الخوف هو العدو الأكبر للانسان, وهو وراء الفشل والمرض وخلل العلاقات الانسانية, ومن الخوف ماهو إيجابي بمعني أنه يخدم الانسان, ويدفعه إلي تحسين سلوكه, ومنه ما هو سلبي, إذ يعوقه دون مبرر عن الانطلاق في تحقيق ذاته. وتتنوع القضايا التي يخشاها الانسان في حياته, فالملايين يخافون من الماضي, والمستقبل, والشيخوخة, والموت وغيرها. والبعض يخاف من الفقر, ويخاف علي الرزق, ويقلق علي المتطلبات الحياتية والمعيشية.. فهل هؤلاء محقون في خوفهم؟ وماهو موقف الدين من هذاالنوع من الخوف؟ الشيخ عمر الديب وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية يقول: ان الله سبحانه وتعالي كفل الرزق لكل انسان, فاذا آمن المرء بهذه الحقيقة فانه يكتفي بالرزق الحلال, ولايمد يده إلي الحرام مطلقا. ويضيف ان الانسان إذ أدرك أن رزقه سوف يأتيه فلن يفكر في الحرام أبدا, وما عليه إلا أن يصبر, وأن يستمسك بالإيمان وسوف يأتيه رزقه حلالا, أما إذا لم يصبر واعتراه الخوف من الفقر وملأ الفزع قلبه فإنه يمد يده إلي الحرام. ويوضح الشيخ الديب أن اللجوء إلي المال الحرام مصدره الخوف من الفقر, وعدم الطمأنينة إلي الحصول علي المتطلبات الحياتية والمعيشية. ويحذر من أن الشيطان يسيطر علي الانسان, ويخوفه من الفقر, ويوسوس له بأنه لابد من أن يؤمن مستقبله, ومستقبل أولاده ناسيا أنه لا أمان إلا في يد الله عز وجل, كما يوسوس الشيطان لآخر, ويحرضه علي الاستيلاء علي أملاك الدولة, وهي ملك للمجتمع كله, بزعم أنه سيأخذ منها مايجعله في مأمن من الفقر والعوز. وهكذا يصبح أمثال هؤلاء تلاميذ للشيطان, ينساقون وراءغوايته واضلاله وقد عبر عنهم القرآن الكريم في قوله تعالي إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين( سورة آل عمران175). ويشير وكيل الأزهر الأسبق إلي أن الشيطان يسعي دائما إلي اضعاف ايمان المرء, بدفعه إلي القلق علي الرزق, وتخويفه من الفقر, ومن ثم فلا غرابة أن يسقط أحدهم في الرشوة, وأن يلجأ غيره إلي التزوير والتدليس والغش ليحصل علي مال ليس حقه, بدعوي تأمين مستقبله, والخوف علي أولاده وأهله من الفقر في المستقبل.ويشدد علي أن المؤمن الحق يدرك عن يقين أن الله وتعالي هو الرازق, وأنه سبحانه تكفل بالرزق للجميع, قال تعالي وفي السماء رزقكم وماتوعدون( سورة الذاريات22). فالله سبحانه وتعالي هو الرازق.. وقد تكفل بأرزاق المؤمن والكافر, والدواب والهوام, والايمان بهذه الحقيقة يجعل الخوف يزول من نفس المرء, فيعيش في سلام وآمان وطمأنينة دائمة.