3 - أظن أنه بعد أن سقط القناع مجددا ليكشف عن وجه الإرهاب القبيح في العمليات الجبانة التي استهدفت كنيسة القديسين في الإسكندرية فإن الأمر لم يعد يحتمل أي نوع من التقاعس في دحر هذه الهجمة الشرسة انطلاقا من إجراءات لا تقتصر علي البعد الأمني وحده وإنما ترتكز في الأساس إلي تبصير شعوب الأمة كلها بهذا الخطر الأسود وجذوره الفكرية العفنة! إن الأمر لم يعد يحتمل أي نوع من إيثار السلامة تجنبا لنقمة هؤلاء المتطرفين, الذين يراهنون علي إنزال الرعب في النفوس لكي تجبن عن مواجهتهم أو أن يضطر البعض لنفاقهم ومجاراتهم! إن الرصاصة القاتلة للإرهاب ليست هي رصاصة اليقظة الأمنية فحسب, وإنما هي رصاصة الفكر المستنير التي تصرع الفكر المتطرف وترديه قتيلا! ولست أستعدي أحدا ضد أحد عندما أقول: إن رصاصة الفكر المستنيرلا يجب توجيهها ضد فصائل الإرهاب وحدها, وإنما ينبغي الانتباه إلي أن الفكر المتطرف ليس في الجحور والأوكار السرية فقط, وإنما هو موجود في بعض مراكز ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني ورموز التطرف الإسلامي والمسيحي التي تطل علي الرأي العام عبر العديد من الفضائيات. بصراحة شديدة أقول: كفي دورانا حول المشكلة والهروب منها باستسهال اللجوء للإجراءات الأمنية والعقابية من ناحية, أو بالتقليل من شأن هذه الظاهرة أو من خطورتها والتوهم بأنها أحداث عشوائية طارئة وغير قابلة للتكرار من ناحية أخري... وما لم ترتفع صحوة اليقظة والانتباه من أجل مواجهة جوهر هذه الظاهرة وجذورها فإننا سوف ندفع ثمنا غاليا... وأنا هنا أتحدث عن صيحة تتبناها كل القوي السياسية والنخب الثقافية والفكرية والدينية وتتحمس لها بصدق وليس عن مجرد شعارات ترتفع بها اللافتات باسم هذا الحزب أو ذاك! أتحدث بوضوح شديد عن صيحة شعبية تبعث برسالة حازمة لتنظيمات وفصائل الإرهاب مفادها: أن أحدا لا يمكن له أن يخيفنا بهذه الجرائم الإرهابية القذرة... وأيضا لكي تصل رسالة موازية للقوي الدولية مفادها: أن أحدا لا ينبغي أن يبتزنا بسبب هذه الظاهرة الكريهة لأن الكل يتحمل نصيبا من المسئولية في أسباب نشوئها وانتشارها! والإرهاب الخسيس الذي صوب فوهة مسدسه إلي قلب مصر في كنيسة الإسكندرية ربما يكون قد أصابها بالوجع في جسدها البشري والروحي ولكنه فشل في أن يصيبها بأي وجع سياسي ومعنوي! ويخطيء من يظن أن حبل الإرهاب يلتف حول رقبة فريق دون آخر... فالحبل يلتف حول رقبة الجميع! وعلي الجميع أن يرتبوا أوضاعهم علي هذا الأساس وأن يدركوا أن السبيل الوحيد لدرء خطر الإرهاب وتجنب شروره يتطلب استراتيجية هجوم صريحة لتعرية الفكر المنحرف ومداهمة الأوكار والملاذات السرية والعلنية وحرمان هذه الفصائل المارقة من امتلاك الضربة الأولي بمختلف وسائل الإجهاض! وغدا نواصل الحديث..
خير الكلام: ** البلبلة تبدأ بأشياء غير مفهومة قبل أن تتحول إلي أشياء غير مقبولة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله