تحل الذكري الثالثة عشرة لرحيل كروان التلاوة ذي الحنجرة الذهبية القاريء الإذاعي الشهير الشيخ شعبان عبدالعزيز الصياد في29 من الشهر الحالي. ولد الشيخ شعبان الصياد في1940/9/20 بقرية صراوة التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية وهذه القرية تعرف بقرية القرآن الكريم حيث تتميز بكثرة الكتاتيب والمحفظين. ونشأ في بيت مليء بآيات الله عن أب يحمل كتاب الله ويمتلك صوتا جميلا, فورث الشيخ هذا المسلك, حيث التحق بكتاب الشيخ جاد أبو غريبة العالم الأزهري وعلي يديه عرف الشيخ شعبان الصياد أسرار وأصول القراءات السبع وساعده في سرعة الحفظ والأداء إقباله الشديد اللافت للنظر علي هذا المجال مما جعل شيخه يثني عليه دائما, وأتم حفظ القرآن الكريم كاملا وهو في السابعة من عمره. بعدها التحق بمعهد منوف الأزهري وبدأت شهرته في الظهور حيث كان يفتتح أية مناسبة بالمعهد وسط إعجاب وثناء أساتذته وبدأ يدعي لاحياء المناسبات بمدينة منوف ثم التحق بكلية أصول الدين حيث فتح أمامه مجال الشهرة والاحتكاك بمشاهير القراء بسماع مشاهير القراء أمثال الشيخ محمد رفعت ومحمد سلامة ومصطفي إسماعيل الذي كان قارئه المفضل. وفي عام1966 حصل علي درجة الليسانس من كلية أصول الدين بتقدير جيد جدا وتم ترشيحه للعمل كمعيد بالكلية ولكن خوفه من أن تشغله مهنة التدريس بالجامعة عن حبه في قراءة القرآن جعله يفضل العمل بالتدريس بالمعاهد الأزهرية ثم موجها في علوم القرآن بمديرية أوقاف شبين الكوم حتي صار وكيلا للوزارة بها. ومنذ عودته إلي منوف بعد التخرج من جامعة الأزهر بدأ قراءة قرآن الجمعة في بعض مساجد المدينة حتي أصبح قاريء السورة بمسجد الشيخ زوذن أكبر مساجد منوف. وفي عام1975 نجح الشيخ شعبان الصياد في اجتياز اختبار الاذاعة وتم اعتماده كقاريء للقرآن الكريم بالبرنامج العام مباشرة دون المرور علي إذاعة البرامج القصيرة كما يحدث مع عامة القراء وفي أول شهر من التحاقه بها أسندت إليه تلاوة يوم الجمعة من الإذاعة وتلاوة القرآن الكريم يوم الجمعة التالي مباشرة من التليفزيون كما كان يقرأ قرآن الفجر كل ثلاثة أسابيع في أكبر مساجد القاهرة مثل الأزهر والحسين والسيدة زينب رضي الله عنهما كما كان رحمه الله أول قاريء بمسجد القنطرة شرق علي أرض سيناء بعد تحريرها علي الهواء مباشرة في صلاة جمعة شهيرة حضرها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وشد علي يده ومنحه جائزة فورية إعجابا به. رحلاته مع التلاوة والسفر خارج البلاد: زار شيخنا العديد من دول العالم حاملا كتاب الله وآياته البينات إلي قلوب الملايين الذين أحبوه والتفوا حوله وعشقوا صوته وأداءه ونال إعجاب وتقدير وحفاوة مسلمي هذه البلاد وكان الشيخ شعبان الصياد يدعي في شهر رمضان المبارك للسفر إلي معظم الدول العربية والإسلامية والأجنبية لاحياء الشهر.في أحد الأيام وفي صلاة الفجر في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة ذهب الشيخ شعبان الصياد لتلاوة قرآن الفجر فإذا بصوت يناديه فوجد المطرب الشعبي محمد عبدالمطلب الذي عانقه وشد علي يده وقال له أنا من أشد المعجبين بك ودائما أحضر وأسمع قرآن الفجر بصوتك ولكني اليوم أصررت علي مقابلتك وتهنئتك بهذا الصوت الجميل والفن الرائع وقال له ياملك الفجر وظلت هذه التسمية واللقب ملازما للشيخ حتي يومنا هذا. نشأ الشيخ شعبان الصياد يتيم الأب وسط أسرة فقيرة فكان هذا دافعا لأن يأخذ حياته منذ الطفولة مأخذ الجد والكفاح فلم يعرف معني الطفولة حتي إنه في إحدي برامج الاذاعة حين استضافته وسؤاله عن طفولته فأجاب لقد ولدت رجلا. ومن المواقف التي لا تنسي أنه أثناء دعوته لاحياء أمسية من مسجد سيدي عبدالوهاب الشعراني باب الشعرية وكان هو قاريء السورة وكانت الأمسية عبارة عن صلاة العشاء ثم ابتهالات دينية ثم تلاوة قرآنية للشيخ شعبان الصياد وعند دخوله المسجد أخبره المسئولون عن الإذاعة أن إمام المسجد والشيخ المبتهل لم يحضرا وأنهم في موقف حرج فطمأنهم الشيخ شعبان الصياد وأذن لصلاة العشاء وأم المصلين في الصلاة وقدم الابتهالات الدينية, ثم تلي التلاوة القرآنية التي كانت من أجمل ماقرأ. ظل الشيخ شعبان الصياد في عطائه المستمر في تلاوة القرآن الكريم في كل أنحاء المعمورة إلي أن فاجأه المرض عام1994 فاستمر في تلاوته ولكن في أضيق الحدود وقد أحسن المولي عز وجل ختامه ولبي نداء ربه وفاضت روحه الطاهرة إلي بارئها في صباح فجر يوم1998/1/29 الموافق الأول من شهر شوال( عيد الفطر) عام1419 ه.