لم يكن عام2010 المنصرم عاما مشرقا بالنسبة لفرنسا, ولا لرئيسها نيكولا ساركوزي, وربما لا نبالغ اذا قلنا إن المحصلة جاءت سلبية. فقد شهد شهر مارس انتصار اليسار الاشتراكي المعارض علي اليمين الحاكم في الانتخابات الإقليمية, الأمر الذي اعتبر ضربة عنيفة لليمين في أول انتخابات بعد وصول ساركوزي الي الإليزيه بأغلبية ساحقة قبل ثلاث سنوات. وشهد شهر يونيو فشل المحاولات التي قام بها ساركوزي لعقد القمة الثانية للاتحاد من أجل المتوسط. ثم تجدد الفشل في شهر نوفمبر, حيث كان ساركوزي يسعي لعقد قمة متوسطية موسعة تضم الأطراف الفاعلة في النزاع الإسرائيلي العربي, بما فيها الولاياتالمتحدة وروسيا, في برشلونة. وبين هذا وذاك, فشلت مبادرة ساركوزي التي أعلن عنها في وجود الرئيس محمود عباس لعقد قمة رباعية, تضم الإسرائيليين والفلسطينيين في باريس ومعهم الرئيس مبارك, وفي مجال آخرجري الحديث عن مشاركة هيلاري كلينتون, وكان الفشل بسبب رفض بنيامين نيتانياهو المشاركة, في آخر لحظة, الأمر الذي أصاب الرئيس الفرنسي بخيبة الأمل والاحباط, وجعله يغضب علي الشريك والصديق الإسرائيلي, الرافض لأي مبادرات ونداءات لإحداث انفراجة في الموقف. وشهد عام2010 أيضا صدمة فرنسا في صفقة كانت تأمل في الفوز بها, في الإمارات العربية المتحدة, تتعلق ببيع مفاعلين نووين من الجيل الثالث, في شهر يونيو الماضي ولكنها خسرتها, وفاز بها كونسورتيوم من كوريا الجنوبية. العام المنصرم2010 شهد أيضا أكبر موجة إضرابات ومظاهرات عمت أنحاء فرنسا وأصابتها بحالة من الشلل ولو الجزئي علي مدي أسابيع احتجاجا علي قانون المعاشات الجديد, وإن كان الأمر قد انتهي باانتصار الحكومة وساركوزي بتبني مشروع إصلاح قانون المعاشات, الذي أنقذ النظام من الانهيار. شهد العام أيضا فضيحة أطلق عليها فضيحة كراتشي جيت وتتعلق بعمولات مردودة, في صفقة ثلاث سفن حربية مع باكستان في عام1994, وجري الربط فيها أو فيما تسرب عنها من تقارير, أولا بين استخدام هذه العمولات المردودة في حملة انتخابات الرئاسة لإدوارد بالادير رئيس وزراء فرنسا السابق في انتخابات1995, والتي كان يديرها نيكولا ساركوزي في ذلك الحين, وثانيا بين وقف تسديد العمولات للباكستانيين بقرار من الرئيس شيراك, وبين عملية الاعتداء التي تعرض لها العاملون في بناء هذه السفن في باكستان عام2002. عام2010 شهد أيضا اختطاق تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي لخمسة من الفرنسيين العاملين في مناجم اليورانيوم في النيجر, والذين مازالوا محتجزين حتي الآن ولا تجد فرنسا وسيلة لحل هذه المشكلة. وهناك ايضا التغيير الوزاري الذي أدي الي تراجع في الانفتاح الذي اعتمده ساركوزي أسلوبا لكسب الرأي العام والأصوات سواء بالنسبة للانفتاح علي اليسار أو الانفتاح علي الجاليات العربية, فخرج في التغيير شخصيات مثل جان لوي بورلو, الذي كان مرشحا لرئاسة الحكومة, وبرنار كوشنير, وأيضا فاضلة عمارة وراماياد, كما تميز بإلغاء وزارة الهوية الوطنية التي طالما ثار حولها الجدل, وعادت وزارة الهجرة لتنضم مرة أخري الي وزارة الداخلية, بينما احتلت شخصيات من حزب الRPR الشيراكي السابق مكانا بارزا في التشكيلة الجديدة. وسبق ذلك خروج ثلاثة وزراء من الحكومة بسبب مخالفات تتعلق بسوء استخدام السلطة والمال العام. العام المنصرم أيضا شهد صدور قانون حظر النقاب في فرنسا والذي أثار جدلا دام أكثر من تسعة أشهر, وأثار مخاوف وتحفظات لدي البعض من الجاليات الإسلامية, ولكنه مر في النهاية دون مشكلات. وقد شهد عام2010 بصفة خاصة زيارة دولة مهمة في4 نوفمبر قام بها الرئيس الصيني هو جينتاو, انهت سنوات التوتر والفتور في العلاقات التي دامت أكثر من عامين وأعادت الدفء والمشاركة الاستراتيجية بين البلدين. وفي4 ديسمبر زيارة عمل مهمة قام بها ساركوزي للهند, وذلك وفق ما أذاعه الإليزيه عن أهم الأحداث الدولية. العام2010 شهد في أواخره رئاسة فرنسا لمجموعة العشرين من ناحية, ومجموعة الثماني الكبار من ناحية أخري, وهو ما أعطي للرئيس ساركوزي الأمل في تحسين الصورة واستعادة المكانة. وأخيرا وليس آخرا, شهد عام2010 أربع زيارات للرئيس حسني مبارك لفرنسا, كانت الأولي في شهر فبراير, والثانية في31 مايو أول يونيو للمشاركة في قمة إفريقيا فرنسا ال25 التي استضافتها مدينة نيس في الريفييرا الفرنسية, والثالثة في يوليو بعد زيارة الرئيس للجزائر لتقديم العزاء للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة, ثم زيارة رابعة في آخر أغسطس حيث توقف الرئيس مبارك في باريس للتشاور والتنسيق مع نظيره الفرنسي, وهو في طريقه الي واشنطن للمشاركة فيما اعتبر في ذلك الحين اطلاقا للمفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي ديسمبر شاركت مصر في باريس مع عشرين شريكا من كبري الشركات من أوروبا ومن المغرب وسوريا والأردن, في تأسيس مشروع استراتيجي لمستقبل الفضاء المتوسطي الرامي الي إنشاء قدرات انتاجية للطاقة الكهربائية المتوسطة وخاصة الشمسية, وهو مشروع شركة ميدجريد لاقامة مشروعات الطاقة ونقلها من الجنوب الي الشمال وبالعكس.