بعد أسبوعين من بدء كارثة السيول, مازال مواطنو العريش يتذكرون ما حدث, ولا ينسون الأوقات الصعبة التي عاشوها, وعقب السيل مازالت معاناتهم في ترميم وإصلاح المنازل والشوارع. حكايات المنكوبين تبدأ بالخوف ولا تنتهي لحين تحقيق مطالبهم في التعويض.خلف منطقة سد الروافعةبوسط سيناء احتجزت كمية من المياه وصلت إلي5.5 مليون متر مكعب, ومع تزايد الأمطار فاضت المياه علي السد لتنزلق بسرعة لأقرب مكان منخفض, وهو وادي العريش, التقت مياه الروافعة مع المياه القادمة من منطقة وادي الأزارق بالمنطقة الحدودية مع إسرائيل فكانت السرعة التي تجاوزت100 كيلومتر بارتفاع5 أمتار لتداهم مدينة العريش, ولعدم توقع الجميع حدوث سيل فكانت المباني بمجري السيل كثيرة جدا, منها80 محلا تجاريا, وقرية للألعاب الرياضية, والعديد من الفيلات والشاليهات. ساعات قليلة وتعالت الصرخات من المواطنون, وغرق مستشفي العريش ونقل المرضي إلي مستشفيات أخري, وكل ما نرصده هو حالة المواطنين بعد10 أيام من السيل, فهموم المواطنين واحدة, لكن الأهرام قررت أن تعايش المضارين, ففي مدرسة أحمد صالح تقيم أكثر من35 أسرة بأطفالهم نرصد منها حالة أسرة السيدة بدرية صباح التي تعول6 أطفال بمراحل التعليم المختلفة.. أرملة مريضة تحتاج إلي علاج لمرض السكر.. هذه السيدة تجلس مع رفقائها من المضارين بالدور الأول للمدرسة, وأقل الاحتياجات غير متوافرة أو صعبة المنال. أما أسرة الحاج عبده, ويعمل خفيرا بإحدي المدارس, فيقيم هو وزوجته أيضا بإحدي مدارس العريش, وبالطبع فقد تم فصل السيدات عن الرجال, فإذا ما أراد التحدث مع زوجته يكون بالتشاور والاستئذان, والعم عبده عفيف النفس يرفض حتي مجرد قبول المساعدات, وهو لا يمتلك من حطام الدنيا شيئا غير راتبه البسيط الذي لا يكاد يكفي بالكاد مستلزمات ومتطلبات الأسرة, فالمنزل أصبح كومة من التراب, وفي منطقة مجري الوادي يقيم ربيع حسين في خيمة أعدها بنفسه مكان منزله الذي هدمته السيول, وهو مصر علي عدم ترك أرض منزله متخوفا من أن يأتي أحد ويأخذ أرضه, أما بلال المغاوري عبدالحميد, ويعمل في إصلاح السيارات, فإن منزله بعيدا عن مجري السيول, لكن الورشة التي يعمل بها بالقرب من مجري السيول. ترك المعلم بلال ورشته ليلا كالمعتاد بما فيها من معدات وسيارة حديثة لم ينته من إصلاحها, وقرر إصلاحها في اليوم التالي, لكنه يعود في صباح اليوم التالي ولا يجد شيئا بالورشة, فالسيل جرف كل شيء. بلال يبكي بحرقة, فمصيرة لا محالة إلي السجن, فقد فقد معداته التي تتجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه, كما فقد أجزاء من السيارة التي كان بصدد إصلاحها وغرقت في السيول أما ناجي عباس, أحد الباعة الجائلين بمنطقة مجري الوادي, الذي كان يعمل بائعا متجولا بالعريش, وأصرت المحافظة منذ خمس سنوات علي عدم السماح للباعة الجائلين بالجلوس بالشوارع, فأعدت ما يقرب من80 محلا تجاريا بمجري الوادي كان نصيب ناجي أحد هذه المحال فدفع مبلغ10 آلاف جنيه للمحافظة, وباقي ثمن المحل بالتقسيط, فذهب كل شيء مع السيل بالإضافة إلي80 محلا أخري,. ناجي بعد عشرة أيام من السيول لم يجد أي تعويض فذهب اليوم إلي مكان محله بمجري الوادي واشتري بعض أقفاص الطعام والخضراوات وقرر البيع علي أطلال محله القديم لعله يعوض بعض خسارته التي لحقت به من جراء السيل. ولعل حظه كان أوفر من حظ الحاج عوض أبو شيتة, الذي فقد ابنه في مجري السيل في اليوم الثاني للسيل, كما غرق أثاث منزله بالكامل, فالحاج عوض يتمني لو أنه فقد كل شيء إلا ابنه الصغير سعيد(11 عاما), فالحزن خيم علي الأسرة بالكامل, وقد ترك المنزل هو وأسرته لا يريد منه أي شيء, وقرر الابتعاد تماما عن المنطقة, فالحسرة والألم أشد من أشياء فقدت من هنا أو هناك, وهو لا ينتظر تعويضا من أحد, فالأمر كله موكله إلي الله عز وجل.