لو أن حي وسط القاهرة, تعامل مع مشكلة العقار رقم(7) بشارع علي باشا إبراهيم بالدرب الأحمر, بقدر من المرونة, وبروح القانون, من منطلق الحرص علي حياة السكان, لما استمر صراع الملاك مع الحي طوال هذه السنوات. ولما لجأ الورثة للشكوي إلي كل هذه الجهات الرسمية, ولما تحول الأمر إلي مباراة يريد كل طرف فيها الانتصار علي الطرف الآخر!! في عام1992, صدر قرار حي وسط القاهرة بتنكيس العقار رقم7 شارع علي باشا إبراهيم بالدرب الأحمر, وردم البدروم, وتجاهل قرار الحي عمل الدعامات اللازمة للأساس, والأعمدة, والكمرات, بسبب الصدأ الشديد الذي أصاب حديد التسليح, كما خلا القرار من إزالة الأسباب التي أدت إلي تدهور حالة الأساسات, والخرسانة, وحديد التسليح. ومنذ ذلك التاريخ- كما يقول شريف عبد المنعم محمود- وهو أحد الورثة- تتم مراجعة حي وسط باستمرار لتعديل قرار التنكيس ليشمل إجراء الإصلاحات اللازمة ككل حفاظا علي الأرواح والممتلكات, لكن لا مجيب! ومنذ18 عاما, وطيلة هذه السنوات, لم ينفد صبر ملاك العقار الذين يشغلون16 شقة من إجمالي شقق العقار, وعددها75 شقة, فتقدموا بشكاوي إلي العديد من الجهات الرسمية, منها مجلس الوزراء, ومجلس الشوري كما تقدم الورثة ببلاغات إلي المستشار الجليل عبد المجيد محمود النائب العام, والدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة, وحي وسط القاهرة, وحرروا محضرا بقسم شرطة الدرب الأحمر, ولاتزال مشكلة العقار قائمة! أما حي وسط القاهرة- كما يقول شريف عبد المنعم- فقد قرر تشكيل لجنة من مهندسي الحي, والمرافق, واتفقت مع المهندس الاستشاري للحضور, لكني فوجئت باللجنة تلتقي مع أحد الملاك, وطلبوا حضوري إلي مقر الحي, وهناك أبلغوني بأن الحي ما هو إلا جهة إدارية لا تستطيع تغيير قرار التنكيس, وأنه يمكن تنفيذ توصيات المكتب الاستشاري لكن علي مسئولية المكتب, في محاولة من الحي لإخلاء مسئوليته المدنية والجنائية عما قد يحدث للعقار. ومع تصاعد موقف الحي الرافض لأي حلول, لجأنا إلي مكتب الاستشاري الدكتور السيد حسين حزين, المدرس بكلية الهندسة جامعة القاهرة لإعداد تقرير عن العقار, والحلول الهندسية اللازمة لإنقاذ العقار من الانهيار, فضلا عن تنفيذ قرار الحي.. تري: ماذا كانت توصيات المكتب الاستشاري؟ جاء في تقرير الاستشاري الدكتور السيد محمد حزين, أن العقار المذكور يتكون من بدروم غير مستغل, وأرضي ومحلات, وثمانية أدوار علوية, وغرف سطح, كما أن المبني تم إنشاؤه بالنظام الهيكلي:( أعمدة, وأسقف من الخرسانة المسلحة), وأنه أثناء معاينة العقار تبين أن البدروم غير مستغل, وبه طبقات ردم, ومياه برغم تحويل مياه الصرف إلي غرف التفتيش الخارجية مباشرة, كما أنه بالرغم من إزالة المياه باستمرار باستخدام طلمبات رفع, إلا أن المياه تتدفق داخل البدروم بصفة مستمرة, كما تلاحظ خلال المعاينة وجود شروخ رأسية في كثير من الأعمدة, وتساقط الغطاء الخرساني لها, إلي جانب ظهور صلب التسليح في حالة صدأ شديد, كما تلاحظ وجود شروخ طولية بكمرات البدروم, وتآكل في بعض حديد التسليح, وتساقط الغطاء الخرساني لكثير من أسقف البدروم, وتآكل في حديد تسليح تلك البلاطات, وصدأ شديد في باقي الشبكة وبعد المعاينة علي الطبيعة, أوصي المكتب الاستشاري الهندسي بضرورة منع وصول مياه التغذية من الشوارع المحيطة بالعقار علي البدروم, وإزالة طبقات الردم, وإزالة المياه الموجودة بالبدروم, حتي يتسني وضع الحلول النهائية الخاصة بتدعيم العناصر الإنشائية للعقار(الأعمدة, والكمرات, وسقف البدروم) وكذلك أساسات العقار إذا لزم الأمر, كما أوصي المكتب الاستشاري بعدم ردم البدروم, لتجنب زيادة التحميل علي الأساسات, وتفادي حدوث ميول, أو هبوط جزئي للعقار! وعلي ذلك, أوصي تقرير المكتب الاستشاري بإزالة طبقات الردم, وشفط المياه من البدروم, في أسرع وقت ممكن, حتي يتم إعادة معاينة, والدراسة الشاملة, ومن ثم إيجاد الحلول اللازمة لكي يكون العقار آمنا علي قاطنيه, والجيران, والمارة بالشارع! وهكذا, انتهي تقرير المكتب الاستشار الهندسي, لكن حي وسط لايزال مصرا علي موقفه منذ عام1992 وحتي الآن, ويبدو أن الحي لن يتحرك حتي يصبح السكان, وعددهم75 أسرة تحت الأنقاض!! بينما يقول اللواء صلاح عبد المعز سالم رئيس حي وسط القاهرة, انه تم تشكيل لجنة ضمت وكيل منطقة الإسكان, ومدير التنظيم لفحص العقار, مشيرا إلي أنه سبق أن صدر للعقار المذكور قرار تنظيم قديم بردم البدروم, وتنكيس المبني, بينما لم يلتزم الملاك بالقرار, واستمروا علي ذلك لسنوات طويلة. والحال كذلك, يري المهندس محمد السيسي وكيل منطقة الإسكان بالحي أن قرار التنظيم الصادر من الحي بردم العقار وتنكيسه ملزم للملاك, وأن الاعتراض علي التنفيذ لابد أن يكون باللجوء إلي القضاء, لندب خبير وإعداد تقرير بحالة العقار, ومستلزمات صيانته, أو التقدم بطلب إلي مركز بحوث البناء لمعاينته, وهو جهاز حكومي, بعدها يتم التقدم إلي الحي للحصول علي رخصة, ومزاولة الأعمال المطلوبة لصيانة العقار, والحفاظ عليه.. نحن في النهاية جهة إدارية, وليست فنية, وليس من صلاحياتنا تعديل قرار التنظيم, كما أن تقرير المكتب الاستشاري الخاص غير ملزم لنا كجهة إدارية! وهكذا, ظل قرار التنظيم الصادر من حي وسط القاهرة, مجمدا طيلة18 عاما, وإزاء تحرك الورثة للمطالبة بتعديل القرار, وتحميلهم المسئولية المدنية والجنائية للحي, بدأ الحي خلال الأيام الماضية في مخاطبة مأمور قسم الدرب الأحمر, لاستدعاء ملاك العقار أو المسئولين عنه, وإعلانهم مع شاغلي العقار للتقدم إلي رئاسة الحي بالمستندات اللازمة لتنفيذ قرار التنظيم الصادر في1992 برقم274, لردم البدروم وتنكيس باقي العقار تنكيسا شاملاي مع تقوية الأعمدة بالبدروم بإشراف مهندس نقابي معتمد, و يطالب الحي في مذكرته لمأمور القسم بتحميلهم المسئولية المدنية والجنائية المترتبة علي عدم تنفيذ قرار التنظيم.. وهكذا يبقي مصير العقار مرهونا بحسم الصراع بين الحي والورثة! ويبقي الحل في يد الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة, ليضع نهاية لمشكلة العقار, التي لاتزال تستعصي علي الحل منذ18 عاما, وحتي الآن.. فهل يفعل؟!