شهدت العاصمة صباح أمس الأول حالة من الهدوء العام بالشوارع والميادين الرئيسية, وعكفت بعض مواقع الإنترنت للحركات السياسية والشبكات الاجتماعية علي نشر أخبار حول خروج المظاهرات بالشارع المصري. في أوقات مختلفة ومناطق مختلفة تعاملت معها الأجهزة الأمنية بطريقة رادعة, حيث خرجت المئات من قوات الشرطة لمواجهة المظاهرات التي تهدد أمن الوطن واستقراره بعد أن تكبدت الدولة خسائر مالية جسيمة إثر خروج المتظاهرين خلال يوم الثلاثاء الماضي وتسببوا في تعطيل حركة المرور والمحال التجارية, مما أثر علي تداول أسهم البورصة المصرية بطريقة سلبية. وساد الهدوء شوارع وميادين العاصمة حتي بدأ مجموعة من الشباب في التجمع بميدان الساعة أمام الجامعة العمالية بمدينة نصر وحاول ضباط الشرطة تفريقهم والتعامل معهم, بعد أن قاموا بإلقاء القوات بالحجارة, في الوقت نفسه شهدت منطقة وسط البلد هدوءا بميدان التحرير والشوارع المؤدية إليه وفي الساعة الرابعة عصرا تقريبا عندما خرج شباب الجماعة المحظورة وحاولوا التجمع في البداية أمام مبني نقابة المحامين, إلا أنه عندما منعتهم الأجهزة الأمنية بدأوا في التوغل عبر الشوارع الفرعية لمنطقة بولاق أبوالعلا ووكالة البلح ثم شارع كورنيش النيل وقاموا برشق قوات الشرطة بالحجارة الكثيفة مما أسفر عن تحطيم عدد كبير من السيارات الخاصة بالمواطنين وتعاملت معهم الأجهزة الأمنية بإلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع للعمل علي تفريقهم وإخلاء المنطقة التجارية الحيوية المرتبطة بحياة المواطن البسيط ودخله. وخلف المتظاهرون الذين اتخذوا من شارع كورنيش النيل مقرا لمواجهتهم قوات الشرطة والتعدي عليها, كميات كبيرة من الحجارة بنهر الطريق وتسببوا في شلل مروري بالمنطقة بخلاف نشر حالات الخوف والفزع التي انتابت المواطنين وهم يشاهدون سياراتهم وقد دمرتها كتل الحجارة وهم بداخلها دون أن يستطيع أحد الرد أو المواجهة.وتسببت أكوام الحجارة في حادثة مأساوية وذلك عندما حاول قائد إحدي السيارات الملاكي الفرار من الحجارة واستقل سيارته مسرعا بنهر الطريق إلا أن تلك الكتلة الحجرية أدت الي اختلال عجلة القيادة بيده ليصطدم بثلاثة مواطنين كانوا يقفون أعلي الرصيف مما أسفر عن مصرع اثنين منهما وإصابة الثالث, وتبين أن المتوفين أحدهما أمين شرطة من قوة مباحث قسم شرطة أبوالعلا والثانية لسيدة ربة منزل كانت عائدة من عملها, بينما يرقد ا لثالث يصارع الموت بأحد المستشفيات الخاصة بعد أن قامت أسرته بنقله علي نفقتها إلي مستشفي قصر العيني. ولم يقف شباب جماعة الإخوان المحظورة عند هذا الحد بل استمروا في محاولة التجمع وتحقيق مصالحهم في تهديد استقرار أمن البلد واستغلال طاقة شباب الحركات السياسية والاجتماعية المختلفة متخذينها شعارا لتحقيق أجندتهم الخاصة, مثلما فعلوا قبل ذلك بعدة دول, ولكن رفض جموع الشعب الانضمام إليهم ظهر ليحرجهم لليوم الثاني علي التوالي, وبرغم أنهم يتخذون من الأماكن الشعبية والأماكن الجانبية سبيلا للطواف علي جموع الشعب فإنه لم ينضم إليهم أحد سوي الشباب المصري من طلبة الجامعات المتأثرين بأفكار الجماعة دون