لم يتبق سوي أسبوع علي المهلة المحددة لانتهاء عمل لجنة تعديل الدستور والتشريعات اللازمة لذلك, ومما لاشك فيه أن تلك التعديلات تنطلق من ضرورات المرحلة الانتقالية, وبعد أن تنتهي تلك المرحلة يصبح للسلطة المنتخبة الحق في التدخل لتأسيس دستور جديد, نابع من توافق اجتماعي. من هنا يمكن التطرق إلي بعض الرؤي التي ترتبط بتلك الضرورات. أولا: من المهم أن يكون الدستور المنتج مترابطا بين المقدمة والسياق, وهنا يشارإلي أن المقدمة تتحدث عن تحالف قوي الشعب العامل والمواد قد حذفت منها عام7002 معظم ما يمت للاشتراكية بصله. ثانيا: من الضروري وقبل الانتقال إلي مرحلة تغيير الدستور, والتي سيتحدد علي ضوئها طبيعة النظام السياسي( رئاسي أم برلماني) ألا نجعل رئيس الجمهورية مهيمنا علي كل الصلاحيات( يملك26% من الصلاحيات بالدستور) مقابل عجز رئيس الوزراء عن التصرف رغم وقوعه هو لا الرئيس بين أنياب مجلس الشعب في المحاسبة. هنا نشير لضرورة رفع قبضة رئيس الجمهورية عن تشكيل الوزراء بغض النظر عن الأغلبية البرلمانية, وتحديد سياستها وهو الأمر المسطور في المادتين141,831, إضافة إلي إعادة النظر في صلاحياته( شبه الإلهية) وقت الطوارئ( المواد47 و801 و741 و871). ثالثا: مادامت التجارب السابقة أثبتت قيام رئيس الدولة بإجراء تعديلات دستورية تتماشي مع مصالحه, فمن الضروري أن يضع الشارع الدستوري قيودا علي قيامه بذلك عند النظر للمادة981, الخاصة بشروط تعديل أو وضع دستور جديد, وذلك مقابل منح الحق في ذلك للأغلبية البرلمانية, وربما يكون من الأفضل أن تلعب المحكمة الدستورية دورا في هذا الصدد, وهو أمر ربما يضيف لوظيفتها الرقابية( البعدية) المسطورة بالمادة571, وظيفة رقابة( قبلية). رابعا: من المهم ونحن مقبلون هذا العام علي أكثر من دعوة للناخبين للاقتراع, وضع تنظيم دستوري وتشريعي جيد يضمن معالجة ما يلي: 1 وضع شروط واضحة لتحديد مرشح الرئاسة, وبمعني آخر من غير المقبول أن تتطرق المادة57 من الدستور لشروط المرشح للرئاسة بأن يكون مصريا من أبوين مصريين, ومتمتعا بحقوقه المدنية, ولا يقل سنه عن04 عاما وفقط, وبعبارة أخري, من غير الممكن أن يكتفي الشارع الدستوري بالشروط السابقة, ويضع الشارع القانوني في قانون مجلس الشعب نحو سبعة شروط للمرشح لعضوية البرلمان الأقل شأنا. هنا يقترح وضع شروط أخري كمستوي التعليم وأداء الخدمة العسكرية, ولم لا نضيف شرط حد أقصي للسن مادامت قابلتنا تلك العقبة في النظام السابق. ب من غير المقبول ولدينا أحزاب سياسية لا تتجاوز العضوية فيها5 آلاف شخص, أن يكون شرط الترشيح للرئاسة أن يمتلك الحزب مقعدا واحدا في البرلمان, ثم نجعل المستقل يركض وراء توقيعات أعضاء مجالس تشريعية لا يعلم مدي نزاهتها مستقبلا إلا الله لذلك يمكن توحيد الترشيح للكافة بالتوقيع بعدد محدد من المواطنين المؤهلين للانتخاب بشكل ينظمه قانون مكمل للدستور, تقوده لجنة نزيهة ومحايدة فعلا لانتخابات الرئاسة, قراراتها قابلة للمراجعة علي عكس الوضع السابق من وجود لجنة قراراتها غير قابلة للتأويل, رغم أن نصوص القرآن نفسها قابلة للتأويل. ج في الانتخابات البرلمانية: كيف يحذف من الدستور حق المواطن في الترشيح بالانتخابات, وهو الحق الذي كان بمتن المواد26 قبل تعديلها عام7002, وكيف يبقي الشارع الدستوري الحالي علي التضارب بين