البلشي: إقرار لائحة قيد نقابة الصحفيين الجديدة قبل فتح باب التقديم للجنة تحت التمرين    مجلس الشيوخ يعلن فض دور انعقاده الخامس والأخير    التعليم: العام الدراسي شهد تطبيق لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي    محافظ كفرالشيخ يهنئ أوائل الشهادة الإعدادية: فخورون بتفوق أبنائنا وندعم مسيرتهم التعليمية    «البحوث الإسلامية» في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهنَّ واجب دِيني ومجتمعي    نقيب المحامين: الرسوم القضائية تمس حق المواطن في اللجوء لقاضيه الطبيعي    نسبة نجاح الصف الثالث 100٪.. اعتماد نتيجة معاهد التمريض ببورسعيد    أسعار مواد البناء مساء الإثنين 23 يونيو 2025    شعبة المواد الغذائية: انفراجة بأسعار القهوة محليا بعد هبوط الروبوستا عالميًا    البورصة تربح 41 مليار جنيه بختام تعاملات اليوم    «الجيزة» ترفع 650 طنًّا من المخلفات من نفق الفكهانية بحي العمرانية    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمشروعات تطوير البنية الأساسية بقرى مارينا    الرئيس السيسي لرئيس الوزراء اليوناني: التوترات الحالية لا يجب أن يحجب الأنظار عن مأساة غزة    رئيس الوزراء يترأس اجتماع "لجنة الأزمات" لمتابعة تداعيات الأحداث الإيرانية الإسرائيلية    بريطانيا تطالب رعاياها في قطر بالبقاء حتى إشعار آخر    رئيس الاستخبارات الروسية: واشنطن لم تخطر موسكو بشأن الهجوم على إيران    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    وزير الخارجية الإيطالي يجري محادثات هاتفية مع نظيريه الإيراني والإسرائيلي    كيف تسير الرحلات الجوية في المنطقة وسط استمرار المواجهة الإسرائيلية الإيرانية؟    الاتحاد المصري يعزي الجزائر في وفاة مشجعي حادث ملعب 5 يوليو    مونديال الأندية، موعد مباراة يوفنتوس ومانشستر سيتي لحسم صدارة المجموعة السابعة    ألونسو: فالفيردي يذكرني بجيرارد.. وليس عليك أن تكون مهندسا لتعرف ذلك    مانويل جوزيه: جماهير الأهلي طالبت برحيلي بعد الخسارة من الزمالك.. وكنت أريد الهرب    لاعب باتشوكا: وصفت روديجر ب"الجبان" فقط.. ومدربه: يمكنني القول إن هذا لم يحدث    "صفقات تعدي المليار وناس واخده زوجاتهم".. مجدي عبدالغني يفتح النار على لاعبي الأهلي    رينارد: المنتخب السعودي حقق هدفه من المشاركة في الكأس الذهبية    القبض على 6 أشخاص بتهمة غسل 90 مليون جنيه حصيلة الاتجار بالمواد المخدرة    قرار عاجل من محكمة الاستئناف بخصوص قضية "ياسين" طفل البحيرة    المتهم عريس جديد.. كشف غموض مقتل زوجين بالمنوفية    إشارة تحذيرية.. رفع الرايات السوداء على شاطئ بورسعيد -صور    وفاة أحد المصابين في حادث غلاية مصنع النيل للزيوت والمنظفات ببنى قرة بأسيوط    تزامنا مع ذكرى رحيله الثلاثين، "عاطف الطيب" على الوثائقية قريبًا    قصر ثقافة الجيزة يشهد صالون النشر الثقافي في دورته الأولى.. الأربعاء    نجل أحمد السقا يوجه رسالة لطبيبه بعد التعافي من العملية    سامو زين يستعد لطرح ميني ألبوم جديد    أحمد الفيشاوي ومعتصم النهار وسوسن بدر أبطال فيلم "حين يكتب الحب"    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    ما هي سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم؟.. المفتي السابق يجيب    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا الثلاثاء 24-6-2025    ماذا يحدث لجسمك عند تناول المكسرات مع الشاي الأخضر؟    