انطلاقا من قضية اختفاء الزميل الصحفي رضا هلال عام2003 في ظروف شديدة الغموض, يفتح شباب التحرير ملف الغائبين والمختفين قسريا, وهو ملف نثق أنه متخم بأهوال رهيبة ارتكبها النظام السابق في حق الوطن والمواطنين. وإذا كنا اليوم نبدأ بالزميل رضا هلال, فإن الملف سيظل مفتوحا حتي نكتشف ألغاز الاختفاء القسري في مصر.. آملين أن تكون الثورة سببا في معرفة مصائرهم, أو إعادة الأحياء منهم إلي ذويهم. سبع سنوات ونصف السنة ومازال اختفاء الزميل رضا هلال الصحفي بالأهرام يمثل لغزا غامضا, وفي ظل النظام السابق كان اليأس قد بلغ عند زملائه وأصدقائه مبلغه, بيد أن أهله لم يلن عزمهم عن مواصلة البحث لثقتهم وتأكدهم أن رضا مازل حيا, وأن النظام السابق هو السبب في اختفائه. وهناك من يربط بين اختفاءالزميل وبين بداية الحديث والترتيب للتوريث, حيث قال الزميل ذات مرة علي الديسك المركزي بالأهرام ما نصه مين جمال ده اللي يحكمنا.. كما تحدث مع أحد الزملاء المعروف عنه علاقته الجيدة جدا بالأمن بأنه يمتلك ملفا طبيا يخص جمال مبارك, ولم يمض يومان إلا واختفي الزميل رضا هلال, واهتمت الصحف وقتها بخبر اختفاء الزميل, وهناك من أراد تشويه صورته متعمدا, فأشاعوا بأن اختفاءه قد يرجع لعلاقاته بأمريكا التي قضي فيها سنوات دارسا وباحثا, وهناك من أرجع اختفاءه إلي إسرائيل, أو تعدد علاقاته الغامضة سواء النسائية أو رجال أعمال, كل ذلك كان بهدف التضليل لطمث الحقيقة, ومنهم من يعلم كيف اختفي رضا هلال, واستمر الأمر فترة حتي صدرت تعليمات سرية للصحف القومية بالتوقف عن النشر في هذه القضية. يقول محمد عبد القدوس, رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين إنه تمت إعادة فتح الملف من جديد, وتقدم الأستاذ أبو زيد المستشار القانوني لنقابة الصحفيين ببلاغ للنائب العام, حيث اتهم شقيقه السيد عبدالرحمن هلال في البلاغ حبيب العادلي وزير الداخلية السابق بإختطاف شقيقه رضا هلال واخفائه قسريا منذ سبع سنوات من2003/8/11, مضيفا أنه يتردد أن رضا بأحد المعتقلات السرية بأمر مباشر من الوزير السابق, كما تقدم المستشار القانوني أيضا بنفس البلاغ إلي قائد المجلس العسكري يتهم فيه العادلي بنفس الاتهامات السابقة. ويشير عبد القدوس إلي أنه يطالب كل من لديه معلومات عن الزميل أن يتقدم بها للجنة, وأن اللجنة سوف تتابع الموضوع عن كثب, وأن تصعيد هذا الأمر يبدأ بتقديم البلاغ ثم متابعته من النقابة عن طريق مستشارها القانوني. ويضيف: إنه كان يقول دائما إن هذا النظام هو من أخفي رضا هلال عن عمد, حيث قلت في أغسطس2008 أثناء حلقة نقاشية عن اختفاء الزميل ما نصه: إن النظام السياسي هو السبب في اختفاء رضا هلال, وأن الحقيقة لن تظهر إلا بعد رحيل نظام مبارك, شريطة ألا يرثه في الحكم ابنه جمال, وذلك لأن كل نظام جديد يفتح ملفات الفساد التي ارتكبها سابقوه. أما صديقه الذي عمل معه سنوات عديدة, وكان دائم اللقاء به الكاتب الصحفي سعد هجرس فيقول: نظرا للتطورات الأخيرة أصبحت الفرصة متاحة لفك ألغاز اختفاء رضا هلال لسببين: الأول: أعتقد أن الملفات وخزنة أسرار مباحث أمن الدولة قد تحوي ملفات تقدم خيوطا تؤدي إلي توضيح الموقف من ناحية رضا هلال. الثاني: ملابسات الاختفاء, فهناك علاقة كبيرة لجمال مبارك باختفاء رضا هلال, وأسلوب الاختفاء غير متبع في مصر, ولم تعتده الحياة السياسية, وهو جزء من الابتكارات التي أدخلها جمال مبارك وأحمد عز, باعتبارهما من محدثي الاشتغال بالسياسة, حيث كانا يعتقدان علي الأرجح بأن قواعد إدارة البيزنس وبالذات البيزنس القذر يمكن تضييقها علي إدارة الدولة. ولا استبعد والكلام لايزال لهجرس أن يكون الكلام الذي كان يثرثر به رضا هلال قد وصل إلي أسماع السيد جمال مبارك, وربما تثبت الأيام القليلة المقبلة صحة هذه الفرضية. ويضيف هجرس: حسنا فعلت نقابة الصحفيين أن تقدمت ببلاغ إلي الجهات المعنية من أجل إعادة فتح التحقيق في هذه الواقعة الخطيرة, وأرجو من كل الزملاء الصحفيين دعم هذا المطلب. ويقول هجرس: عندما جلسنا كصحفيين مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء, وطرح موضوع المعتقلين والغائبين والمخطوفين أدركنا خطورة الأوضاع الأمنية التي كانت ومازالت قائمة, فهل تصدق أن أحمد شفيق رئيس الوزراء احتاج12 يوما لمعرفة مكان وائل غنيم, حيث كان محجوزا في أحد الأماكن غير المعروفة, فضلا عن أن أعضاء المجلس الأعلي قالوا لنا عن موضوع المعتقلين إنهم يبذلون جهودا كبيرة للعثور علي أماكن احتجاز هؤلاء المعتقلين علي يد جهاز مباحث أمن الدولة. كما أكدوا لنا أن القوات المسلحة لم ولن تقوم بتعذيب أي مواطن مصري أيا كان, ناهيك عن اختطافه وهذا يبين لنا جانبا مهما من الممارسات القذرة والخارجة عن القانون في ظل النظام السابق للرئيس المنحي مبارك. والأهرام من جانبها فتحت الملف وسيظل مفتوحا حتي نصل إلي الحقيقة في اختفاء الزميل رضا هلال, وسوف ننشر أي معلومات جديدة تتعلق ليس فقط برضا هلال, وإنما بكل المصريين الذين اختفوا في ظروف غامضة.