بسبب الهرج والمرج.. وكيل تعليم دمياط يحيل إدارة مدرسة للتحقيق    وزير الإسكان يتفقد وحدات «سكن لكل المصريين» بالعاشر من رمضان    وزيرة التخطيط تُشارك في إطلاق مبادرة لتعزيز الاستثمار في النظم الصحية    معاون وزير السياحة يشيد بمشروع بوابة تراث مصر الثقافي الرقمي    توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء آلية للتشاور السياسي بين مصر والمالديف    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيمي بلاطة وعسكر شرق نابلس بالضفة الغربية    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين روسيا والولايات المتحدة بدأ قبل 6 أشهر    توروب في أولى مهمته يعلن تشكيل الأهلي أمام إيجل نوار    اختبار طبي يحسم مصير الدوسري أمام السد القطري    إنجاز مصري في الرماية بالخرطوش.. ماجي عشماوي ضمن أفضل 6 راميات على مستوى العالم    الأرصاد الجوية تحذر من الشبورة وانخفاض درجات الحرارة    مصرع شخصين بحادث اصطدام موتوسيكل وسيارة ملاكي فى الدقهلية    هالة صدقي: يسرا تستحق أكثر من تكريم    إيرادات "أوسكار عودة الماموث" تتخطى 6 ملايين جنيه في 3 أيام    «الصحة» تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    بدء تقديم خدمات كهرباء القلب والكي الكهربائي بمستشفيي بنها ودمنهور التعليميين    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    نجمات اخترن تسريحة ذيل الحصان فى مهرجان الجونة 2025    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    انتخاب اللواء أحمد العوضي والمستشار فارس سعد وكيلين لمجلس الشيوخ    «تموين كفر الشيخ» تواصل حملاتها الرقابية لضبط المخالفين    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتجاره فى الهيروين بشبين القناطر    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    ضبط منادى سيارات اعتدى على سائق وطلب إتاوة فى الجيزة    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    بعثة المصري تغادر طرابلس فى طريقها إلى القاهرة بعد التعادل مع الاتحاد الليبي    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    الثقافة: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى من أعظم المعجزات الفلكية فى التاريخ    ياسر جلال بعد أداء القسم بمجلس الشيوخ: لحظة فخر ومسؤولية كبيرة    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    زلزال بقوة 5.3 درجة على مقايس ريختر يضرب تايوان    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    تعليمات جديدة من «الصحة» لضبط معدلات الولادات القيصرية في الإسكندرية    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    محافظ أسوان في جولة مفاجئة على المخابز والأسواق: هدفنا ضبط الأسعار    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    زيادة الشيدر 65 جنيها والفلمنك 55، آخر تطورات أسعار الجبن في ثاني أيام ارتفاع الوقود    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدلا من الاستماع إلي تقارير مضللة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 01 - 2011

أعتقد أن الضرورة تفرض علينا‏,‏ حكاما ومحكومين‏,‏ أن نتأمل في موضوعية وهدوء ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية‏,‏ كي نحسن فهم أبعاد هذه الأحداث وغاياتها ونتمكن من استخلاص عبرها ودروسها‏.‏ ونستطيع أن نواجه آثارها وذيولها دون تهوين يجنح إلي الصيغ المألوفة المكررة التي اعتدنا عليها في السابق من أن ما حدث هو مجرد مؤامرة يشارك فيها قلة منظمة‏,‏ استطاعت أن تخدع بضعة آلاف من شبابنا‏,‏ خرجوا عن السياق الوطني العام لأننا لا نجد أسبابا تبرر هذا الغضب الذي يتحدثون عنه‏,‏ ولأننا ماضون في علاج كل المشاكل والمظاهر التي يشتكون منها‏,‏ لكنهم لا يريدون الصبر انتظارا للنتائج‏,‏ يدفعهم إلي ذلك إعلام غير ناضج يؤدي في معظم الأحيان إلي بلبلة الرأي العام‏,‏ وصحافة همها الأول الإثارة ورفع أرقام التوزيع‏,‏ وفضائيات يسير برامجها الحوارية عدد من النجوم الجدد‏,‏ جعلوا من أنفسهم قضاة يحاكمون الجميع دون أن يكون لديهم الخبرة والمعرفة التي تمكنهم من التعامل مع حقائق الأمور بموضوعية وحياد‏.‏
