بعد ثورة 25يناير التي وصفها الجميع شرقا وغربا بأنها أعظم ثورة في التاريخ الانساني, أصبح الحديث في الأسرة المصرية يدور حول السياسة والدستور والحكومة الائتلافية ودور المجلس العسكري. والفرق بين التنحي والتخلي عن السلطة والالتفاف حول الثورة وغيرها من المسميات التي تتردد بكثرة والأبناء يتساءلون عن معناها, ولذلك يجب أن تكون اجابات الآباء واضحة ومبسطة ومعمقة للحوار والمناقشة. وعن تفسير مصطلحات الثورة تجيب الدكتورة سلوي شعراوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قائلة: - اعتبرت ثورة الشعب في52 يناير بيضاء لأنها كانت سلمية بلا سلاح وأهدافها نبيلة كالعدل والمساواة وتطهير البلاد من رموز النظام البائد ونشر الديمقراطية وحياة كريمة لكل الشعب وإلغاء قوانين سيئة السمعة كالطواريء.. ومن أجل تحقيق ذلك كان لابد من دستور جديد يعبر عن المباديء الأساسية للثورة.. والدستور المثالي هو ما تتوافر فيه مواد أساسية تحقق غاية المجتمع الحر في تنظيم حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشرط عدم تناقض البنود مع بعضها البعض بل يجب إصدار دستور يعمل علي إحداث التوازن المرجو بين سلطات الدولة المختلفة أي بين السلطة التنفيذية الممثلة في الرئيس والحكومة والتشريعية الممثلة في المجالس النيابية او البرلمان والسلطة القضائية. وبسؤالها كيف تدار المرحلة الانتقالية مع عدم وجود احزاب سياسية مكتملة ؟ اجابت يمكن أن يدير البلاد نظام سياسي يتكون من مجلس رئاسي مشهود بنزاهته وحكومة من العلماء كل في مجاله مع تشكيل هيئة شعبية تتولي مراقبة رموز الدولة حتي تتاح للاحزاب فرصة ترتيب أوراقها وتتهيأ البلاد لانتخابات تشريعية ورئاسية بدون أي ضغوط مدركين أن ادارة المرحلة الانتقالية غاية في الأهمية وتسمي حكومة تكنوقراطية وسمتها التوافق الوطني.. والمقصود بالحكومة المدنية هو اقامة جمهورية برلمانية لا دينية ولاعسكرية ويكون الرئيس فيها رمزا للدولة ومجلس الوزراء يتشكل بانتخابات نيابية حرة وتتم مساءلة الوزراء عن طريق مجلس نيابي واحد هو مجلس الشعب. تعرف الحكومة الائتلافية بمجموعة تجمع شخصيات من احزاب متعددة او شخصيات عامة يرضي عنها الشعب وعادة ما يختار الشعب ادارة المجلس الأعلي للقوات المسلحة غير الطامع في السلطة لقناعته التامة بأن القوات المسلحة درع للشعب وحماية وأمان له. وأوضحت الدكتورة سلوي أن لافرق بين تنحي الرئيس او التخلي عن سلطاته لأن دوره ينتهي بشرعية الثورة. وحول الالتفاف علي الثورة أشارت الي أن أي ثورة تقابلها ثورة مضادة لها فاذا سقط نظام فاسد صاحبه خروج جماعات من المستفيدين منه المدافعين عنه هذه الجماعات تكون مدفوعة بمصالحها وولائها للنظام البائد ولكنها تركب موجة التطهير والمطالبة بالتخلص من رموز العهد السابق وتدفع بشخصيات تسعي لتحقيق عكس الأهداف لاجهاض الثورة. عن محاولة احداث فتنة سواء طائفية او بين الشعب والجيش أكدت أن التاريخ السياسي سيسجل أن المسلمين والأقباط كانوا في الثورة كتفا بكتف لأنهم مصريون وأن محاولة الوقيعة بين الجيش والشعب تستلزم توخي الحذر وعدم استخدام الاحتجاجات وسيلة للضغط حيث يسهل اندساس عناصر مخربة فيها بهدف احداث وقيعة.. وطالبت الشباب بالحث علي ادارة عجلة التنمية والعمل بجوار عملهم السياسي الذي أثمر ثورة52 يناير. أما عن التحول الايجابي للأسرة المصرية بعد الثورة فيشرح اسبابه ودلالته الدكتور كامل عبد الحميد أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة موضحا أن الثورة تعتبر نقطة تحول في التاريخ الانساني هي حقيقة لأنها اخرجت كل الطاقات الايجابية الفاعلة في كل الأفراد الذين لم يمارسوا يوما السياسة ولاحتي محاولة ابداء الرأي بحرية داخل البيت او المدرسة وفي لحظة فارقة انبعثت المكونات الداخلية بتطهير النفس من ركودها فكانت اللجان الشعبية تضم الأطفال والكبار والشباب بلا خوف او رهبة واستنهضت النفوس فكرة المصلحة العليا والأهم حماية الوطن بدءا من الأسرة والمجتمع المحيط بها وتحطم حائط فصل بين الأجيال طويلا. وأشار الي أن في الميدان كانت لحظة وحدت المزاج العام بتقبل الثورة والحماس فلم يكن هناك مكان لتحرش ولا كلمة نابية بل تلاحم أخوي صادق من أجل هدف نبيل فتدفقت الدماء بالرغبة في تحطيم أي رمز للفساد بل ظهر علي الوجوه اشراقة الانتصار وطهرت كل الأمراض النفسية كالقهر والدونية والانانية وبحق فقد أيقظت الثورة الجميع فلن يقبل أحد من الأسرة السكوت علي ظلم او نهب او إهمال, هذا التحول الايجابي نلمسه في الشوارع التي ينظفها الأطفال والنساء واختفاء عبارات مثل أنت متعرفشي أنا مين, فلا فروق بعد اليوم وأهم ايجابيات الأسرة التي اكتسبتها بعد الثورة هو عدم التفرقة بين الأديان فكلنا مصريون وهي ايجابية حاربنا من أجل ترسيخها في نفوس الأبناء ونجحت الثورة في بثها في ابنائها, كذلك تعلم أولادنا عدم مجاملة أحد مهما يكن علي حساب المصلحة العامة.. لذلك تحولت حوارات الأسرة من الأمور الهامشية الي الحديث عن السياسة والاحزاب والرئيس المرتقب والدستور الذي يطمح اليه الشعب في ظل الشرعية الثورية.