لعلها المرة الأولي التي يواجه فيها المسرح العربي علي مدي تاريخه الطويل أزمة كادت تعصف بمسيرته ودوره الرائد في إثراء الوجدان العربي بأعمال وعروض مسرحية ترتقي بالذوق العربي العام وتحقق طموحات شعوبنا العربية في التقدم والازدهار وتغرس في نفوس أجيالنا الجديدة جذور الانتماء العربي والحفاظ علي الهوية العربية وتحمي مقدسات أوطاننا, وهو الدور الذي قام من أجله هذا المسرح العربي العريق, وقد تبدت هذه الأزمة في دورته الحالية التي كان من المقرر أن تبدأ فعالياتها علي مسارح الشقيقة تونس منذ أسبوعين تقريبا وبالتحديد في منتصف يناير, عندما اكتشفت اللجنة العليا للمهرجان المشكلة من كبار المسرحيين العرب أن الأعمال والعروض المسرحية التي تقدمت بها15 دولة عربية للمشاركة في فعالياته وعددها34 عملا مسرحيا معظمها لا ترقي لمستوي المهرجان ولا تليق بسمعة ومكانة وعراقة مسارحنا العربية, بل لا تمثل حتي الحد الأدني من القيمة الفكرية والجمالية المطلوبة لعروض المسرح العربي. وأمام هذا المأزق اضطرت اللجنة الموقرة أن ترفع تقريرها بكل أمانة وإخلاص الي أعضاء المجلس التنفيذي للهيئة العربية للمسرح برئاسة د. أشرف زكي في القاهرة والذي اتخذ قراره الحاسم والجريء بل الصعب أيضا وبإجماع آراء الأعضاء بإلغاء هذه الدورة وإعادة هذه الأعمال لأصحابها والدعوة في نفس الوقت بضرورة الإسراع في دراسة أوضاع مسارح الهواية في الوطن العربي وإصلاحها بالعمل الجاد, وانتشالها مما أصابها من وهن وفتور وتراجع مفزع لا يليق بسمعة مسارحنا العربية ولا يشرف أهلها, وقبل أن نعرض مخاطر هذه الأزمة التي لحقت بالمسرح العربي والانهيار الذي تعرض له ووجهة نظرنا في انقاذه من هذا الهبوط لابد من الإشارة لبعض الجوانب المهمة الآتية: ان اللجنة الموقرة المكلفة بهذه المهمة تلقت العروض المشاركة في المهرجان مسجلة علي أشرطة سي دي 34 عرضا مسرحيا من15 دولة عربية بفرقها وان معظمها يمثل تراجعا مفزعا للمسرح العربي كما جاء في قرار اللجنة. وأن اللجنة التي أصدرت هذا الحكم ضمت في تشكيلها نخبة من كبار المسرحيين في الوطن العربي إن هذه الدورة خصصت لشباب المسرحيين العرب مسرح الهواية العربية بما يحملون من أفكار عصرية ورؤي متطورة ويمتلكون التقنية والتكنولوجيا الحديثة التي تخدم أفكارهم ورؤاهم للمسرح العربي الجديد وبرغم ذلك فقد جاءت أعمالهم مفاجئة للجنة بل مخيبة للآمال. و استطيع القول إن قرار إلغاء هذه الدورة من وجهة نظرنا هو في مضمونه رسالة أو إنذار موجه من المجلس التنفيذي للهيئة العربية الي المشتغلين بالمسرح والمسئولين بوزارات الثقافة بالدول العربية الراغبين في الاشتراك في مهرجانات المسرح العربية ومسابقاتها السنوية التي تقام في منتصف يناير من كل عام, وذلك بضرورة التريث والتدقيق في اختيار العروض التي تمثل بلادهم في هذه المهرجانات وضرورة أن تكون عالية القيمة من حيث الشكل والمضمون وأن يراعي بعض محترفي المهرجانات الأخري ضمائرهم فيما يقدمونه للناس ولا يجعلوا من هذه المهرجانات سبوبة سنوية للكسب علي حساب الفن. وأخيرا كانت الهيئة بمجلسها التنفيذي علي حق عندما أبلغت كل المسرحيين التونسيين تقديرها واحترامها لمكانة تونس بلد الفن والثقافة التي لا يخلو فيها بيت من أغنيات لأم كلثوم وأنه ليس مقبولا أن تقدم علي مسارحها عروضا مسرحية هابطة لا تتناسب مع هذه المكانة. دفعات سريعة معرض الكتاب: ملف الأنشطة الثقافية المقامة علي هامش المهرجان كان ثريا ومتنوعا وشاملا للقاء وندوات وأمسيات وعروض ومعارض فنية بشكل أكثر اتساعا من كل عام تضافرت علي إعداده الجيد جهود كل من د. صابر عرب رئيس الهيئة والمهرجان وحلمي النمنم نائب الرئيس. الروائي محمد جلال: رحمه الله لم يسعفه الحظ في حياته لنيل الجائزة التقديرية وسبقه كثيرون ممن هم أقل منه غزارة في الانتاج ومنعه حياؤه وأدبه الجم من إثارة هذه القضية, نتمني أن يحصل اسمه عليها هذا العام تكريما لذكراه وهو في عالمه الآخر.