إن الحل الأمثل في مواجهة هذه المؤامرة أن نضرب بيد من حديد علي العصاة‏,‏ ونغلق الأبواب والنوافذ ونراجع موقفنا من حرية الرأي والتعبير‏,‏ لأن الغالبية لا يحسنون استخدامها خاصة أننا نواجه تحديات قاسية تتمثل في مخططات إرهابية تستهدف مصر لذاتها‏,‏ تريد ضرب استقرارها وتدمير فرص نجاحها كما نواجه ضغوطا خارجية يهمها تصدير الفوضي الخلاقة إلي شوارعنا‏..‏ ولأننا الأمناء علي صالح هذا الشعب ومصالحه العليا يمتنع من الآن فصاعدا كل مظاهر الاحتجاج والحراك السياسي والخروج إلي الشوارع حتي إشعار آخر‏!!‏
كما تفرض الموضوعية والحكمة عدم التهوين الذي يصل إلي حد انكار وجود أية متغيرات تدفع إلي الغضب باستثناء مؤامرة القلة المنظمة التي تستثمر مناخ الحرية المتاحة‏,‏ تفرض الحكمة والموضوعية أيضا عدم التهويل فيما حدث إلي حد مسايرة رؤي وأحلام كاذبة‏,‏ يروج لها نفر محدود من دعاة الفوضي‏,‏ خاب أملهم في أن يركبوا ظهر الشارع السياسي أو يقودوا الحراك السياسي النشط الذي يجري في مصر علي امتداد الأعوام الأخيرة‏.‏
يتصورون أن ما حدث في تونس يمكن أن يتكرر في مصر رغم الفارق الشاسع بين الحالتين‏,‏ ويرفعون الأعلام الحمراء وسط المتظاهرين‏,‏ ويسعون إلي ركوب موجة الشباب الغاضب يدفعونها إلي الصدام مع رجال الأمن‏.‏
لعل الأمن يستجيب لاستفزازات هؤلاء‏,‏ ويطلق النار علي المتظاهرين ويتكرر ما حدث في تونس الشقيقة‏,‏ علي حين يتربص بالموقف جماعة الجماعة الوحيدة المنظمة في الشارع السياسي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة تتصور أن الثمرة ناضجة يمكن أن تسقط في حجرها‏,‏ وتستثمر أخطاء المعركة الانتخابية الأخيرة التي كان من نتائجها المؤسفة‏,‏ أن أصبح الحزب الوطني بمفرده في مواجهة قوي حزبية وسياسية كان ينبغي أن تكون ضمن الصف الوطني الذي يرفض الإرهاب والتطرف لكنها أخطأت الحساب غضبا من إصرار الحزب الوطني علي التفرد بغالبية مقاعد مجلس الشعب في عملية استعراضية ساذجة لم تخدم الحزب ولم تخدم الوطن‏.‏
مشكلة هذه الجماعة رغم تجاربها العديدة السابقة أنها تعرف جيدا أن فرص تقويض مؤسسات الحكم في مصر لصالحها تكاد تنعدم‏,‏ وأن الطريق لاعتلائها سدة الحكم يكاد يكون مغلقا‏,‏ وهي تحاول ذلك في مصر وتونس والسودان والأردن والمغرب والجزائر‏,‏ لكنها لا تريد أن تتعلم من أخطائها السابقة رغم كثرة ضحاياها من القواعد المخدوعة أو تدرك أن مصر شيء مختلف لأن مصر تملك مؤسسات راسخة وقوية تستطيع حماية أمن مصر الوطني والقومي‏.‏
مع ذلك تواصل الجماعة عمليات تحريض الجميع‏.‏ تدفعهم إلي صفوف المواجهة الأمامية علي وعد بمشاركة فعالة من جانبها لكنها تختار في اللحظة الأخيرة أن تقبع في الصفوف الخلفية انتظارا للنتائج لعل الحكم يخطيء الاختيار ويستجيب للاستفزازات ويقع المحظور‏,‏ ويحدث ما حدث في تونس أو يضطر الحكم إلي أن يراجع مواقفه ويسلك طريقا آخر غير طريق الديمقراطية واستكمال مسيرة الاصلاح السياسي ويغلق النوافذ والشبابيك ويفرض القيود من جديد علي حرية التعبير لتدخل المسألة برمتها في طور آخر يقلل من قدرة الحكم علي مواجهة تحدياته‏.‏
