أعتقد أن عام2011 الذي بدأ قبل أكثر من أسبوعين في ظل عواصف مناخية صعبة ينذر بعواصف سياسية مزعجة للعالم العربي حيث تتراكم عدة ملفات معبأة بكل أدوات الانفجار ومن ثم فإن القضية الأهم هي كيفية تجنب واحتواء هذه العواصف السياسية التي بدأت رياحها في الهبوب مبكرا وكأنها بمثابة رسالة إنذار لما تبقي مما يسمي بفكرة روح العمل المشترك الذي تجسده جامعة الدول العربية التي تدخل عامها الخامس والستين دون أن تنجز الحد الأدني من أهدافها ومقاصدها. وهنا يكون السؤال الضروري والمهم في إطار أجواء استضافة مصر هذه الأيام للقمة الاقتصادية العربية الثانية هو: هل نحن بحاجة إلي مزيد من التردد والتلكؤ الذي يقود تلقائيا إلي العجز والحيرة في صياغة العلاقات العربية العربية لكي نجعل من المؤسسة الوحيدة التي ترمز لوجود كيان جغرافي وسياسي متكامل اسمه العالم العربي مدخلا لخلافات وتجاذبات بين الدول العربية, وبعضها البعض تارة باسم الحاجة لإحداث تعديلات ميثاقية وهيكلية وتارة أخري بتغليب الأنانيات القطرية فوق المصلحة القومية مما أدي- ليس فقط- إلي تفكيك فكرة المشروع القومي العربي وإنما إلي بدء انفراط وتفكيك الدولة القطرية ذاتها؟ لقد ولدت الجامعة العربية قبل نحو65 عاما بإرادة توافقية بين الدول السبع المؤسسة لها ورغم أية ملاحظات أو تحفظات علي شرط الإجماع لضمان إلزامية القرارات التي تصدر عنها فإن هذا الشرط كان له الفضل في عدم انفراط العقد العربي مرات عديدة. إن من حق أي دولة عربية أن تتحدث عن الحاجة إلي تطوير الجامعة العربية وتصحيح أية عيوب في هياكلها أو سد أي ثغرات في ميثاقها ولكن لا بد أن يؤخذ في الاعتبار أهمية الاعتراضات التي تبديها الأطراف العربية الأخري, سواء بالنسبة لفكرة التطوير أو مضمونها, ومن ثم ينبغي السعي بجدية لصياغة توافق عربي جماعي حول ما يمكن الشروع فيه باتجاه التطوير وتجنب أية نقاط خلافية. إن هذه المنظمة وكما يعبر عنها اسمها هي تجمع للدول العربية ولا يجوز الانضمام إليها إلا لكل دولة عربية مستقلة ذات سيادة, وإذن فإن إرادة هذه الجامعة تعكس مجموع إرادات هذه الدول.. ولو كانت الإرادة العربية تعكس واقع القوة والقدرة لما كان هذا هو حال جامعة الدول العربية وحال العرب بوجه عام ولكننا مازلنا مصرين علي الاهتمام بعناصر الفرقة والتشتت والانقسام والانشغال بالكيد لبعضنا بعضا. وليس أسخف ولا أسوأ من أن يقول البعض- مجددا- بانتفاء الحاجة للجامعة العربية لأنه لم تكن للأمة العربية في يوم من الأيام حاجة لمثل هذا الإطار السياسي- رغم محدودية النتائج- بمثل ما تحتاجه اليوم وهي علي أعتاب تهديدات صريحة تفرضها مخططات تستهدف إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد بعد تصفية القضية الفلسطينية تصفية كاملة وفي ظل تحديات أزمة اقتصادية ومالية عالمية ليس بمقدور أية دولة عربية مواجهتها بمفردها, فضلا عن خطر التقسيم والتفتيت للخريطة العربية سواء في السودان حاليا أو في العراق مستقبلا بعد تنامي نزعات الانفصال لدي الأكراد. إن دقة المرحلة الراهنة تحتاج إلي دعم عقائد الوحدة والتكامل وتقوية وترسيخ الجامعة العربية كإطار سياسي مهما اختلفنا حول درجة فعاليته.. ومن ثم فإننا بحاجة إلي أصوات العقل والحكمة التي تبشر بالأمل ولسنا بحاجة إلي أصوات الاندفاع والغضب والمزايدة التي تبعث علي الاكتئاب واليأس والإحباط! إن علينا أن نبدأ بالممكن والمفيد بدلا من إضاعة الوقت وراء الصعب والمستحيل! وغدا نواصل الحديث
خير الكلام: ** ليس هناك كبرياء خارج الحق والحقيقة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله