ما هي أسباب وعوامل الضعف الإنساني التي تدفع المرء باتجاه الخطأ والرذيلة لكي ينتصر من داخله للشر علي الفضيلة بعد أن يتعمق غياب الضمير ويجري استحلال كل أشكال الفساد والانحراف بتبريرات وفتاوي لا تتناقض فقط مع ما يقبل به العقل وإنما تتصادم وبشكل فج مع كل المرجعيات الأخلاقية والدينية. وهنا يتحتم القول- بداية- إن الإنسان خلق ضعيفا وأننا جميعا ضعفاء من داخلنا لا فرق بين كبير وصغير أو غني أو فقير أو قوي أو ضعيف إلا من امتلأ قلبه بالإيمان وتربي منذ الصغر علي التمييز بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الحلال والحرام ومن ثم فإن نقطة الضعف عند أي إنسان ليست عيبا أو نقيصة اجتماعية وأخلاقية إلا إذا تمادي الشخص في الرضوخ لها والاستجابة لشهواتها حيث يصبح في هذه الحالة مريضا لا يقتصر ضرره علي نفسه, وإنما يصبح مصدر خطر وضرر علي الآخرين, بدءا من أهله وعشيرته ووصولا إلي عمله ووطنه! وربما لهذا السبب تكون مهمة البحث عن نقطة الضعف في الشخص المراد اصطياده هي أشق وأصعب مهمة تقوم بها أجهزة الاستخبارات العالمية قبل أن تغامر بتجنيده سواء كان هذا التجنيد بطريق مباشر أو غير مباشر. ومعني ذلك أن نقطة الضعف المشروع وجودها داخل كل فرد منا يمكن أن تتحول إلي شئ غير مشروع إذا لم يتم تحديد الخيط الرفيع جدا الذي يفصل بين نقطة الضعف المؤقتة والطارئة وبين خاصية الإدمان الدائمة التي تشبه الأمراض المزمنة! ولا شك في أن الرجل القوي هو الذي لديه ضمير حي ويقظ يمنحه الحصانة الذاتية التي تمكنه من أن يقاوم نقطة ضعفه وأن يصارع شهوات نفسه وذلك علي عكس الرجل الضعيف الذي يركع أمام نقطة ضعفه ويختلق المبررات لكي يفسر عجزه عن كبح جماح شهواته أو مصارعة نزواته! والحقيقة أن امتلاك الضمير الحي أمر لا ينشأ من فراغ ولكنه أشبه ببذرة منتقاة تنبت وتنمو وتنطلق في ظل مقومات أساسية أهمها إدراك المجتمع لأهمية القيم الروحية والأخلاقية الفاضلة والانتقال السريع بهذه القيم من منابر الدعوة والخطابة وأحاديث الإذاعة والتليفزيون ومقالات الصحف والمجلات وبيانات المسئولين والوزراء إلي أرض الواقع والممارسة والتنفيذ, وأن يكون الدعاة لنشر هذه القيم بمثابة القدوة التي يشار إليها باحترام لأنها تقدم النموذج الطيب لتطابق القول مع الفعل!
خير الكلام: الجاهل يكره الحقيقة.. والغبي يتجاهلها... والأحمق لايفهمها!