أظن أن ما حدث بالفعل في اليوم الأول للتظاهرات يترجم بدقة كل هذه الخطط والمخاوف والمحاذير‏,‏ لأنه حتي الساعة الرابعة بعد الظهر كان كل شيء يمضي في صورة نموذجية تعكس تحضرا بالغا من جانب الشرطة والمتظاهرين‏,‏ المظاهرات تخترق شوارع العاصمة تضم عشرات الألوف لأن الخروج كان حاشدا علي عكس ما توقعه الكثيرون تحرسها قوات الشرطة والأمن‏,‏ كل يحافظ علي مسئولياته‏,‏ المتظاهرون‏,‏ يهتفون ويرفعون مطالبهم العادلة والشرطة تحمي المتظاهرين والصورة بأكملها تحظي باحترام الجميع إلي أن بدأت عمليات الاستفزاز وساد الشطط هتافات الشوارع وركب الموجة صناع الشغب‏,‏ وبدأ الصبر يضيق في الصدور شيئا فشيئا إلي أن بدأت عمليات التصعيد تتجاوز مظهر الاحتجاج إلي التمادي في أعمال الشغب وقذف الأمن بالحجارة والطوب واتلاف بعض الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك السيارات الخاصة وسيارات الشرطة‏,‏ وعند منتصف الليل عندما تم إخلاء ميدان التحرير كان حصاد الشغب إصابة‏18‏ ضابطا و‏85‏ من أفراد الشرطة‏,‏ وإصابة عشرات المتظاهرين إثر الانصراف إلي منازلهم‏,‏ لكن الحصاد في السويس كان داميا لقي اثنان من المتظاهرين مصرعهما من كثرة التدافع والكر والفر بعد أن لجأ الغاضبون إلي إتلاف المؤسسات والمحال‏.‏
وأيا كان اختلاف تقييم البعض لما حدث كل من زاوية رؤيته فإن ما حدث في اليوم الأول حتي الساعة الرابعة من بعد الظهر كان عملا مشروعا يمثل طلبا جماهيريا واسعا حمله آلاف المتظاهرين معظمهم من الشباب لا ينتمي لحزب أو جماعة بعينها يؤكد ضرورة استمرار مسيرة الاصلاح السياسي ولا يتناقض في جوهره مع الحكم أو برامجه فقط يستحث الإسراع في مسيرة الاصلاح السياسي وصولا إلي ديمقراطية مكتملة تنهض علي انتخابات نظيفة وصحيحة‏,‏ كما يؤكد ضرورة انحياز الحكم لصالح الفئات الأوسع من المجتمع‏,‏ والفصل الواضح بين الثروة والسلطة بما يحفظ لرجال الأعمال دورهم في التنمية في مناخ آمن يشجع علي المزيد من الاستثمار‏.‏
ويقنن بصورة عقلانية حجم تأثيرهم المتزايد علي القرار السياسي كما يؤكد ضرورة قيام الدولة القانونية التي يخضع فيها الجميع لسلطة القانون دون أي استثناء والالتزام بحقوق المواطنة دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين‏,‏ وإثراء ثقافة الحوار والتسامح وإشاعة قيم الدولة المدنية التي تحفظ الدين لله والوطن للجميع‏,‏ وكلها مطالب عادلة لا يناقض أي منها برامج الحكم فقط تستحث الاسراع في التنفيذ إيمانا من الجميع بأن الديمقراطية هي الحل‏..‏ وقد تخلص الدروس المستفادة من أحداث الاسبوع الماضي في أمرين أساسيين‏:‏
أولهما‏,‏ أن الطلب علي التغيير طلب حقيقي قائم وموجود لا سبيل إلي إنكاره‏,‏ وهو أمر طبيعي بحكم مسيرة الاصلاح والتغيير يعني في جوهره الاسراع في مسيرة الأجيال والشجاعة في مواجهة السلبيات التي تعوق مسيرته وقطع دابر الفساد بالتزام الشفافية وحكم القانون‏,‏ والحرص علي توجيه خطاب مختلف إلي الشباب المصري يتجاوب مع طموحاته في أن يري مصر ضمن قافلة الدول المتقدمة التي تحترم المعرفة والعلم وتلبي مطالب حقوق الإنسان وتؤكد احترام حق الجميع في فرص متكافئة تنظم حقوق التعليم والتشغيل دون إهدار حقوق الموهوبين والمتفوقين الذين تثبت جدارتهم‏.‏
وثانيهما‏,‏ أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن فصله عن الاصلاح السياسي وأن الاستجابة للمطالب الاجتماعية لبعض فئات المجتمع التي تطالب بعدالة توزيع ثمار التنمية علي الجميع كل حسب جهده لابد أن تقترن بالمزيد من الخطو المتقدم علي مسيرة الاصلاح الديمقراطي لأن الوفاء بجزء من الحقوق الاجتماعية يغري أصحاب الحق علي طلب المزيد من حقوقهم‏.‏
ومهما تكن خيارات الحكم في مواجهة ما حدث تظل حرية الرأي والتعبير الحصن الحقيقي الذي يحمي استقرار مصر وأمنها‏..‏ ويعطي الجميع الأمل في أن الغد سوف يكون أفضل من أمس‏,‏ ويكشف في النور قوي الظلام وأعداء التقدم ويساعد الجميع علي الصبر علي المعاناة وقبول التضحية انتظارا لثمار الغد‏.‏
من فضلكم أصيخوا السمع لنبض الشارع المصري بدلا من الاستماع إلي تقارير مضللة‏.‏

المزيد من مقالات مكرم محمد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.