات وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا لمقابلة السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية واطلاعه علي مدي التدهور الذي تشهده القطاعات المختلفة في قطاع غزة نتيجة الممارسات الإسرائيلية. وفي حوار خاص مع الأهرام أكد مدير عمليات وكالة الأونروا أهمية الدور الذي تقوم به مصر والرئيس مبارك باعتباره الدور الفاعل والحقيقي الوحيد لدعم سكان غزة... وفيما يلي نص الحوار: * ما هو الهدف من زيارتك لمصر؟ * الهدف كان اللقاء مع السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية حيث قدمت له جزيل الشكر علي ما تبذله مصر والرئيس مبارك من جهود لإغاثة ومساعدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.. وأكدت له أن الدور الذي تقوم به الحكومة المصرية مهم جدا لأنه الدور الفاعل والحقيقي الوحيد لدعم سكان القطاع, وهو الأمر الذي أردت أن أوضحه للمجتمع الدولي وألفت أنظارهم إلي من يفعل ماذا... فعلي مدي أربع سنوات هي فترة عملي في قطاع غزة, كانت مصر هي الأكثر مساعدة والأكثر اخلاصا خاصة في عمليات إعادة الإعمار. قمت أيضا بإطلاع وزير الخارجية علي مدي التدهور. * كيف تقيم الوضع حاليا علي الأرض في غزة؟ * الوضع خطير للغاية نتيجة للحصار الشامل الذي تفرضه اسرائيل علي القطاع ونتيجة للحرب التي شنتها إسرائيل علي غزة منذ عام وما تبعها من تدمير لكل شيء علي الأرض وتسبب في معاناة شعب بأكمله وشعوره بالغضب وخيبة الأمل نتيجة فقدان الاستقرار والأمان, وما يجعلني أشعر شخصيا بالقلق إزاء هذا الوضع هو الأطفال ونشأتهم في هذه البيئة, وأتساءل ماذا سيكون مصير هؤلاء وما هي نوعية البشر التي سيكونون عليها في المستقبل وعندما يكبرون, في الأونروا نضع تنمية الأطفال في مقدمة مسئولياتنا من خلال تعليمهم ومساعدتهم علي الاستمرار في الحصول علي القيم والسلوكيات والجوانب والأفكار الإيجابية لدي هؤلاء الصغار ومحاولة إعادة بنائها علي الرغم من سير الأحداث بشكل سييء وهو ليس بالأمر الهين كما يتصوره البعض. هناك أيضا تحد آخر يتمثل في إعادة إعمار قطاع غزة وخطورة الوضع الإنساني والأزمة التي يمر بها القطاع نتيجة عدم وجود وسيلة لسكان القطاع لكي يحيوا, وهنا أود أن أشير مرة أخري الي أنه مرورا بكل تلك الأحداث ظلت مصر هي الداعم القوي والصلب لنا في الأونروا بمساعدتها لنا في إيجاد حلول للمشكلات الصعبة والمعقدة جدا, ومن أجل المضي في عملنا وفي مهمتنا في قطاع غزة في جميع الأحوال. * وماذا عن دور المجتمع الدولي إزاء معاناة الشعب الفلسطيني ولماذا يكتفون بالفرجة فقط؟ * علي المجتمع الدولي أن يعي أن السبب في حصار قطاع غزة هو إسرائيل التي يقع القطاع تحت وطأة احتلالها وأن إسرائيل هي التي تحاصر القطاع وليست مصر.. وأن جميع المعابر تقع تحت تصرفها وأن المعبر الوحيد الذي تتحكم فيه مصر مخصص لعبور الأفراد, إذا مسئولية قلة وصول المساعدات الي أهالي القطاع تقع علي عاتق إسرائيل, وللأسف المجتمع الدولي فشل في تغيير هذا الوضع علي الرغم من أنه تقع علي عاتقه المسئولية من خلال القانون الدولي الذي يمنع هذه الإجراءات والممارسات الإسرائيلية, وهو ما تنص عليه لائحة جنيف, فعلي المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته ويكون أكثر تأثيرا لأن