عاجل- ترامب: "سأزور إسرائيل ثم مصر لتوقيع اتفاق غزة التاريخي"    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    السرنجاوي: هناك قبول لفكرة التجديد بين الأعضاء في نادي الزهور    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    حروق من الدرجة الثانية ل "سيدة وطفلها " إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزلها ببلقاس في الدقهلية    العفو بعد الموت يعيد الحياة الرمزية للجنرال مامان جيا فاتسا.. فمن هو؟    أبطال مصر يحققون 13 ميدالية بمنافسات الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    العراق: سنوقع قريبًا في بغداد مسودة الاتفاق الإطاري مع تركيا لإدارة المياه    انفجار بمصنع ذخيرة بولاية تينيسى الأمريكية.. قتلى ومفقودون فى الحادث    ترامب: سنفرض رسومًا 100% على الصين إلى جانب القائمة حاليًا    بعد اتفاق شرم الشيخ.. يسرا: الرئيس السيسي أوفى تمامًا بوعوده لنا وثقتي كانت في محلها    أسعار الخضروات فى أسيوط اليوم السبت 11102025    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 11102025    رسميا.. استبعاد صلاح وثنائي الوسط من معسكر منتخب مصر    جراديشار يشارك في تعادل سلوفينيا وكوسوفو بتصفيات المونديال    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    بعد التأهل للمونديال.. مفاجآت كبيرة في احتفالية تاريخية لتكريم الفراعنة    خروج حمدي فتحي ومروان عطية من قائمة منتخب مصر أمام غينيا بيساو    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق شونة بصل بقها    تليجراف عن مصدر: فلسطينيون من غزة والشتات سيتولون إدارة الخدمات العامة بغزة    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    محمد سامي يهدي مي عمر سيارة رولز رويس فاخرة في عيد ميلادها    وزير المالية بالجامعة الأمريكية: إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي قريبًا    سامح الصريطي: مصر استعادت مكانتها بدبلوماسيتها وحكمتها في تحقيق اتفاق شرم الشيخ    رابطة تجار السيارات تكشف أسباب تراجع سوق المستعمل ومفاجأة بشأن الفترة المقبلة    رياح واضطراب ملاحة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا السبت    رئيس جامعة حلوان: الوعي هو خط الدفاع الأول لحماية الهوية الوطنية    مروان العمراوي: أجواء بطولة العالم للسباحة بالزعانف في العلمين رائعة    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    محمد قناوى يكتب : مهرجان الجونة.. من البريق إلى التأثير    محمد سامي يهدي مي عمر «رولز رويس» بمناسبة عيد ميلادها | صور    كاميرا القاهرة الإخبارية توثق فرحة عودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة    نضال الشافعى بعد اتفاق شرم الشيخ ووقف الحرب: مصر استعادت غزة بالحكمة والقيادة الرشيدة    كيفية علاج انخفاض ضغط الدم المفاجئ بالمنزل    شرب سوهاج تصدر فيلما قصيرا لتعريف ذوى الاحتياجات الخاصة بقضايا المياه    أخبار مصر اليوم.. وزير الصحة يتابع تنفيذ 28 مشروعًا صحيًا في 12 محافظة.. البيئة: مصر تتبنى رؤية متقدمة لإدارة مواردها الطبيعية    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء بهدف الربح    سباق الانتخابات.. 