رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم احتفالية افتتاح المتحف الكبير    برلمانية: مؤتمر المصارف العربية في التنمية السياحية يساعد في تدفق الاستثمارات    الحكومة البريطانية: خطة إسرائيل لإيصال المساعدات في غزة لا تفي بالغرض    أفضل أداء في الدوري الإنجليزي، محمد صلاح ينافس مرموش على جائزة جديدة    ضبط موظف بديوان محافظة الفيوم يستغل عمله في تزوير المحررات الرسمية    خلافات سابقة تقود عامل لطبلية عشماوي لقتله شخص بطوخ    محمد رمضان يطرح أغنيته الجديدة أنا أنت (فيديو)    الصحة: تدريب 892 ألفًا من الكوادر الطبية خلال 5 سنوات لرفع الكفاءة المهنية    إسرائيل تصادر 800 دونم من الأراضي الفلسطينية وسط الضفة الغربية    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر رغم العقبات    إصابة طالبة بطلق نارى بالبطن نتيجة عبث شقيقها بالسلاح الناري بدار السلام بسوهاج    تنفيذا للتوجيهات الملكية.. وصول دفعة جديدة من أطفال غزة لتلقي العلاج في الأردن    القصف لا يتوقف.. مجزرة جديدة للاحتلال قرب مركز للمساعدات في غزة    الصحة: ميكنة 11 مركزًا لخدمات نقل الدم القومية وتعزيز البنية التحتية    بني سويف تستقبل 12 زائرا ضمن فوج من السياح الألمان فى جولة على الممشى السياحى    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات وتطوير ب«التربية النوعية»    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    "حماة الوطن": نواصل اختيار المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات وأعمال التطوير بكلية التربية النوعية    وزير الري يشارك في احتفالية انطلاق "البرنامج الهيدرولوجي الدولي" بباريس    الأونروا: أكثر من 2700 طفل في غزة أصيبوا بسوء تغذية حاد    أوكرانيا تستقبل جثث نحو ألف جندي من روسيا    سيميوني: بطولة مونديال الأندية أشبه بكأس العالم وندرك معنى تمثيل إسبانيا بها    تشغيل تجريبي كامل لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    مصدر بالزمالك يرد على تصريحات زيزو وتبريرات اللاعب بشأن انتقاله للأهلي    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    تقرير: النصر يسعى لضم مدافع بايرن    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كرة السلة.. الاتحاد السكندري يواجه بترو دي لواندا بنصف نهائي ال «BAL 5» الليلة    فتح التقديم لمسابقة إيفاد الأئمة والقراء والمؤذنين إلى الخارج    توقيع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة «ازرع» لتحقيق الأمن الغذائي المصري    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    «المشروع X» يحتل صدارة الإيرادات ويتفوق على «ريستارت»    قصور الثقافة تعرض «بيت العز» بكفر الشيخ ضمن مشروع المسرح التوعوي    التفاصيل الكاملة لمسلسل «ابن النادي» بطولة أحمد فهمي    مش بس بالفلوس.. تعرف على أكثر 5 أبراج كرمًا فى كل شيء    بن غفير يقتحم المسجد الأقصى برفقة كبار ضباط الشرطة الإسرائيلية    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    المفتي الأسبق يوضح مراحل طلب العلم    الرئيس السيسي يتابع معدلات تنفيذ مشروعات المرحلة الأولى بمبادرة «حياة كريمة»    المصريون سحبوا 26.57 مليار جنيه من ماكينات ATM بالبنك الأهلي في 9 أيام    متحور نيمبوس.. سريع الانتشار وأقل خطورة    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    لجنة تخطيط الزمالك تسلم جون إدوارد ملف الصفقات والمدير الفنى    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار‏..‏ رحلة‏25‏ عاما
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 12 - 2010

تمر في هذه الأيام‏52‏ عاما علي إنشاء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار‏.‏ وقد ارتبط اسم المركز بمشروعات عملاقة وإنجازات كانت حلما يداعب خيال أصحابها وتحولت إلي حقيقة علي أرض الواقع يشهد لها القاصي والداني‏.‏ ولن أحاول في هذه المقالة أن أوثق هذه الإنجازات وإن كان ذلك شيئا محمودا‏,‏ وتراجعي عن الحديث عن الانجازات له أسباب عديدة منها أنني أشرف بالانتماء لهذه المؤسسة وأستشعر عظمة التجربة ربما بقدر لايخلو من التحيز‏.‏
كما أنني أخشي عند الحديث عن إنجازات المؤسسة أن أقع في المحظور وأن أوصم بأنني من الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏,‏ ومن ناحية أخري‏,‏ فإن تقييم أي تجربة يجب أن يعتمد علي الاستقلالية والحيادية والنظرة المتكاملة وعدم الانحياز لأفراد أو لأيديولوجيات‏.‏ وهو عمل لايقدر عليه إلا فريق مؤهل ولايقوي عليه فرد ولا يتسع لمقال‏.‏
وما أريد أن أتحدث عنه اليوم هو الجوانب غير المنظورة في عمل هذه المؤسسة التي لاتبدو للظاهر ولكنها أسرار نجاح كامنة‏.‏ وقبل أن أبوح بأسرار تلك الوصفة فإنني أؤكد أني لا أدعي لنفسي الفضل في إيجابيات ولا أعفي نفسي من المسئولية عن أية سلبيات‏.‏ والسمات المميزة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التي سأسردها من رؤية ثاقبة لمؤسسي المركز الأوائل‏.‏
ثقافة المؤسسة‏:‏
كما أن كل فرد له ثقافة معينة تحكم وتفسر تصرفاته فإن لكل مؤسسة ثقافة تحكم أداءها بكل ما بها من إيجابيات وسلبيات‏.‏ وكلما تكرست هذه الثقافة وتم تدعيمها تحدث تراكما وتحقق تجذرا يصعب اقتلاعه حتي لو تعرضت المؤسسة للأنواء أو توالت عليها التحديات وانتشار هذه الثقافة بين كتلة حرجة من العاملين في المؤسسة يسمح بتطبيق نظريات علم الوبائيات علي علم الإدارة حيث تصبح هذه الثقافة معدية إذا أصيب بها عدد كاف من أفراد المجتمع ومستمرة بغض النظر عن من أوجدوها‏.‏ وهذه المنظومة القيمية التي تشكل ثقافة المؤسسة ليس بالشئ الهين‏.‏ وأزعم أن الثقافة التي تخيم علي مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ثقافة ثلاثية الأبعاد هي الالتزام والاتقان والمهنية‏.‏
وأتمني أن تستمر هذه الثقافة وأتمني أن تنتشر هذه العدوي إلي مؤسسات أخري علي نحو يسهم في الارتقاء بالاداء الحكومي الذي شهد مؤخرا تحسنا لا يمكن التقليل منه‏.‏
ذكاء المؤسسة‏:‏
أحد التعريفات المستقرة في علم النفس للذكاء الإنساني هو القدرة علي التوافق والتكيف مع البيئة المتغيرة وأظن أن هذا التعريف للذكاء الإنساني ينطبق إلي حد بعيد علي المؤسسات وكلما استطاعت المؤسسة سواء كانت شركة خاصة أو جهازا حكوميا أو جمعية أهلية أن تتوافق وتتكيف مع التحديات التي تواجهها وتبدع وتبتكر في تنويع وتجديد منتجاتها لتلبي طلبا متغيرا فإنها تضمن لنفسها الاستمرار في إداء دورها‏.‏
ومسيرة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار هي نموذج للذكاء المؤسسي في التوافق والتكيف مع المتغيرات المؤسسية والتحولات في الرسالة والرؤية والاهداف‏.‏ ونجح هذا التكيف بفضل رصيد من الإبداع والابتكار في إنتاج أدوار جديدة تخدم المجتمع وتأخذ في الاعتبار التحولات الفكرية والتكنولوجية علي الصعيد الدولي والوطني علي حد سواء‏.‏ وكانت أحد المفاتيح الحاكمة التي أضفت علي المؤسسة صفة الذكاء هو الفكر الإداري الذي كان بمثابة القوة الكامنة وراء تأسيسها‏.‏ وقد انحاز هذا الفكر لإنشاء مؤسسة رشيقة ومرنة ولن ينحاز لإنشاء مؤسسة ديناصورية الصفات تصاب في مقتل عندما تتغير البيئة المحيطة بها‏.‏
شباب المؤسسة‏:‏
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار هو مؤسسة شابة من ناحية أعمار العاملين به فنصف العاملين دون الخامسة والثلاثين وتشكل الإناث نحو‏53%‏ من العاملين فيه‏.‏ كما أن التاهيل العلمي متميز حيث يحمل‏14‏ من العاملين الدائمين به درجة الدكتوراة و‏96‏ من العاملين الدائمين يحملون درجة الماجستير بالإضافة إلي عدد مماثل من الخبراء غير المتفرغين‏.‏ وهو أيضا مؤسسة شابة من ناحية إطارها المؤسسي الذي يعتمد علي نموذج البرامج والمشروعات وليس فقط الإدارات والقطاعات‏.‏ ويتسم هيكله التنظيمي بقدر عال من الديناميكية التي لا تكلها أغلال البيروقراطية‏,‏ وكان أول مؤسسة حكومية تنشئ كيانا لإدارة المعرفة وعلي صعيد آخر فإن المركز هو أول مؤسسة تحظر التدخين داخل جدرانها وأظنها أيضا أول مؤسسة حكومية تنشئ صالة رياضية‏(‏ جيم‏)‏ ليمارس العاملون فيها الرياضة أثناء يوم العمل الطويل لتجديد ليقاتهم البدنية التي لاتنفصل عن إسهامهم الفكري‏.‏ هذه الخصائص مجتمعة تعطي قدرا كبيرا من الحيوية لحركة المؤسسة وتسمح بمساحة واسعة من الابتكار والتطوير‏.‏ وتنبئ بمؤسسة تستطيع مواجهة التحديات وتحقيق نجاحات مستدامة‏.‏
توظيف التكنولوجيا‏:‏
لعله ليس من الغريب أن يقوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بتوظيف تكنولوجيا المعلومات في عمله اليومي باعتبار أنه ضم في فترة زمنية معينة معظم الذين ساهموا في بناء الجسر الذي وضع مصر علي الخريطة العالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات‏.‏ إلا أن قصة النجاح ليست في مجرد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا وإنما في إنتاج تطبيقات لرفع كفاءة وفاعلية العمل ساهمت في تحسين أداء المؤسسة بل وطرحت تطبيقات يمكن استخدامها في مؤسسات اخري حكومية وغير حكومية‏.‏ وأشير في هذا المجال الذي لايتسع للحصر إلي الأمثلة الآتية‏:‏
تطبيق أسلوب العمل عن بعد بشكل رسمي تواصل داخلي بين العاملين من خلال دائرة للحوار أرشفة الكترونية كاملة لكل وثائق المركز إنتاج برامج علي الحاسوب لإدارة موارد المؤسسة والحد من الهدر في استخدامها إنتاج برامج علي الحاسوب لتنفيذ استطلاعات الرأي العام باستخدام الهاتف وباستخدام الإنترنت ولإتاحة المسوح الميدانية واستطلاعات الرأي العام بشفافية كاملة‏.‏ وأخيرا وليس آخرا‏,‏ تقديم كم هائل من البيانات والمعلومات والدراسات من خلال موقع علي الانترنت باللغتين العربية والانجليزية يزوره ملايين الزائرين من داخل مصر وخارجها‏.‏
الانفتاح علي المجتمع‏:‏
إن انفتاح أي مؤسسة حكومية علي المجتمع يجب ألا ينظر إليه علي أنه منة تمن بها المؤسسة علي المواطنين‏.‏ كما أن هذا الانفتاح يجب ألا ينظر إليه علي أنه محاكاة للصورة البراقة السائدة في المجتمعات المتقدمة‏,‏ حيث تقف المؤسسات الحكومية دائما موقف المساءلة أمام مواطن حريص علي ممارسة حقوقه‏.‏ علاقة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالمجتمع لاتتسم أبدا بالمن ولاتنبعث ويجب ألا تنبعث من محاكاة نماذج من دول أخري‏.‏
وأعتقد ويعتقد زملائي بالمركز أن العلاقة بين المركز والمجتمع هي علاقة يفوز فيها الطرفان‏.‏ يفوز فيها المركز لأن هذا الانفتاح من خلال الإتاحة المعلوماتية ومن خلال ادارة المنتديات الحوارية حول القضايا التي تهم المجتمع وتنظيم المؤتمرات حول السياسات العامة واستطلاع رأي المجتمع هي قرون استشعار تمكنه من أداء دوره بشكل أفضل وتسمح له بخدمة المجتمع دون تجاهل أولوياته‏.‏
وفي المقابل فإن هذا الانفتاح علي المجتمع بكل ألوان الطيف يتيح لكافة الشرائح كل حسب اهتماماته وكل حسب أدواره الاستفادة بالمعلومات والتحليلات والدراسات والسيناريوهات التي ينتجها المركز وهذا المزيج الذي يتم بمهنية ويتاح بشفافية يعتبر تمكينا معرفيا لشرائح المجتمع لصياغة مواقف من السياسات العامة تعي تحدياتها لمخاطرها وهو مايسهم في أن تكون كل شرائح المجتمع جزءا من عملية الإصلاح بجوانبه المختلفة‏.‏
الاتفتاح علي العالم‏.‏
لم يقتصر دور المركز التنويري علي حدود الدولة المصرية‏,‏ بل تجاوزها ليضئ شموعا في الدائرة العربية والدائرة الافريقية ودائرة الدول النامية‏.‏ وقد كان للمركز دور مهم في مساعدة دول نامية عديدة علي الاستفادة من التجربة المصرية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات‏.‏ وكان مصدر قوة في المنتديات الدولية تضاف لرصيد الدول النامية‏.‏ كما يقوم المركز بدور ملموس في مجال تعميق دور مراكز الفكر في الاسراع بالإصلاح بجوانبه المختلفة وإحداث التنمية المستدامة في الدول النامية‏.‏ وأخذ المركز المبادرة بإقامة أول مؤتمر دولي يتناول دور هذه المراكز في عدد من المنتديات وترتب عليه إطلاق شبكة لهذه المراكز‏.‏
كما ساهم المركز في عدد من المنتديات الدولية لتقديم التجربة المصرية ونتج عن ذلك تعاون ثنائي مع عدد من الدول العربية والإفريقية لتقديم خبرة استشارية لإقامة مراكز مماثلة في عدد من الدول منها سوريا والعراق وبوروندي‏.‏ كما بادر المركز بإطلاق مبادرة لإنشاء الشبكة العربية لمراكز استطلاعات الرأي العام بهدف تنمية صناعة قياس الرأي العام في المنطقة العربية‏.‏ وهذه الجهود هي توظيف للقوي الناعمة التي تملكها مصر والتي تضيف بلا شك إلي رصيد مصر ودورها الفعال في المجال الدولي لاسيما وأنها تترأس حاليا مجموعة دول عدم الانحياز‏.‏
وفي النهاية أقول إن هذا المركز بكل مانتج عنه من إنجازات منظورة وغير منظورة كان أحد القلاع التي أنشئت في بداية عهد الرئيس مبارك لتحقيق عبور إلي تحديث مصر لايقل عن العبور الأول الذي حقق تحرير تراب مصر‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.