المادة1 و8 و04 الداعية للمواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة بين الناس من ناحية, والمادة26 التي تبيح للشارع القانوني الحق في التلاعب بالهيئة التشريعية كما يحلو له, بالإشارة إلي جواز الجمع بين النظام الفردي والقوائم الحزبية بأية نسبة, والمعروف أن طبيعة النظام الانتخابي هو أمر متغير حسب ظروف المجتمع ومدي تأطيره داخل أحزاب وقوي سياسية, إن تضمين نفس المادة ومواد أخري في الدستور عبارات من قبيل( يجوز) أمر يبرهن في أكثر من حالة علي خلاص النية في تسييس الدستور لمصلحة السلطة الحاكمة, وهو ما اتضح في تعديله الأخير عام7002, ناهيك عن تسييسه بداية منذ وضعه عام1791, وما يؤكد أيضا نية التسيس تأكيد المادة26 نفسها إمكانية الأخذ بنظام القوائم( الحزبية) وهي إشارة واضحة لإخراج جماعة المسلمين من ترتيب أية قوائم باعتبارها ليست حزبا. د إذا كانت نية الشارع الدستوري تتجه إلي البقاء علي بعض السمات الرئاسية للنظام السياسي, فيجب إعادة النظر في المادة431 التي تجيز للوزراء حق الترشيح في البرلمان والتأكيد علي أن الرئيس فوق الأحزاب, مادام أنه كما هو قائم يرعي الحدود بين السلطات وفق للمادة37 من الدستور. ه مادام أن الدستور يقر بمبادئ المواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة, فمن غير الممكن أن يكون به تمييز بين المواطنين علي أي أساس, والإشارة هنا لمدي ملاءمة ما سبق مع البقاء علي كوتة العمال والفلاحين بالبرلمان( م78) وكوتة المرأة( م26) والمعروف أن الكوتة الأولي عفا عليها الزمن, وأنه تلاعب بها أيما تلاعب, ناهيك عن أنها غير عادلة لتجاوزها الفائز الأول لو كان من الفئات, إضافة إلي دعوتها للمرشحين للتباهي بالانتماء للفئة الأقل تعليما. أما كوتة المرأة, فإضافة لكونها تتضارب مع مواد الدستور السابقة, فهي تدعو للفرز الاجتماعي( النوعي) للمجتمع الذي قد يصيبه لاحقا بفرز( طائفي), ناهيك عن أن تنفيذها علي أرض الواقع جعل هناك نائبة عن دائرة لكل مليون ناخب بجوار نائب رجل ممثل لبضعة آلاف. و إعادة التفكير الجدي في جدوي مجلس الشوري, ليس فقط للحد من النفقات, بل وأيضا بسبب سلطاته المحدودة, وتركيبة عضويته التي تجمع بين الانتخاب والتعيين. ز فيما يتعلق بعملية الترشيح والاقتراع, ومعظمها يتصل بقانون مباشرة الحقوق السياسية, وبعضها بقانون مجلس الشعب, فمن الملائم معالجة أمراض عضال كثيرا ما شكا منها الجميع, وذلك عبر وجود لجنة محايدة بشكل حقيقي للإشراف علي الانتخابات, علي النمط الهندي, ويكون لها أيضا صلاحية إدارة انتخابات يشرف عليها القضاء بشكل كامل من إعداد الجداول حتي إعلان النتائج, بحيث لا يكون لأجهزة الأمن أي دور في الانتخابات سوي حراستها, والتصويت بالرقم القومي, وتصويت المصريين بالخارج, وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لضمان وحدة التمثيل بين كافة أعضاء البرلمان, ورقابة وليس متابعة منظمات المجتمع المدني للانتخابات, وإنهاء القيد الجماعي الذي تقره عمليا( م11) من قانون المباشرة, وعدم التقيد بأية شروط لتسمية مندوبي المرشحين بمقار الاقتراع, ووضع آلية جادة للرقابة علي الإنفاق الدعائي الشره, وعدم تغيير الصفة السياسية التي انتخب عضو البرلمان علي أساسها, وإقرار نظام الانتخاب بالقوائم النسبية غير المشروطة الحزبية وغير الحزبية.