عندما يختار المرء طريق الأمل يصبح حينها كل شيء ممكنا تذكرت هذا المثل الايرلندي عندما سمعت د. أحمد عكاشة استاذ الطب النفسي ورئيس الجمعية العربية للطب النفسي يتحدث عما تحتاجه المرأة المصابة بسرطان الثدي من دعم معنوي ومساندة اجتماعية من جانب افراد الأسرة والصديقات. وذلك خلال فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لأورام الثدي والنساء الذي عقد مؤخرا بالقاهرة بمشاركة متخصصين من مختلف دول العالم, حيث اكد ان80% من نسبة الشفاء تعتمد علي الحالة النفسية الجيدة للسيدة المريضة, لأنها تجعل استجابتها للعلاج الكيميائي أو الكهربائي افضل واسرع. فالحالة النفسية هي التي تجعل جهاز المناعة يعمل بكفاءة افضل, فتزيد فرص بقائها علي قيد الحياة لفترة اطول.. ولكن بالرغم من ان هذه الحقيقة مثبتة علميا فإنها لا تتحقق علي ارض الواقع حيث تعاني نسبة تتراوح بين40% و60% من المريضات بهذا المرض من اضطرابات نفسية عديدة تصل الي حد الاكتئاب الذي يقلل من الرغبة في الحياة ويجعل المريضة ترفض العلاج او لا تستجيب له. فالمعروف علميا أن أي صدمة نفسية مثل السرطان تجعل المريضة تمر بخمس مراحل تبدأ بالانكار أو رفض الاعتراف بالواقع الأليم ويظهر ذلك في شكل التشكيك في نتائج التحاليل وطلب التوجه لأخذ رأي طبيب آخر.. وعندما تتأكد لها الحالة تنتقل إلي مرحلة الغضب فتقول لنفسها لماذا انا وانا اصوم واصلي واعمل الخير واطفالي صغار؟.. وتستمر في هذه المرحلة الي ان تصل الي حد الاصابة بالاكتئاب الذي يظهر في شكل اضطرابات المزاج والتشاؤم.. ولكن مع الوقت تجيء مرحلة التكيف ثم قبول الأمر الواقع. ويؤكد الطبيب النفسي ان المريضة تحتاج طوال هذه المراحل الي مساندة اجتماعية وصراحة وعدم الاحساس بالشفقة في عيون اسرتها التي من المفروض ان تعاملها بشكل طبيعي بدون مبالغة, واذا اضطرت الي اجراء جراحة لاستئصال جزئي او كلي للثدي يجب علي الزوج ان يتعامل معها برفق وحنان وان يتصارحا في كل مخاوفهما ويبحثا معا البدائل التي يمكن اللجوء اليها بعد الجراحة مثل اعادة بناء ثدي, فالواقع يؤكد ان الكثيرات من اللاتي تم علاجهن وشفاؤهن اصبحن بفضل هذه المساندة الاجتماعية اكثر اقبالا علي الحياة,واكثر قدرة علي ممارسة الأنشطة اليومية: جراحة التجميل ممكنة واذا شعرت المرأة انها تحتاج الي اجراء جراحة تجميل لبناء ثدي جديد فيمكنها ذلك بعد أن حدث تقدم مذهل في هذا المجال لأنها مهمة لحالتها النفسية,وهذه الجراحات ممكنة لكل المريضات كما يقول البروفيسير جان بتيت رئيس الجمعية الاوروبية لجراحات تجميل الثدي سواء بعد الجراحة مباشرة او بعد فترة العلاج وبعد الاستئصال الجزئي او الكلي للثدي حيث يتم اعادة الثدي الي شكله الطبيعي مع الاحتفاظ بالحلمة,ممايؤثر ايجابيا علي الحالة النفسية للمرأة, والحديث عن هذا المرض الذي يعد اكثر انواع الاورام السرطانية شيوعا بين النساء اصبح مطلوبا لأنه كلما تم اكتشافه مبكرا بلغت نسبة الشفاء منه95%, ويتطلب ذلك ان تعرف كل امرأة شكل ثديها وملمسه جيدا ليمكنها ملاحظة اي تغيير يطرأ عليها, اما عن العامل الوراثي فهو لا يشكل كما يؤكد د. حمدي عبدالعظيم استاذ علاج الأورام كلية طب قصر العيني سوي نسبة10% فقط من حالات الاصابة.. فإذا كانت في الأسرة الواحدة ثلاث حالات اصابة بسرطان الثدي يعتبر الورم في هذه الحالة مرضا عائليا لكن ليس معني ذلك ان كل امرأة مصابة بناتها أو شقيقاتها معرضات للاصابة ايضا. لكن الحذر مطلوب ويتحقق بالكشف الدوري الذي يجب ألا يكون قاصرا علي المعرضات للاصابة بسبب التاريخ العائلي, فكل امرأة ابتداء من سن الثلاثين يجب ان تقوم بالفحص الذاتي مرة كل شهر وابتداء من سن الاربعين يجب ان تقوم باجراء أشعة ماموجرام مرة كل عام, لأن الاكتشاف المبكر يساعد علي الشفاء التام, وهنا يأتي دور الدولة ممثلة في وزارة الصحة,حيث أعجبني ماقالته د. درية سالم استاذ الاشعة التشخيصية كلية طب قصر العيني ومستشار وزير الصحة لحملة الوقاية من سرطان الثدي من ان الوزارة تتبني حملة قومية للكشف المبكر عن هذا المرض تحت رعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك تستهدف السيدات في المرحلة العمرية فوق45 سنة,حيث تتوجه وحدات متنقلة مزودة بأحدث اجهزة الأشعة الي الأماكن الاكثر ازدحاما في القاهرة والمحافظات لتعريف السيدات بطريقة الفحص الذاتي واجراء الكشف المجاني عليهن.. وبعد هذا العرض كان لابد لنا ان نسأل اذا كانت هناك سبل للوقاية من هذا المرض ومن الأورام بصفة عامة ؟اجاب د. هشام الغزالي استاذ الاورام بجامعة عين شمس وسكرتير عام المؤتمر فقال ان10% من حالات الاصابة تحدث بسبب العامل الوراثي,والنسبة الباقية مازالت اسبابها غير معروفة ولكن الاحتمال الأكبر انها نتيجة عوامل كثيرة مثل السمنة وعدم ممارسة رياضة أو بسبب تأخر سن الزواج والانجاب أو عدم ارضاع الأطفال رضاعة طبيعية.. فكل عضو في الجسم له وظيفه محددة فإذا لم يؤدها يحدث خلل هرموني فتزيد احتمالات الاصابة بالأورام.. لذلك فان سبل الوقاية تتلخص في الإكثار من تناول الأغذية الطبيعية خاصة الخضراوات والفواكه التي تقوي جهاز المناعة والحفاظ علي الرشاقة وممارسة الرياضة والاستمرار في الرضاعة الطبيعية مدة ثلاثة اشهر علي الأقل وعدم استخدام الهرمونات الانثوية التعويضية بعد انقطاع الدورة إلا بعد استشارة متخصص واجراء الفحوص والتحاليل اللازمة بالاضافة بالطبع الي التحلي بالأمل والتفاؤل.