وزير الصحة: شراكات صحية أفريقية مستدامة أولوية لمصر    أعراض سرطان العظام.. علامات تحذيرية صامتة    القاهرة تتهدم فى زمن الانقلاب …انهيار عقار فى شبرا وتحطم 3 سيارات ملاكى    عباءة سيناوية للوزير والمحافظ.. أبناء القبائل يكرمون وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء في نخل    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالبحيرة    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    محافظ أسيوط يؤكد أهمية متابعة المحاصيل الزراعية وتقديم الدعم الفني للمزارعين    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    المجموعة الخليجية بالأمم المتحدة تحذر من تداعيات استمرار التصعيد بالشرق الأوسط    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    السجن المشدد ل 9 أشخاص بالإسكندرية بتهمة استعراض القوة والعنف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    سى إن إن: منشأة أصفهان النووية الإيرانية يرجح أنها لا تزال سليمة    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدلا من الاستماع إلي تقارير مضللة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 01 - 2011

أعتقد أن الضرورة تفرض علينا‏,‏ حكاما ومحكومين‏,‏ أن نتأمل في موضوعية وهدوء ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية‏,‏ كي نحسن فهم أبعاد هذه الأحداث وغاياتها ونتمكن من استخلاص عبرها ودروسها‏.‏ ونستطيع أن نواجه آثارها وذيولها دون تهوين يجنح إلي الصيغ المألوفة المكررة التي اعتدنا عليها في السابق من أن ما حدث هو مجرد مؤامرة يشارك فيها قلة منظمة‏,‏ استطاعت أن تخدع بضعة آلاف من شبابنا‏,‏ خرجوا عن السياق الوطني العام لأننا لا نجد أسبابا تبرر هذا الغضب الذي يتحدثون عنه‏,‏ ولأننا ماضون في علاج كل المشاكل والمظاهر التي يشتكون منها‏,‏ لكنهم لا يريدون الصبر انتظارا للنتائج‏,‏ يدفعهم إلي ذلك إعلام غير ناضج يؤدي في معظم الأحيان إلي بلبلة الرأي العام‏,‏ وصحافة همها الأول الإثارة ورفع أرقام التوزيع‏,‏ وفضائيات يسير برامجها الحوارية عدد من النجوم الجدد‏,‏ جعلوا من أنفسهم قضاة يحاكمون الجميع دون أن يكون لديهم الخبرة والمعرفة التي تمكنهم من التعامل مع حقائق الأمور بموضوعية وحياد‏.‏
إن الحل الأمثل في مواجهة هذه المؤامرة أن نضرب بيد من حديد علي العصاة‏,‏ ونغلق الأبواب والنوافذ ونراجع موقفنا من حرية الرأي والتعبير‏,‏ لأن الغالبية لا يحسنون استخدامها خاصة أننا نواجه تحديات قاسية تتمثل في مخططات إرهابية تستهدف مصر لذاتها‏,‏ تريد ضرب استقرارها وتدمير فرص نجاحها كما نواجه ضغوطا خارجية يهمها تصدير الفوضي الخلاقة إلي شوارعنا‏..‏ ولأننا الأمناء علي صالح هذا الشعب ومصالحه العليا يمتنع من الآن فصاعدا كل مظاهر الاحتجاج والحراك السياسي والخروج إلي الشوارع حتي إشعار آخر‏!!‏
