موعد مباراة آرسنال وتوتنهام الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    انخفاض أسعار 3 عملات عربية مقابل الجنيه خلال تعاملات اليوم    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    ضبط 276 عاملا أجنبيا بدون ترخيص في منشآت بمحافظة البحر الأحمر    سامسونج تخسر نصف أرباحها الفصلية بسبب القيود الأمريكية    حسين الجسمي يطرح "الحنين" و"في وقت قياسي"    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    اليوم.. توقف الدعاية وبدء الصمت الانتخابى لمرشحى مجلس الشيوخ    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام والقنوات الناقلة    تعرف على اختصاصات الهيئة الوطنية للانتخابات    دون إصابات.. خروج قطار عن القضبان بعد الاصطدام برصيف محطة السنطة بالغربية    طقس اليوم الخميس 31-7-2025.. انخفاض درجات الحرارة واضطراب بالملاحة    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    ميتا تعتزم زيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بعدما فاقت نتائج الربع الثاني التوقعات    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    20 شاحنة مساعدات إماراتية تستعد للدخول إلى قطاع غزة    ارتفاع أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس 31-7-2025    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بشمال سيناء    فورد تتوقع خسائر بقيمة ملياري دولار هذا العام نتيجة رسوم ترامب    هاريس ستدلي بشهادتها في الكونجرس بشأن الحالة العقلية لبايدن والعفو عن 2500 شخص    ملعب الإسكندرية يتحول إلى منصة فنية ضمن فعاليات "صيف الأوبرا 2025"    وزير خارجية ألمانيا في زيارة للضغط لوقف النار في غزة.    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    دعمًا لمرشح «الجبهة الوطنية».. مؤتمر حاشد للسيدات بالقليوبية    قناة السويس حكاية وطنl القناة الجديدة.. 10 سنوات من التحدى والإنجاز    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    معتقل من ذوي الهمم يقود "الإخوان".. داخلية السيسي تقتل فريد شلبي المعلم بالأزهر بمقر أمني بكفر الشيخ    الطب الشرعى يحل لغز وفاة أب وابنائه الستة فى المنيا.. تفاصيل    سلاح النفط العربي    بدأ في الزمالك وصديق مصطفى محمد.. 20 صورة ترصد مسيرة إبراهيم شيكا قبل المرض والوفاة    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    نحن ضحايا «عك»    طريقة عمل سلطة الفتوش على الطريقة الأصلية    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    رامي رضوان ودنيا سمير غانم وابنتهما كايلا يتألقون بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق فايد بالإسماعيلية (أسماء)    الحقيقة متعددة الروايات    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    بعد الزلزال.. الحيتان تجنح ل شواطئ اليابان قبل وصول التسونامي (فيديو)    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    هل يعاني الجفالي من إصابة مزمنة؟.. طبيب الزمالك السابق يجيب    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوفي عبدالله الأنور وثورة الأشجار
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 01 - 2011

أستهل العام الجديد بالحديث عن شاعر أحبه وأتحمس له ولشعره‏,‏ هذا الشاعر هو الثالث في سلسلة شعراء أربعة أنجبهم الشاعر العمودي عبدالله الأنور التلميذ النجيب في مدرسة الاحياء الشعرية‏,‏ وبخاصة لامامها محمود سامي البارودي‏,‏ وفي بيت هذا الشاعر المبدع‏,‏ وفي ظل رعايته وتوجيهه المباشر‏,‏ وحنان أم شاعرية الروح‏,‏ والتكوين هي حفيدة الشاعر الكبير ولي الدين يكن‏,‏ في هذا البيت تفتحت شاعرية فولاذ الابن الاكبر‏,‏ الذي لم يخيب ظن أساتذته فيه منذ كان طالبا في مدرسة سوهاج الثانوية‏,‏ وهو الآن عضو في لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة‏,‏ وبعده الابن الثاني في شجرة العائلة مشهور‏,‏ الذي رحل عن عالمنا مبكرا بعد ان احتجب سنوات عمل فيها في دولة الامارات واصطبغ شعره بتيارات الحداثة وثورتها في الشعر واللغة‏,‏ وثالثهم أوفي‏.‏
وهو الذي أكتب عنه اليوم في مناسبة صدور ديوانه ثورة الاشجار ضمن سلسلة اشراقات جديدة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب‏,‏ وفي ختام السلسلة يجيء السماح الذي بدأ شعره يتردد في محافل القاهرة الأدبية وتنافس شهرته شهرة اخوته الكبار‏.‏
أكتب عن أوفي عبدالله الأنور‏,‏ الذي أتيح لي أن أشهد ميلاد شاعريته المبكرة‏,‏ وهو يسوس النشاط الشعري والثقافي في كليتنا دار العلوم‏,‏ ويرعي أبناء جيله ومن سبقوه قليلا في العمر‏,‏ ويأخذ بأيديهم‏,‏ هو الذي منحه تكوينه أبوة مبكرة ووفاء نادرا‏,‏ وصفاء يكشف عن معدنه المرهف الشديد النقاء والاصالة‏.‏
وعندما استقر به المقام في بلده سوهاج مؤثرا أن يكون هو من دون اخوته الراعي لوالديه وأسرته‏,‏ أشفقت عليه من أن يستأثر به واقعه المحلي بمسئولياته وانشغالاته‏,‏ وكنت كلما سألت عنه أخويه فولاذ أو السماح ردا علي في اقتضاب أنه بخير‏,‏ ويزداد قلقي كلما طال افتقادي لشعره‏,‏ حتي اذا فاجأنا بديوانه كانت الفرحة تماثل فرحتي بصدور ديواني الأول وأصغيت مليا إلي بوح أوفي وهو يقول‏:‏
حين قابلته في مساء شريد‏/‏ عربد العشق في مقلتيه‏,‏ اشتكاه الزمان النحيل‏,‏ فاحتمي بوحه بالشجي‏/‏ وارتمي طرفه كالقتيل‏/‏ ما الذي أشعل القلب‏,‏ ألقي الفتي في طريق الجنون‏/‏ما الذي أسكن الورد قطر الندي‏/‏ ثم لملم خيط البراءة‏/‏ حتي إذا فاض بالوجد‏/‏اصطفي نخلة‏,‏ وارتقي مصعد التوق‏,‏ وأعد أطيارها بالغلال‏,‏ وألقي علي العابرين السؤال‏:‏ لماذا الهوي؟ ولماذا الكلال؟ ان قلبي طريد‏,‏ وشدوي وليد‏,‏ وأغنيتي لم يزل لحنها موغلا كالغريب‏!.‏
الله‏!‏ الله‏!‏ هذا شعر بكر‏,‏ يصدر من حنايا قلب ثم تجترح براءته ولم يفسد نقاؤه في لغة أحكم صنعها واختمرت طويلا قبل أن تسبح في فضاء الورق‏,‏ حاملة هذا البوح الشجي وهذا الافضاء العذب‏,‏ وهذا النفس المتسرب في حناياها متوهجا بالصدق الفني الذي حير البلاغيين‏,‏ كشف سره وكيميائه حين خلطوه بغيره‏,‏ ولم يحسنوا استقبال شحنته اللاهية‏,‏ وتأمل آثاره البعيدة في القرار العميق من النفس‏.‏
نعم‏,‏ عندما يصل بنا شعر أوفي إلي هذه المنطقة من النفس‏,‏ فنحن نسبح في قضائه الانساني‏,‏ ونسيج روحه المرفوقة في جذل وانطلاق‏:‏
‏..‏ هي طفلة‏,‏ سكن الجمال بوجهها‏,‏ وبعينها طوفان أشواق‏,‏ ورحلة سندباد‏/‏ولها عصا نبوية الايقاع‏,‏ إن ضربت تفتق نهر عشق‏,‏ واختفي زمن نحيل‏,‏ وتراجع الشرطي عن لفتاته‏,‏ وتحول الحكام أروقة‏,‏ يطوف حولها الشعب العيي‏/‏ فتهطل الرحمات يخضر المدي الممتد‏,‏ تصهل حينذاك يمامة‏,‏ ويحط قمري وتشدو وردتان‏.‏
الصورة الشعرية في ديوان ثورة الاشجار لأوفي عبدالله الانور تستمد بهاءها ونضارها من عناصر نألفها وتألفنا‏,‏ ليست غريبة‏,‏ أو مصنوعة‏,‏ وإنما فيها من المدي الفسيح لشاعر تمنحه مدينته الجنوبية سوهاج زخم صهدها وفتنتها‏,‏ ويظلله نخيلها بكينونته الأسرية التي تجعل من كل نخلة عمة في المكانة والمقام والرعاية‏,‏ وهو ما يضفي علي هذه الصور الشعرية أمومة احتوائها للعالم الذي يتحرك فيه الشاعر‏,‏ وهو ينزع وجدانه في كل يوم بالجديد والمزيد من حكايا الأحبة والراحلين‏,‏ وغيابات المهاجرين والمفارقين‏,‏ وتطلعات العيون الشاخصة بقلقها وبراءتها وعذابتها‏.‏
ومددت كفي‏,‏ فاقشعر الباب‏,‏ هرول حاملا بيتي وجيراني وشارعي القديم وقريتي وكلاب دربي حارسي الليلي هي رد الصدي؟
إن المدينة كلها رحلت‏,‏ ووجهي لم يزل يترصد الرؤيا ويبحث عن مصير لملمت جرحي‏,‏ وامتشقت فؤادي البواح‏,‏ ثم لكزت خيلي عائدا يشتاق لو ردت حنين فؤاده الصحراء‏,‏ أو غنت فجيعته المسافات التي شهدته تواقا لنبع الماء‏.‏
هذا الديوان الجديد حقا‏,‏ يقول لنا ان شعر الشباب بخير‏,‏ وان الذين اتكأوا علي تراثهم الشعري قبل أن يلحقوا ويرفرفوا‏,‏ وتمكنوا من الاحاطة بجمالياته وأسرار كيميائه‏,‏ هم المؤهلون قبل غيرهم إذا ما أسعفتهم الموهبة‏,‏ وأشعلتهم نار الشعر المقدسة‏,‏ لان يدعوا شعرا حقيقيا‏,‏ لا زيف فيه ولا تصنع لا معاظلة فيه ولا تصنع غرابة أو ألغاز‏,‏ وإنما هو الشعر العذب الصافي يصدر عن أنهار الشعر المترقرقة المنسابة في عذوبة ووداعة وصفاء‏.‏
لقد احتجبت عنا طويلا يا أوفي وأخشي أن يطول انتظارنا لمجموعتك التالية‏,‏ وافتقادنا لعذوبة صوتك الشعري والإنساني‏,‏ فعجل بها ولا توقفنا طويلا علي أبواب الانتظار‏,‏ فمثلك جدير بأن يقحم الساحة في ثقة واقتدار‏,‏ وأن ينافس أول ما ينافس أخويه المبدعين‏:‏ فولاذ والسماح‏!.‏

المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.