بعث عيسي مؤيدا للتوراة كما أنزلها الله عز وجل علي موسي, لا يهدم نبي عمل نبي سابق. كل الأنبياء حلقات في سلسلة واحدة هدفها النقاء والحق وتوحيد الأحد. كيف يتصرف إزاء شريعة القصاص الموسوية. كان تصرف عيسي إلهاما من خالقه سبحانه. رد عيسي القوم إلي الغرض الأصلي من الشريعة, ردهم إلي حكمتها الداخلية الأصيلة.. ردهم إلي الحب. لن يقول المسيح لمن يضربه علي خده الأيمن شيئا.. لن يسعي إلي ضربه علي خده الأيمن.. سيدير المسيح له خده الأيسر. هذه هي شريعة عيسي.. لا تختلف شيئا عن شريعة موسي.. هي عمق بعيد من أعماق شريعة موسي.. هي العمق الأخير لهذه الشريعة. يريد عيسي أن يفهم القوم من حوله أن الشريعة ليست أن تنتقم لنفسك وتضرب. الشريعة الحقيقية أن تسامح وتعفو وتحب.. تصير قادرا علي الحب. ليست القدرة علي الحب أمرا في طاقة البشر جميعا, وليست حاسة تولد بميلادهم, إنما هي نهاية طريق من المعاناة والألم وهي بداية الوجود الإنساني الحقيقي. إن عديدا من وحوش الغاب والدواب تحب أنفسها, وتقاتل من أجل الطعام والشراب, وتطعم أبناءها وتدخر لهم. الفرق بين الإنسان والحيوان هو فارق في درجات الحب.. إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يتجاوز ذاته بالحب إلي ذوات الآخرين, وفي ذلك يكمن مجده وإنسانيته. أفهم المسيح قومه أن الإنسان لا يصير إنسانا إلا إذا انخلع من ذاته وأحب الآخرين. وكلما ازداد القلب الإنساني اقترابا من أبعد الناس عنه هناك يقترب الإنسان من إنسانيته. ,سمعتم أنه قيل فلتحب قريبك ولتبغض عدوك.. أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم.. باركوا لأعينكم.. أحسنوا إلي مبغضيكم. وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم]. إنجيل متي.. المزيد من أعمدة أحمد بهجت