لعل أكثر ما لفت نظري من ردود الأفعال علي ما كتبته- علي مدي خمسة أيام متتالية- حول حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية أن معظم الرسائل التي تلقيتها تؤكد أن ما جري عمل إجرامي. يرفضه الشعب المصري بكل فئاته, ويعتبره جزءا من مؤامرة خبيثة تستهدف ضرب الأمن والاستقرار وهو ما يزيد من صحة اليقين بأن بعض الشباب الجاهل المغرر بهم- سواء كانوا مصريين أو أجانب- مجرد أدوات لقوي خفية تحركهم من وراء الستار وتوفر لهم مقابل الموت والدمار. وليست مشاعر الغضب التي عمت الشارع المصري فور وقوع الجرم الشنيع سوي تعبير صادق عن رفض المصريين لكل من يريد أن يثير غبارا في أجواء مصر النقية والمستقرة. إننا في دولة يحكمها القانون الذي لا يمنع أحدا من التعبير عن رأيه واعتناق الدين الذي يرغب فيه, فلماذا هذا السلوك الأخرق من جانب من يريدون أن يكونوا أوصياء علي الناس بالإرهاب والعنف واستخدام السلاح. ولست أريد أن أستبق نتائج التحقيق في هذا الحادث, ولكنني مع ذلك لا أستطيع أن أكتم رأيا في صدري يرجح وجود أياد أجنبية حاقدة تريد تصوير الأوضاع في مصر علي أنها أوضاع غير مستقرة حتي تتهيأ لها فرصة تكثيف ضغوطها من أجل تطويع المواقف الوطنية والقومية لمصر التي تتصادم مع أهدافها ومقاصدها في المنطقة كلها! ولعل ذلك ما يدفعني إلي القول إننا الآن أمام تحديين يتحتم علينا مواجهتهما بكل العزم والإصرار وتحت رايات العقل والحكمة, وعدم الانجرار إلي منطقة رد الفعل التي يراد سحبنا إليها! أريد أن أقول بصراحة: إن التحدي الأول كان ولا يزال وسيظل هو حماية الأمن والاستقرار في هذا الوطن من كل المخاطر التي تستهدفه علي محاور عديدة وبمسميات مختلفة, لأن الركيزة الكبري والأساسية في كل طموحات البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي هي ركيزة الأمن والاستقرار. ولكن متطلبات واستحقاقات مواجهة هذا التحدي لا ينبغي لها أن تتعارض أو أن تتصادم مع ما ينبغي عمله في مواجهة التحدي الثاني المتعلق بتأكيد استمساك هذا الوطن بمسيرة الديمقراطية وتعميق سيادة القانون. وهنا أقول بكل وضوح- وبكل صراحة إنه ليس هناك تعارض أو تناقض بين متطلبات واستحقاقات حفظ الأمن وضمان الاستقرار من ناحية, وبين متطلبات واستحقاقات المضي علي طريق ترسيخ الديمقراطية وتأكيد احترام سيادة القانون طالما أننا نمتلك رؤية واضحة بأهدافنا ومقاصدنا المشروعة! ولعل ازدواجية هذين التحديين هي التي تفرض علينا ضرورة أن نقرأ ما حدث في حجمه الصحيح دون تهوين ودون تهويل! وغدا نواصل الحديث *** خير الكلام: ** اثنان لا يحسان بالرضا أبدا... الحاسد الكاره والحاقد الرافض! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله