يمثل الحديد واحدا من أهم المعادن التي يعتمد عليها العديد من الصناعات ويدخل في مكونات صناعة الآلات والأجهزة, ولكن المتابع لهذه الصناعة في مصر يعرف تماما حجم الأزمات التي تعيشها وتتعرض لها. ومن المعروف أن صناعة الحديد بدأت في مصر في الأربعينيات بشركات خاصة بهدف استغلال الخردة الناتة من مخلفات الحرب العالمية الثانية, وفي نهاية الخمسينيات أنشأ بحلوان أول مصنع متكامل للحديد والصلب واعتمد علي مادة خام مستخرجة من أسوان شهدت هذه الشركة العديد من مراحل الاضافة والتطوير أهمها إنشاء مجمع الصلب الذي بدأ انتاجه عام1972 وبلغت الطاقة الانتاجية مليون طن سنويا من كل الأشكال في الثمانينيات أسست شركة استثمارية بالدخيلة بالإسكندرية مشاركة مع اليابان تعتمد علي تكنولوجيا جديدة لإنتاج, الصلب باستخدام الغاز الطبيعي بدلا من الفحم, وبدأت الشركة إنتاجها عام1986 بطاقة تصميمية800 ألف طن من حديد التسليح ثم شاهدت الشركة عددا من المراحل حتي تحولت إلي شركة استثمارية ورفعت طاقاته حتي وصلت إلي1.8 مليون طن سنويا. وخلال الأعوام التالية شهد قطاع الصلب نموا مطردا متناسبا مع التطورات الاقتصادية وخطط التنمية وزيادة الاستثمارات في الانشاءات والمرافق التي تعتمد علي حديد التسليح ووصل الاستيراد من حديد التسليح خلال الثمانينيات وأوائل التسعينيات إلي نحو1.5 مليون طن في السنة, وظل وضع صناعة الحديد في مصر مستقرا حيث كان الإنتاج المحلي كافيا للسوق المصرية ومنع من تصديره إلي الخارج ومع بداية الأزمة المالية العالمية وارتفاع الأسعار فتح باب الاستيراد للحديد التركي في نهاية عام2008 وبلغت2.9 مليون طن خلال عام2009, ومنذ ذلك الحين والصناعة المحلية تشكو من عدم عدالة المنافسة مع المنتج التركي وتم إغلاق وبيع نحو4 مصانع. ويوضح محمد سيد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية سبب رفض الصانع المصري للحديد التركي الذي جاء انخفاض سعره لمصلحة المستهلك قائلا إن سعر الحديد التركي يمثل إغراقا للصناعة المحلية, فهناك العديد من المميزات التي قدمتها تركيا لهذه الصناعة خاصة بعد أن خسرت أسواق الدول العربية وأصبح لديها مخزون كبير من الحديد ومنها خفض سعر العملة المحلية ودعم إنتاج الحديد وإعفاء منتجات الجديد من المصروفات, ولكن في المقابل نجد المنتج المحلي تواجهه العديد من المشكلات منها التعنت الجمركي المتمثل في فرض الجمارك علي الخامات المساعدة لصناعة الحديد بينما المنتج النهائي وهو حديد التسليح معفي منها! بالإضافة إلي تراجع فرص تصدير المنتج المصري إلي الخارج وارتفاع نولون نقل الخام في فترة من الفترات وارتفاع أسعار الطاقة وغيرها من الأسباب التي ربما يمثل حلها جزءا من حل الأزمة, وإن كان تقديم المميزات التي تقدمها دول أخري لصناعة الحديد يمثل أفضل الحلول. ويضيف: المصلحة العامة ليست فقط وجود سلعة رخيصة وإلا توقف إنتاج كل السلع واكتفي باستيرادها إلا أنه يلاحظ أن كل السلع الاستهلاكية عليها جمارك تصل إلي30% منها الجلدية والمنسوجات والأثاث والأجهزة المنزلية, فلماذا الحديد فقط أصبح صفرا! وقد تم انفاق1.2 مليار دولار ثمن حديد مستورد كان يمكن توفير أكثر من نصفها وبعد أن كان الفارق في ميزان المدفوعات بين صادراتنا وواردتنا من تركيا لا يتجاوز50 مليون دولار حتي2007 بلغ الفارق عام2009 مقدار1.7 مليار دولار بسبب واردات الحديد كما يوجد بقطاع الحديد نحو50 ألف عامل مباشر بخلاف الخدمات غير المباشرة المحيطة التي تزيد علي هذا العدد, مرتباتهم ودخولهم يعد أحد محركات السوق في كل المجالات وتبلغ استثمارات القطاع نحو40 مليار جنيه بخلاف التراخيص الجديدة البالغ استثماراتها20 مليار جنيه وجزء كبير منها قروض من بنوك محلية وعالمية وتعثر تلك الكيانات الصناعية كارثة بكل المقاييس. والأهم من كل ذلك الوفر المحقق للمستهلك الذي يبني بيته بنفسه من استخدام الحديد المستورد عن المحلي لم يتعد100 جنيه في الطن في أفضل الأحوال وهو ما يعني توفير300 جنيه في تكلفة الوحدة مساحة100 متر مسطح ولم يلحظ أي انخفاض في أسعار الشقق المبنية حديثا والمعروضة للبيع بعد انخفاض سعر الحديد من9000 جنيه إلي3000 جنيه للطن! وتمثلت الشكوي في نقاط أهمها أن هناك زيادة كبيرة في حجم الواردات من تركيا تزيد علي3% من إجمالي حجم الواردات من كل دول العالم إلي مصر وأن تلك الزيادة أثرت علي أسعار بيع المنتج المحلي وألحقت ضررا ماديا بالصناعة تمثلت مظاهره في انخفاض أسعار البيع المحلية وزيادة نسبة تكلفة الإنتاج مقارنة بسعر البيع المحلي وانخفاض الحصة السوقية وزيادة حجم المخزون وانخفاض الأرباح وانخفاض معدل العائد علي الاستثمار وعدم القدرة علي النمو وانخفاض القدرة علي زيادة رأس المال. ومن ناحية أخري قام الجهاز بدوره بالتحقيق في هذه الشكوي وفقا لما ذكر علي موقعهwww.tas.gov.eg حيث ورد إلي الجهاز مذكرة من الصناعة المحلية تدعي فيها أن الواردات من صنف حديد التسليح( اسياخ ولفائف وعيدان) ذات منشأ أو مصدره من تركيا ترد بأسعار مغرية, وقد ألحقت ضررا ماديا بالصناعة المحلية حيث قدمت غرفة الصناعات المعدنية المصرية باتحاد الصناعات المصرية نيابة عن الصناعة المحلية ممثلة في شركات( شركة السويس للصلب وشركة بورسعيد الوطنية للصلب وشركة السويس للصناعات الحديدية شركة العز لحديد التسليح وشركة عز الدخيلة للصلب ومصانع العز للدرفلة). وتدعي فيه هذه الجهات ورود كميات كبيرة إلي مصر من صنف حديد التسليح ذات منشأ أو مصدره تركيا بأسعار مغرية وتسبب ضررا ماديا للصناعة المحلية وقد قام الجهاز من جهته بالإجراءات المتبعة وإعلان البدء في التحقيق حول هذه الشكوي هذا التحقيق الذي يستمر لمدة عام كامل من تاريخ أكتوبر2010 إلي تاريخ أكتوبر.2011 ومن ناحية أخري فإن العمالة تمثل جزءا أساسيا من أي صناعة وبالطبع صناعة ضخمة وبها العديد من عوامل الخطر مثل صناعة الحديد والصلب تحتاج إلي العمالة المدربة التي يقول عنها صلاح هيكل رئيس اللجنة النقابية بمصنع حلوان ورئيس النقابة العامة للعاملين بالحديد والصلب أنها عمالة صعبة ولا يستطيع أي شخص أن يعمل بهذه الصناعة ولذلك تكون المرتبات أيضا مجزية ولكن الصناعة نفسها تواجه العديد من المشكلات التي باتت معروفة للجميع وهذه المشكلات هي التي تسبب الخسائر الحقيقية للشركات, وبالتالي يحدث التعثر الذي يعود بأثره علي العامل الذي يبذل أقصي مجهود, ولكن شركته تخسر وتحدث الأزمة في المرتبات وتبدأ الإدارات في البحث عن مصادر سيولة لتسديد مرتبات العاملين. بعد طرح المشكلات التي تواجهه صناعة الحديد والصلب في مصر أيضا الحلول فهل تستجيب الحكومة والمسئولون لحماية صناعة تقدر بالمليارات مع عددم الاضرار بالمستهلك