183 مرشحًا أجروا الفحوصات الطبية بالمنيا    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    حسام موافي: الكلى تعمل بضغط الدم فقط.. وانخفاضه المفاجئ يسبب الكارثة    جاهزون للتعامل مع أي تطورات في الإصابات.. مستشار الرئيس للصحة: لا داعي للقلق من متحور كورونا الجديد    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    ضبط 6 طن أعلاف مجهولة المصدر بالمنوفية    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية ورسائل نصر أكتوبر تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد أبو بكر الصديق بالإسماعيلية (بث مباشر)    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعاون المائي ومتطلبات تغيير الحسابات المصرية

جاء توقيع بوروندي علي الاتفاق الاطاري بشأن إعادة تنظيم ادراة مياه النيل في الثامن والعشرين من فبراير الماضي‏,‏ في أجواء تشهد فيها مصر عملية إعادة ترتيب البيت من الداخل‏,‏ ولتدق المزيد من أجراس الإنذار حول قضية الأمن المائي المصري ومستقبل التنمية‏.‏ ومرد الإنذار أن بوروندي بتوقيعها علي الاتفاق الاطاري. الذي ترفضه مصر‏,‏ أصبح من الممكن دخوله حيز التنفيذ بعد تصديق برلمانات الدول الست الموقعة عليه‏.‏
وهنا يجب الإشارة‏,‏ الي مجموعة من المستجدات التي فرضت نفسها علي معادلة التفاوض المصرية والتي ستفرض بدورها مزيدا من التحديات في المستقبل القريب جدا‏,‏ وتتطلب تغيير الكثير من الأدوات والحسابات التي استندت إليها معادلة التفاوض المصرية منذ انطلاق مبادرة دول حوض النيل قبل ما يزيد عن عشر سنوات‏.‏
التحدي الاول‏,‏ يرتبط بعدم قدرة المفاوض المصري علي استمرار تحييد الموقف البوروندي الذي لم يسع للتوقيع علي الاتفاق الاطاري في حينه‏(‏ مايو‏2010),‏ وهو ما يعني أن منهاج التفاوض المصري يتطلب التغيير باتجاه مزيد من الموازنة بين متطلبات التعاون وتعزيز فرص الاستقرار في منطقة حوض النيل‏,‏ وبين إعلاء تكلفة الإضرار بالمصالح المصرية وتجاوز رؤيتها الي الحد الذي يفرض علي هذه الدول اعادة النظر في جملة السياسات التي تضر بالمصالح المصرية‏.‏
التحدي الثاني‏,‏ فيرتبط بمضمون الاتفاق الاطاري الذي وقع من قبل‏5‏ دول من دول المنبع‏(‏ إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا وكينيا لاحقا‏)14‏ مايو‏2010‏ كمحاولة لفرض أمر واقع علي مصر والسودان ووضع إطار حاكم للتفاوض وتحديده بفترة زمنية تمتد الي عام من تاريخ التوقيع لانضمام اي دول للاتفاق‏,‏ من هنا تأتي أهمية الوقوف علي خطورة خطوة بوروندي باقدامها علي التوقيع علي الاتفاق الاطاري‏,‏ فمصر امام متغير يلعب في الوقت عاملا حاسما‏,‏ فمن ناحية يبقي من الزمن نحو شهرين علي المهلة المتبقية للانضمام للاتفاق‏,‏ ومن ناحية ثانية هناك سنة هي الفترة الباقية في عمر مبادرة دول الحوض‏,‏ وبالتالي تبقي نقطة التحول الاكبر في مسار التعاون المائي الجماعي مرتهنة بالقدرة علي تحجيم تداعيات هذا الاتفاق الاطاري‏,‏ وعدم تحوله لصيغة واطار مستقبلي للتعاون وبديلا لمبادرة دول الحوض وهو ما تدفع إليه بعض دول المنابع‏.‏
التحدي الثالث‏,‏ فيتعلق بالقدرة علي استمرار تماسك الاطراف غير الموقع علي الاتفاق الاطاري‏,‏ وفي مقدمتها‏,‏ الكونغو الديمقراطي‏,‏ ودولتا السودان‏,‏ ومصر بطبيعة الحال اريتريا عضو مراقب فقط فمصالح ودوافع عدم التوقيع تتباين‏,‏ وبالتالي لا يمكن الاستناد علي استمرار هذا التباين في ظل تغير العديد من التوجهات الاستراتيجية والاقليمية التي تشهدها منطقة حوض النيل‏.‏
التحدي الرابع‏,‏ فيستند الي ماأفرزته جولات التفاوض من واقع يبدو ظاهريا أن الرؤية المصرية والتي تتضامن معها السودان‏(‏ دولة الشمال فقط‏)‏ من ناحية‏,‏ وتتفهمها الكونغو لحسابات تتعلق بسياسياتها وطموحاها في منطقة الحوض وعدم اعتمادها علي مياة النيل من ناحية ثانية‏,‏ ولا تتفاعل معها دول جنوب السودان مؤقتا من ناحية ثالثة‏,‏ تتطلب الخروح من مأزق تعثر المفاوضات وتجاوز القضايا الخلافية الثلاثية‏(‏ عدم الاتفاق علي مفهوم الأمن المائي‏,‏ وتحديد الموقف من عملية الإخطار المسبق للمشروعات‏,‏ وطريقة التصويت‏)‏ وتتطلب أيضا إبراز العلاقات التشابكية بين مخاطر عدم الاستقرار وتحقيق الامن المائي وعلاقاتهما بالتنمية وتحقيق الامن الانساني وجذب الاستثمارات‏,‏ بعبارة اخري لابد ان يتسع اطار التفاوض بالقدر الذي لا يقتصر علي التعاون الفني وما يرتبط به من اطر ومجالات للتعاون فقط‏,‏ ولكن يجب أن تتعدد مسارات التفاوض بين دول الحوض في اطار صيغة جديدة تتكامل فيها المسارات السياسية والاقتصادية والفنية‏.‏
التحدي الخامس‏,‏ فيرتبط بعدم توافر إرادة جماعية لإنجاز اتفاقية لتنظيم وتنمية مياه النيل بين دول الحوض‏,‏ والحرص علي تغليب النمط الأحادي للتنمية‏,‏ وهنا تأتي اهمية التحرك المصري تجاه الدول المانحة والراعية لمبادرة دول النيل للتأكيد علي اهمية الاستقرار كمدخل لتعزيز التعاون الجماعي‏,‏ والتأكيد أيضا علي ان تجاوز الرؤية المصرية وحقوقها التاريخية والمكتسبة في مياة النيل سوف يلقي بظلال كثيفة من التداعيات السلبية علي مشروعات التعاون التي تضر بحقوق مصر‏.‏
التحدي السادس‏,‏ يتمثل فيما يطرح الاتفاق الاطاري من تجاوز لحقيقة اساسية مفادها رغم العديد من دول المنابع في تأسيس قواعد جديدة لادارة التعاون المائي في حوض النيل‏,‏ وهو ما يخالف خبرة التعاون الجماعي حيث ظل مطلب التعاون وتأسيس إطار قانوني ومؤسسي جماعي هدفا ومسئولية مصرية خالصة‏,‏ وهو ما تجلي في التجارب السابقة‏(‏ مشروع الدراسات الهيدرومترولوجية‏,‏ تجمع الأندوجو‏,‏ تجمع التيكونيل‏,‏ مبادرة حوض النيل‏).‏ ويكمن دافع التغيير الذي عبرت عنه الدول الموقعة علي الاتفاق الاطاري في تفاعل وتراكم مجموعة من العوامل التاريخية مثل الميراث التاريخي والحساسيات السياسية وعوامل استراتيجية تتعلق بالاستقرار في منطقة الحوض والبحيرات العظمي والتنافس الدولي وعوامل داخلية تتعلق بضعف الامكانيات والموارد والخبرات‏,‏ هذه العوامل في مجموعها أفرزت بيئة وواقعا غير محفز للتوصل لاتفاق نهائي للتعاون المائي بين دول الحوض‏,‏ حيث اعلت من قيمة الاعتبارات السياسية علي عدها من اعتبارات‏,‏ لاسيما علي المستوي الداخلي في غالبية دول الحوض بعدما اصبح الخلاف مع مصر في قضية مياه النيل موضع مزايدة سياسية ومطلبا لقوي سياسية تري مصالحها السياسية والتنموية بعيدا عن المصالح والرؤي المصرية‏.‏
التحدي السابع‏,‏ يستند الي مجموعة النتائج التي أفرزتها عملية تكالب الشركات الدولية والدول لشراء الاراضي في مناطق بعينها في دول الحوض لزراعتها والاستفادة منها في انتاج الطاقة الحيوية‏,‏ وهو متغير سوف يلقي بالكثير من الظلال علي المدي البعيد وربما المتوسط علي التقسيم الطبيعي للحوض‏,‏ والذي بدا انه استقر عند مقولة ان طبوغرافية النهر قد أعطت المطر والزراعة للمصب والرعي والكهرباء للمنابع‏.‏ فرغم صحة هذه المقولة كما توضحه النسبة الضعيفة جدا لاعتماد دول الحوض باستثناء مصر‏95%‏ والسودان‏15%‏ علي مياة النهر كاساس للحياة‏,‏ الا ان محاولات بعض دول المنبع تطوير نظم الري والزراعة بها‏,‏ ودخول الشركات الدولية قد اعلي من طموح هذه الدول في امتلاك الكهرباء والمياه معا حتي ولوكان علي حساب مصر وحقوقها‏.‏
التحدي الثامن‏,‏ يتعلق بما فرضه استقلال جنوب السودان من تحديات وإشكاليات تتجاوز ملف التعاون المائي الي ملفات وقضايا أكثر تعقيدا ليس هنا محل مناقشتها الان تفرض وضع علاقة المياه بالتنمية في الدولة الجديدة علي قمة أولوية التعاون المصري معها‏,‏ كما أن تعميق التعاون مع دولتي السودان‏,‏ يعطي رسالة غاية في الأهمية لباقي دول الحوض وخاصة اثيوبيا‏,‏ مفادها أن ثمار الوجود المصري والتعاون معها أكثر فائدة واقل تكلفة من عدم التعاون‏,‏ كما انه يؤكد الوجود المادي لمصر في عمقها الاستراتيجي‏.‏
الدلالات السابقة وما تشير إليه من نتائج تعني تزايد المخاطر المحيطة بالمصالح المصرية في الدائرة النيلية أو في عمقها الاستراتيجي‏,‏ فالتحليل الاعمق لمنظومة التفاعلات والتحالفات في منطقة حوض النيل والبحيرات العظمي‏,‏ لايمكن نزعه عن السياق المحيط بملف التعاون المائي‏,‏ وهو مايعني بدوره حتمية وضع ملف المياه في سياق أوسع للسياسة المصرية تجاه افريقيا بشكل عام ومنطقة الحوض بشكل خاص‏,‏ وربط المصالح المصرية في الدائرة النيلية بآلية وتحركات علي المستوي الدولي يكون من شأنها‏,‏ التأكيد علي أن تحقيق مصالح هذه الدول والقوي الموجودة في دول الحوض لن يكون علي حساب المصالح المصرية الاستراتيجية وفي مقدمتها مياه النيل‏.‏
فبنظرة سريعة لخريطة القوي والدول المتنافسة في حوض النيل‏,‏ نجد أن الأوراق المتعددة والمتشابكة التي تمتلكها مصر وتلك التي يمكن ان تفعلها يمكن ان تؤثر بقوي في مصالح هذه الدول‏,‏ ولكن الامر في المقابل يتطلب من مصر بناء استراتيجية تتكامل فيها أدوات السياسة المصرية‏,‏ مع إعطاء دفعة اكبر لدور القوة الناعمة لمصر ومنظمات المجتمع المدني‏,‏ كما يتطلب إعادة ترتيب أولويات التحرك المصري بحيث تستعيد افريقيا الحيز الذي تستحقه من الاهتمام المصري‏,‏ كذلك يتطلب التأكيد علي الهوية الافريقية لمصر وما يفرضه ذلك من تغيير في عملية صنع السياسة الخارجية المصرية‏.‏
المزيد من مقالات أيمن السيد عبد الوهاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.