شهدت مصرنا العزيزة في الساعات الأخيرة من السنة الماضية التي ودعناها بالأمس فقط, وفي مطلع أول يوم من أيام الشهر الميلادي من السنة الجديدة لعام1102 لميلاد المسيح, عليه السلام, أحداثا مؤسفة لم نعتد عليها من قبل, وللأسف يشعر المرء بأنها تدبير في الخفاء عن قصد, في ظروف اقليمية بالغة الدقة وقواسمها المشتركة هي: 1 وجود الاستعمار بشكله الجديد وبقوته الكبري أعني الولاياتالمتحدةالأمريكية في خضم المشكلات وقيادته للمنازعات إما بشكل سافر أو مستتر. 2 توجيه المنازعات بشكل أو آخر, إلي الانقسام والتجزئة. 3 استغلال الخلافات التي قد تطرأ بين بعض أبناء الامة في بعض الأزمنة والأمكنة, والتركيز عليها, وإغراء فريق ضد فريق آخر حتي يتحقق الانقسام الفعلي.ونشهد في المأساة التي دارت فصولها في استقبالنا العام الجديد وفي مدينة تعد رمزا للهدوء والجمال في منطقتنا أعني بها في مدينة الاسكندرية بعضا من هذه الأسباب, وتداعيات فورية تنهال علينا سريعا دون ابطاء, فأمريكا تعلن ان الاقباط في مصر في حاجة إلي حماية دولية, وتبدي استعدادها للتدخل في المشكلة والبحث عن الجناة, كما أن الفاتيكان تصدر بيانا مشابها, تعلن كذلك فيه أن المسيحيين في مصر في حاجة إلي الحماية, والغريب في المأساة أن تفجيرا حدث في منطقة قريبة من دورين للعبادة, مسجد وكنيسة,وأنه جري أيضا بعد حدث دام آخر في أطراف مدينة القاهرة فوجئنا بحدوثه ولم نعتد عليه من قبل في بلادنا, مما يدلنا علي أن مخطط التدخل والتأثير علي فريق من أبناء الشعب, يبدو في هذه الآونة قويا علي بلادنا ومجتمعنا. وفي اعتقادي أن وجود شعب واحد قوامه ثمانون مليونا من البشر, لايزالون يتزايدون بشكل كبير, أمر يزعج الكيانات المسيطرة علي العالم وعلي هذه المنطقة بالذات, الذي يعد الوجود الإسرائيلي القوي فيها من أولويات سياسات القوي المهيمنة علي العالم وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالامريكية, لذا يجب التنبه إلي درس الاستفتاء علي الانفصال في السودان, إذ يعد رسالة قوية موجهة لنا. ويجب أن نعرف أن السبيل الوحيد لمواجهة مانحن فيه وللتغلب علي هذه المؤامرات الدنيئة التي تحيط بنا, هو التمسك بالاخاء بين عنصري الامة من المسلمين والمسيحيين, وأن مواجهة هذه المشكلة تحتاج إلي التمسك بروح الاخوة التي سادت بيننا ردحا طويلا يصل إلي خمسة عشر قرنا من الزمان. آيات في القرآن الكريم وأحاديث نبوية شريفة تؤكد أواصر ونسب ومصاهرة مع توصية للمسلمين منه صلي الله عليه وسلم بالخير استوصوا بالأقباط خيرا فلقد صاهرهم صلي الله عليه وسلم وتزوج منهم مارية القبطية وأنجب منها ابنه ابراهيم, وفي السنة العملية عهود ومواثيق تعطي لهم الامان في ديار المسلمين, وتحث علي التعاون معهم علي البر والتقوي, وتنهي عن التعاون علي الاثم والعدوان, ومن ذلك الصحيفة دستور المدينة عهود الآمان المختلفة التي أعطاها الرسول صلي الله عليه وسلم لجميع أصحاب الأديان. ومن ذلك أيضا سوابق العيش المشترك وما أتبعه الخلفاء من سيرة النبي صلي الله عليه وسلم مثل ما عرف تاريخيا بالعهدة العمرية وهو عهد وميثاق من الخليفة عمر بن الخطاب يأمن المسيحيون من خلاله علي أرواحهم وعلي ممارسة عقيدتهم, بل وعلي احترام كنائسهم وصلبانهم. إننا نحتاج إلي استدعاء روح الاخوة التي تؤكدها هذه الوثائق وواقع العيش المشترك بيننا طوال هذه الحقبة الطويلة من الزمن, ألف وخمسمائة سنة.