أيام والسؤال لا يتوقف علي ألسنة الناس ما الذي اذا يحدث أنتهيKasim أي نوفمبر والشمس مازالت ساطعة وAralik شهر ديسمبر يقترب من نصفه والKAR يعني الثلج لم يأت وتمر الحافلات من فوق' بولو' والمسافرون فيها يضربون أخماسا في اسداس: هل يعقل أن تظل الجبال علي لونها؟ وعندما كانت باريس تئن من قسوة البرد كان أهل أسطنبول في حيرة ماذا يرتدون وأشعة الشمس تلفح الوجوه, أما الأسواق التجارية فقد أصابها بعض الإضطراب فالمحلات استعدت لقدوم الشتاء بجلب البضائع الشتوية وزينت واجهاتها بالمعاطف الجلدية والأصواف وأخري تصدرتها الأحذية الثقيلة القادرة علي الغرس في الثلوج لكن ليس هناك إقبال من المواطنين الذين من جانبهم كاد يصيبهم مسا من الجنون فالحاصل ليس عاديا فثمة خلل وإختلال. ولأن الهم مجتمعي ذهبت الميديا مقروءة ومرئية إلي أهل الإختصاص تسألهم سؤالا واحدا لا ثاني له وهو: اللون الأبيض عاد إلي القارة العجوز يغطيها من كل جانب بإستثناء تركيا.. لماذا ومتي ستعود البلاد لتعيشه؟ خبراء الأرصاد حاولوا طمانة مشاهديهم في أركان الاناضول الفسيح مؤكدين لهم أنه لن يمض الأسبوع إلا ويهل الخير. وها هي السماء تلطف بالعباد فقد أكتست بالسحب الكثيفة وساعات إلا وأنهمر بعدها المطر الغزير وفي اليوم التالي أستيقظ سكان أنقرة وقد وجودها أخيرا ترتدي ثوب العرس الابيض, وفي فرحة راحوا يزيلون طبقات الثلج المتراكم علي سياراتهم قبل أن يذهبوا إلي عملهم فالنعمة حلت واختفاؤها نذير شئوم. تلك هي ثقافة الجميع مهما إختلفت شرائحهم وتبايبنت أوضاعهم الطبقية. وهو ما يعني أن هذا الطقس الذي يوصف في وسائل إعلام بلدان لا تعرفه بالمناخ السيئ بات جزءا لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية, صحيح أن حوادث تقع علي الطرق ويروح ضحيتها مواطنون كل عام إلا أن ذهن وريثة الإمبراطورية العثمانية المؤمن بقضاء الله وقدره يقول عنها أنها أعمار مكتوبة ولكل أجل كتاب. وهكذا تسير الحياة في مجراها بعد أن عادت الأجواء المناخية إلي طبيعتها الأزلية ولا بأس من إختفاء مظاهر بيد أن غيرها ستأتي لتتلاءم مع الصقيع, والذين تضطرهم الظروف إلي السفر نحو الأقاليم فقد تعودوا أن تطول أزمنة رحلاتهم فهذا هو حال البرد القارس. وبدورها تأخذ وسائل النقل البري احتياطيات شتي للتغلب علي مخاطر السير وفي المجمل العام تظل التصادمات في حدود معقولة. أما المسافرون الي خارج الوطن فبدورهم يحتاطون للأمر وذلك بالخروج من منازلهم بوقت كاف تحسبا للطريق نحو المطار. ورغم ذلك لا يتذمرون عندما يتكشف البعض منهم إن رحلاتهم تم إلغاؤها والعودة إلي حيث أتوا والتعبير الذي ينطلق من الأفواه في هذه الحالة: ليس مكتوبا لنا أن نسافر وتلك هي مشيئة الله. وبصفة عامة لا تغلق المؤسسات الرسمية وغير الرسمية أبوابها حتي وأن قل نسبيا حجم المواطنين المتعاملين بل أن أجهزة قطاع الخدمات في كافة الأقاليم تجدها وقد أخذت وضعا استثنائيا فهي لا تعرف الأجازات فثمة حالة طوارئ قصوي لمواجهة تداعيات الشتاء القارص. نعود إلي العاصمة ولأنها قلب الحياة السياسية فالحركة فيها لا يجوز لها أن تصاب بالشلل بل تجاهد الطقس وتتعامل معه حتي لا تتوقف. في ساعات الليل يبذل رجال البلدية بمعاطفهم الفسفورية تؤازرهم سيارتهم المجهزة لهذا الغرض جهودا مضنية في إزالة أكوام الثلوج من الشوارع. وفي الأركان ينتشر الباعة الجائلون يعرضون حاجيات الزمهرير معاطف وبلوفرات ووقايات أمطار وأحذية سميكة إلي آخره والأسعار لا تقارن بتلك الموجودة بالقرب منهم خلف الفاترينات. والزبائن بدروهم يدركون أن المعروض أمامهم قليل الجودة لكن للفلوس أحكاما وكله يؤدي الغرض المهم عاد التوازن النفسي للناس الذين لم يخفو إحساسهم بالسعادة.. لقد تنفسوا اللون الأبيض.