هناك أكثر من مليون ونصف المليون مواطن في قطاع غزة يعولون علي احترام بنود القانون الدولي, وعلي أن يقوم بحمايتهم وحماية حقهم في الحياة وينتظرون أن يتحرك ليس فقط بالكلمات أو بالتعاطف ولكن بتحرك سياسي حقيقي لكسر الحصار الإسرائيلي عنهم وإعطاء هؤلاء الأبرياء الفرصة في العيش, ليس فقط من أجل تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولكن من أجل المجتمع الدولي. * صف لنا الفرق بين الوضع في قطاع غزة حاليا والوضع منذ عام عقب الحرب؟ * الوضع علي الأرض ومنذ انتهاء الحرب من سييء الي أسوأ.. في نهاية الحرب كانت لدينا كارثة إنسانية كبيرة, نقص في كل شيء وتدمير لكل شيء بما في ذلك مساكن الناس الأبرياء, بالإضافة الي استمرار الحصار الإسرائيلي للقطاع, وهو ما منع وصول المساعدات لإعادة البناء, واستمر الوضع علي ما هو عليه ولكن مع زيادة مستمرة في معاناة السكان وكل يوم يصبح الوضع أكثر صعوبة, ولهذا كان من الملح والضروري ايجاد وسائل سريعة لمساعدة هؤلاء الأبرياء, ومنذ عام تقريبا عقد في مدينة شرم الشيخ مؤتمر مهم جدا تم خلاله تقديم مليارات الدولارات من جانب الدول, من أجل المساعدة في إعادة إعمار غزة وكان هذا بمثابة مبعث أمل كبير لكنه لم يتحقق نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومنعها دخول أي مواد للبناء الي القطاع. * هل هذا هو المبلغ الوحيد الذي لديكم أم هناك مبالغ أخري لأغراض أخري؟ * نعم لدينا مبلغ كبير مخصص للتعليم مقدم من مانحين من دول عربية, ونأمل في تدفق المزيد من المساعدات لأنه لدينا المزيد من الأطفال في حاجة الي بناء مدارس والمزيد من المرضي في حاجة الي عيادات ومستشفيات والمزيد من الحاجة الي الأغذية كل يوم. * كيف تري دور مصر ومشاركتها في مساعدة الفلسطينيين من واقع عملك كمدير لعمليات الأونروا في غزة؟ * الدور المصري مهم جدا وإيجابي جدا, وبالتأكيد مصر كان لها دور كبير في إعادة إعمار غزة, كما لعبت دورا حساسا مع عناصر أخري أثرت بشكل مباشر علي المحادثات حول القطاع وذلك لتفهم مصر الجيد جدا للموقف الفلسطيني وللوضع كله. وأدعو المجتمع الدولي الي سماع ما تقوله مصر والأخذ به لأن جزءا من مشكلة المجتمع الدولي هو عدم الفهم الكامل لقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي نتيجة للمعلومات الخاطئة التي يتحصل عليها من أطراف مختلفة لأسباب مختلفة مما يجعلهم مشوشين, فعلي أعضاء المجتمع الدولي أن يحتكموا الي أهل الخبرة والثقة, وأقول لهم اذا كان لديكم أي شكوك فيما نقوله لكم تعالوا وشاهدوا بأنفسكم واستمعوا الي هؤلاء الذين يعرفون جيدا فلا يوجد أحد علي المستوي الدولي أو المستوي الإقليمي يعلم أحسن من مصر بكل ما يدور في قطاع غزة واحتياجاته والمبادرات التي من شأنها أن تساعده بشكل عملي في تخطي أزمته. * كيف تري تعنت حركة حماس في تحقيق المصالحة الوطنية وما مدي تأثير ذلك علي الوضع في قطاع غزة؟ * المشكلات والانقسام السياسي داخل المجتمع الفلسطيني لابد أن يحل من خلال الفلسطينيين أنفسهم, وهذه هي مسئوليتهم الأولي في الوقت الحالي, فليحتكموا الي العقل, نأمل في أن يضعوا الماضي وراء ظهورهم ويطووا صفحته ويركزوا علي الأمل الفلسطيني في انقاذ الوضع الحالي, وإعادة بناء الوطن والبحث عن الحقوق التي ضاعت وتم تجاهلها.