كما تفرض الموضوعية والحكمة عدم التهوين الذي يصل إلي حد انكار وجود أية متغيرات تدفع إلي الغضب باستثناء مؤامرة القلة المنظمة التي تستثمر مناخ الحرية المتاحة‏,‏ تفرض الحكمة والموضوعية أيضا عدم التهويل فيما حدث إلي حد مسايرة رؤي وأحلام كاذبة‏,‏ يروج لها نفر محدود من دعاة الفوضي‏,‏ خاب أملهم في أن يركبوا ظهر الشارع السياسي أو يقودوا الحراك السياسي النشط الذي يجري في مصر علي امتداد الأعوام الأخيرة‏.‏
يتصورون أن ما حدث في تونس يمكن أن يتكرر في مصر رغم الفارق الشاسع بين الحالتين‏,‏ ويرفعون الأعلام الحمراء وسط المتظاهرين‏,‏ ويسعون إلي ركوب موجة الشباب الغاضب يدفعونها إلي الصدام مع رجال الأمن‏.‏
لعل الأمن يستجيب لاستفزازات هؤلاء‏,‏ ويطلق النار علي المتظاهرين ويتكرر ما حدث في تونس الشقيقة‏,‏ علي حين يتربص بالموقف جماعة الجماعة الوحيدة المنظمة في الشارع السياسي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة تتصور أن الثمرة ناضجة يمكن أن تسقط في حجرها‏,‏ وتستثمر أخطاء المعركة الانتخابية الأخيرة التي كان من نتائجها المؤسفة‏,‏ أن أصبح الحزب الوطني بمفرده في مواجهة قوي حزبية وسياسية كان ينبغي أن تكون ضمن الصف الوطني الذي يرفض الإرهاب والتطرف لكنها أخطأت الحساب غضبا من إصرار الحزب الوطني علي التفرد بغالبية مقاعد مجلس الشعب في عملية استعراضية ساذجة لم تخدم الحزب ولم تخدم الوطن‏.‏
مشكلة هذه الجماعة رغم تجاربها العديدة السابقة أنها تعرف جيدا أن فرص تقويض مؤسسات الحكم في مصر لصالحها تكاد تنعدم‏,‏ وأن الطريق لاعتلائها سدة الحكم يكاد يكون مغلقا‏,‏ وهي تحاول ذلك في مصر وتونس والسودان والأردن والمغرب والجزائر‏,‏ لكنها لا تريد أن تتعلم من أخطائها السابقة رغم كثرة ضحاياها من القواعد المخدوعة أو تدرك أن مصر شيء مختلف لأن مصر تملك مؤسسات راسخة وقوية تستطيع حماية أمن مصر الوطني والقومي‏.‏
مع ذلك تواصل الجماعة عمليات تحريض الجميع‏.‏ تدفعهم إلي صفوف المواجهة الأمامية علي وعد بمشاركة فعالة من جانبها لكنها تختار في اللحظة الأخيرة أن تقبع في الصفوف الخلفية انتظارا للنتائج لعل الحكم يخطيء الاختيار ويستجيب للاستفزازات ويقع المحظور‏,‏ ويحدث ما حدث في تونس أو يضطر الحكم إلي أن يراجع مواقفه ويسلك طريقا آخر غير طريق الديمقراطية واستكمال مسيرة الاصلاح السياسي ويغلق النوافذ والشبابيك ويفرض القيود من جديد علي حرية التعبير لتدخل المسألة برمتها في طور آخر يقلل من قدرة الحكم علي مواجهة تحدياته‏.‏
أظن أن ما حدث بالفعل في اليوم الأول للتظاهرات يترجم بدقة كل هذه الخطط والمخاوف والمحاذير‏,‏ لأنه حتي الساعة الرابعة بعد الظهر كان كل شيء يمضي في صورة نموذجية تعكس تحضرا بالغا من جانب الشرطة والمتظاهرين‏,‏ المظاهرات تخترق شوارع العاصمة تضم عشرات الألوف لأن الخروج كان حاشدا علي عكس ما توقعه الكثيرون تحرسها قوات الشرطة والأمن‏,‏ كل يحافظ علي مسئولياته‏,‏ المتظاهرون‏,‏ يهتفون ويرفعون مطالبهم العادلة والشرطة تحمي المتظاهرين والصورة بأكملها تحظي باحترام الجميع إلي أن بدأت عمليات الاستفزاز وساد الشطط هتافات الشوارع وركب الموجة صناع الشغب‏,‏ وبدأ الصبر يضيق في الصدور شيئا فشيئا إلي أن بدأت عمليات التصعيد تتجاوز مظهر الاحتجاج إلي التمادي في أعمال الشغب وقذف الأمن بالحجارة والطوب واتلاف بعض الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك السيارات الخاصة وسيارات الشرطة‏,‏ وعند منتصف الليل عندما تم إخلاء ميدان التحرير كان حصاد الشغب إصابة‏18‏ ضابطا و‏85‏ من أفراد الشرطة‏,‏ وإصابة عشرات المتظاهرين إثر الانصراف إلي منازلهم‏,‏ لكن الحصاد في السويس كان داميا لقي اثنان من المتظاهرين مصرعهما من كثرة التدافع والكر والفر بعد أن لجأ الغاضبون إلي إتلاف المؤسسات والمحال‏.‏
