انتهت السيول وتركت وراءها العديد من المنازل والطرق المهدمة, وتركت ايضا اراضي خصبة تصلح للزراعة لعشرين عاما مقبلة لم يتوقع من سكنوا أو زرعوا أو اقاموا مشاريع علي جانبي وادي العريش ان يأتي السيل بهذه السرعة. وبهذا الدمار الذي لم يسبق وأن حل بهذا العدد من اهالي المدينة, بيوت اغرقت وأخري تهدمت ومزارع انمحت من علي وجه الأرض ومحال تجارية راحت كل بضائعها إلي البحر... صحيح ان عدد الضحايا من البشر قليل الا ان من وقفوا علي حافة الموت كثيرون اطفال ونساء ورجال أصبح العراء مأوهم والسماء غطاءهم ولا معيل هناك من فقد حتي آخر مليم يمتلكونه ثم تعذز عليهم ان يحصلوا علي أية مساعدة أمام كثرة المتضررين وقلة المساعدات وصعوبة الوصول إليها بسبب محاصرة المياه لمنازلهم, بينما بقي بعض شعور من سرور يخالج نفوس من مأواهم بالصحراء, فقد جاء الخير مع السيل... الأهرامعاشت الظروف التي تكابدها آلاف الأسر فيما يمكن أن نسميها حياة ما بعد السيل, والتي لا تشبه في قليل أو كثير حياتهم قبل ذلك!! خسائر السيول بشمال سيناء تعددت خسائر السيل من فقد أرواح ومخاسر مادية, فقد لقي أكثر من ستة مواطنين مصرعهم نتيجة السيول التي شهدتها مدن وقري وسط سيناء ولأول مرة منذ15 عاما تسببت السيول في أغلاق بعض الطرق الرئيسية عند طريق النقب بوسط شمال سيناء وبعض الطرق الداخلية في منطقة القسيمة والمنبطح وادي الازارقا بمنطقة البرث ووصول مياه السيل للمنازل بقرية أبو رصاصة ومدخل نخل من سدر الحيطان والنتيلة, وازدادت كميات المياه المتدفقة عبر الوديان بما ينبي عن بوادر سيل قوي قد يصل إلي وادي العريش. ولقي أكثر من خمسة مواطنين مصرعهم بوسط سيناء جرفتهم السيول إثر تواصل هطول الأمطار علي شمال سيناء لساعات طويلة, وقد تسبب السيل في جرف ميكروباص محمل بالأهالي وثلاثة أفراد من الشرطة قامت مروحية من القوات المسلحة بانقاذهم جميعا, وفقد طفلان بوادي الازارق بمنطقة البرث, وقد تعذر الوصول إلي المناطق المكنوبة بما استدعي ضرورة إجراء المسح الجوي. وأكد عبد الجواد سالم مدير إدارة الأزمات والعمليات بالمحافظة ارتفاع السيول أكثر من مترين بمسار الوديان القديمة, وبعيدا عن السدود, وهو ما يهدد بوصول مياه السيول إلي مجري وادي العريش. أما الخسائر المادية, كما يقول محمد الكيكي السكرتير العام للمحافظة فإن التقدير المبدئي للسيول قدر بنحو انهيار592 منزلا و1487 غمرتها المياه وتدمير72 طريقا بطول89 كيلو مترا, واقتلاع نحو13 ألف شجرة مثمرة أهمها أشجار الزيتون. وأضاف أن تلفيات شبكات الصرف الصحي والمحطات بلغت نحو20 مليون جنيه, وتلفيات المنطقة الصناعية الحرفية بلغت10 ملايين جنيه, وتلفيات مستشفي العريش العام10 ملايين جنيه, و3,5 مليون جنيه تلفيات المدينة الشبابية نتيجة تدمير السور الرئيسي و20 عمود كهرباء جهد متوسط بإجمالي16 الف جنيه للعمود, بالإضافة إلي فقد سيارة مطافي بنخل وسيارة ملاكي و2 سيارة بالعريش, وبلغ إجمالي المتوفين5 حالات, وفقد اثنين آخرين, حيث