معرفة أهدافها واستراتيجيتها. وذكرت إحدي المصادر أن قيادات جماعة الإخوان المحظورة وبخت شبابها علي عدم استقتالهم أمام محاولات إخلائهم من ميدان التحرير يوم الثلاثاء الماضي, ودعوا شبابهم إلي تحفيز الشباب المصري واستفزازه من أجل الوصول مرة أخري إلي منطقة ميدان التحرير والتمركز فيه والعمل علي غلق محاوره المرورية لاتخاذ هذا الميدان نقطة حيوية لنشاطهم والسيطرة عليه وترك مساحة الظهور الإعلامي لأصحاب الحركات السياسية والاجتماعية ومنها حركة شباب6 ابريل وكفاية وشايفنكم ومصريين من أجل التغيير حتي لا تدان الجماعة بأعمال الشغب, ولا تواجهها أجهزة وزارة الداخلية بالطريقة التي يجب التعامل معهم بها. أكد ذلك المحللون السياسيون من موقف رجال الشرطة من يوم الثلاثاء والذي تغير شكله وأسلوبه يوم الأربعاء عندما خرج شباب الحركات السياسية والاجتماعية بطريقة جماعية وبحرية كاملة حتي وصلوا إلي ميدان التحرير, ورددوا الهتافات دون مواجهة أو حشد القوات من حولهم, ولكن وعند ظهور شباب جماعة الإخوان بطريقة متخفية بداية من الساعة الخامسة من يوم الثلاثاء بدأ الشكل العام للأجهزة الأمنية متغيرا ومتحولا ليظهر بطريقة رادعة له في مشاهد يوم الأربعاء أمس الأول, ولم يكن المقصود بها هو مواجهة المواطن المصري أو حتي شباب الحركات السياسية والاجتماعية نظرا لمعرفة الأجندات الخاصة بهم وبمطالبهم التي تبعد كل البعد عن أهداف الجماعة المحظورة التي تكفر في مبادئها مناهج وسلوكيات الحركات السياسية والاجتماعية. ولم يظهر أول أمس في المظاهرات المحدودة التي شهدتها القاهرة بمنطقة وسط المدينة شباب الحركات السياسية إلا بأعداد محدودة للغاية, ولكن وبعد انتهاء فترة الامتحانات والكليات بالجامعات المختلفة توافد من جميع المناطق شباب الجماعة المحظورة الذين حرصوا علي الاكتفاء والتجمع بميدان التحرير نظرا لاستراتيجيته المهمة في كونه النقطة التي تقاس منها علي الأقل المسافة من وإلي القاهرة حتي تعلن الجماعة المحظورة سيطرتها علي هذه النقطة لتكون لهم نقطة البداية.وذكرت مصادر أنه تم الاتصال بين الأجهزة الأمنية وقيادات الحركات الأمنية والسياسية لتوضيح مفهوم ما تريد الجماعة المحظورة تطبيقه, والتي تسيء إلي أهداف الحركات السياسية والاجتماعية التي يتمتع أصحابها بالثقافة المستنيرة, والتي يقومون أيضا باستغلالها بالدفع بشباب الإخوان لتحقيقها تحت شعار أنهم الشباب المصري الحر الذي تجمعه شبكة الفيس بوك الاجتماعية حتي إنهم أشاعوا قيام الحكومة المصرية بغلق موقع الفيس بوك الذي تبين عدم صحته بعد ساعة واحدة. واستمر المتظاهرون بمناطق وسط المدينة بشارع26 يوليو وكورنيش النيل وصعدت مجموعة منهم نحو200 شخص أعلي كوبري15 مايو وقاموا برشق قوات الشرطة من أعلي الكوبري بزجاجات فارغة ثم ظهرت المجموعة الأكبر منهم بميدان طلعت حرب مساء أمس بعدد نحو500 مشارك وتعاملت معهم الأجهزة الأمنية بإلقاء عبوات الغاز المسيلة للدموع لتفريقهم كما ترددت أنباء عن إلقاء القبض علي عدد منهم. وعادت الحياة صباح أمس إلي طبيعتها الهادئة, ولم تظهر أي جماعات أو مظاهرات حتي الساعة الثالثة والنصف ظهرا.