كارثة انهيار مصنع الملابس بالاسكندرية جسدت المقولة الشهيرة الفساد في المحليات للركب هذا هو القاتل الحقيقي ل26 هم الضحايا من العمال البسطاء الباحثين عن قوت يومهم تحت ظلال الموت. وان حاول البعض البحث عن أب شرعي للفاجعة بأن الأمطار هي السبب..!كما هي العادة دائما في كل مايحيق بنا من مآس وكوارث من صنع أيدينا ولكن كما هو المعتاد نحاول أن نرجعها للقدر والطبيعة.. ونغفل أو نتغافل أن فساد الذمم والضمائر الخربة هي المسئول الأول عما نواجهه من فواجع بشرية. قواسم مشتركة كثيرة في حوادث إنهيار العقارات بالاسكندرية تعيد الي الأذهان كارثة عمارة لوران التي انهارت منذ ثلاث سنوات وراح ضحيتها36 قتيلا, فغياب المتابعة وإهمال الاجهزة التنفيذية. فقد شهدت تحقيقات النيابة التي تجري بإشراف المستشار ياسر رفاعي المحامي العام الأول مفاجأة جديدة عند فتح الخزانة التي عثر عليها تحت انقاض المصنع بحضور مالكة المصنع وزوجها, حيث تم العثور علي ترخيص بناء للعقار عام1970 لدور ارضي وثلاثة أدوار علوية وذلك قبل تحويله لمصنع ملابس عام1977 وجاءت تلك المفاجأة لتوضح تناقض أقوال مسئولي حي وسط الذين أكدوا في التحقيقات عدم وجود ترخيص بناء صادر للعقار لأن العقار تم بناؤه قبل عام1965 كما أمرت النيابة بإشراف المستشار عادل عمارة محامي عام شرق بحبس زوج مالكة المصنع أربعة أيام علي ذمة التحقيق والاستعلام في الحي عن ترخيص البناء وملف العقار. وتحقيقات النيابة العامة أكدت أن الاهمال وفساد المحليات هي الاسباب الحقيقية وراء تلك الكارثة, حيث استمعت النيابة الي أقوال محمد صبحي فاضل مدير الادارة الهندسية بحي وسط الذي أكد أن العقار المنهار لم يصدر له ترخيص بالبناء وليس له ملف في الحي ومن خلال بيان الايرادات تبين أن العقار تم انشاؤه عام1965 ومكون من دور أرضي و6 أدوار علوية وأن الحي لم يتلق أية شكاوي ولم يصدر بشأنه قرارات إزالة أو ترميم أو هدم!! كما استمعت النيابة باشراف المستشار عادل عمارة محامي عام شرق الي أقوال مهندسة حي وسط المسئولة عن منطقة الحضرة التي قالت إنها تابعت العقارات بالمنطقة قبل الحادث بعشرة أيام وبدأ المصنع سليما من الناحية الخارجية. وأفاد أحمد محمود السيد مدير ادارة التنظيم بالحي وجوزيف ابراهيم مدير ادارة تراخيص المحلات في أقوالهما أن المصنع صادر له ترخيص منذ عام1977 باسم أحمد مصطفي طيره ونقلت الرخصة الي رانيا أحمد حامد زوجة نجله عام.2004 كما استمع محمد جميل رئيس نيابة شرق الكلية إلي أقوال رانيا أحمد حامد مالكة المصنع وزوجة مصطفي أحمد مصطفي نجل المالك السابق للعقار والتي أكدت أن المنوط بتشغيل المصنع هو المدير الاداري عصام حسن مصطفي الذي لقي حتفه ضمن ضحايا المصنع ال26 وان مباشر النشاط الفعلي والادارة هو زوجها, مؤكدة ان المبني مرخص والمصنع مرخص وان كل الأوراق الخاصة بالتراخيص كانت داخل المصنع ودفنت تحت الأنقاض, في الخزينة التي تم فتحها. وقد أمرت النيابة باستداعاء رئيس الحي والمسئولين لمواجهتهم بالترخيص الصادر للمصنع وكيفية اختفاء الملف. بين الحياة والموت لحظات عصيبة رواها المصابون الستة الذين تم انقاذهم من تحت الانقاض, حيث تقول جهاد عبدالمنعم25 سنة انها كانت تشعر بأنها داخل مقبرة مظلمة ولم تكن تدري هل هي علي قيد الحياة أم إنها لقيت حتفها, فبين أصوات الصراخ والألم الصادر من زملائها تحت الانقاض كانت أصوات الأوناش وأدوات التنقيب ومعدات تقطيع الحديد والخرسانة تشق الظلام حتي شعرت بأن احداها سوف تشق جسدها ورأسها وأنها ظلت ترتل آيات من القرآن الكريم وتدعو الله أن يغفر لها بعد أن تيقنت أنها في عداد الأموات حتي انتشلها رجال الانقاذ وسط7 جثث لزميلاتها. احدي العاملات الناجيات من الحادث رفضت ذكر إسمها اكدت أنها تعمل بالمصنع منذ12 عاما وان صاحبي المصنع كان يجبرهم علي العمل أيام الأجازات الرسمية ومن يرفض يتم فصله وإيقافه عن العمل. عاملة أخري من الناجين أضافت أن مبني المصنع كان متهالكا ومتصدعا وأنه كانت تحدث اهتزازات تصيبهم بالرعب نتيجة تشغيل الماكينات. مأساة الأهالي بنبرة اختلط فيها الحزن بالأسي تقول والدة سلوي ابراهيم24 سنة إنها فقدت ابنتها بالمصنع وهي مخطوبة منذ4 سنوات وكان من المقرر عقد قرانها وزفافها الشهر المقبل وأن أسرتها كانت تعتمد عليها لعدم وجود عائل. وقالت إن القدر لم يمهل ابنتها من تجهيز فستان زفافها لتقوم هي بتجهيز نفسها.. أما أبو رحاب فقد ظل مصابا بحالة انهيار شديد ونوبة بكاء متواصل ووسط حزنه ودموعه قال انه فقد ابنته البالغة من العمر(14 عاما) وأنها يوم الحادث أخذت تنظر بشدة قبل ذهابها الي المصنع علي غير عادتها وأنها أخذت تنظر اليه كثيرا وكأنها نظرات الوداع وقالت له يمكن متعشاش معاكم النهارده. د.مفيد شهاب تفقد موقع الحادثوطالب بسرعة محاسبة المسئولين قام الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية ونائب محرم بك بالاسكندرية بزيارة لموقع المصنع المنهار, واكد ضرورة محاسبة المسئولين عن الحادث ومراجعة الحالات المماثلة قبل وقوع كارثة جديدة. وأشار إلي ان الدولة تتخذ جميع الاجراءات الاحترازية في الحادث, ولا تكتفي بالتحقيقات فقط, مطالبا اللجنة الفنية المشكلة من أساتذة كلية الهندسة بجامعة الاسكندرية بسرعة إنهاء عملها, مشيرا إلي بحث صرف تعويضات اضافية لأسر الضحايا.