وأيا كان اختلاف تقييم البعض لما حدث كل من زاوية رؤيته فإن ما حدث في اليوم الأول حتي الساعة الرابعة من بعد الظهر كان عملا مشروعا يمثل طلبا جماهيريا واسعا حمله آلاف المتظاهرين معظمهم من الشباب لا ينتمي لحزب أو جماعة بعينها يؤكد ضرورة استمرار مسيرة الاصلاح السياسي ولا يتناقض في جوهره مع الحكم أو برامجه فقط يستحث الإسراع في مسيرة الاصلاح السياسي وصولا إلي ديمقراطية مكتملة تنهض علي انتخابات نظيفة وصحيحة‏,‏ كما يؤكد ضرورة انحياز الحكم لصالح الفئات الأوسع من المجتمع‏,‏ والفصل الواضح بين الثروة والسلطة بما يحفظ لرجال الأعمال دورهم في التنمية في مناخ آمن يشجع علي المزيد من الاستثمار‏.‏
ويقنن بصورة عقلانية حجم تأثيرهم المتزايد علي القرار السياسي كما يؤكد ضرورة قيام الدولة القانونية التي يخضع فيها الجميع لسلطة القانون دون أي استثناء والالتزام بحقوق المواطنة دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين‏,‏ وإثراء ثقافة الحوار والتسامح وإشاعة قيم الدولة المدنية التي تحفظ الدين لله والوطن للجميع‏,‏ وكلها مطالب عادلة لا يناقض أي منها برامج الحكم فقط تستحث الاسراع في التنفيذ إيمانا من الجميع بأن الديمقراطية هي الحل‏..‏ وقد تخلص الدروس المستفادة من أحداث الاسبوع الماضي في أمرين أساسيين‏:‏
أولهما‏,‏ أن الطلب علي التغيير طلب حقيقي قائم وموجود لا سبيل إلي إنكاره‏,‏ وهو أمر طبيعي بحكم مسيرة الاصلاح والتغيير يعني في جوهره الاسراع في مسيرة الأجيال والشجاعة في مواجهة السلبيات التي تعوق مسيرته وقطع دابر الفساد بالتزام الشفافية وحكم القانون‏,‏ والحرص علي توجيه خطاب مختلف إلي الشباب المصري يتجاوب مع طموحاته في أن يري مصر ضمن قافلة الدول المتقدمة التي تحترم المعرفة والعلم وتلبي مطالب حقوق الإنسان وتؤكد احترام حق الجميع في فرص متكافئة تنظم حقوق التعليم والتشغيل دون إهدار حقوق الموهوبين والمتفوقين الذين تثبت جدارتهم‏.‏
وثانيهما‏,‏ أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن فصله عن الاصلاح السياسي وأن الاستجابة للمطالب الاجتماعية لبعض فئات المجتمع التي تطالب بعدالة توزيع ثمار التنمية علي الجميع كل حسب جهده لابد أن تقترن بالمزيد من الخطو المتقدم علي مسيرة الاصلاح الديمقراطي لأن الوفاء بجزء من الحقوق الاجتماعية يغري أصحاب الحق علي طلب المزيد من حقوقهم‏.‏
ومهما تكن خيارات الحكم في مواجهة ما حدث تظل حرية الرأي والتعبير الحصن الحقيقي الذي يحمي استقرار مصر وأمنها‏..‏ ويعطي الجميع الأمل في أن الغد سوف يكون أفضل من أمس‏,‏ ويكشف في النور قوي الظلام وأعداء التقدم ويساعد الجميع علي الصبر علي المعاناة وقبول التضحية انتظارا لثمار الغد‏.‏
من فضلكم أصيخوا السمع لنبض الشارع المصري بدلا من الاستماع إلي تقارير مضللة‏.‏

المزيد من مقالات مكرم محمد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.