ما ان تعرضت مصر لاحداث تهدد أمن واستقرار الوطن حتي تبدو المنطقة المحيطة لمبني ماسبيرو مبني الاذاعة والتليفزيون المعروف باسم ماسبيرو ترسانة عسكرية, وتتخذ علي الفور التدابير الامنية ويتم رفع حالة الطوارئ داخل وخارج المبني. ومنذ اندلاع ثورة25 يناير تحول مبني الإذاعة والتليفزيون الي قبلة للمتظاهرين والرافضين لكافة اشكال الفساد. فما هي حكاية مبني ماسبيرو ؟ في عددها الصادر في13 فبراير عام47 نشرت جريدة' البروجريه خبرا عن اعتماد الحكومة المصرية مبلغ200 ألف جنيه مصري لبناء استديوهات للإذاعة والتليفزيون, ولكن أحبط المشروع وتأجل تنفيذه وفي عام54 تقدم الصاغ صلاح سالم بمشروع الي الرئيس جمال عبدالناصر شخصيا لإنشاء إذاعة جديدة ومحطة تليفزيونية فوق جبل المقطم ووافق الرئيس عبدالناصر فورا علي المشروع وأوكل مسئولية الي المهندس صلاح عامر وكيل الإذاعة للشئون الهندسية وعليه اعتمدت حكومة الثورة مبلغ108 آلاف جنيه لإقامة مبني الإذاعة والتليفزيون في مساحة12 ألف متر بشارع ماسبيرو بكورنيش النيل بولاق وبدأت الدراسات وأعلن عن استيراد مصر لأجهزة اتصال حديثة خلال عام56 وفي25 يوليو من عام59 فتحت عطاءات المشروع من14 شركة عالمية كبري وتمت الدراسة الفنية لهذه العطاءات في خلال ثلاثة أشهر وتبين أن الصالح للمشروع من الناحيتين الفنية والاقتصادية هو العرض المقدم من شركةR.C.A الأمريكية واستقر الرأي علي استخدام النظام الأوروبي625 خطا و50 مجالا للصورة في الثانية الواحدة, حيث أنه الأكثر ملاءمة من الناحية الفنية للتيار الكهربائي المتردد المستخدم في مصر بواقع50 ذبذبة في الثانية الواحدة, وقد اختير للحيز3 كيلوات بند, وتم لأول مرة إفتتاح التليفزيون المصري في تمام الساعة السابعة مساء21( يوليو)1960 ولمدة خمس ساعات يوميا في الاحتفال بالعيد الثامن لثورة يوليو وبدأ الإرسال بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم إذاعة وقائع حفل افتتاح مجلس الأمة وخطاب الرئيس جمال عبدالناصر ونشيد وطني الأكبر ثم نشرة الأخبار ثم الختام بالقرآن الكريم. وعقب افتتاح المبني وبداية الإرسال صدر أول قرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة المصرية السيد محمد أمين حماد بإنشاء إدارة عامة للإذاعة المرئية التليفزيون تتبع الإذاعة المصرية ليبدأ الإرسال الإعلامي المنتظم لهذا الوافد الجديد, وقد بلغت قوة الإرسال حينذاك20 كيلو وات من محطتي الإرسال اللتين أنشئتا فوق المقطم بإرتفاع300 متر فوق سطح البحر. استهل التليفزيون المصري إرساله بقناة واحدة وكان زمن الإرسال محددا, بمعدل6 ساعات يوميا يبدأ في السابعة مساء الي ما بعد منتصف الليل ثم ارتفع هذا المعدل ليصل الي13 ساعة يوميا بعد بدء إرسال القناة الثانية7 في21 يوليو عام61, في13 أكتوبر من عام62 بدأ إرسال ثالث قناة بالتليفزيون المصري9 ووصل متوسط ساعات الإرسال علي القنوات الثلاث الي20 ساعة يوميا وتضاعفت شيئا فشيئا لتصل ما بين25 و30 ساعة يوميا. وقد أنشئت محطة إرسال أسوان في يوليو عام62 في محاولة لتعميم الإرسال لتغطية المناطق النائية وبلغ إرسال المحطة ثلاث ساعات يوميا وكانت تنقل الشرائط الإذاعية عبر القطار من ماسبيرو الي أسوان. وهكذا بدأت مسيرة الإعلام المصري في التنامي حتي وصلت الي ما هي عليه الآن بفضل الجهود المخلصة والقرار الجريء للرئيس عبدالناصر بضرورة إنشاء هيئة إذاعية تتحدث بلسان مصر وشعبها في الوقت الذي كان يواجه فيه تحديات علي كافة الأصعدة والجبهات.