البحث عن السلام لايشغل مصر عن الخطر النووي التي تراه تهديدا للمنطقة. وتعمل من الآن لتهيئة الأجواء لعقد المؤتمرالدولي لبدء التفاوض عام2012 لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وللعام الثاني علي التوالي يشارك ماجد عبدالفتاح رئيس بعثة مصر الدائمة بالأممالمتحدة في مؤتمر سنوي تعقده مؤسسة' ويلتون بارك' البريطانية العالمية حول مصير معاهدة منع الانتشار النووي. والهدف هو:' توضيح وتأكيد الموقف المصري والعربي بضرورة الربط الكامل بين إخلاء اسرائيل من الأسلحة النووية وانضمامها لمعاهدة منع الانتشار النووي مقابل انضمام جميع الدول العربية لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية ومعاهدة حظر الأسلحة البيولوجية في إطار من التنفيذ المتوازن والمتساوي. وفق الترتيبات الحالية يستعد الاتحاد الأوروبي لعقد ندوة إقليمية حول إخلاء الشرق من أسلحة الدمار الشامل. وتهدف الندوة لمساعدة الدول الأطراف في الاعداد الموضوعي الجيد للمؤتمرالأقليمي المرتقب والذي كان الاتفاق علي عقده لبحث إخلاء الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل أحد ثمار مؤتمر مراجعة المعاهدة النووي في شهر مايو الماضي. يقول عبدالفتاح في حوار مع الأهرام علي هامش مناقشات ويلتون بارك: ستلعب مصر دورا قياديا في الإعداد لندوة الاتحاد الأوروبي. لكن عبد الفتاح ينبه إلي أنه لا الندوة ومن بعدها المؤتمرالأقليمي يعنيان البدء في تحقيق الهدف النهائي إخلاء الشرق الاوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل. يقول الدبلوماسي المصري البارز' هذه بداية لسلسلة خطوات ومؤتمرات واجتماعات ستعقد بشكل مستمر لحين انعقاد مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار القادم عام2015 وتقديم تقرير تفصيلي في هذا الشأن لكي يصدر قراراته بشأن إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمارالشامل'. الدول العربية وعلي رأسها مصر هي أحد الأطراف الفاعلة إضافة إلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التي يتشاور معها أمين عام الأممالمتحدة حول تعيين منسق أو ميسر للمؤتمر الإقليمي المرتقب.' المعايير المطروحة هي أن يكون هذا الميسر بدرجة وزير علي الأقل وينتمي إلي دولة ترتبط بعلاقات متوازنة مع الدول العربية وإيران وإسرائيل'. ويضيف عبد الفتاح' سيعقد المؤتمر علي الارجح في دولة قريبة من الشرق الاوسط'. إسرائيل وأمريكا.. إيران والعرب هل ستشارك إيران في هذا المؤتمر بعد الغيوم التي فرضتها وثائق ويكيليكس المسربة علي العلاقات العربية الإيرانية.' اذا استمرت الظروف الحالية دون تغيير فيمكن توقع حضور إيران وتعاملها بفاعلية مع قضاياها'. ويكشف عبد الفتاح' نعمل في الوقت نفسه علي حضور إسرائيل ايضا حتي يتم التعامل مع الملفين النوويين الإيراني والاسرائيلي بفاعلية'. كاد موقف الولاياتالمتحدة الرافض للربط بين الملفين يفشل مؤتمر تجديد معاهدة منع الانتشار النووي في نيويورك. غير أن الرؤية المصرية تبدو متفائله بأن الموقف الدولي يتغير لأن' قضيتنا عادلة وهناك قرار صادر عام1995 لم يتم تنفيذه حتي الآن بإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ولهذا التفاؤل مبرر آخر يتعلق بأسرار لم تعلن من قبل عن مداولات مؤتمر نيويورك. فكل الدول الكبري بما فيها الأربع دائمة العضوية بمجلس الأمن كانت كما يقول عبد الفتاح' متعاطفة مع موقف العرب ودول عدم الانحياز بضرورة ربط الملفين النوويين الإسرائيلي بالإيراني طالما أن لغة البند الخاص بهذا الربط ستكون متوازنة'. وثائق ويكيليكس ملف إيران النووي كان أحد القضايا التي تحدثت عنها الوثائق الأمريكية المسربة إلي موقع ويكيليكس. وأشارت الوثائق إلي مواقف عربية بدت مخالفة للسياسات المعلنة تجاه إيران. لكن مصر بدت مستفيدة من هذه التسريبات.' إلا مواقف مصر' يقول عبد الفتاح مؤكدا أن الاتصالات المصرية الإيرانية في إطار الأممالمتحدة بشأن القضية النووي لم تتأثر. ويؤكد رئيس بعثة مصر بالأممالمتحدة بنبرة هادئة واثقة إن' تسريبات ويكيليكس أثبتت أن ما قالته مصر خلف الأبواب المغلقة هو ما تقوله في العلن وأن المسألة مسألة مبدأ'. ويضيف' الرئيس مبارك أكد مرارا أن حقيقة الموقف المصري تقوم علي استبعاد العمل العسكري في التعامل مع إيران واستخدام كل الوسائل السلمية للتفاوض لأن العمل العسكري سيكون كارثة علي المنطقة كلها'. بعد تسريبات ويكيليكس تحدثت تقارير كثيرة عن تأثيرها السلبي المحتمل علي الدبلوماسية العالمية. غير أن الرؤية المصرية لاتري حتي الآن قدرا كبيرا من هذا التأثير.' لا توجد تأثيرات كبيرة لهذه التسريبات علي العلاقة بالوفد الأمريكي'. لكن طبيعة الاتصالات لم تعد كما كانت قبل انفجار ثورة ويكيليكس التي لاتزال مستمرة رغم المشاكل القانونيةالتي يواجهها مؤسس الموقع جوليان أسانج. يشير عبد الفتاح إلي أن' هناك بعض التحفظ من جانب عدد كبير من ممثلي الدول في التعامل بمعلومات سرية خلال هذه الفترة خشية تسربها للإعلام'. مالم تتحدث عنه الوثائق الأمريكية المسربة حتي الآن علي الأقل هو شراسة الموقف العربي لاسيما الخليجي من المفاوضات الجارية الآن بين إيران والدول الخمس الكبري بالإضافة إلي ألمانيا وهي ماتعرف بعملية 1+5 وإيران. ويكشف رئيس الدبلوماسية المصرية في الاممالمتحدة أن' السعودية قالت صراحة وبقوة للأمريكيين: انسوا أي تفاهم مع إيران بدون مشاركة دول الخليج'.ويضيف عبد الفتاح' عقدت اجتماعات كثيرة في نيويورك بين ممثلي 1+5 وبين ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق بخصوص المفاوضات مع إيران'. ليس هذا مجال التعاون الوحيد بين العرب في الأممالمتحدة. فالاستيطان اليهودي في الضفة الغربيةالمحتلة محل التنسيق الوثيق الآن.' منذ أسبوعين ونحن نتشاور كمجموعة عربية لاستصدار قرار من مجلس الأمن لادانة الاستيطان'. ولا يهدف القرار لإدانة طرف حتي يمكن حصوله علي تأييد الدول الخمس عشرة في مجلس الأمن. يكشف عبد الفتاح' يهدف القرار إلي تأكيد خطورة الاستيطان علي مساعي تحقيق السلام واعادة التأكيد علي أن النشاط الاستيطاني غير شرعي.. ولذا فإننا نتوقع في ظل إقرار واشنطن بالفشل في اقناع اسرائيل بتجميد الاستيطان أن يلقي مشروعنا تأييدا كبيرا'. ويؤكد' نضمن الآن موافقة13 صوتا علي الأقل في مجلس الأمن ونتوقع ألا تعرقل المملكة المتحدة القرار بحكم سياستها المعروفة المعارضة للاستيطان.. وربما تراجع واشنطن موقفها الذي ربما يعرقل القرار بعد التطورات الأخيرة في إخفاقها في إقناع إسرائيل بتوفير الظروف الملائمة لاستئناف التفاوض المباشر بين إسرائيل والفلسطينيين'. فلسطين بين الجمعية العامة ومجلس الأمن كعادتها تبدو الدبلوماسية المصرية حذرة إزاء دور الأممالمتحدة في تسوية القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطين. ويتوقع عبد الفتاح أن يكون اعتراف بعض دول أمريكا اللاتينية' بداية لموجة من الاعترافات بالدولة الفلسيطينية المستقلة داخل حدود عام1967 وعاصمتها القدس'. وتدرك سياسة مصر ازاء هذا الملف أن التعنت الإسرائيلي في قضية الاستيطان يهئ ظرفا مواتيا. فهذا' يزيد من فرص حصول فلسطين علي أكبر عدد ممكن من الأصوات في الجمعية العامة بما في ذلك دول من الحلفاء التقليديين لاسرائيل من الذين سيجدون أنفسهم مضطرين للتصويت لصالح هذا القرار نتيجة امتناع اسرائيل عن التجاوب مع جهود السلام'. الموقف في مجلس الأمن مختلف.' فالطريق إلي مجلس الأمن لاستصدار قرار بضم دولة فلسطين إلي الأممالمتحدة ملئ بالمحاذير'. ليس الزمن الطويل الذي يستغرقه ذلك هو العقبة الوحيدة.' فقد تستخدم إحدي الدول الخمس دائمة العضوية حق الفيتو لاسقاط قرار بهذا الشأن'. وينصح عبد الفتاح ببذل جهود ضخمة حتي لا يفشل القرار في المجلس' لكن الامر في النهاية غير مضمون وقد تكون تكلفته السياسية لمحاولة استصدار هذا القرار عالية علي الفلسطينيين والعرب'.