يصل عدد المصابين إلي10 مصابين. ويضيف محمود أبو المجد مدير عام التضامن الاجتماعي بالمحافظة إن تعويضات المنزل المنهار تصل إلي25 الف جنيه, وسيتم صرف5 آلاف جنيه لكل متوفي و1000 جنيه لكل مصاب. كما أعلن اللواء الهامي عارف مدير الهلال الاحمر المصري بشمال سيناء أنه تم توزيع مساعدات انسانية علي كل المضارين من السيول, حيث تم تقسيم مجموعات العمل إلي30 مجموعة تقوم كل منها بتوزيع بطاطين, خاصة القري البعيدة بوسط سيناء, وأضاف محمد عمر منسق الهلال الأحمر بشمال سيناء أن هناك بعض القري البعيدة, التي يصعب الوصول إليها, فتم استئجار سيارة معدة للسير في الرمال للوصول إلي هذه القري, وتلبية احتياجاتهم وبعد10 أيام من السيول تم اصلاح ما يقرب من80% من الطرق عن طريق عمل مدقات مختلفة تصل شطري المدينة بعضهما البعض إلا ان بعض الطرق مازالت تحتاج العديد من الاصلاح. وسط سيناء تصرخ والمساعدات قليلة للغاية أكثر من15 قرية بمنطقة وسط سيناء دمرها السيل, فالكثير منها عشش اقامها بعض ابناء البادية, فذهبت مع مواشيهم واغنامهم التي كانوا يقتاتون منها اما اوضاعهم بعد عشرة أيام من السيل, فلم تتغير كثيرا عن أوضاعهم منذ اليوم الأول للسيل, فلاتعويضات حتي الآن والمحافظة تحصر والمواطنون يصرخون حتي المساعدات التي تقدم, فجميعها توجه إلي مدينة العريش, ولا يحصل أبناء الوسط إلا علي القليل من هذه المساعدات, فقد أوضحوا جميعا ان المستثمر الوحيد الذي يقدم لهم يد العون هو الدكتور حسن راتب رئيس جمعية مستثمري سيناء, ويطالبون بتوجيه المساعدات العينية اليهم لاسيما ان العديد منهم, فقد كل ما يمتلك من مواش وأغنام يعتمدون عليهما في ارزاقهم, فالصحراء قاسية لا تجود علي ابنائها إلا بمن يعملون بأيديهم, ويؤكد ذلك المهندس حسام شاهين عضو مجلس الشعب عن دائرة العريش أن إجراءات صرف التعويضات للمضارين من السيول معقدة جدا, ولم يتم صرف أي تعويضات حتي الآن للمواطنين, وقال أن المجهودات الشعبية بالمحافظة كان لها دور كبير في انقاذ المواطنين, وأن أحد اصحاب اللوادر, ويدعي أبو عمرة غرق اثناء قيامه بسد احد جوانب السيول بالرمال باللودر, ولقي حتفة, وحتي الآن لم نتمكن من صرف أي تعويض لاسرته بالرغم من تجهيز كل اوراقه من شهادة وفاة واقرارات انه توفي اثناء قيامه بمساعدة المواطنين من السيول, وفي سياق متصل أكد سامي سعد, ويعمل بديوان عام المحافظة أنه ظل محاصرا بالمياه في مزرعته لمدة ثلاثة أيام, وكان يستغيث بكل الاجهزة التنفيذية ألا أن احدا لم تأت له وأنه تم انقاذه هو واسرته بالخدمة الشعبية فقط, حيث قام أصحاب اللوادر وسيارات النقل بعمل طريق له ليتمكن من الخروج من مزرعته, وقال بعد شفط المياه عثرنا علي جسم غريب بمزرعتي فاتصلنا بالشرطة, والتي حضرت علي الفور, وتبين أنه لغم أرضي جرفته السيول من منطقة وسط سيناء, وهو من مخلفات الحروب السابقة جرفة السيل إلي مدينة العريش, وتتخذ كل الاجهزة الامنية حاليا احتياطاتها تخوفا من أن تكون السيول قد جرفت الغاما ارضية تعرض حياة المواطنين للخطر. مجهودات القوات المسلحة والمجهودات الشعبية رجال القوات المسلحة والمجهودات الشعبية انقذت العريش من الغرق, فخلال24 ساعة فقط من بدء السيول العارمة علي منطقة العريش تمكن رجال القوات المسلحة الابطال من عمل جسور أرضية لربط شطري المدينة شرقها بغربها بعد ان قسمها السيل إلي نصفين, وما هي إلا ساعات قليلة حتي تمكن المواطنون من العبور بين الجانبين مترجلين وبسيارتهم الخاصة, كما واصلت جهودها في إنقاذ العديد من المواطنين من الغرق باستخدام مروحية جانب المدينة بأكملها طوال الليل والنهار. وكان ايضا للمجهودات الشعبية دور كبير, خاصة من قبيلة بني فخر, والتي قدمت أكثر من20 لودرا وعشرات من سيارات النقل كتبت عليها لخدمة المواطنين, وقد تمكنت هذه اللوادر من انقاذ مستشفي العريش العام من الغرق, وذلك بإزالة المياه وردم الحفر بالرمال ليتمكن المرضي من مغادرة المستشفي, يقول هاني نصر البعكيكي أحد أصحاب اللوادر انه عندما سمع إحدي بنات المواطنين تستغيث واصل سيرة باللودر الخاص به متوجها إلي منطقة السيول, وقام بردم أكثر من مائة حفرة, وسد بعض الطرق الفرعية المنخفضة لعدم تدفق المياه اليها, وأوضح أن اللودر تعرض للغرق أكثر من مرة الا إن حظه كان جيدا, فلم يقلب اللودر بفضل الله ويري انه أكثر حظا من صديقة ابو عمرة, الذي لقي مصرعه اثناء قيامه بمساعدة المواطنين. أما الصيادون بشمال سيناء فكان لهم دور كبير فيقول إبراهيم المالح شيخ الصيادين بشمال سيناء أن جميع الصيادين قاموا بتقديم مراكبهم للبحث عن مفقودين, وكذلك نقل المواطنين, خاصة الحالات الإنسانية الملحة من الجانب الشرقي للغربي والعكس واضاف اننا انقذنا أكثر من5 أسر كان السيل قد جرفها, وقد تمكنا من انتشالها ووضعها علي المركب وتوصيلها إلي المستشفي بالعريش. وأضاف ابو وائل صاحب أحد المراكب أنه قدم جميع مراكبة الصغيرة للوصول بين المنازل, وانقاذ المواطنين الذين حاصرتهم السيول. مديرية الصحة تؤكد خلو المضارين من أي اوبئة أكد الدكتور طارق المحلاوي وكيل أول وزارة الصحة بشمال سيناء أن هناك اطقما طبية تقوم يوميا بالكشف علي المضارين المقيمين بالمدارس والمخيمات وانهم جميعا لا يعانون من أي اوبئة وأي حالة يشتبه بها يتم نقلها فورا إلي مستشفي العريش واضاف ان الاطقم الطبية تجوب مناطق المحافظة المختلفة بالعريش والقري المجاورة. السيول نعمة أحيانا بالرغم من الاضرار التي سببتها السيول والأمطار لمدينة العريش فإن المهم تطويعها لتصبح خيرا وسلاما فهي نعمة, وليست نقمة وينتظرها الاهالي حيث تتحول مساحات شاسعة من الاراضي إلي مراع وتنتشر الخضرة في كل مكان, ويعم الخير والرخاء. ويقول المهندس عبد الله الحجاوي رئيس الجمعية الاهلية لحماية البيئة ان السيول لها فائدة عظمي حيث تعيد منظومة الحياة الطبيعية من حيث تغيير التربة وترسيبها في مناطق اخري ونقل البذور وتوزيعها جغرافيا وتعرية الجذور لاشجار الغطاء الاخضر, كما انها تؤثر تأثيرا مباشرا في توطين واستقرار السكان المحليين خاصة اننا مازلنا في معظم المناطق المماثلة لانجيد حصاد مياه الامطار والسيول والتي تعتبر مصدرا مؤثرا علي الحياة في هذه المناطق ولها اثر مباشر في تخفيف حدة تأثير الغازات السائدة في اجواء هذه المناطق. ولاستغلال مياه الامطار اعلن السيد مراد موافي محافظ شمال سيناء انه تم توزيع500 طن من القمح و50 جرارا زراعيا لمناطق وسط سيناء المختلفة للاستفادة منها, وزراعة منطقة السر والقوارير فهذه المنطقة المستوية والصالحة للزراعة تتجاوز مساحتها نصف مليون فدان ويجري استغلالها للري بمياه السيول. المحافظ والمواطنون!! الحياة عادت إلي طبيعتها هكذا يقول السيد مراد موافي محافظ شمال سيناء موضحا ان عودة الحياة إلي طبيعتها لاتأتي إلا بالمجهودات الضخمة التي قامت بها القوات المسلحة بالمشاركة الشعبية من المواطنين والتي عملت بكامل طاقتها للتغلب علي اثار السيول, واضاف المحافظ.. انا قلبي واجعني من المآسي التي سمعتها من المواطنين ولكن اوضح ان المساعدات موجودة وبكثرة بمختلف انواعها وتوزيعها يتم بنظام حتي نضمن وصولها لمستحقيها ونحن نسرع في ذلك بقدر ما أحدثته السيول من اضرار واعترف ان هناك منازل تحاصرها المياه ونقوم بشفطها حاليا وتمهيد طريق والوصول إليها وتوزيع المساعدات عليهم بالقدر المناسب واضاف انه تقرر صرف فوري مبلغ10 الاف جنيه لاسرة كل متوفي ويكتفي باحضار شهادة الميلاد فقط للصرف وطالب الاعلاميين بتناول الجوانب المضيئة في الاحداث خاصة انها كارثة طبيعية ومن المفترض ان تكون هناك بعض القصور التي لادخل للجهاز التنفيذي فيها ولكننا مع المواطنين في كل مكان ولن يكون هناك مضار إلا وسيأخذ حقه بالكامل واشار اننا لانخفي اي حقائق علي الاعلاميين مهما كانت. وقال المحافظ إن انشاء المدينة الرياضية تمت بموافقة الجميع وهناك دراسة جدوي معدة من وزارة الري بمبلغ100 الف جنيه وموافقة علي البناء هذا بالاضافة إلي موافقة جميع الجهات وأشار المحافظ إلي انه سيتم محاسبة اي انسان يخرج عن القانون سواء أكان غنيا ام فقيرا ولن نفرق بين احد ومن يستغل ازمة السيول سيتخذ معه اجراءات رادعة فنحن في موقف يحتاج إلي مساعدة الجميع واضاف المحافظ انني اتلقي يوميا اتصالات من العديد من الجهات تطلب التبرع للمضارين ونرحب بالجميع بشرط ان يكون توزيعها بصورة منظمة حتي لانظلم احدا. لكن المواطنين لهم رأي اخر فيقولون صحيح ان هناك مساعدات متمثلة في بعض المساعدات العينية وعلي أية حال نشكر كل من يقدم لنا يد العون لكن ما نحتاجه بالفعل هو سقف يحمينا من برد الشتاء أو قطعة ارض بصحراء سيناء الشاسعة وما بين قرارات رئيس مجلس الوزراء وتطبيق المحافظ لها يبقي ان كل ماحدث يستوجب وضع خطط وتصورات لتجنب تكرار الكارثة بنفس القدر الذي يتحتم ان نزيل به اثار السيول.. فمن المهم ان نتعامل مع السيول بمنطق علمي يفيد المنطقة ويوجه السيول إلي مخراتها الطبيعية بما يسمح باحتجازها خلف سدود لتصبح رقما مفيدا في معادلة تنمية صحاري سيناء!!