اغتاظ كثيرا كلما رأيت احدهم يربط بين الطفولة والبراءة فالاطفال هم اكثر خلق الله مكرا ودهاء وبراعة في لي ذراع الحقائق والوالدين تحقيقا لاهدافهم. التي هي دائما ليست منزهة عن الغرض ! وقبل ان تعترض سيادتك اسمح لي بأن أقص عليك طرفا من اخبار طفولتي السعيدة انا ورفاقي الصغار في ريف دمياط. كنا نذهب مثل فرقة اعدام مدججين بعصي رفيعة تنتهي بخطاطيف حديدية وقد ارتدينا احذية بلاستيكية طويلة تشبه احذية رجال المطافي ونقتحم جحور الخطر الداهم في الغيطان البعيدة والاجران الواسعة ومثل كلاب صيد مدربة كنا نقتفي اثر الجلد الذي خلعته الفريسة عن نفسها علي هيئة ثوب ابيض فنعرف ان اللحظة قد حانت! وسرعان ما كنا نظفر بالصيد الثمين ونعود في زفة جماعية وقد رفعنا الثعبان الذي داخ من ضرباتنا المحسوبة علي طرف العصي التي صنعناها بجهودنا الذاتية, وحين نصل الي الحارة كنا نبدأ وقائع الاحتفال! نضع الثعبان علي الأرض ونستمتع بمحاولاته اليائسة للهرب وهو يرفع رأسه ويحاول أن يصلب طوله ثم ننهال عليه ضربا مبرحا يشاركنا فيه مشكورين بقية عيال العزبة! وحين يأتينا علم اليقين بأن المرحوم لفظ أنفاسه, ولا أمل في عودة ماكرة مفاجئة للحياة, كنا نطوف به في الازقة هنا وهناك نستعرض رجولتنا ونخطف الاعجاب من عيون البنات اللواتي تتابعنا في شغف من الشبابيك والبلكونات وكأننا في طقس احتفالي علي طريقة الهنود الحمر! لم يكن يعنينا ان الثعبان, الذي ينتمي لذوات الدم البارد, من رتبة الحرشفيات يوجد منه2700 نوع علي وجه الارض معظمها غير سام, وحتي السام منها400 فقط لا يلجأ لإيذاء الانسان الا اذا كان في حالة دفاع عن النفس. بعد الطواف بالثعبان والتمثيل بجثته علي مرأي ومسمع من الناس, كانت تأتي اللحظة الموعودة, فنلقي به علي الاسلاك الكهربائية العارية الموصلة بين أعمدة الانارة ليصفي التيار الصاعق ما تبقي من دمه! ويتحول جسده بمرور الايام الي ذكري حزينة تذبل تدريجيا وتتواري رويدا ونحن نتمني ان يكون عبرة لمن يعتبر تماما كما كان يتمني العثمانيون حين غزوا مصر وعلقوا طوماي باي علي باب زويلة حتي يعتبر المماليك! بينما الشعب الطيب يهتف: مات الملك عاش المالك راح المماليك.. جاء العثمانيون. الغريب أن معظم ضحايا صيدنا الجائر ثعابين مائية صفراء نحيفة تعاني من الانيميا نلتقطها وهي صغيرة تحاول جاهدة أن تعبر الترعة الي الشاطئ الآمن بعيدا عن متناول أسلحتنا! كنا قساة قسوة تليق بشياطين صغار, ولم نعرف ان تغيير الجلد في الواقع نشاط رئيسي يمارسه الكثيرون من بني الانسان ليس في الجحور الغويطة بعيدا عن العيون.. وانما امام الكاميرات وفي برامج التوك شو وتحت قبة برلمانات العالم الثالث السعيد, سيصبح اليساري المتطرف من رموز اليمين, والمعارض الشرس حمام السلطة الزاجل, ومن تبيع جسدها عليCD هي من يمر الطريق الي تأشيرات الحج عبر ثدييها.. ورقصني يا جدع.. واعذرني يا ثعبان [email protected]