في أولي ساعات صباح يوم عيد الميلاد المجيد سمعت طرقات رقيقة علي باب شقتي.. ففتحت الباب ووجدت ابن جاري في الدور الثالث يقف أمامي وبيده شنطة هدايا مكتوبا عليهاILOVEYOU ب ويقول لي كل سنة وإنت طيب يا عمو, وسأل علي أبنائي, واعطاهما شنطة الهدايا وبداخلها لتر مياه غازية وعدد من قطع الشيكولاتة والبسكويت, وبعد ان لعب معهما أحضر أبني الصغير بعضا من خلوته المفضلة, والتي يرفض أن يعطي أحدا منها حتي أنا. هذه البداية في يوم عيد الميلاد أسعدتني أنا وزوجتي ومسحت الكثير من حالة الشجن والحزن والاكتئاب التي أصابتنا بعد حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة, وعندما اجتمعنا كأسرة وبدأت أحكي قصة ابن جاري ووالديه بدأت تنهال علي القصص من اقربائي واصدقائي فهذا يقول ان المسلمين عقب خروج القداس ليلة عيد الميلاد كانوا ينتظرون اشقاءهم المسيحيين بالشموع ويأخذونهم بالاحضان, وذاك يقول إنه تلقي عشرات الرسائل والمكالمات التي تذوب خجلا مما جري في الاسكندرية وتؤكد الحب والود والتراحم والتآخي بين مسلمي وأقباط هذه الأمة. ووجدت نفسي أجمع تفاصيل المشهد بعد حادث الإسكندرية, رأس الدولة الرئيس مبارك يوجه كلمة للأمة ويقول دماء أبنائنا ليست رخيصة. شيخ الأزهر موجها كلامه ل البابا شنودة في المقر البابوي, اليوم في الكنيسة غدا في المسجد, الارهاب ليس له دين, البابا شنودة يقيم احتفال عيد الميلاد ويعلن الإرهاب لن يفرق بين قبطي ومسلم سالت دماؤهم معا في الدفاع عن تراب هذا الوطن, وفي الاحتفال بالعيد بالكاتدرائية اجتمعت مصر كلها في تحد للإرهاب الوزراء والساسة والبرلمانيون ونجلا الرئيس جمال وعلاء مبارك وزوجتاهما ونقيب المحامين ونقيب الصحفيين ونقيب الفنانين ونخبة الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف وشيوخ وقساوسة وعادل إمام ويسرا الجميع كانوا معا. فشكرا للإرهابيين والإرهاب فقد أرادوا لنا الفرقة والفتنة ولكن واجهناهم من اللحظة الأولي بالوحدة والتوحد, فالشهيد مصري, والألم أوجع المسلم والمسيحي, وسنكمل اجتثاث جذور الإرهاب بتعانق الجميع فعلا لا قولا, بأن نرفض مناهج التعليم التي تفرق, وأقترح أن تلغي حصة الدين ومنهج دين مسيحي ودين إسلامي ويكون هناك منهج واحد يجمع التعاليم السمحة في الدينين والآيات التي تدعو للحب وليس للفرقة, أقترح أيضا أن يتفرغ البر لمان ويصدر بشكل عاجل القانون الموحد لبناء دور العبادة وقانون الأحوال الشخصية للمسيحيين, وليت الأمن وأجهزة العدالة تتعامل بحسم وبقسوة مع من يفرقون ويميزون ويسعون لاغتيال وحدة الوطن, تعالوا نجعل من حادثة الإسكندرية نقطة تحول حقيقية وكما نحتفل بيوم اليتيم وعيد الأم وعيد الحب وأعياد أخري كثيرة تعالوا نحتفل ليلة بداية السنة الميلادية الجديدة بعيد الوحدة الوطنية, ونرفع الهلال والصليب وعلم مصر في كل مكان, معركتنا مع الإرهاب معركة ليست سهلة ولا قصيرة وتحتاج إلي إبداع وأفكار وقرارات جريئة وسريعة.