كلما جاء لزيارتنا سواء فى عيد الفطر أو الأضحى، وغيرهما من المناسبات، كان يحكى لى «حدوتة الشيكولاتة» التى لم أمل من سماعها أبدا على مدار الأعوام، رغم أنها تعود لحوالى 20 عاما حينما كنت طفلة لم تكمل الثالثة. عمو عيسى جارنا العزيز وصاحب ورشة النجارة الملاصقة لمنزلنا القديم، تلك الورشة التى أحمل لها بذهنى ذكرى جميلة منذ تفتحت عينى على الدنيا، ففى كل صباح كانت أمى تصحو على نفس الفزع عندما لا تجدنى بسريرى بجوار شقيقتى الكبرى، فتخرج وهى متيقنة إلى أين ذهبت الصغيرة، وبالفعل تجدنى اتجهت بملابس النوم مباشرة من السرير إلى الورشة، أقف أمام بابها حيث يجلس عمو عيسى على «الدكة الخشب» أنظر إليه بصمت فيضحك وقد فهم سبب زيارتى الصباحية، ويمد فورا إحدى يديه فى جيبه ليخرج لى قطعة الشيكولاتة اليومية التى يشتريها لى خصيصاً، آخذها وأظل واقفة ونظرى مثبت عليه، فطلبى لم ينته، يسألنى ضاحكا «عايزه إيه تانى» فأجيب بعبارتى الشهيرة «ودعاء أختى» فيخرج يده المخبأة فى جيبه الآخر بقطعة أخرى لشقيقتى، ويوميا تتكرر الحدوتة بلا ملل حيث لا يغنينى شىء عن شيكولاتة عمو عيسى، والتى حرمت طعمها بعد انتقالنا لسكن آخر لكننى والحمد لله لم أحرم أبدا من زياراته التى يحرص عليها خاصة فى العيدين، وإن لم يتمكن من زيارتنا يقوم ابنه «رومانى» بوصل هذه العادة المستمرة لمدة 20 عاما إلى «عمو عيسى» كل سنة وأنت طيب.. يا أقرب آخر لقلبى.